جيوش الديمقراطية الامريكية وتهديد السيادة العراقية

علي الطالقاني

شبكة النبأ: جاءت تحذيرات الأدميرال مايكل مولن، رئيس هيئة الأركان الأمريكية، للعراقيين، في وقت مهم وخطير، في توقيته ومضمونه وفي كونه يأتي من أبرز قائد في القوات الأمريكية، حيث أكد من "عواقب جسيمة" على الصعيد الأمني ما لم يوافق العراقيين على الاتفاقية الأمنية التي تسمح للقوات الأمريكية بالبقاء في العراق بعد نهاية العام 2008.

ومن بين التحذيرات الأخرى التي قام بها الامريكيين ارسالهم قائمة بالخدمات التي ستتوقف عن تقديمها الولايات المتحدة للعراق في حال رفض الاتفاقية الأمنية، موضحين بأن العراق سينهار في حال عدم التوقيع عليها.

وجاء في القائمة بأن العراق سيفقد 6.3 بليون دولار التي تقدم كمساعدات للأعمار ولقوات الأمن وللأنشطة الاقتصادية، فضلا عن 10 بلايين دولار في السنة بمجال مشتريات عسكرية مالم يوافق العراق على الاتفاقية. وفي تفاصيل هذه القائمة التي بعُثت الى الحكومة العراقية وباللغة الانكليزية وحسب ماجاء في صحيفة الوطن الكويتي بتاريخ 3 تشرين الثاني فأن تفاصيل هذه المساعدات كالاتي:

* لن تساعد الولايات المتحدة العراق في الدفاع عن نفسه امام اعدائه.

- وفي هذا الاطار، لن تكون هناك مهمات مناهضة للارهاب ضد القاعدة والجماعات الخاصة وغيرهما من التهديدات الاخرى (15 - 20 مهمة بالليلة).

- لن يتم القيام بعمليات ضد المجموعات الخارجة عن القانون وضد مؤيدي النظام السابق (400 مهمة يوميا).

- لن تساعد الولايات المتحدة العراق في اتخاذ اجراءات مضادة للعمليات اللوجستيكية الارهابية ولشبكات المعلومات والنشاطات المالية.

* لن تكون هناك سلطة امريكية لمساعدة العراق وحمايته في المجالات التالية:

- توفير الحماية الجوية لمجاله الجوي بواسطة الطائرات الامريكية (تقوم هذه الطائرات حاليا بدوريات على مدى 24 ساعة يوميا).

- تأمين الحماية لمياهه الاقليمية (ميناء أم قصر، منصتان لتصدير النفط).

- لن تكون هناك عمليات استطلاع جوية أو قصف اسنادي (يتم القيام حاليا بخمسين مهمة باليوم).

- لن تساند القوات الامريكية عمليات الكشف عن مخازن الاسلحة (تم القيام بما مجموعه 7127 عملية من هذا النوع حتى سبتمبر هذا العام).

- لن توفر الولايات المتحدة التدريب، المشورة والتجهيزات لمختلف صنوف الجيش العراقي، اذ لن يكون هناك في هذا السياق مدربون في القواعد العسكرية والاكاديميات، ولن يكون هناك ايضا مستشارون امريكيون في الجيش والشرطة.

- ليس هناك ضمان لاستمرار مبيعات الاسلحة الامريكية للعراق التي يقدر ثمنها بـ 10 بلايين دولار.

* لن تتمكن السلطة الامريكية من دعم قوى الامن العراقية والمؤسسات الجوية، وهذا يعني التالي:

- سحب مراقبي المجال الجوي.

- لن تكون هناك طائرات مروحية لاستخدامها في تنقلات الشخصيات المهمة.

- لن يتقاسم الامريكيون معلوماتهم السرية مع العراقيين.

* لن يكون هناك اطار عمل لاتفاقية استراتيجية وتعاون دفاعي وامني.

* سوف يوفر الامريكيون مصادر اقل لعملية البناء في العراق مما يعني التالي:

- عدم وجود قوات امريكية لتوفير الحماية لفرق البناء.

- نهاية لتطوير منطقة الخليج التي تم رصد 4.9 بلايين دولار لمشاريعها، وهذا يعني التوقف عن بناء المدارس، السجون، العيادات، مدارج الطائرات، محطات معالجة المياه والتوقف عن انشاء مبان للقوات العراقية.

- توقف العمل في مشاريع البنية التحتية مثل المطارات ومنشآت الملاحة الجوية البالغة قيمتها 200 مليون دولار.

* مصادر مالية اقل للاستثمار في العراق

يندرج تحت هذا الاجراء ما يلي:

- توفير قوى اقل لحماية وتعزيز الثقة الدولية بالاستثمار في العراق.

- لن تكون هناك رحلات جوية دون موافقة من الجهات الامريكية المعنية بالمجال الجوي العراقي مما يقيد الاستثمار الدولي.

- نهاية للعقد الامريكي - العراقي المشترك - العراق اولا - البالغة ميزانيته السنوية 2.6 بليون دولار.

- نهاية للنشاط الاقتصادي السنوي الذي تبلغ قيمته 13.5 بليون دولار.

