الانتخابات والاقتصاد الامريكي: مَحاوِر إنقاذ جمهورية واخرى ديمقراطية

الازمة المالية تزيد من احتقان التنافس الانتخابي

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: تحولت الريح الى عاصفة سياسية الشهر الماضي عندما أقر الكونجرس الامريكي خطة انقاذ بقيمة 700 مليار دولار، لمساعدة الشركات الكبرى في وول ستريت التي أثرت متاعبها على المستهلكين والتجّار والحكومات المحلية وحكومات الولايات الامريكية.

وقد يكلف الخوف والغضب بشأن وضع الاقتصاد الامريكي الجمهوريين الكثير في الانتخابات التي ستجرى بعد ثلاثة ايام، ويمنح الديمقراطيين أغلبية بنحو 60 مقعداً في مجلس الشيوخ الذي يتألف من مئة مقعد لأول مرة منذ 30 عاما.

فمع تفوقهم في استطلاعات الرأي يحظى الديمقراطيون بفرصة كبيرة للفوز بتسع مقاعد اضافية ليصبح لديهم 60 مقعدا مما يوفر الاصوات اللازمة لتخطي العقبات الاجرائية للجمهوريين والتحرك سريعا للوفاء بتعهداتهم في الحملة الانتخابية.

وقال باراك أوباما الذي أظهرت استطلاعات الرأي انه يتقدم على منافسه جون مكين في حفل لجمع التبرعات الاسبوع الماضي "تصوروا ما يمكن أن ننجزه في ظل أغلبية كاسحة بمجلس الشيوخ."

ورغم القوة المجمعة التي يمكن أن يحظى بها أوباما ومجلس للشيوخ ذي "أغلبية كاسحة" الا أنهما سيواجهان على الارجح مشكلة تعرقل حركتهما بفعل العجز الذي وصل مستويات قياسية في الموازنة الاتحادية. كما ان الاعضاء الديمقراطيين في المجلس يمكن أن يسعوا الى انتهاز الفرصة لتنفيذ مقترحاتهم الخاصة بدلا من الالتزام بخطة أوباما. بحسب رويترز.

وقال ستيفن هيس الخبير بشؤون الكونجرس في معهد بروكينجز "كل سناتور يعتقد انه أو انها مساو للرئيس... كل رئيس يريد أن يكون لديه 60 صوتا في مجلس الشيوخ ولكن سيظل يتعين عليهم العمل من أجل أي شيء يحصلون عليه."

ومع ذلك فان تمتع الديمقراطيين بأغلبية 60 مقعدا في مجلس الشيوخ المؤلف من مئة مقعد سوف يعني انهم لن يكونوا مضطرين لابرام صفقات مع الجمهوريين لتمرير التشريعات بما في ذلك اعادة النظر في التخفيضات الضريبية المفروضة على الاثرياء وزيادة الضوابط على أسواق المال وحفز الاقتصاد.

على الجانب الاخر من الكونجرس الامريكي من المتوقع أن يحصد الديمقراطيون الذين يسيطرون على مجلس النواب (235 مقابل 199) نحو 24 مقعدا اضافيا في انتخابات الرابع من نوفمبر تشرين الثاني أكثر بمثلين مما كان متوقعا قبل بضعة اسابيع.

وقال ناثان جونزاليز من روزنبيرج بوليتيكال ريبورت وهي جهة غير حزبية تتابع انتخابات الكونجرس "الامور تتطور من السيء الى الاسوأ بالنسبة للجمهوريين."

وأضاف جونزاليز "سواء كان ذلك عدلا أم لا فانهم (الجمهوريون) يتحملون معظم اللوم عن الازمة الاقتصادية وقد وظف الديمقراطيون ذلك لحسابهم."

وقالت جينفر دوفي من كوك بوليتيكال ريبورت وهي ايضا جهة غير حزبية "انهم (الديمقراطيون في مجلس الشيوخ) يقتربون" من الحصول على 60 مقعدا ... لن أندهش اذا فعلوها."

