محاصصة المجلوعين

بهلول الكظماوي

في الحلقة الثانية من سلسلة المحاصصة هذه كتبت بخصوص استحالة المرشح الامريكي باراك اوباما في الفوز لرئاسة الولايات المتحدة الامرلايكية لعدم استيفاءه شروط المحاصصة الامريكية المحصورة حروفها الاولية بـ (الوسب) اي الزنبور الاحمر، وهي ان يكون ابيض اللون اولاً وأن يكون من الانكلوا/ سكسون ثانياً وثالثاً وأن يكون من المذهب البروتستانتي رابعاً.

ونسيت ان هناك ثوابت ومتغيرات في السياسة الدولية بصورة عامة والامريكية بصورة خاصة، وان الثوابت مهما بقيت على ثباتها الا ان الضرورة الميكافيلية تسوّغ، بل تستوجب تغييرها في الازمات والمصالح الملحّة، أي (ليس هناك صداقات وقيم ومبادئ أوثوابت دائمة، بل مصالح دائمة).

من كل ذلك يتوجب علينا أن ندرك أيّة أزمة، وأيّة ملمّة حلّت بالولايات المتحدة الامريكية لتتجاوز ثوابتها في الاتيان بالمرشح الاسود الى البيت الابيض رغم عدم انطباق مواصفات هذا المرشح للشروط الثابته المطلوبة للولايات الامريكية.

و حتى لوافترضنا أن التغيير كان صورياً وليس حقيقياً بدعوى أن الرئاسة الامريكية هي مؤسسات وليست شخصاً فردياً، وطبّقنا المثل العراقي القائل:

المطي ذاك المطي، بس الجلال اتغيّر ! ،

ومع هذا فأيّة ورطة وأي خطب جلل واية طامّة كبرى نزلت بأمريكا واقتضت من اليمين المتصهين الحاكم للولايات المتحدة أن ينحني للعاصفة التي المّت به وهو الذي لن ينحني لمثلها من قبل ابداً.

فيا ترانا اليست الازمة التي المت بنا لهي أكبر من الازمة التي المت بأمريكا؟

 ويا ترى أية أزمة المت بشعب من الشعوب كما هي عليه ازمة ومحنة شعبنا العراقي المظلوم من قتل النفوس وزهق الارواح وتدمير البنى التحتية وتعطيل لكافة مناحي الحياة وسحق للطاقات وأنتهاك للحرمات و الكرامات؟.

ألم يقول كتابنا الكريم: أفلم يسيروا في الارض وينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم؟.

الم يقول لنا رسولنا الكريم (ص): المؤمن كيّس فطن، لا تهجم عليه اللوابس؟.

ألم يقول لنا علي أمير المؤمنين (ع): العاقل من اتعض بغيره؟.

ألم يأن لنا أوان التغيير ان لم يكن أمتثالاَ للقرأن الكريم وللرسول وآل بيته (ع)، فعلى أقل تقدير أسوة بمن حالفناهم وصادقناهم اليوم، وهم من كنا ندعوهم بالشيطان الاكبر أوالشياطين بالامس القريب، فهم سعوا لتغيير ما بأنفسهم عسى أن يفلحوا في امتصاص نقمة الشعوب الكارهة لهم ولسياساتهم الاستكبارية الاستعلائية الاستعبادية؟.

 فهل عسانا أن نغير نحن ما بأنفسنا أيضاَ؟.

 فيا ترانا لماذا تتبدّل ثوابتنا من الشيطان الاكبر بالامس القريب ليصبح الحليف والصديق اليوم ولايتبدل حالنا في النوم على المجد القديم وفوق كوم من ركام كما يصف ذلك الجواهري في قصيدته تنويمة الجياع:

(نامي جياع الشعب نامي..... حرستك آلهة الطعام)

(نامي فأن لم تشبعي من يقظة......... فمن المنام)

(نامي على المجد القديم..... وفوق كوم من ركام)

عزيزي القارئ الكريم:

أنا في موضوعي هذا الذي بين يديك لا احاول أن أتطرّق الى سلبيات الاطراف ألاخرى كالدراويش وضاربي الدرباشة وبائع الجنة بالاشبار أوالشيخ كاكه زانا وقومه، متأمّلاً أن يكون بالاطراف الأخرى من يسلّط الأضواء على سلبياتهم لأصلاحها، وخصوصاً نحن نعيش موضة، أو موجة الاصلاح التي ظهرت مؤخراَ في امريكا لتتزامن مع اطروحتين اصلاحتين عندنا في العراق، كانت الاولى من طرحها الدكتورابراهيم الجعفري ولا أدري الى أين اتجهت وما هي نتائجها، أما الاطروحة الثانية وهي الاهم، فهي المدعومة من قبل المستعمر الامريكي فهو السيد السابق واللاحق لحزب البعث العفلقي الصدامي، فهي (أميركا) التي أتت بالبعث الى السلطة في العراق، وهي التي شيطنت صدام حسين وهي التي دعمته ورعته طيلة جثّوه على صدر العراق والعراقيين ما يزيد على الثلاثة عقود من الزمن المر.