- نهاية لبرنامج الرد الطارئ وقيمته 2.8 بليون دولار.

- نهاية لصندوق قوات الامن العراقية المتوقع لعام 2009 والبالغة قيمته بليوني دولار.

- انتهاء مشاريع وزارة العمل التي ينفق عليها سنويا 446 مليون دولار.

- توقف مشاريع وزارة الدفاع التي انفق عليها 1.4 بليون دولار.

*موارد امريكية اقل لاستخدام وتطوير مهارات العراقيين، وهذا يعني التالي:

- خسارة 200 الف عراقي لاعمالهم.

- خسارة للخبرة الاحترافية ولتطوير المهارة في العمل.

المؤسسات الدولية

ان عدم التوصل لاطار عمل خاص بالاتفاق الاستراتيجي والتعاون في مجالي الطاقة والاقتصاد من شأنه ان يُفضي الى ما يلي:

- توقف عمليات بعثة الامم المتحدة الخاصة بتقديم المساعدة للعراق ما لم يتوافر لها الدعم والحماية الامريكية.

- لن تتمكن بعثة حلف شمال الاطلسي الخاصة بالتدريب من العمل دون دعم امريكي.

- سوف تنسحب فرق اعادة البناء من العراق اذا لم تتوافر لها قوات لحمايتها.

- لن يكون هناك مثل هذه الفرق لدعم مؤسسات الحكم والنشاط الاقتصادي وتوفير حكم القانون.

- لن يتوافر الامن والدعم للمنظمات الخاصة بالمساعدات الامريكية وللمنظمات غير الحكومية.

- سوف تتوقف المساعدة الامريكية للنازحين العراقيين في الداخل ولقطاع الخدمات الاساسية وبرامج العمل.

- لن تكون هناك حماية للمحاكم، القضاة والمجمعات القضائية والقانونية.

- المخاطر التي ستتعرض لها عملية تطوير حكم القانون التي تساندها الولايات المتحدة:

- ستتعرض مبادرات مكافحة الفساد والجرائم الكبرى للخطر.

- وستواجه مشاريع بناء السجون التي تكلف 155 مليون دولار الخطر ايضا.

*تعرض العراق لمخاطر امنية يؤثر ايضا في تطوره على المستوى الدبلوماسي وفي هذا الاطار ستواجه البعثات الدبلوماسية الاجنبية ومبادرات السفارات مخاطر عدة، وينطبق هذا ايضا على الاتفاقيات الدولية مع العراق.

هذه الاجراءات وغيرها تعتبر مؤشرا خطيرا ومنعطفا سياسيا حادا يهدد أمن العراق فالتصريحات التي أطلقها "مايكل مولن" أشعرت العراقيين بالقلق. وعندما يتحدث الأمريكيين عن هذه المساعدات فأنها تضم كل من يوافق على إستراتيجيتهم. من هنا فالحكومة العراقي اليوم تريد أن تخرج من أزمة الاتفاقية بطريقة لا تحمل وزر القبول بهذه الاتفاقية فهي تبحث عن واجهة برلمانية أو شعبية تنقذها.كما هناك نقطتين مهمتين حول طبيعة العلاقات العراقية الأمريكية.

- النقطة الأولى هل أن الجماعات المتعاونة مع الأمريكيين هم جماعات الديمقراطية والحرية؟ أم أن الحرية مظلومة، وباسمها يبرر انتهاك السيادة الوطنية للعراق، واختطاف قضاياه من أجل المصالح الأمريكية؟

- النقطة الثانية: هل سيستمر الأمريكيين في تمويل المتعاونين معها، وكذلك أبنائها غير الشرعيين- كالقاعدة- وإلى أي مدى سيستمر هذا الدعم في ظل انخفاض أسعار النفط مرورا  بالأزمة الاقتصادية ؟

من هذين النقطتين ستكون عاقبة الأمريكيين و النظام الأمريكي كارثية على المستويين الداخلي والخارجي، فعلى المستوى الداخلي فأن المواطن الأمريكي الموالي للحكومة الأمريكية فهو لا يهمه شيء سوى توفير المسكن والغذاء. أما على الصعيد الخارجي فان حلفاء أمريكا لا يكترثون سوى بتسديد الديون التي وقعت على عاتق العراقيين بسبب سياسة نظام صدام. ووقتها ستكون ورطة لكلا الطرفين، الحلفاء والعراق.

ولذ فأن إقرار الأمريكيين وتهديدهم بتمويل حلفائهم أمر مهم، وهذا ما يدل على تدخلاتها في العراق والمنطقة من جهة كما يشكل هذا الإقرار ردا على من يقول إن أمريكا لا تغلب طرفا على آخر من جهة أخرى.

والأمر الواضح أن هذه الأزمة تشكل تهديدا للأوضاع في المستقبل وخصوص في ضل الأزمة المالية، وانخفاض أسعار البترول الذي ما أن يستقر على 70$ حينها لن يكون كافيا لاستمرار الأمريكيين في تقديم المساعدات لحلفائهم كما نشاهده اليوم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/تشرين الثاني/2008 - 8/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م