امريكا والازمة المالية: الدخول في مرحلة الإنكماش الاقتصادي

ارتفاع أعداد الأُسر المشرَّدة ومعدّلات البطالة

شبكة النبأ: تعهد الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما بمساعدة مُلاّك المنازل بالولايات المتحدة من الطبقة المتوسطة الذين يواجهون نزع ملكياتهم لكنه لم يذكر كيف سيساعد الأسر ذات الدخول المنخفضة التي شُرِّدت بسبب تدهور الاقتصاد.

وتحدث اوباما بشكل موسع عن دعم الاسكان ذي التكلفة التي يمكن تحملها واعادة الدعم على الاسكان العام. لكن مع تكهن خبراء الاقتصاد بكساد هائل في عام 2009 قد يجد من الصعوبة بمكان تدبير الاموال للوفاء بهذه الوعود عما قريب.

في الوقت نفسه فإن جماعات دفاع ومجلس السياسة الوطنية والدفاع ضد التشرد قالوا ان هناك حاجة لتحرك فوري لوقف نزع ملكية عشرات الالاف من المنازل واعادة تسكين الاف الاسر في ظل أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم في الثلاثينات.

ويقول جيرمي روزين من المجلس "الرئيس المنتخب اوباما يفهم أن الاقتصاد لن يعود الى مساره إلا اذا أنهينا أزمة نزع الملكية. وهو مدرك أن جزءا من انهاء الازمة يكمن في منع وانهاء تشريد الاسر التي تفقد منازلها." بحسب رويترز.

انها مسألة محيرة تتطلب مساعدة الاقتصاد في مجمله لاعانة الاشخاص الذين ينزلقون الى التشرد بسبب فقد وظائفهم. كما ستكون هناك حاجة الى اتخاذ اجراءات للتعامل مع أزمة القروض العقارية خاصة نزع ملكية العقارات المؤجرة التي يعيش بها سكان من ذوي الدخول المنخفضة وينتهي بهم الامر الى التشرد حين تتم مصادرة ملكية المباني السكنية التي يعيشون بها.

ونادت جماعات معنية بالدفاع عن المشردين بتقديم دعم مستهدف للسكن يساعد الاسر التي فقدت منازلها على العودة الى مسكن دائم فضلا عن مساعدة هؤلاء الذين على شفا نزع الملكية. لكن اوباما سيحتاج لفعل المزيد وليست هناك عصا سحرية.

ويقول نشطاء في مجال الدفاع عن حقوق المشردين ان الاسر تتدفق على ماوي المشردين في أنحاء الولايات المتحدة بأعداد لم يشهدوها منذ سنوات ويخيمون في النزل او يمكثون مع الاقارب والاصدقاء.

وقال فيليب مانجانو رئيس المجلس الحكومي للمشردين الذي عينه الرئيس جورج بوش عام 2002 لرويترز "هناك الكثير من الاسر انضمت الى نزيف التشرد ونحن بحاجة الى التوصل الى كيفية وضع ضمادة على النزيف."

وليس هناك وقت لاهداره فمعدل البطالة بالولايات المتحدة بلغ أعلى مستوياته خلال 14 عاما ومن المتوقع فقد مزيد من الوظائف فيما يقول مسؤولون ببنوك عقارية ان نحو 1.5 مليون منزل في طريقها الى نزع الملكية.

ووافق الكونجرس الامريكي على مشروع قانون لانقاذ سوق العقارات في يوليو تموز ينحي جانبا مبلغ 3.9 مليار دولار يمكن أن تستخدمه السلطات المحلية جزئيا لشراء العقارات التي وقع عليها نزع الملكية. ومن الممكن أن تعيش أسر مشردة في هذه المنازل.

ووصف مانجانو ولقبه الرسمي هو مدير المجلس الحكومي المعني بالتشرد مبلغ 3.9 مليار دولار بأنه "بداية" وقال ان على الادارة الجديدة والكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون أن يكونا مستعدين للتحرك بسرعة لاستثمار مزيد من الاموال لمساعدة الاسر المشردة والابطاء من طوفان نزع الملكية.

