فضيحة تلوث الغذاء في الصين: الميلامين يتسلل الى المواد الغذائية الأساسية

خبراء: الصين مُنتهِك رئيسي لقواعد سلامة الغذاء العالمية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بات الانسان مهدد بأنواع المخاطر التي تحدق به من كل صوب وحدب، وهذا ما يعزوه المراقبون إلى الفساد، فالتلاعب بمقدراته من أجل الكسب والربح السريع، أدى بالتالي إلى خلق حالة كبيرة من الفوضى، وهذا ما نراه يتضح بين فترة وأخرى، فمن جنون البقر، إلى الايدز، إلى إنفلوانزا الطيور، واليوم فضيحة جديدة في الصين، تهدد الانسان بشكل مخيف بسبب تلوث الاغذية بمادة الملامين، التي تؤثر بشكل مباشر على الاطفال. فكيف ستتفاعل الحكومة الصينية مع الازمة، وهل سيؤدي هذا التلوث إلى تلوث سمعتها الاقتصادية خصوصا في ظل الازمة المالية والركود الاقتصادي.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على فضيحة تلوث الغذاء في الصين بمادة الميلامين، والتعهدات والتوعدات التي أطلقهتا الحكومة لمعاقبة المخالفين:

المخاطر التي تهدد الإنسان بسبب تلوث الاغذية في الصين

ملأت شيرلي لو وهي من سكان هونج كونج برادها بحليب الصويا واشترت شوكولاتة مستوردة لإبنها عقب اكتشاف مادة الميلامين في حليب الاطفال ومنتجات البان في الصين.

وحين اثبتت اختبارات أجريت في هونج كونج اواخر الشهر الماضي ان بيضاً وارداً من الصين يحتوي على مادة الميلامين استبد بها اليأس.

وتقول: انه امر مخيف. من الواضح انه تسلل إلى المواد الغذائية وسلة الطعام. يحاول ابني طمأنتي قائلا ان جسمه لابد ان يكن قويا جدا لان به كميات كبيرة من هذه المواد ولم يمرض.

ويؤكد اكتشاف الميلامين في البيض وفي حليب الاطفال ومنتجات الالبان والشوكولاتة وغيرها من المواد الغذائية التي تحتوي على منتجات البان ما كان يشك فيه خبراء طويلا من ان المادة الكيماوية دخلت سلة غذاء الإنسان. بحسب رويترز.

ولا يقتصر الامر على الميلامين فمعادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق التي يمكن ان تسبب تلفا في المخ فضلا عن الكادميوم وهو مركب يستخدم في البطاريات والمبيدات والمضادات الحيوية موجودة في سلة طعام الإنسان.

ويقول خبراء إن الصين منتهك رئيسي لقواعد سلامة الغذاء اذ تضيف للاغذية بصورة منتظمة كيماويات مسرطنة كمواد حافظة او مكسبات لون.

ويقول بيتر يو استاذ الاحياء والتكنولوجيا الكيماوية في جامعة العلوم التطبيقية في هونج كونج: في الصين لا اهتمام بسلامة الغذاء.. يضاف الكثير من المواد لذا التلوث الغذائي متفش.

ويضيف يو: هناك تلوث بيئي ايضا من المبيدات والفورمالديهايد (يستخدم لقتل البكتيريا) مشيرا لاستخدام الملكيت الاخضر وهي مادة مسرطنة اكتشفت عام 2006 في اسماك واردة من الصين. وأضيفت المادة للقضاء على الفطريات التي تصيب الاسماك.

وعادة ما تختبر كبرى الشركات المنتجة للمواد الغذائية المكونات ومنتجاتها النهائية للكشف عن اي من هذه الملوثات ولكن خبراء يقولون ان من الصعب متابعة جميع المكونات القادمة من الخارج التي تصل إلى مائدة الطعام وبصفة خاصة في الصين التي تعاني من تراخ وصعوبة تطبيق اللوائح.

