إعصار المال العالمي: فقدان 20 مليون وظيفة بنهاية العام الحالي

تحديات مزدوجة: ازمة الائتمان العالمية وتضخم الاسعار في الاسواق المحلية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: سُلطت الاضواء مجددا على تأثير الازمة المالية على الاقتصاديات الكبيرة في العالم بعد ان اعلنت الصين عن تباطؤ نموها الاقتصادي كما ازدادت ديون بريطانيا وسط مؤشرات على المزيد من الاضطرابات في القطاع المصرفي في العديد من دول العالم.

ومن جهة اضافية توقّعَت منظمة العمل الدولية فقدان عشرين مليون وظيفة حول العالم بنهاية العام الحالي بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالعالم.

فبعد ان كانت الاسواق قد شهدت ارتفاعا، ادى انخفاض اسهم بنك سوسييتيه جنرال الفرنسي بنسبة 10 بالمئة ومنح بنك "اي ان جي" الهولندي العملاق مساعدة مالية حكومية الى التاكيد على مشاعر الذعر السائدة في القطاع المصرفي.

من ناحية اخرى اصبحت السويد اخر حكومة تدعم قطاعها المالي حيث قدمت خطة بقيمة 1,5 ترليون كرونر (152,2 مليار يورو 1,206 مليار دولار).

وبحلول منتصف الصباح ارتفع سوق لندن المالي بمعدل 1,69 بالمئة كما ارتفع سوق فرانكفورت بنسبة 0,86 بالمئة فيما ارتفع سوق باريس بنسبة 1,35 بالمئة.

واغلق سوق طوكيو على ارتفاع 3,59 بالمئة فيما ارتفع سوق هونغ كونغ بنسبة 5,3 بالمئة وارتفع مؤشر سول بنسبة 2,3 بالمئة وسوق شنغهاي بنسبة 2,25 بالمئة رغم الانباء عن تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني في الربع الثالث. بحسب فرانس برس.

وارتفعت معنويات المستثمرين بعض الشيء عند الاعلان خلال اليومين الماضيين بان الرئيس الاميركي جورج بوش والزعماء الاوروبيين ينوون عقد عدد من القمم لمعالجة الازمة المالية.

وقال كازوهيرو تاكاهاشي المدير العام لشركة "دايوا سيكيورتيز" ان القمم المقترحة "ساهمت في خلق جو يستطيع ان يكون للمستثمرين فيه توقعات ايجابية". الا انه اضاف ان "حالة عدم اليقين لا تزال تلف الاسواق".

واعلنت الحكومة الصينية عن تباطؤ النمو الاقتصادي الى 9 بالمئة في الربع الثالث والقت باللوم في ذلك على ظهور "مزيد من عوامل عدم اليقين في اسواق الاقتصاد العالمية".

وهذه هي المرة الاولى منذ عام 2005 التي ينخفض فيها النمو الاقتصادي الفصلي في الصين الى هذا المستوى الذي يعد الادنى منذ الربع الثاني من عام 2003 مما يعتبر اقوى مؤشر حتى الان على ان الصين ليست محصنة من الازمة العالمية.

من ناحية اخرى قال رئيس البنك المركزي الياباني انه يتوقع ان يتواصل تباطؤ اقتصاد بلاده الذي يعد ثاني اكبر اقتصاد في العالم.

وقال ماساكي شيراكاوا محافظ البنك الياباني انه "من المرجح ان يظل الاقتصاد راكدا لانه اصبح من الواضح ان الاقتصاديات الخارجية تواصل تباطؤها".

وفي بريطانيا ازدادات حالة التشاؤم مع الاعلان عن ارقام تظهر ان العجز العام تفاقم ليصل الى 12,6 مليار جنيه استرليني الشهر الماضي. وقال مكتب الاحصاءات الوطنية ان العجز لم يتجاوز 8,7 مليار جنيه استرليني قبل 12 شهرا.

وفي فرنسا استقال مديران تنفيذيان كبيران في بنك "كيس ديبارنيه" (صندوق الادخار) ليل الاحد بعدما خسر هذا البنك 600 مليون يورو في البورصة كما انخفضت اسهم بنك سوسييتيه جنرال بعد شائعات بان البنك يحتاج الى رأس مال.

وفي بداية هذا العام تعرض البنك لخسارة 4,9 مليارات يورو (6,6 مليار دولار) ولجأ الى زيادة طارئة لرأس المال بمقدار 5,5 مليار يورو.

منظمة العمل تتوقع ارتفاع البطالة بسبب الأزمة المالية

من جهتها توقعت منظمة العمل الدولية فقدان عشرين مليون وظيفة حول العالم بنهاية العام الحالي بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالعالم.

وتوقع تقرير للمنظمة ان يصل بذلك عدد العاطلين عن العمل بنهاية العام المقبل إلى 210 مليون شخص.