وفي حين تظهر أحدث الارقام الرسمية تراجع عدد المشردين بنسبة 12 في المئة بين عامي 2005 و2007 يقول مانجانو ان هناك بيانات كافية وأدلة قائمة على روايات أشخاص تشير الى أن تشرد الاسر الان في تصاعد.

وفي نيويورك بلغ عدد الاسر التي شردت حديثا التي تدخل الى دور الايواء ارتفاعا قياسيا وفقا للائتلاف من أجل المشردين الذي يقول ان 1464 أسرة التحقت بنظام الايواء في نيويورك في سبتمبر ايلول.

ويقول بول بودين من وسترن ريجينال ادفوكاسي بروجيكت الذي حددت منظمته هويات 450 أسرة لها 800 طفل وتعيش كل منها في غرفة لفرد واحد بفنادق في المدينة ان دور الايواء الاربع في سان فرانسيسكو " اكثر من ممتلئة."

ويقول مسؤولون محليون انه في مقاطعة فيرفاكس في فرجينيا احدى اكثر المقاطعات ثراء في الولايات المتحدة هناك نحو 100 أسرة مدرجة على قائمة انتظار لدخول دور الايواء.

وعاشت ماريا ستيفنز (38 عاما) وهي ام لثلاثة صبيان صغار في أحدى دور الايواء في فيرفاكس لسبعة أشهر بعد أن تم نزع ملكية مالكي عقارين وفقدت وظيفتها كوكيلة رهون عقارية تجني 80 الف دولار في العام.

وأضافت ستيفنز التي تعمل الان في مطعم وتكسب تسعة دولارات في الساعة وتلقت المساعدة من جماعة محلية تدعى ريستون انترفيث للانتقال الى مقر اقامة مؤقت في يوليو تموز "كانت تجربة أليمة بالنسبة لي. انتقلت من امتلاك المرحاض الخاص بي الى مشاركة خمس أسر في مرحاض واحد."

والمفهوم العام هو أن الاسر التي شردت حديثا اقترضت أموالا ولم تستطع سدادها او سقطت ضحية للبنوك الجشعة التي قدمت لهم قروضا عقارية تفوق قدراتها.

لكن نشطاء في مجال الدفاع عن المشردين يقولون ان معظمهم في الحقيقة مستأجرين تم نزع ملكيات الاشخاص المؤجرين لهم او فقدوا وظائفهم ولم يستطيعوا العثور على ايجار أول واخر شهر ودفعة التأمين للحصول على سكن جديد.

وشهدت جماعات محلية وفي الولايات للدفاع عن حقوق المشردين ارتفاع معدل التشرد بنسبة 61 في المئة منذ بدأت أزمة نزع الملكية في عام 2007.

بنوك الغذاء الامريكية في احتياج اشد والتبرعات قليلة

كانت جنيفر بنجام تكسب 7.5 دولار في الساعة في تغليف صناديق لشركة مجوهرات ولكن بعد فترة قصيرة من المرض فصلت وتعين عليها ان تبحث عن مساعدة من مخزن اغذية وملجأ للنساء.

وتقول بنجام (51 عاما) التي لايوجد لديها مدخرات "لم اتوقع ابدا ان يصيبني المرض."وبنجام ليست الوحيدة فالهبوط الاقتصادي الذي ادت اليه اسوأ ازمة مالية خلال عقود يرسل بالمزيد من الامريكيين الى بنوك الغذاء. غير ان الازمة ادت ايضا الى خفض التبرعات من الشركات والافراد وفقا لمسح اجرته مؤسسة (فيدنج اميركا) وهي اكبر مؤسسة اغاثة امريكية.

وقال اين دوجان من بنك الغذاء في مدينة نيويورك "يأتينا المزيد المزيد من الناس الى الباب الامامي والاقل الاقل من الطعام يأتي من الباب الخلفي. اننا نتعرض لضغوط من الطرفين ونحن لم نشهد اسوأ ما في الامر بعد."

وقالت وزارة العمل ان البطالة ارتفعت الى اعلى معدلاتها خلال سبع سنوات لتزيد على 500 الف في الاسبوع الماضي والعاطلون الجدد يتوجهون لبنوك الغذاء.

