انتشار الأوبئة والاخطار الصحية والبيئية في جنوب العراق

اسباب ومعالجات

محمود الربيعي

يعاني العراق من جملة من المشاكل البيئية والصحية بسبب تردي الاوضاع السياسية والامنية ومن حالة عدم الاستقرار بسبب سياسات الدول الكبرى والاقليمية وسياسات الاحزاب والمجموعات المتطرفة مما ادى الى نقص في الخدمات العامة المؤثرة كخدمات الطاقة بالاضافة الى حالات الفساد الاداري والمالي والاهمال وهجرة الكثير من المواطنين من الكفاءات الى خارج البلد.

 ونتيجة لوجود العديد من العوامل انتشرت الاوبئة والامراض وحالات الوفاة بشكل غير طبيعي، الى جانب سياسات القتل والتدمير اليومي الذي شاع في العراق ومنذ عقود من الزمن قبل سقوط النظام السابق وبعده، ولايزال شعب العراق يحصد افعال المجرمين والقتلة من مصاصي دماء الشعوب، واهل الغدر والنفاق واهل الشقاق الذين لاهم لهم سوى تحقيق مصالحهم دون النظر الى مصالح شعبهم المنهك المظلوم وبلا خوف من خالق، او وازع من ضمير اضحى يعيش في عالم الاموات حيث لاضمير ولاعقل، كما جفت العاطفة الانسانية او الوطنية في ظل النظام الدولي العام الفاسد الذي يشيع ثقافة القوة ويلغي من حساباته لغة الحوار والتفاهم في مرحلة تعيش فيها الشعوب اجواء الغاب وتتنكر للغة الانبياء والمصلحين ودعوة الخالق العظيم.

لقد حاولنا في هذا البحث البسيط ان نسلط الضوء على اهم مشكلة يتعرض لها المواطن العراقي لفترات طويلة والتي تؤثر عليه بشكل خفي غير واضح نتيجة تاثير اليورانيوم المستنفذ او المنضب (238U) والذي يؤدي الى الوفاة او العوق او ظهور حالات مرضية مستعصية، كما سلطنا الضوء على طبيعة هذه المادة العلمية وآثار الاسلحة غير التقليدية كالاسلحة الكيميائية والنووية وانتشار الامراض السرطانية في المدن العراقية بشكل ظاهرة غير طبيعية لم يعهدها العراق من ذي قبل وخصوصا في مناطق الوسط والجنوب.

وقد أخترنا لبحثنا المبسط مجموعة من البحوث والمقالات التي طبعت او نشرت لبعض السياسيين العراقيين لغرض عرضها في الندوة التي من المؤمل ان تعقد في مؤسسة الابرار الاسلامية في لندن يوم 25 \ 10 \ 2008 بحيث تعطي صورة واقعية لما يجري على الساحة العراقية بعد خمس سنوات من الاحتلال.

 فمن كتاب سلاح اليورانيوم المستنفذ وتاثيرات استخداماته الامريكية في حربي الخليج والبلقان" دراسة وثائقية ". للدكتور عبد الحسين مهدي عواد الطبعة الاولى 1423 هجرية – 2003 ميلادية جاء فيها ان:

ان اليورانيوم المستنفذ (238U) (القاتل السري او القاتل الذكي او النفاية الضارة): هو منتج متخلف ينشا نتيجة معالجة اليورانيوم الخام يسبب:

اولا: انتشار امراض السرطان وخصوصا سرطان البطن وسرطان الرئة.

 ثانيا: تكرار حالات الاجهاض.

 ثالثا: تكاثر الولادات الناقصة. رابعا: انتشار الاوبئة المجهولة.

واما تاثيره فهو:

اولا: في بعد استخلاص الجسم يؤثر على الخلايا وعلى ال(DNA).

ثانيا: يلوث الماء والغذاء والتراب والملبس.

ثالثا: يؤدي الى زيادة مساحات التصحر وقلة الامطار وشدة الجفاف.

كما جاء في كتاب (السياسة النووية الدولية) واثرها على منطقة الشرق الاوسط - للدكتور هيثم غالب الناهي - الطبعة الاولى 1426 هجرية – 2005 ميلادية ص 258:

ان اليورانيوم المستنفذ: (238U) جاء فيه انه: بعد استخلاص (235U) من اليورانيوم الطبيعي لاستعماله في المفاعلات النووية وتحضيراتها الاشعاعية، يتبقى اليورانيوم من نوع (238U) وقليلا جيدا من اليورانيوم (235U) اقل من تواجده الطبيعي في المعدن الخام). ومن صفات (238U) باليورانيوم المستنفذ ان حياته الفاعلة حوالي 4.5 مليار سنة، ويمتلك خاصية اشعاعية ضئيلة جدا. وعليه فبعد التقنية والعمليات الروتينية لاستخلاص (235U) من اليورانيوم الطبيعي، يتخلف اليورانيوم المستنفذ وبقابلية اشعاعية تصل نصف مايمتلكه ال (238U).