وفي اعقاب فضيحة الميلامين تدرس الصين قانونا اكثر صرامة لسلامة الغذاء اثر انتقادات الامم المتحدة لرد فعلها البطيء ازاء فضيحة الحليب الملوث.

وأدهشت مشكلة الميلامين حتى بعض منتجي الاغذية الذين ذكروا انهم يجدون صعوبة في ملاحقة الاضافات الغريبة التي تضاف للمواد الغذائية. فقد اضيف الميلامين على سبيل المثال لحليب الاطفال للغش في مستويات البروتين.

وقال مدير يعمل بشركة اجنبية كبيرة لانتاج المواد الغذائية لها مصانع في الصين: كيف توصلنا إلى الكادميوم او المعادن الثقيلة.. لعلمنا انها تقتل الناس. لذا اجرينا اختبارات للكشف عنها. ولكننا لم نعلم ان الميلامين يمكن ان يكون في الغذاء.

وأضاف المدير الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لعدم التصريح له بالتحدث إلى الصحفيين: لم يكن الميلامين قط ضمن مواصفات ( الملوثات التي نبحث عنها). اذا وجد الميلامين اليوم سيظهر غدا شيء اخر. من المستحيل ان نجري اختبارات لجميع المواد السامة في العالم.

وأصيب عشرات الالاف من الاطفال في الصين بمشاكل في الكلى في الاشهر الاخيرة وتوفي اربعة على الاقل بعد شرب حليب اطفال اكتشف في وقت لاحق غشه بمادة الميلامين.

وكشفت اختبارات تالية وجود الميلامين في العديد من المنتجات المصنعة في الصين من الحليب الى الشوكولاتة واللبن ومنتجات اخرى تصدر لجميع انحاء العالم مما ادى الى سحبها من المتاجر.

الملامين أصبحت فضيحة تمتد إلى البيض وغذاء الحيوان

ومازالت فضيحة الملامين التي هزت ثقة المستهلك الصيني مؤخراً، ترخي بثقلها على الأسواق، وأحدثها التقارير التي قالت إن بعض المنتجات الغذائية المنتجة في البلاد ملوثة بالمادة الكيميائية التي تدخل في تصنيع البلاستيك، ما دفع بالمواطنين الصينيين إلى الامتناع عن شراء كل ما يتعلق بمنتجات البيض والحليب.

ورغم تطمينات رئيس الحكومة الصينية ون جياباو بأن حكومته ستقوم بكل ما يمكنها لاستعادة ثقة المستهلك الصيني، غير أن تحقيقاً صحفيا أجرته صحيفة "نانفانغ" الرسمية كشف للملاْ أن المادة الكيميائية أضيفت إلى أغذية الحيوانات. بحسب (CNN).

وجاء في التقرير أن إضافة "الملامين" لغذاء الحيوانات بدأ في صناعة المزارع المائية قبل خمسة أعوام كطريقة لتزييف مستوى البروتين في الحيوانات البحرية المنتجة. وأضاف التقرير أن التقنية انتقلت إلى صناعات زراعية أخرى مثل صناعة الدواجن.

ومن أكثر الأمور خطورة في التقرير هو أن الملامين المضاف مستخلص من فضلات المواد الصناعية. وقالت شبكة CNN إن محاولاتها بالوقوف على تصريح مسؤولي وزارة الزراعة الصينية إزاء هذا التقرير باءت بالفشل.

وعندما تسأل متسوقاً صينياً عن موقفه من هذه التقارير، يجيبك بأنه قلق، كما الحال مع سيدة كانت تتسوق في أحد المراكز التجارية في العاصمة الصينية بكين، حيث قالت: طبعاً أنا قلقة، هل علينا التوقف عن تناول البيض؟ ذلك مستحيل.. إذا كان هناك مشاكل في صناعة البيض، على المسؤولين حلها بشكل جذري.

وكان رئيس الحكومة الصيني أعلن مؤخراً أن المسؤولين المعنيين: يقومون بكل ما يلزم لاستعادة ثقة المستهلكين الصينيين والمستهلكين حول العالم.