وتقول منظمة فيدنج اميركا التي لها اكثر من مئتي بنك للغذاء ان البنوك كلها تقريبا ذكرت زيادة عدد الاشخاص الذين يخدمونهم من عام وان 80 في المئة منها لايمكنها ان تفي بالطلب.

وقال ال بريسلان الذي يدير بنكا للغذاء في فورت ميرز بفلوريدا ان عدد زبائنه ارتفع 82 في المئة خلال العامين الماضيين حيث توقفت اعمال الانشاءات تقريبا التي تعد المستخدم الرئيسي في المنطقة. وقال "اننا نوزع اكثر ولكننا لايمكن ان نستمر على هذا المنوال."وقال بريسلان ان عددا متزايدا من الاشخاص الذين يتوجهون الى بنوك الغذاء هم من الطبقة الوسطى.

المخاوف الاقتصادية تطارد العمال الأمريكيين حتى في النوم

وكشف مسح حديث أن الوضع المالي يقض مضاجع معظم الأمريكيين من الطبقة العاملة، فيما تتجه الولايات المتحدة الأمريكية، ومعظم دول العالم، نحو أزمة اقتصادية.

وأوضحت نتائج الدراسة، التي أجرتها "كومسايك كوربريشين"، وهي شركة معنية بمساعدة طبقة العمال بهدف التعامل مع القضايا الاجتماعية التي تعنيهم، أن المخاوف المالية تحرم تسعة من كل عشرة أمريكيين التمتع بالنوم.

وجاء ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية إلى جانب الديون المتوجبة لبطاقات الائتمان على رأس قائمة المخاوف التي تقلق تلك الفئات.

وقال 30 في المائة من العاملين الذين تم استطلاعهم، إن ارتفاع تكاليف المعيشة من أبرز مخاوفهم، فيما عزت شريحة أخرى - 29 في المائة - تلك المخاوف إلى ديون بطاقات الائتمان. بحسب سي ان ان.

ولم تقتصر هموم طبقة العمال الأمريكيين عند تلك الحدود، بل تعدتها لتشمل القلق على دفع الأقساط المتوجبة على قروض الإسكان mortgage، بالإضافة إلى صناديق الإدخار للتقاعد.

وقال 14 في المائة منهم إن دفع أقساط القروض العقارية هي من أبرز مخاوفهم، فيما عزا 13 في المائة منهم الإدخار لسنوات التقاعد كأهم أسباب الأرق.

ووجد المسح أن تكاليف المصاريف المدرسية إلى جانب الرعاية الصحية، كانت في ذيل قائمة مخاوف المستطلعين، إذ بلغت 3 في المائة فقط.

وبّين المسح أن ثمانية في المائة من تلك الطبقة لا تثقل المخاوف الاقتصادية كاهلهم، وبالتالي لا يعانون من العوارض الجانبية المترتبة عن ذلك.

ويأتي المسح الجديد في الوقت الذي كشف فيه استطلاع للرأي العام الأمريكي الأسبوع الماضي أن ربع الأمريكيين فقط يعتقدون أن الأمور تتجه نحو الأفضل حالياً، في حين أن البقية غاضبون وخائفون ويرزحون تحت ضغط كبير.

وقال 75 في المائة من أفراد عينة الاستطلاع، الذي أجرته CNN وصدر الثلاثاء الماضي، إن الأمور تتجه نحو الأسوأ في الولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك قال حوالي ثلاثة أرباع الأمريكيين إنهم غاضبون بشأن الطريقة التي تتجه إليها الأمور، بينما قال ثلثا أفراد العينة إنهم خائفون بشأن ذلك. فيما يقول كل ثلاثة أمريكيين من بين أربعة إن الظروف الحالية في الولايات المتحدة تجعلهم يرزحون تحت ضغوط هائلة.

30 ولاية اميركية دخلت في مرحلة انكماش و19 اخرى مهددة

وأفادت دراسة لمكتب الدراسات الاقتصادية "موديز ايكونومي.كوم" ان ثلاثين ولاية فدرالية في الولايات المتحدة دخلت في مرحلة انكماش في ايلول/سبتمبر و19 اخرى مهددة بذلك في الاشهر المقبلة.