وحتى قبل ظهور الاقتصاد كقضية تتصدر باقي القضايا كان الجمهوريون متضررين من اثار حرب العراق التي لا تحظى بشعبية ومن الرئيس الجمهوري جورج بوش الذي تنتهي ولايته الثانية في يناير كانون الثاني القادم."

وعندما يتعلق الامر بالتعامل مع القضايا المالية تظهر استطلاعات الرأي ان الامريكيين يفضلون الديمقراطيين على بوش ورفاقه الجمهوريين المؤيدين لقطاع الاعمال والمناهضين لفرض قيود على اسواق المال.

وقال السناتور تشارلز شومر من نيويورك ورئيس لجنة حملة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ "هذه الانتخابات هي استفتاء على التغيير الاقتصادي ... اتجاه الريح معنا أكثر من اي وقت مضى."

وتحولت الريح الى عاصفة سياسية الشهر الماضي عندما أقر الكونجرس خطة انقاذ بقيمة 700 مليار دولار لمساعدة الشركات الكبرى في وول ستريت التي أثرت متاعبها على المستهلكين والتجار والحكومات المحلية وحكومات الولايات.

الاقتصاد موضوع الساعة في الهجمات المتبادلة

وهاجم كل من باراك أوباما المرشح الديمقراطي ومنافسه الجمهوري جون مكين سياسة الاخر الاقتصادية وخطّأها وهما يتناطحان في اوهايو وبنسلفانيا قبل أسبوع واحد فقط من الانتخابات التي ستجري يوم الثلاثاء القادم.

وبعد ان اظهرت استطلاعات الرأي تفوق أوباما على مكين حاول سناتور أريزونا الجمهوري كسب بعض النقاط في الاقتصاد وظهر برفقة مستشارين اقتصاديين في فندق كليفلاند متعهدا باتخاذ خطوات سريعة لاستعادة الثقة المتراجعة في البورصة الامريكية والحفاظ على الممتلكات العقارية للامريكيين وتوفير فرص عمل في حالة انتخابه رئيسا في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني.

أما أوباما الذي يتقدم على مكين في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد وأيضا في عدد من الولايات الحاسمة فقد بدأ ما وصفته حملته "بمرافعته النهائية."

وفي كانتون بأوهايو وبيتسبيرج طلب أوباما من مؤيديه البقاء على حماسهم من اجل عودة الديمقراطيين للبيت الابيض. وقال "ليس بوسعنا ان نخفف من سرعتنا او نتقاعس. لا نستطيع ان نفعل ذلك ولو ليوم واحد او دقيقة واحدة بل ثانية واحدة في هذا الاسبوع الاخير."وأضاف "خلال اسبوع واحد.. وهذه لحظة فاصلة في التاريخ.. يمكنكم منح هذه البلاد التغيير الذي نحتاجه."

وبعد مرور 21 شهرا على مسيرته صوب البيت الابيض التي "قربته كثيرا" من هدفه قال أوباما "ايماني بالشعب الامريكي تحقق."

وفي واشنطن كشفت وثائق مقدمة للمحكمة ان اثنين من البيض المتطرفين المتفاخرين بعرقهم اعتقلا في تنيسي بسبب خطط لفتح النار بشكل عشوائي وقتل أوباما في نهاية المطاف. ولم تتبلور هذه الخطة المزعومة.

ويطمح أوباما سناتور ايلينوي الديمقراطي لان يكون أول رئيس أسود للولايات المتحدة.

وسعى كل من أوباما ومكين لحشد مؤيديهم التقليديين والتودد الى الناخبين الذين لم يحسموا امرهم بعد في بنسلفانيا واوهايو وهي ولاية لعبت دورا حاسما بالنسبة لفوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية لعامي 2004 و2000 . ولم يصل اي جمهوري قط الى البيت الابيض دون الفوز بولاية أوهايو.

وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم المرشح الديمقراطي على المرشح الجمهوري في ولاية أوهايو وايضا في عدد من الولايات الاخرى التي فاز بها الرئيس الامريكي الجمهوري جورج بوش في انتخابات عام 2004 مما يضع مكين سناتور أريزونا الجمهوري في موقف حرج.