يُذكر أنه وقبل عامين كشفت تقارير أن أغذية لحيوانات أليفة مصدرة من الصين إلى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية كانت تحتوي على معدلات عالية من الميلامين وتسببت بتوعك ونفوق العديد من الكلاب.

وقبل أسابيع امتدت الفضيحة إلى صناعة الألبان والحلوى في الصين، والآن صناعة البيض، وإن لم يسجل بعد أي حالات مرضية أو وفيات على صلة ببيض ملوّث.

ووفق وسائل الإعلام المحلية، فقد تراجعت مبيعات منتجات البيض في أحد متاجر الجملة في العاصمة الصينية بكين بنسبة 10 في المائة. ويرجح خبراء زراعيون أن يكون تلوث البيض بالميلامين هو نتيجة تلوُث غذاء الدجاج بالمادة.

هذا الترجيح يطرح التساؤل التالي: إذا كانت مادة الميلامين تدخل في غذاء الحيوان، هل يعني ذلك وصولها إلى منتجات اللحوم وإلى أجساد المستهلكين.؟

العقوبات الصينية بعد اتساع فضيحة البيض الملوث

لوحت السلطات في مدينة شمال شرق الصين بعقوبات قاسية للمسؤولين عن البيض الملوث بالميلامين الذي ظهر في هونج كونج وذلك بينما امتدت الفضيحة الصحية الى مدينة اخرى شرق الصين.

وسحبت منتجات صينية تتراوح بين الشوكولاتة واللبن المجفف في أنحاء العالم بسبب مخاوف من التلوث.

وتضاف مادة الميلامين التي عادة ما تستخدم في صنع المقاعد البلاستيكية ضمن اشياء اخرى للغش في اختبارات الغذاء. بحسب رويترز.

وتسلطت الاضواء حاليا على البيض الصيني بعدما اكتشفت سلطات سلامة الغذاء في هونج كونج بيضا ملوثا بالميلامين من انتاج مجموعة هانوي على الارفف المحلية في مدينة داليان الساحلية في الشمال الشرقي.

وقالت وكالة انباء "شينخوا" الصينية ان البيض المعيب اكتشف الآن في هانجزو عاصمة اقليم زجيانج الشرقي نقلا عن سلطات الجودة هناك والتي امرت بسحب عبر المدينة لجميع اصناف البيض الذي يحمل علامة سيون زيانج.

وقالت شينخوا ان الدفعة التي تم اختبارها من بيض "سيون زيانج" المنتج بواسطة مركز تطوير الكائنات الحية الخضراء ومقره في اقليم شانكسي شمال الصين احتوت على 3.5 ميللجرام في كل كيلوجرام.

وليس لدى الصين حاليا مستوى محدد للكم المسموح به من الميلامين في البيض ولكنها تسمح فقط بان يكون هناك 2.5 ميللجرام في كل كيلو في اغلب منتجات الالبان.

وقالت شينخوا انه لم ترد تقارير عن حدوث حالات مرضية جراء البيض في زانجهو ولكن مبادرة الحكومة بالسحب، وهي الاول بالنسبة للبيض في الصين، ترجح ان المشكلة ربما تكون متفشية وقد تسفر عن جولة من الفحوص عبر البلاد.

والقت السلطات في داليان باللوم على غذاء الدجاج الملوث في مستويات الميلامين المرتفعة التي اكتشفت في بيض مجموعة هانوي المصدر الى هونج كونج.

وقال رئيس مجلس الادارة هان وي ان الشركة لم تشتر ابدا الميلامين او تضيف المركب في التغذية او لمنتجاتها. وهان عضو في المؤتمر الاستشاري السياسي لحزب الشعب الصيني وهي هيئة استشارية للبرلمان وكان من رواد الدفاع عن سلامة الغذاء في الصين.

ولم يتضح على الفور كيف مر بيض هانوي من الاختبارات اذا كان خضع لاي منها في داليان. وقال المسؤولون الصينيون هذا الشهر ان الفزع على الصحة من الميلامين مبالغ فيه.

