أزمة النظام النقدي العالمي.. من النشوء حتى المعالجة

اعداد: صباح جاسم

شبكة النبأ: إن اختفت اموالك ذات يوم، فلا بد ان يكون هناك مستفيد، رابح او سارق، اما ان يكون الامر عبارة عن تفكير عقلي محض، فهذا ما لايمكن ان يعقل، نعم هكذا هو الامر في سوق الاموال والبورصة العالمية.

(شبكة النبأ) أعدت للقارئ هذا التقرير لتسليط الضوء على سوق المال العالمي مع عرض مفصل للأزمة المالية في أمريكا وطرق احتوائها وتاريخ اندلاعها وتوضيح المعيار العالمي الجديد لسوق المال:

إن اختفت اموالك.. فهل اختفت في جيب احدهم؟

تبخرت ترليونات الدولارات من أسواق المال الأمريكية والعالمية، وكذلك من صناديق التقاعد، وكذلك مليارات الدولارات على شكل مدخرات وغيرها.. كلها تبخرت وذهبت كما يبدو إلى غير رجعة وسط أزمة النظام النقدي العالمي.

وفقد آلاف وعشرات آلاف الناس أموالهم، التي كانت على شكل أسهم ومدخرات واستثمارات، ولكن السؤال الأهم هو، أين ذهبت؟ ومن يمتلكها الآن؟

ذلك أنه بحسب الربح والخسارة، وبحسب مفهوم التجارة البسيط، إذا خسرت أموالك فلا بد من أن هناك من ربحها، ولكن من هو في هذه الحالة، وأين صبت تلك الأموال؟ أم تبخرت بكل بساطة؟

وفي حال قررت تتبع أموالك المفقودة وتحديد من يمتلكها حالياً، وربما محاولة استرجاعها، فقد تصاب بخيبة أمل إذا علمت منذ البداية أن أموالك لم تكن أموالاً حقيقة.

فالأموال في أسواق المال والأسهم، ليست أموالاً حقيقية، وسعر السهم لم يكن أبداً مالاً نقدياً، وإنما هو مجرد "قيمة" لهذا السهم أو ذاك، ليس أكثر، وفقاً للمحلل المالي والخبير الاقتصادي، روبرت شيلر.

وقال شيلر: المسألة هي في عقول الناس، فقد انتهينا للتو من تسجيل معيار لما يعتقده الناس حول قيمة سوق المال، وأولئك الذين يعملون فيها، وهم قلة من الناس. بحسب (CNN).

ويوضح الخبير الاقتصادي المسألة كالتالي: يخمّن أحدهم قيمة منزل حالياً بأنها تصل إلى 350 ألف دولار، بينما كانت قبل أسبوع واحد تصل إلى 400 ألف دولار، ويشرح قائلاً بمعنى آخر، فإن الفارق في القيمتين، أي 50 ألف دولار، اختفت وتبخرت، ولكن العملية كلها عملية عقيلة فقط لا أكثر ولا أقل.

وقيمة السهم أو المنزل ليست في جيبك بالتأكيد، ولكن أن تنخفض قيمتها، فهذا يشكل خسارة أموال بالطبع، كان من الممكن أن تستخدمها لو كانت على شكل سيولة نقدية أو لو أنك قمت بعملية البيع لهذه الأسهم أو لهذا المنزل.

وفي الواقع، فإن أولئك الذين كانوا يعتمدون على بيع تلك الأسهم أو ذلك المنزل في هذه الفترة، فإن عدم قيامه بالبيع والشراء قبل الأزمة يشكل خسارة حقيقية، رغم أنها في النهاية خسارة نظرية أو افتراضية.

ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد، دايل جورغينسن، إن الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الناس هو اعتقادهم أن تلك الأموال الافتراضية تعادل قيمتها المادية في حال السيولة النقدية، فهي ليست كذلك أبداً.

ويوضح: هناك فرق واضح بين الأمرين، إذ في حين أن الأموال الحقيقية في محفظتك لا يمكن أن تتبخر في الهواء، فإن الأموال التي كان من الممكن أن تحصل عليها إذا بعت منزلك يمكنها أن تتبخر فعلاً، فهي لم تعد مطروحة أو متوافرة حالياً.

ويبين جورعينسين قائلاً: لا يمكنك الاستمتاع بمزايا وفوائد استثمار تبخر، فإذا انخفضت قيمة ملكيتك من الأسهم بنسبة 80 في المائة، فإن هذه الخسارة مستمرة، ذلك أن أولئك الذين كانوا يستثمرونها اختفوا ولن يعودوا، وسينجم هنا كساد مالي كبير.