وكشف استطلاع لرويترز وسي-سبان ومعهد زغبي ان أوباما متقدم بفارق أربع نقاط على منافسه الجمهوري مكين في الاسبوع الاخير من حملة الانتخابات الامريكية.

وفي ديتون بأوهايو قال مكين ان انتخاب أوباما سيضع ثلاثة ديمقراطيين "خطرين" في سدة الحكم وهم المرشح الديمقراطي للرئاسة ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب والسناتور هاري ريد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الذين سيحتاجون الى زيادة الضرائب لتوفير الاموال المطلوبة لخطط الانفاق الطموحة التي يتبنوها.

وفي بوتسفيل هاجم مكين أوباما بسبب تصريحات اذاعية له عن اعادة توزيع الثروة ادلى بها قبل سبع سنوات. واستغل مكين هذه التصريحات ليتهم أوباما قائلا في سخرية "سناتور أوباما يخوض الانتخابات ليصبح رئيس هيئة اعادة التوزيع اما انا فاخوض الانتخابات لاصبح رئيس هيئة الاركان. السناتور أوباما يخوض الانتخابات

اوباما وماكين يقدمان خططاً لانقاذ الاقتصاد المتردّي

وقدّم كل من المرشحين الديموقراطي والجمهوري خططاً جديدة لانقاذ الاقتصاد الاميركي المتداعي. وقال اوباما ان اقتراحاته بما فيها استحداث الوظائف ووقف عمليات الحجز على المنازل ضرورية للغاية لمعالجة الازمة التي امتدت الى خارج الولايات المتحدة لتطال اقتصاديات العالم.

وتقضي خطة اوباما باعفاء ضريبي مقداره 3000 دولار لكل وظيفة جديدة تستحدثها الشركات خلال العامين المقبلين.

كما تسمح للعائلات بسحب مبلغ 10 الاف دولار من حسابات التقاعد الخاصة بها دون دفع غرامة ومنح تسهيلات ائتمانية جديدة للولايات والمناطق المحلية لحصولها على اموال.

كما يقترح اوباما منح 90 يوما مهلة قبل الحجز على المنازل التي يحاول اصحابها "بنية صادقة" الدفع للجهة المقرضة التي تستفيد من خطة الانقاذ التي اقرها الكونغرس.

وذكر في تصريحات اعدها ليلقيها في تجمع في توليدو قبل ثلاثة اسابيع من الانتخابات المقررة في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر "نحتاج الى تمرير خطة انقاذ اقتصادي للطبقة الوسطى ونحتاج الى ان نقوم بذلك الان".

واضاف "لا نستطيع الانتظار لمساعدة العمال والعائلات والمجتمعات التي تعاني الان - والذين لا يعلمون ما اذا كانوا سيستيقظون غدا ويجدون وظائفهم او تقاعدهم ولا يعلمون ما اذا كان شيك الاسبوع المقبل سيغطي فواتير هذا الشهر". ومن جهته حاول ماكين جاهدا الحصول على تاييد الناخبين الذي اهتز بسبب الازمة المالية.

وقال ماكين في تجمّع انتخابي في فيرجينيا "لن انفق 700 مليار دولار من اموالكم لانقاذ المصرفيين والسماسرة في وول ستريت الذين ادخلونا في هذه الفوضى". واضاف "ساعمل على ضمان رعاية الناس الذين دمرتهم تجاوزات وول ستريت وواشنطن. سانفق الكثير من تلك الاموال للتخفيف عنكم".

ولم يكشف ماكين عن تفاصيل الخطة الا انه قال ان خطته ستركز على دعم اسعار المنازل التي تدهورت وحماية اموال التقاعد المتعثرة وخفض الضرائب وتجميد الانفاق الحكومي.

وساعدت الازمة المالية في تقدم اوباما على منافسه الجمهوري بعشر نقاط في اخر استطلاع اجرته صحيفة واشنطن بوست وشبكة ايه بي سي رغم الهجوم الضاري الذي شنه الجمهوريون على شخص اوباما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 2/تشرين الثاني/2008 - 3/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م