واذا كانت هناك نواقص في ما يسمّى بالاتفاقية الأمنية أعترض أنا كاتب هذا المقال عليها، فهي نقيصة عدم تضمّن ألاتفاقية لشرط أعتذار اميركا من شعبنا العراقي لدعمه وتسليطه حزب البعث العفلقي ورئيسه صدام على الشعب العراقي ومقدراته.

نعم عزيزي القارئ الكريم:

 كانت الاطروحة الاخيرة باسم الاصلاح والمصالحة هي التي طرحها ايتام النظام السابق ونصرائهم ومؤيدوهم مدعومين من المستعمر الامريكي بغية ارجاع ما تبقى من كبارهم خارج السلطة، ارجاعهم الى السلطة ليلتحقوا بمن سبقهم الى النظام الجديد أضافة الى شروط الغاء المحكمة الجنائية بحق قتلة الشعب العراقي واطلاق سراح المجرمين من السجون.

وما المكالمات الهاتفية والابردة الالكترونية التي تلقيتها هذا اليوم التي عكست امتعاض واستهجان واستنكار الاخوة المتصلين للاحكام الركيكية والهزيلة التي اصدرتها المحكمة الجنائية بحق قتلة شعبنا العراقي وقامعي انتفاضته في آذار/شعبان 1991 الا دلالة عن مدى استمرارية الدعم الامريكي لحزب البعث العفلقي المنحل.

كل هذا جرى و(جوعيتنا ومجلوعيننا) في نقاشات وتجاذبات حادة وسجال حامي الوطيس ينهش بعضهم بعضاً لأجل الحصول على أكبر قدر مستطاع لتثبيت منتسبي تنظيماتهم وحركاتهم في الدولة الجديدية على حساب الكفاءة والا خلاص للمواطن والوطن، رغم تحصيل بعضهم العلمي عبارة عن شهادات جامعية وعلمية مزورة صادرة من سوق مريدي في مدينة الثورة ومن كوجه مروي بطهران أومن جامعات وهمية يمتلكها تجار السياسة المحسوبين على العراق والعراقيين في بريطانيا أو من مراكز تعليم ربحية في دول اوربا الشرقية.

عزيزي القارئ الكريم:

اتصل بي هاتفياً أخ عزيز من بغداد قبل يومين ليقول لي:

يا حاج: لقد شبع المجلوعون وجعنا نحن العراقيون اصحاب النفوس الشايفة العايفة، لقد اكتسوا باحلى وابهى ملبوس وتعرَينا،

لقد سكنوا دورنا وقصورنا وتشردنا،

لقد استضاءوا وا ظلمنا،

 لقد شربوا مياه معدنية معلبة مستودردة خاصة لهم وشربنا مياه ملوثة موبوءة فاصابتنا الكوليرا لأن من صدًر لهم الماء المعدني المعبًأ صدر لنا مادة الكلورين الفاسدة فقتلتنا.

يا حاج والله العظيم لو أن الشمعة انقلبت الى منارة سوف لن انتخب مجلوعيتكم في الانتخابات القادمة !!!!!!!.

ومهما طبّلوا لخمساتهم الثلاث المقدسة فسوف لن اخالها الاً نجمات الشيطان الخماسية الاضلاع سبغوا عليها مسوحاً دينية وأضافوا لها زوراً هالة من القدسية ، أمًا تبجًحهم برضا وقبول ودعم المرجعية (وكلهم كانوا يدعون بالامس وصلاً بليلا)، أمًا اليوم فقد أعلنتها المرجعية صراحة بحق (الجوعية والمجلوعين) اصحاب الجوع العتيق، أعلنتها بأنها سوف لن تسمح ثانية باستغلال اسمها لغايات واهداف انتخابية قادمة.

عزيزي القارئ الكريم:

كان هذا القول لصديق عزيز على قلبي في مكالمته لي من بغداد ولم الكلام يكن لي، أما تعليقي عليه، فلا يسعني الا أن ادعوا الله بما تعلمته من دعاء:

اعوذ بالله من قلب لا يخشع،

ومن دعاء لا يسمع،

ومن عين لا تدمع،

ومن بطن لا تشبع.

ألهمً بحق عزًتك وجلالك اشبع نفوس جوعيتنا، والآً فلا تبق على الارض من الجوعية دياراً، انك ان تذرهم يضرًوا ويضلًوا عبادك ولن يلدوا الاً جوعياً فجاراً.

ودمتم لأخيكم: بهلول الكظماوي

* امستردام

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/كانون الثاني/2008 - 7/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م