وقالت هونج كونج انها رصدت الميلامين في شحنة من البيض قادمة من اقليم هوبي وسط الصين. وتوفر الصين نحو 60 في المئة من البيض المستهلك في المستعمرة البريطانية سابقا التي عادت الى الحكم الصيني عام 1997.

علف الحيوانات الملوّث وتعهد الصين بالتخلص منه

وتعهدت الصين بالتخلص من الظاهرة المظلمة التي تتمثل في اضافة مادة الميلامين الكيماوية الى علف الحيوانات حيث يزعم مسؤولو المزارع ان جزءا من اعلاف الحيوانات فقط استخدم هذه المادة المحظورة التي اودت بحياة اطفال.

واعلنت وزارة الزراعة عن حملة ضد الميلامين الذي استخدم في التغذية بعد اسابيع من سحب المنتجات اثر اكتشاف المادة الكيماوية التي تفوق المستويات المسموح بها في بيض انتج في الصين ومنتجات متعلقة بيعت في الصين وهونج كونج وفي الخارج. بحسب رويترز.

وادى الذعر العام الى انخفاض اسعار البيض بشكل كبير في الاسواق المحلية ويرفض تجار الجملة مخزون البيض الذي لا يتضمن شهادات فحص. وذبح مربو الدجاج الاف كثيرة منها حيث اصبحت غير مربحة حاليا.

حليب ياباني ملوّث في بوركينا فاسو

وعثر في بوبو ديولاسو (365 كلم غرب واغادوغو) على حليب مجفف ملوث بالميلانين مستورد من اليابان ومخصص لاطفال يعانون من سوء التغذية والفقر على ما علم من مصدر صحي رسمي.

وصرح المدير العام للمختبر الوطني للصحة العامة داوود تراوري لصحافيين: اخذ جهازنا عينات من الحليب في بوبو ديولاسو في 20 تشرين الاول/اكتوبر 2008 وتم تحليلها. وجدنا ان الحليب ملوث بالميلانين. بحسب فرانس برس.

وقال تراوري: وجدنا نسبة تفوق النسب القصوى المقبولة بثماني مرات ما يجعل هذا المنتج غير صالح للاستهلاك.

واضاف، هذه الشحنة من الحليب هبة الى جمعية خيرية للاطفال وهي واردة من اليابان. واذا كانت ترجمة الكتابات على الصناديق صحيحة فالحليب اسمه هاغو كومي وهو من انتاج شركة موريناغا.

وتعذر الاتصال بمجموعة موريناغا اليابانية التي تملك منذ 1994 مصنعا للحليب المجفف في هاربين في الصين للحصول على تعليق على تلك المعلومات.

ولم يكشف مدير المختبر اسم الجهة الواهبة ولا الجمعية المستفيدة لكنه اوضح ان الهبة مؤلفة من خمسة صناديق يحوي كل منها 12 علبة حليب ملوث.

مستشفيات الصين تعج بالاطفال الرضع بسبب الميلامين

وقالت وزارة الصحة الصينية ان أكثر من ألف طفل صيني رضيع مازالوا في المستشفيات يتلقون العلاج من متاعب الكلى التي سببها حليب ملوث.

جاء ذلك بعد مرور أكثر من شهرين على تفجر فضيحة الحليب المجفف (اللبن) الملوث بمادة الميلامين.

وقالت الوزارة ان ما مجموعه 50741 طفلا تحقق لهم الشفاء وخرجوا من المستشفى منذ شاعت انباء ان منتجات ألبان كثيرة ملوثة بمادة كيماوية صناعية وجعلت الاباء يسارعون الى فحص أبنائهم. بحسب رويترز.

وقد لقي اربعة اطفال حتفهم من جراء مشكلات سببها الميلامين وكانت هناك موجات من الفزع في انحاء العالم لان منتجات من بينها الحلوى والبسكويت والمرطبات تبين انها ملوثة.

واثارت الفضيحة مخاوف بشأن سلامة الغذاء ولوثت شعار صنع في الصين، في وقت يشهد ركودا عالميا وتراجع الصادرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/كانون الثاني/2008 - 9/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م