وقبل ظهور الأموال الورقية في الصين في القرن التاسع الميلادي، لم يكن هناك من يمكنه أن يقلق على ما سيحدث للأموال، فالأموال شيء معلوم له قيمة حقيقية، مثل العملات الذهبية.

ومع انتفاء الثقة بتلك الأسواق، وبالنظام المالي، فإن الكثير من المستثمرين سيبيعون بأي سعر للحد من الخسارة، وهنا فإن قيمة استثمارك تكون قد تبخرت، وخلال هذه العملية فإنك تفقد ثروتك.

ولكن هل هذا يعني أن هناك بالضرورة من حصل على تلك الأموال الافتراضية التي كانت بحوزتك؟ بالطبع، لا! إذ ببساطة فإن قيمة الأموال هنا تضاءلت، ومن كان يقوم بالاستثمار والمضاربة خسروا رهانهم بعد أن خاطروا، وهم الآن يعانون جراء تلك المخاطرة.

الأزمة المالية.. تاريخ وتحديد أولويات الإنقاذ

تعود أسباب الأزمة المالية الراهنة الى عام 2006 ونشوب ما سمي بـ"أزمة القروض العالية المخاطر" التي أدخلت القطاع المصرفي الأمريكي في دوامة الخسائر والاضطرابات، وذهب ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين الأمريكيين.

وقد اندلعت أزمة القروض العالية المخاطر بسبب اقدام العديد من المصارف المختصة في قطاع العقار على منح قروض لمئات الآلاف من المواطنين ذوي الدخل المحدود، متجاهلة بذلك قاعدة الحذر وتقييم المخاطر. بحسب موقع تقرير واشنطن.

واعتمدت المصارف هذا النهج في ظرف اتسم بنمو غير مسبوق لقطاع العقار وانخفاض هام لنسب الفوائد المعمول بها، الأمر الذي أدى بأعداد كبير من الأمريكيين الى حد القناعة أن الفرصة جد مواتية لشراء مسكن.

ومع الارتفاع المفاجئ لنسب الفوائد في الأسواق المصرفية الأمريكية، ٍ وجد عدد كبير من الأمريكيين أنفسهم عاجزين عن تسديد قروضهم، وازداد عددهم مع مرور الأشهر ليخلق جوا من الذعر والهلع في أسواق المال وفي أوساط المستثمرين في قطاع العقار.

وقد أدى العجز المتزايد في سداد الرهونات العقارية الى تعريض الملايين من التزامات الديون للخطر والتي كانت مضمونة ومباعة لبنوك استثمارية والتي احتفظت بها في قوائم ميزانياتها.

وأدت تلك الديون الضارة الى الحاق الضرر بالعديد من البنوك مثل وول ستريت بير ستيرنز وليمان براذرز وميريل لينش وكذلك ايه أي جي احدى أكبر شركات التأمين في العالم كما ان هناك اسباباً ساهمت بوجود هذة الازمة بشكل غير مباشر، من اهمها التطور الهائل للاسواق المالية، وهذا التطور جعل هذه الاسواق بالغة التعقيد، الامر الذي يخلق فرصا كثيرة، لكنه ايضا يزيد من المخاطر.

وعمليات "التوريق"، والتي تعني ببساطة قيام البنوك بتحويل ضمانات القروض التي تقدمها الى اوراق مالية تحصل بها على قروض جديدة. وهذه القروض الجديدة تقوم بنوك او مؤسسات مالية اخرى بتحويل جانب منها الى اوراق مالية تحصل بها على قروض جديدة وهكذا، والنتيجة ان يكون هناك بناء مالي من عدة طوابق يمكن ان ينهار اذا انهار اي طابق منه، وهذا ما حدث.

ايضا ارتباط كثير من المعاملات بالمستقبل، مثل ان يقوم مستثمر ببيع سلعة غير موجودة حاليا، ولكن ستوجد الشهر القادم اعتمادا على ان سعرها سينخفض وسيجني ارباحا من ذلك، في حين ان المعاملات تقوم على الثقة فيما سيحمله هذا المستقبل، وبالتالي فان فيها مخاطرة عالية، وبالتالي اذا تراجعت الثقة تراجعت المعاملات بسرعة.

وعلى صعيد آخر يسمح مشروع خطة انقاذ القطاع المصرفي الامريكي للدولة بشراء اصول هالكة بقيمة 700 مليار دولار مرتبطة بالرهون العقارية. وتهدف هذه الخطة الى تأمين حماية افضل للمدخرات والاملاك العقارية التي تعود الى دافعي الضرائب وحماية الملكية وتشجيع النمو الاقتصادي وزيادة عائدات الاستثمارا ت الى اقصى حد ممكن.

