المختفون قسراً في عراق البعث

سعد البغدادي

تم اكتشاف اكثر من 300 مقبرة جماعية منذ سقوط  نظام البعث"1968-2003" لعل اكبرها تلك التي تم العثور عليها في منطقة المحاويل التابعة لمحافظة الحلة وتم العثور على   احد عشر الف ضحية  من الذين اشتركوا في انتفاضة الشعب عام 1991 بينهم اطفال وشيوخ ونساء تم التعرف عليهم.

 واخرى في منطقة الشنافية  ضمت اكثر من اربعة الاف ضحية تعود لاكراد "تم اعدامهم , فضلا عن المقابر الاخرى التي تم اكتشافها, الا ان بعض هذه المقابر تم طمسها والاخرى تم العبث بها ,  وكاتب المقال  كان شاهدا على المختفين قسرا في سجن ابو غريب  عندما كانت فرق الموت الصدامية تاتي ليلا وتختار النزلاء لترميهم في غياهب الجب  , كما كان شاهدا على مقبرة  جماعية في محافظة دهوك لاكراد العراق اكتشفها بالصدفة , وبعدها غيب في سجون البعث.

 ورغم هذا العدد الكبير من المقابر والتي تنتشر في شمال العراق وجنوبه الا ان الموقف الرسمي والشعبي  كان خجولا في التعامل مع هذه القضية المركزية  فهو لم  يتعاط معها باعتبارها قضية وطنية بل ذهبت بعض القوى الطائفية للتشكيك في صحة تلك المقابر رغم ان الاعلام العربي والعالمي كان ينقل تلك الاكتشافات  عبر الاقمار الصناعية,  استخدمت هذه القوى الرجعية اساليب دوغمائية للنيل من تلك المقابر وادعت انها تعود لجثامين جنود عراقيين بعد حرب الخليج الثانية ابتلعتهم الرمال  بعد ان ضلوا الطريق؟ احدا من هولاء لم يسال نفسه وهل كان الجنود يصطحبون عوائلهم للحرب؟ هل كان اطفال العراق يشاركون في الحرب وهل كانت النساء مقاتلات؟ كل هذه الاسئلة لم تخطر ببال السادة وهم يدافعون عن فلول البعث المقبور.

 خمس سنوات مضت على حفر اول مقبرة جماعية بعد السقوط الا ان اية وثيقة رسمية من مجلس النواب لم تصدر لادانة هذه المقابر وتعويض المختفين قسرا , خمس سنوات مضت ولم يصدر كتاب واحد  من اية مؤسسة علمية او جامعة عراقية توثق تلك المقابر, لم يتم نبش القبور باساليب حديثة ولم يتم استقدام اية مؤسسة علمية من الخارج لتعمل على توثيق تلك الجرائم حتى يخيل اليك ان القوى الرجعية والوطنية والبعثية تحالفت بحلف غير مقدس لطمس معالم المقابر الجماعية.

اسوق هذه المقدمة كمدخل للمؤتمر الثاني للمقابر الجماعية المنعقد في النجف الاشرف برعاية مؤسسة شهيد المحراب وبالتعاون مع مؤسسة الاعلام المستقل التي يشرف عليها الدكتور طالب الرماحي والتي حضرها عدد كبير من المسؤولين بينهم نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ونائب رئيس الوزراء برهم صالح وعدد كبير من البرلمانيين ,وخلت هذه التظاهرة من حضور اي مسؤول سني لا في البرلمان ولا في الحكومة؟ وكأن الاحتفاء بتلك التظاهرة امر يعود للشيعة والاكراد, هذه الروح الاستعلائية التي يمتلكها الجانب الاخر هي التي تعزز من فشل مشاريع المصالحة الوطنية وعودة اللحمة بين العراقيين ,فالمصالحة تعني اولا الاعتراف بالاخطاء التي ارتكبها النظام السابق وادانتها باعتبارها جرائم طالت كل مكونات الشعب العراقي ولم تقتصر على مذهب او قومية ,الا ان الاحزاب  والقوى الرجعية تأبى ادانة نظام البعث وتأبى الاعتراف بانه ارتكب جرائم كبرى ضد الشعب العراقي,بل ذهبت الروح البعثية لتشمل مؤسسات اعلامية وصحف همشت هذا المؤتمر بدوافع بعثية واخرى طائفية.

ان قضية المختفين قسرا  وتوثيق تاريخهم الحي يعود اولا الى الحكومة العراقية والى البرلمان العراقي الذي تهيمن عليه القوى الشيعية والكردية وبعيدا عن مفهوم التوافق؟ يجب ان يصار الى سن تشريع يعيد لهذا التاريخ حقوقه لانه كما  قيل في المؤتمر كل ما لدى العراق هو من بركة تلك المقابر.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/تشرين الأول/2008 - 18/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م