وقال المدير العام للمنظمة جوان سومافيا إن هذه الأرقام تشير إلى أن الحكومات يجب أن تركز على مساعدة الأفراد وليس البنوك فقط. بحسب رويترز.

ودعا إلى بذل مزيد من الجهد لتأمين الوظائف والتصدي للأزمة الاجتماعية ومساعدة المتضررين من البطالة.

وأعرب سومافيا عن اعتقاده بأنه لايجب التعامل مع الأزمة الحالية من منظور مالي فقط بل يجب مراعاة تأثيراتها على الأفراد والوظائف والمشروعات.

وأشار إلى أنه من الجيد أن تسعى الحكومات في المرحلة الأولى إلى معالجة الأزمة بضخ أموال في الأسواق. لكنه أوضح أن الحكومات يجب أن توسع اهتماماتها لتشمل مساعدة الشركات في المحافظة على الوظائف.

واقترح في هذا الصدد أن تركز الحكومات على مساعدة الشركات الصغيرة مما يساعد في خلق مزيد من الوظائف.

وقالت المنظمة ان أربعين مليون شخص أخرين مهددون بالفقر ما يعني أنهم سيضطرون للعيش بأقل من دولار واحد يوميا.

وختمت المنظمة تقريرها بدعوة العالم إلى الاهتمام بتأمين وظائف والتصدي للأزمة الإجتماعية بعد مساعدة المصارف.

العالم يفقد 20 مليون فرصة عمل في أزمة الأسواق

وفي نفس السياق حذّر صندوق النقد الدولي مجموعة الدول العربية، ومن ضمنها الخليجية، من انعكاسات الازمة المالية في العالم و «من اخطار تفاقم التراجع الاقتصادي في الدول المتقدمة والأوضاع المضطربة في أسواق المال، خصوصاً أنها تواجه تحدياً مزدوجاً في أزمة الائتمان العالمية وتضخم الأسعار في أسواقها المحلية». وتوقع تباطؤ الاقتصادات العربية العام المقبل. ولم يقدم الصندوق أي ارشادات.

وقال مدير منطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في الصندوق محسن خان إن توقعات النمو الاقتصادي في الشرق الاوسط معرضة للخطر بسبب التراجع السريع في أسعار النفط وإنها ستُعدل بالانخفاض، مشيراً الى ان تقدير النمو السنة المقبلة مبني على افتراض سعر متوسط للنفط بنحو 100 دولار للبرميل. واضاف «أعتقد أنه سيكون أقل من ذلك. ونتيجة لذلك فإن بعض التوقعات ستعدل بالخفض. لكن ليس بقدر كبير».

في الوقت نفسه حذر مدير مكتب العمل الدولي خوان سومافيا امس من ان الأزمة المالية قد ترفع عدد العاطلين عن العمل في العالم عشرين مليون شخص الى 210 ملايين شخص في نهاية 2009. وقال إن هذه الارقام يمكن ان تتفاقم بحسب تأثير الازمة على الاقتصاد الحقيقي، مؤكداً الحاجة الى «تحرك سريع ومنسق للحكومات للوقاية من ازمة اجتماعية يمكن ان تكون قاسية وطويلة وشاملة». بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وفي لندن توقعت شركة «ايرنست آند يونغ» للمحاسبة، التي قالت إن اقتصاد بريطانيا دخل في حال الركود منذ مطلع السنة، ان لا تطول فترة الركود هذه المرة وان لا تضرب في اسس الاقتصاد خصوصاً مع اتجاه الحكومة الحالية الى الإنفاق على مشاريع تؤمّن عودة اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل الى سوق الوظائف.

وقال كبير الاقتصاديين في الشركة بيتر سبنسر لهيئة الاذاعة البريطانية: «فترة الركود قد تكون قصيرة في بريطانيا وغيرها من دول اوروبا في حال استمرت الحكومات في اجراءاتها لخفض البطالة والفائدة وحفز التعاون الاقتصادي وتعديل قواعد العمل المصرفي من دون الاخذ في الاعتبار المعارضة الاميركية الحالية».

واشار الى ان النظام المصرفي في اوروبا «ادخل غرفة العناية الفائقة» مع بدايات تطبيق برامج الانقاذ الحكومية وان بعض الاخطار قد زال عنه والاقتصاد البريطاني والاوروبي يحتاجان الى «وصفة كينز» للشفاء.

يُشار الى ان الوصفة تحمل وصايا الاقتصادي البريطاني جون كينز الذي قدم النصح الى وزارة الخزانة بعد الحرب العالمية الثانية لتأمين القضاء على التضخم وخفض البطالة، ونشر في العام 1936 كتاب «النظرية العامة للتوظيف والفائدة والمال»، كما ترأس الوفد البريطاني في العام 1944 الى بريتون وودز وساعد في توقيع اتفاقاتها وتأسيس صندوق النقد والبنك الدوليين. ومن اكبر المخاطر حالياً في اوروبا، وبريطانيا تحديداً، انهيار سوق العقار كما حدث في الولايات المتحدة ما ادى الى الكارثة المالية الاخيرة.