 وجاء في مقال سابق لكاتب هذا البحث المتواضع بعنوان: (تاثير تواجد قوات الاحتلال وتنظيم القاعدة على البيئة في العراق)، والذي نشر بتاريخ 4 اب 2007 في باب ارآء في جريدة الصباح التي تصدر في بغداد: ان " وجود القوات الاجنبية والنشاط الارهابي ساعدا على اختناق البيئة في العراق " جاء فيه: تواجه البيئة في العراق تدميرا يوميا على مستوى ظروف الجو والتربة والمياه، فالمحروقات التي تنتج عن حركة الطائرت العسكرية في جو العراق اضافة الى عوامل رمي القنابل من الجو يترك اثارا عظيمة على الجو، اضافة الى افساد التربة والمياه. فالفضلات التي تتحرك على الارض اما ان مصيرها سيؤول الى التربة او الى المياه بفعل التخلص منها بسبب عدم وجود الية رسمية لتنظيف البيئة بعد قيام هذه العمليات.. ومن جهة ثانية لم تقتصر العمليات العسكرية وعمليات التنظيمات المسلحة بتاثيرها على كل من الجو او التراب، ففي كل يوم هناك تفجيرات للجسور وتلويث للمياه حيث طالما القيت الجثث المغدورة في المياه بالاضافة الى ماحدث من تلوث في عهد النظام السابق لعوامل البيئة (الجو والتربة والمياه) دون اكتراث لحياة المواطنين ودون اية اجراءات لتنظيف تلك البيئة.

ان تلويث البيئة يعد جريمة انسانية لانه سيسبب الموت والمرض للانسان، ويترتب عليه تاثير على حياة المواطنين، وعلى النمو السكاني الذي سيكون منخفضا جدا بالنسبة للدول التي تشهد تنمية سكانية عظيمة، وخصوصا في امريكا ودول اووربا الغربية والشرقية.

ان تاثير المحروقات يشكل خطرا كبيرا على البيئة والصحة، فحجم الغازات الناتجة عن هذه المحروقات الناتجة عن التفجيرات الضخمة يسبب تسمما لعوامل البيئة الرئيسية(الجو والتربة والمياه) وان هذا التاثير ينتقل من الجو الى بدن الانسان في عملية التنفس والتغذية، كما يؤثر ايضا على تنفس وتغذية النبات نتيجة لهذا التلوث.

واستعرض المقال جملة من التاثيرات ذكر منها:

اولا: جريمة تلويث الجو والتربة والمياه بتقادم الزمن على الاحياء في العراق بسبب استخدام الاسلحة والمواد المتفجرة

عناصر البيئة: (الجو والتربة والمياه).

ثانيا: حجم تاثير الاحتراق والعوامل الكيمياوية المترتبة على استخدام الطائرات والعجلات والمواد المتفجرة على المدى البعيد.

عوامل الجو: (غازات الاكسجين وثاني اكسيد الكربون والنتروجين).

ثالثا: تاثير تردي الخدمات على البيئة والصحة العامة.

الخدمات: (الماء والكهرباء ومشتقات البترول ومجاري المياه وشبكات التصريف).

كما بين في بحثه ومقاله النقصان والهبوط المستمر في عدد سكان العراق الذي يقابله زيادة مستمرة وملحوظة في اعداد الجيوش الاجنبية والحركات المسلحة الاجنبية الوافدة الى العرا بالشكل الذي يشير الى:

النسبة المئوية التنازلية لعدد العراقيين والنسبة المئوية لتصاعد اعداد القوات الاجنبية والعناصر الوافدة الغريبة من القاعدة ومنظمة خلق وغيرهما، وقال لقد تركت الارقام والنسب لانها متغيرة باستمرار وتخضع لاحصاءات رياضية ورقمية رسمية.

كما وجه في مقاله نداءات الى اصحاب القرار السياسي والعسكري في العالم ان يعيدوا النظر في سياساتهم ونداءات الى اصحاب القرار السياسي والعسكري في العالم ان يعيدوا النظر في سياساتهم، وكذلك الى مختلف المنظمات المدنية ومنها:

اولا: منظمات حقوق الانسان. ثانيا: منظمات المجتمع المدني. ثالثا: الامم المتحدة. رابعا: الجامعة العربية.

