مصر: شبح وراثة السلطة وطوفان الازمة المالية وتردّي الحرّيات والاحوال

صحيفة الوفد: مصر تعيش أزهى عصور الفساد

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: وسط طوفان الازمة المالية العالمية والتغيير في البيت الابيض والصراعات المتعددة بدون حل في الشرق الاوسط يقف الرجال الذين يحكمون مصر بنيّة البقاء الى ما لانهاية وكأنما لم يحدث تغيير يُذكر بل ان شبح وراثة السلطة بدأ يطل برأسه من جديد وكأن مصر ليس فيها كفاءات ولا رجال كالطاقم الرئاسي الحالي!!!.

وبالرغم من فشل أربع سنوات من النمو والتحرير الاقتصادي، في رفع مستويات معيشة المواطنين الاشد فقراً واستمرار تراجع النفوذ الاقليمي للبلاد فإن الحكومة المصرية تمضي قدما بدون أي التزامات خارجية او داخلية حقيقية.

فجَنباً الى جنب سارت وعود الانفتاح السياسي مع الاعتقال بدون محاكمة لاعضاء المعارضة ومحاكمة محرري الصحف المستقلين والمدوِّنين.

لكن الصفوة الحاكمة رابطة الجأش تجمعت في المؤتمر السنوي للحزب الوطني الديمقراطي تحت شعار "فكر جديد.. لمستقبل بلدنا".

ومع ذلك بدت الافكار والسياسات الجديدة شحيحة. بل ان المؤتمر لم يلق ضوءا جديدا على التكهن الطويل بمن سيخلف الرئيس حسني مبارك الذي يبلغ من العمر 80 عاما ويتولى رئاسة الدولة منذ 28 عاما.

وقالت المحللة السياسية ورئيس تحرير مجلة الديمقراطية التي تصدر عن مؤسسة الاهرام الصحفية هالة مصطفى "كل المؤتمر... يعكس الاستمرار أكثر من التغيير وأظن انه سيستمر على هذا النحو."بحسب تقرير لـ رويترز.

وفي مؤتمر العام الماضي أصلح الحزب هيكله على نحو يجعل من المستحيل تقريبا على أي أحد اقامة دعوى أمام القضاء ضد حق السياسي جمال مبارك ابن الرئيس في ترشيح نفسه لمنصب رئيس الدولة اذا قرر أن الوقت حان لذلك.

لكن بدلا من اعطاء جمال مبارك دفعة اكبر نحو الرئاسة شهد مؤتمر العام الحالي نداءات من القاعة تطالب مبارك الاب بأن يسعى لفترة رئاسة جديدة مدتها ست سنوات في عام 2011. وسيجعل ذلك مبارك رئيسا الى سن التاسعة والثمانين..وقال مبارك لمتحمس حزبي صاح طارحا هذا الاقتراح "ان شاء الله!!!!." ويمكن تفسير الرد اما بالامل في ذلك أو نفيه كفكرة لا يرحب بها.

ورفض جمال مبارك (44 عاما) وهو قيادي في الحزب الانجرار الى القول ان والده يعتزم ترشيح نفسه مرة أخرى عام 2011 حين تنتهي فترة رئاسته الخامسة.

وقال "لا أعرف ان كانت مصر فريدة في هذا الموضوع. هذا السؤال يتكرر من بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة. هل هناك بلد أو حزب يحدد قبل انتخاباته بست سنين أو أربع سنين ويقول هذا هو مرشحي."

وأضاف "لا أعتقد أننا مطالبون (في وجود) ثلاثة أعوام قبل انتخابات (الرئاسة) بأن نرد على هذا السؤال بالشكل الذي تريدون منا أن نرد به عليه."

وقالت هالة مصطفى وهي عضو ساخط في لجنة السياسات في الحزب التي يرأسها جمال مبارك "أعتقد أنه اذا بقي مبارك على قيد الحياة (الى عام 2011) فسيرشح نفسه مرة أخرى."

وصار جمال مبارك شيئا ثابتا في الصفحات الاولى للصحف التي تملكها الدولة خلال الشهور القليلة الماضية لكنه في هذه المرة كان في ثياب المتخصص الاقتصادي الذي يطمئن المصريين الى أن البلاد يمكنها أن تخرج سليمة من الازمة المالية العالمية.

لكن مؤتمر هذا العام لم يعط جمال مبارك حتى أقل دعم لسعيه الواضح لرئاسة أكبر دولة عربية سكانا.