ويحدد المكتب الانكماش بانخفاض معدل اجمالي الناتج الداخلي خلال ستة اشهر (بين اذار/مارس وايلول/سبتمبر بالنسبة لهذه الدراسة) قياسا الى المعدل نفسه خلال الاشهر الستة السابقة. وفي اب/اغسطس بلغ عدد الولايات التي دخلت مرحلة الانكماش 27 ولاية.

وتقع هذه الولايات في النصف الشرقي للبلاد (سهول الوسط الاميركيث والجنوب الشرقي وبعض ولايات الشمال الشرقي). وعلى جهة المحيط الهادىء تضاف اليها ولايتي كاليفورنيا واوريغون ومنطقة روكي ماونتن (سلسلة الجبال الساحلية على المحيط الهادىء) اضافة الى هاواي.. بحسب فرانس برس.

اما الولايات المهددة فتقع في وسط البلاد (غرب المسيسيبي شرق روكي ماونتن) وفي الشمال الشرقي (منها ولاية نيويورك).

ويميز المكتب ولاية واحدة تسجل نموا هي الاسكا (شمال غرب) التي يعتمد اقتصادها خصوصا على المواد الاولية ومنها النفط. كذلك العاصمة الفدرالية واشنطن (مقاطعة كولومبيا) المرتبطة جدا بالادارة تسجل بدورها نموا.

خسارة 240 الف وظيفة ومعدل البطالة يرتفع الى 6,5%

واعلنت الحكومة الاميركية ان 240 الف شخص فقدوا وظائفهم خلال تشرين الاول/اكتوبر مضيفة ان نسبة البطالة ارتفعت الى معدل 6,5% وهو الاعلى منذ اذار/مارس 1994. وكان المحللون يتوقعون خسارة 200 الف وظيفة وارتفاع معدل البطالة الى 6,3%.

عدم المساواة في مدن أمريكية كبرى يضاهي أفريقيا

وقال تقرير للأمم المتحدة أنه توجد في مدن أمريكية رئيسية بينها نيويورك وواشنطن واتلانتا ونيو اورليانز تفاوتات في الدخول تضاهي مدنا في أفريقيا.

وقال التقرير ان أكثر المدن توازنا في العالم هي بكين وأن معظم المدن العاملة بالمساواة توجد في غرب أوروبا.

وقال التقرير "يرى المؤلفون (للدراسة) انه بالرغم من ان المدن في الولايات المتحدة تتمتع بمستويات من الفقر أكثر انخفاضا نسبيا من العديد من الدول الأخرى في الدول المتقدمة فان مستويات عدم المساواة في الدخل بها مرتفعة بعض الشيء."

وقال التقرير ان العرق هو أحد العوامل الرئيسية في تحديد مستويات عدم المساواة الاقتصادية في الولايات المتحدة وكندا. بحسب رويترز.

وقال ان "متوسط العمر المتوقع للامريكيين من أصل أفريقي في الولايات المتحدة يماثل متوسط الاشخاص المقيمين في الصين وبعض الولايات في الهند على الرغم من أن الولايات المتحدة أغنى من هاتين الدولتين."

وقال التقرير أن الدول الاوروبية ومنها الدنمرك وفنلندا وهولندا وسلوفينيا كانت ضمن الدول التي توجد بها أقل المستويات من عدم المساواة.

وقال التقرير ان بكين من الناحية الاقتصادية هي أكثر المدن العاملة بالمساواة على مستوى العام بينما يوجد في اقليم هونج كونج - المستعمرة البريطانية سابقا والخاضع لادارة خاصة من الصين - أعلى مستوى من عدم المساواة في جميع المدن الآسيوية.

وفي أمريكا اللاتينية قال التقرير ان المدن البرازيلية "لديها أضخم تفاوت في توزيع الدخل في العالم" وهو ما يرجع جزئيا الى البطالة المتنامية والاجور المتدنية في البرازيل.

وقال تقرير الامم المتحدة ان مدن أفريقيا جنوب الصحراء بها أعلى معدلات الفقر بالمدن في العالم حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/تشرين الثاني/2008 - 25/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م