و جاء في مقال للدكتور كاظم المقدادي وهو باحث عراقي، ورئيس لقسم إدارة البيئة بالأكاديمية العربية في الدنمارك بعنوان " كارثة سرطانية اخرى تطفو في المستنقع العراقي " بتاريخ 21 فبراير 2008 الذي عزى فيه اسباب انتشار مرض السرطان في حي الأنصار في مدينة النجف العراقية الى الحاويات الملوثة إشعاعياً والى الركام المضروب بذخائر اليورانيوم المشع حيث بين من انه قد أُعلن رسمياً عن إصابة 37 مواطناً من مواطني الحي بأمراض سرطانية، ومات اَخرون بالسرطان، والذي اشار فيه ايضا الى ظهورإصابات من احتمال استخدام أهالي الحي لحاويات نفايات ملوثة بالإشعاع النووي أو احتمال تلوث مياه الشرب بالمياه الثقيلة ناتج عن قدم شبكة الصرف الصحي، وان الاسر التي استخدمت مثل تلك الحاويات مهددة بالاصابات السرطانية، وبالولادات الميتة، وبالتشوهات الخلقية، ووجه عدة نداءات الى كل من رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان، والى وزارات الصحة والبيئة والعلوم والتكنولوجيا، كما اشار الى ضرورة تشكيل فريق عمل ضمن إختصاصات علمية متعددة، وخبراء فيزيائيين وكيميائيين بالأورام والأمراض السرطانية، وبطب الأطفال، وبالأوبئة، وبالإشعاع والطب الذري من كلية الطب ومركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة البيئة، ومن دائرة المواد الخطرة وبحوث البيئة التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا للوقوف ميدانياً على أسباب هذه الحالات ومعالجة المرضى وحماية بقية المواطنين.

ان محافظة النجف تعرضت لأضرار الحرب ولمخلفات إستخدام سلاح اليورانيوم المشع مما سبب تلوثا بالإشعاع والسموم الكيميائية وادى الى ظهور الامراض الخبيئة ! حيث ظهرت حالات كثيرة من الاصابات باشعاع اليورانيوم المستنفذ في المناطق التي دارت فيها تلك الحروب وادت الى انتشار الأوبئة والامراض السرطانية في وسط وجنوب العراق وهي نتيجة متحصلة لاثار الحروب في احداث الدمار البيئي والصحي.

وقد اشار ادكتور المقدادي الى ضرورة اهتمام وزارة البلديات والاشغال العامة اضافة الى اجراء بحوث من قبل متخصصين لتحديد الاخطار البيئية والصحية الاخرى في العراق وتحديد مسؤولية المتسببين في الحاق الضرر بالمواطنين والى ضرورة وقوف العالم والمجتمع الدولي الى جانب هذا الشعب لتفادي أكبر قدر من الاضرار والوقاية من بقايا الاشعاع المدمّر ومعالجة المصابين بوبائه وضرورة تحمّل الجميع مسؤولية انقاذ البيئة والانسان في العراق عموما و في هذه المنطقة بشكل خاص لسعة الكارثة فيها. كما اشار الى الحاجة للمعرفة العلمية الكافية من اجل الخروج بنتائج مفيدة بدراسة حالات المصابين في محافظة النجف عن كثب وتكليف صحة النجف باجراء فحوص وتحاليل وارسالها الى بغداد، أو إرسال لجنة طبية الى مدينة النجف.

ان مايتعرض له شعبنا العراقي العزيز وارضه وجوه ومياهه من حالات المرض وانتشار الاوبئة وتلوث البيئة بالشكل الذي يؤدي الى الموت والدمار في الوقت الذي تجد فيه الشعوب اقصى درجات الخدمات الصحية والبيئية والعناية الفائقة يتطلب جهدا خاصا يقف فيه العراقيين موقف التصدي لما يجري من انتهاكات لحقوق الانسان والتجاوز عليه وعلى البيئة، ولابد لكافة المسؤولين ان يأخذوا على عاتقهم الوقوف صفا واحدا لرعاية مصالح شعبهم ووطنهم وينقلوا بأمانة الحقائق التي تجري على ارض الواقع الى العالم ليساعدوا ضحاياه من المدنيين الذين ليس لهم ذنب في هذه السياسات اللامسؤولة، ونسال الله العلي القدير ان يحفظ شعبنا الكريم وان يجنبه ويلات الحروب واطماع الطامعين وغدر الغادرين وان يمن على العراق بالاستقلال والسيادة الكاملة وان يوحد شعبه وقادته.

.........................

المصادر

- سلاح اليورانيوم المستنفذ (238U) وتاثيرات استخداماته الامريكية في حربي الخليج والبلقان - دراسة وثائقية الدكتور عبد الحسين مهدي عواد.

- السياسة النووية الدولية واثرها على منطقة الشرق الاوسط - الدكتور هيثم غالب الناهي.

- تاثير تواجد قوات الاحتلال وتنظيم القاعدة على البيئة في العراق - محمود الربيعي.

- كارثة سرطانية اخرى تطفو في المستنقع العراقي - الدكتور كاظم المقدادي - باحث عراقي، ورئيس لقسم إدارة البيئة بالأكاديمية العربية في الدنمارك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/تشرين الأول/2008 - 27/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م