وبقي التسلسل القيادي الحزبي على ما هو عليه بمن في ذلك الحرس القديم الذي يعتقد محللون أنه يعمل مثل كابح لخطط الحكومة الخاصة بدفع التحرير الاقتصادي قدما.

وعلى أي حال فان هذه الخطط متوقفة في الاساس لان السوق الراكدة لا تحفز على عمليات خصخصة جريئة يمكن أن تضيف الى البطالة أو تقوي حجة المعارضة التي تقول ان الحكومة تبيع شركات الدولة بثمن بخس لتابعيها من رجال الاعمال.

وبعد تفاقم الازمة المالية العالمية قال وزير الاستثمار محمود محيي الدين وهو أحد الليبراليين الاقتصاديين حول جمال مبارك ان مصر لم تكن " رأسمالية" في أي وقت وان دوره هو ادارة ممتلكات الدولة وليس تصفيتها.

وركز الحزب في مؤتمر هذا العام على مفهوم "العدالة الاجتماعية" احياء لخططه القائمة منذ وقت طويل والخاصة بالتعامل مع دعم الغذاء والوقود بحيث يصل الى الفقراء مباشرة بدرجة اكبر.

لكن صورة الحزب والحكومة لدى المواطنين تعاني من مشكلات خطيرة بعد سلسلة من الاحداث المؤسفة هذا العام ومنها النقص في الخبز خلال فصل الربيع واضطرابات عمال الغزل والنسيج وانهيار صخري تسبب في مقتل اكثر من 100 من سكان منطقة عشوائية بالقاهرة.

وفي الشهر الماضي فقد الحزب وهو أقرب لشبكة تقوم على التعاضد المتبادل من كونه أداة للتعبئة السياسية ماء الوجه مرة أخرى بمحاكمة عضو بارز فيه متهم بدفع مليوني دولار لضابط شرطة سابق لقتل مغنية لبنانية في دبي.

وينكر قطب العقارات هشام طلعت مصطفى وهو أيضا عضو في مجلس الشورى التهمة ويقول انه استضاف المغنية سوزان تميم لشهور طويلة في القاهرة كعمل انساني وانه عرض عليها الزواج في وقت من الاوقات.

وفي الساحة الخارجية فقدت مصر التي كانت ذات وقت قوة اقليمية مهيمنة بلا منازع دورها لمصلحة لاعبين جدد خاصة السعودية ومن هؤلاء اللاعبين أيضا قطر الدولة الخليجية الصغيرة التي نشطت كوسيط بين العرب.

صحيفة الوفد: مصر تعيش أزهى عصور الفساد

وفي نفس السياق المتشائم من وضع مصر الحالي قالت صحيفة (الوفد) لسان حال حزب (الوفد) المعارض ان مصر تعيش "أزهى عصور الفساد" في ظل حكم الحزب الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك (80 عاما).

وقالت "ان مناخا من التشاؤم يسيطر على الشارع المصري بسبب السوابق العديدة للحزب في السنوات السابقة والتي شهدت تراجعا كبيرا في الحريات العامة عقب كل مؤتمر وفقدان البعض لأي أمل في التغيير وانتشار الفساد حتى أصبحت الاعوام الثلاثون الماضية أزهى عصور الفساد."

وأعاد الرئيس الراحل أنور السادات العمل بنظام تعدد الاحزاب قبل أكثر من 30 عاما. وأسس السادات الحزب الوطني عام 1978 على أنقاض حزب مصر العربي الاشتراكي الذي حكم مصر برئاسته لمدة عام واحد.

وفي السنوات الماضية شهدت مصر أحداثا محرجة للحزب الوطني منها الحكم بالحبس أو السجن على عدد من قياداته أدينوا في قضايا فساد.

وقال الكاتب مدحت الزاهد في صحيفة (البديل) اليومية اليسارية ان هناك ضرورة لمواجهة حازمة "مع الفئة الطبقية التي تشكلت في حضن السلطة ونالت امتيازات لا تستحقها... لقد أعطى من لا يملك من لا يستحق ووجب الان استرداد الحقوق."

لكن أكبر تحد يواجه حكم الحزب الوطني لمصر هو جماعة الاخوان المسلمين التي شغلت 88 مقعدا في مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2005. وتقول الجماعة ان الحكومة حالت دون فوزها في أي انتخابات اجريت بعد عام 2005.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/تشرين الثاني/2008 - 15/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م