وينص القانون على مهلة لهذه الخطة تنتهي في 31 ديسمبر مع احتمال تمديدها بطلب من الحكومة لفترة اقصاها سنتان اعتبارا من تاريخ اقرار الخطة، وفيما يلي تفاصيل هذه الخطة: ان يتم تطبيق خطة الانقاذ على مراحل باعطاء الخزينة امكانية شراء اصول هالكة بقيمة تصل الى 250 مليار دولار في مرحلة اولى، مع احتمال رفع هذا المبلغ الى 350 مليار دولار بطلب من الرئيس.

ويملك اعضاء الكونغرس حق الفيتو على عمليات الشراء التي تتعدى هذا المبلغ مع تحديد سقفه بـ700 مليار دولار.

كما تساهم الدولة في رؤوس اموال وارباح الشركات المستفيدة من هذه الخطة، مما يسمح بحقيق ارباح اذا تحسنت ظروف الاسواق.

ويكلف وزير الخزانة التنسيق مع السلطات والمصارف المركزية لدول اخرى لوضع خطط مماثلة.

ايضا رفع سقف الضمانات للمودعين من مئة الف الى 250 الف دولار لمدة عام واحد. واعفاءات ضريبية تبلغ قيمتها حوالي مئة مليار دولار للطبقة الوسطى والشركات.

ومنع دفع تعويضات باهظة لرؤساء او مدراء الشركات الذين يتم تسريحهم او يستقيلون بعد ان عملوا في شركات باعت اصولا الى وزارة الخزانة طالما تساهم الخزانة فيها.

ومنع دفع تعويضات تشجع على مجازفات لا فائدة منها. وحددت المكافآت لمسؤولي الشركات الذين يفيدون من التخفيضات الضريبية بـ500 الف دولار. وتنص الخطة على استعادة العلاوات التي تم تقديمها على ارباح متوقعة لم تتحقق.

ويشرف مجلس مراقبة على تطبيق الخطة ويضم هذا المجلس رئيس الاحتياطي الفيدرالي ووزير الخزانة ورئيس الهيئة المنظمة للبورصة.

ويحافظ مكتب المحاسبة العامة التابع للكونغرس على حضوره في الخزانة لمراقبة عمليات شراء الاصول والتدقيق في الحسابات. ايضا تعيين مفتش عام مستقل لمراقبة قرارات وزير الخزانة. فيدرس القضاء القرارات التي يتخذها وزير الخزانة.

وعمل اجراءات حماية للمالكين المهددين بمصادرة مساكنهم.

والسماح للدولة بمراجعة شروط منح القروض العقارية للمدينين الذين يواجهون صعوبات.

والمضي في مساعدة المصارف المحلية الصغيرة المتضررة.

من جانب آخر تثير خطة الانقاذ المالي لتجاوز الأزمة الاقتصادية في الولايات المتاحة تساؤلات عن نجاعتها، خصوصا أنها اعتمدت التدخل المباشر للحكومة لانقاذ المؤسسات الامريكية، حيث يرى عددا من المراقبين المتخصصين أن خطة الانقاذ المقترحة علاج جراحي يقدم حلا شاملا، وذلك لعدة اسباب: انقاذ الوضع المالي وضمان عدم انتقال المشكلات التمويلية الى الشركات لتقتصر كما هي الآن على القطاع المالي فقط.

وتضمن الخطة استمرارية الثقة في البنوك الامريكية.وعلاج المشكلات من حيث معاقبة من كانوا مسؤولين ثم ايجاد الحلول لسد الثغرات المتعلقة بارتفاع أسعار العقارات بعدما سارت البنوك وراء الأسعار المرتفعة.

تحديد دور أسواق المال والمضاربات بالنسبة لبيع الأوراق الآجلة (البيع المكشوف للأوراق المالية). ومساعدة شركات القطاع المصرفي لأن نظام التأمين على الودائع في امريكا يغطي ودائع الأفراد فقط ولا تعويض للشركات.

ختاما يجب الاعتراف بأن الأزمة المالية الحالية حجمها أكبر مما كان متوقعا لأن السيولة والمؤسسات المالية المتخصصة في التمويل العقاري توسعت في منح الائتمان بينما تم تقدير المباني بصورة تزيد عن قيمتها الواقعية، ناهيك عن تمويل البنوك لكامل قيمة تلك العقارات، وان العامل الحاسم في تخفيض الحد الأدنى من الأضرار هو اعادة الثقة للمستثمرين والمستهلكين الامريكيين والأجانب.

الكوارث المالية والأزمات الاقتصادية الكبرى تهدد واشنطن

يرى المراقبون انه ايما قد يكون الأثر الذي ستخلفه خطة إنقاذ النظام المالي الهائلة للحكومة الفدرالية فان من المؤكد انه سيتم اعتماد نظم وقواعد جديدة لضبط ذلك النظام.