وفي واشنطن قال وزير الخزانة هنري بولسون إن شراء اسهم المصارف الاميركية سيكون استثماراً جيداً، في حين اعتبر رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الاميركي) بن برنانكي في شهادة امام الكونغرس امس ان موجة جديدة من الإنفاق الحكومي قد تكون مطلوبة مع تضرر الاقتصاد خلال فترة طويلة من النمو المنخفض.

واضاف برنانكي «بما ان الاقتصاد من المرجح أن يظل ضعيفاً لفصول عدة مقبلة ونظرا لمخاطر التباطؤ الممتد فإن دراسة الكونغرس لخطة مالية في هذا المنعطف تبدو أمرا مناسباً». وهذه هي المرة الاولى التي يتبنى فيها برنانكي صراحة خطة حفز ثانية. واعطت اشارته انطباعاً بإمكان توجه المجلس لخفض الفائدة على الدولار مجدداً.

وقال إن هناك بعض الدلائل المطمئنة على ان الخطوات التي اتخذت حتى الآن لتحسين سوق الائتمان بدأت تؤتي ثمارها لكن من السابق لأوانه تقويم اثرها الكامل.

2.4 تريليون دولار ناتج الدول العربية واحتياط العملات يتجاوز تريليون دولار

وحض صندوق النقد، الدول العربية على الحذر من أخطار تفاقم الهبوط الاقتصادي في الدول المتقدمة والأوضاع المضطربة في أسواق المال، خصوصاً أنها تواجه تحدياً مزدوجاً في أزمة الائتمان العالمية وتضخم الأسعار في أسواقها المحلية. وتوقع تباطؤ الاقتصادات العربية العام المقبل، لكنه أشار إلى أن الناتج العربي سيصل إلى 2.4 تريليون دولار وسيتجاوز الاحتياط من العملات الأجنبية تريليون دولار للمرة الأولى هذا العام.

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد محسن خان، ان «المنطقة واصلت نموها القوي في 2008 للسنة التاسعة على التوالي مستفيدةً من طفرة أسعار السلع الأولية وقوة الطلب المحلي وصدقية السياسات الاقتصادية السليمة وصمدت - حتى الآن - أمام أزمة الائتمان العالمية. إلا أن أداء اقتصاداتها سيتراجع قليلاً في 2009 ويواجه احتمال التعرض لآثار أشد خطورة، في حال جاء هبوط الاقتصادات المتقدمة أكثر حدة وأطول أمداً مما يُتوقع، وتفاقمت الأوضاع المضطربة في أسواق المال. بحسب صحيفة الحياة.

ولاحظ في تلخيصٍ لاستنتاجات تقرير أصدره صندوق النقد أمس (الاثنين) عن آفاق اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن أزمة الاقتصادات المتقدمة واضطرابات أسواق المال، تأتي بينما الاقتصادات العربية تعاني ضغوطاً تضخمية حادة، مشيراً إلى أن تضخم الأسعار في أسواق المنطقة، لا سيما الدول المصدرة للنفط، «أصبح قضية أساساً بعدما تجاوز المعدلات المسجلة في كل المناطق النامية الأخرى».

وأفاد التقرير أن متوسط معدلات التضخم العربية، التي عزاها إلى أسباب مختلفة، منها عجز العرض عن مواكبة الطلب القوي (اختناقات العرض) وانخفاض أسعار الصرف في دول مجلس التعاون المرتبطة عملاتها بالدولار، وكذلك المستويات المرتفعة لأسعار الوقود ومواد غذائية في الاقتصادات الناشئة والمنخفضة الدخل مثل الأردن وتونس ولبنان ومصر والمغرب والسودان وجيبوتي واليمن، سيسجل رقماً قياسياً في العام الجاري ولا يتوقع أن ينحسر إلا قليلاً في 2009.

وتوقع خبراء الصندوق أن يصل متوسط التضخم العربي إلى 14.4 في المئة هذا العام ثم ينحسر إلى 12.7 في المئة في 2009. وباستثناء معظم الاقتصادات المغاربية، حيث الضغوط التضخمية منخفضة نسبياً، يرتفع متوسط التضخم الخليجي إلى 11.5 في المئة قبل أن يتراجع إلى 10 في المئة في فترة المقارنة وفي 2009. ولا يتوقع انخفاض التضخم إلى أقل من 10 في المئة في ليبيا وقطر والإمارات والسعودية، ويبقى في حدود 14 في المئة في مصر واليمن لكنه سينخفض بمقدار النصف إلى 6 في المئة في لبنان و8 في المئة في الأردن.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/تشرين الثاني/2008 - 2/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م