وقد لمّح وزير المالية هنري بولسون الى ذلك في مقابلة بتاريخ 28 أيلول/سبتمبر بثت على برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني الإخباري. وقال: اننا نفتقر الى سلطات وبنى التنظيم لحماية الشعب الأميركي.

وسيسعى المسؤولون الأميركيون لاستصدار نظم جديدة في مجالين إثنين: الطريقة التي تعرض فيها قروض الإسكان وبطاقات الإئتمان وما شابه ذلك من تسهيلات مالية على المستهلكين – الذين يشكلون "السوق الأساسية"، وكيف تستثمر المصارف وسواها من مؤسسات مالية الأموال التي تستوفيها من عمليات الإقراض والإئتمان هذه—او ما يدعى بـ السوق الثانوية. بحسب رويترز.

وقد أفضت الأزمة المالية الراهنة، التي تعتبر الأسوأ منذ فترة الكساد العظيم في الثلاثينات من القرن الماضي، الى انهيار ستة بنوك كبرى وغيرها من مؤسسات مالية. لكن في صميم هذه الأزمة فان ما سبب هذه النكسة الممارسات الحديثة الى حد ما بتقديم قروض إسكان الى أعداد متزايدة من متملكي المنازل او ممن يرغبون بشرائها وهي قروض أعلى من قدرتهم على تسديدها.

ويتوقع المراقبون ان تكبح النظم الجديدة بعض ممارسات الإقراض تلك مثل معدلات الفوائد المغرية التي تجعل القروض أكثر جاذبية. ويقدم القرض بمعدل فائدة منخفضة لفترة السنتين الأوليين لكن هذا المعدل يمكن ان يرتفع بوتيرة أسرع بعد ذلك.

ومن شروط الحصول على مثل هذه العقود عدم جواز تسديد قيمة القرض بالكامل في وقت مبكر بحيث يلتزم المقترضون بتحمل أعباء معدلات الفائدة المرتفعة التي تفوق معدلات الفائدة السارية طوال سنوات عديدة.

ويعتبر المراقبون ان المقترضين الذين أقبلوا على معدلات الفائدة المغرية لم يفهموا أحكام وشروط القروض التي وقعوا عليها. ومع ارتفاع اسعار المساكن باضطراد حتى عام 2006 كان المقترضون يقنعون بأنه سيكون بمقدورهم بيع مساكنهم وجني ربح طائل. لكن مع تداعي أسعار المنازل أصبح كثيرون منهم يملكون منازل تقل قيمتها عن قيمة رهوناتهم العقارية.

وأحيانا كلن يطلب من المقترضين ان يقدموا القليل من الوثائق او لا وثائق بتاتا تفيد بأنهم كانوا يحصلون ما يكفي من الأجور او الأموال بحيث يمكنهم تسديد الدفعات الشهرية التي وقعوا عليها. وقد كان ذلك بمثابة دعوة للسماسرة كي يقولوا: لا يعنيني ذلك، فأنا سأعرض الرهن العقاري ثم سأقوم ببيعه، حسب قول الباحث في الإقتصاد في معهد بروكينغز، باري بوزوورث.

ومثل هذه الإجرءات باتت ممكنة بفعل التغييرات في سوق الإسكان في بداية العقد الحالي مما جعل من الأسهل على الذين تصنيفاتهم متدنية او متوسطة ان يشتروا بيوتا للسكن. كما أسهم في ذلك تغيير ملحوظ في عمليات قروض المنازل. ففي السابق كانت بنوك إدخار محلية تقوم بتقديم الرهونات العقارية وكان المقترضون يقومون بدفعاتهم لها حتى يتم تسديدها بالكامل. لكن في السنوات الأخيرة تم "تأمين" أعداد متزايدة من القروض، اي دمجها وبيعها لمؤسسات مالية اخرى، ثم جرى الإتجار بها كوسائل استثمار.

وتقول باربارا روبر، من الإتحاد الأميركي للمستهلكين: كان لدى البنوك حافز للتأكد من أن المقترضين سيوفون بتسديد دفعاتهم، لكن مع التأمين فقدت البنوك ذلك الحافز.

ويتوقع مارك تنهاندفيلد من جمعية المصارف الأميركية ان يصدر الكونغرس قوانين لمكافحة ما يعرف بـ"الإقراض المفترس" كما انه سيقتضي ان يحصل مقدمو قروض الرهونات العقارية على رخص من الحكومة الفدرالية. لكن تنفيذ هذه الأحكام سيترك أمره للولايات على الأرجح.

وفي أيلول/سبتمبر 2008 أصدر مجلس النواب الأميركي قانونا هو الأول من نوعه ضد ممارسات الإقراض الضار من قبل شركات بطاقات الإئتمان – وهي ممارسات مثل فرض رسوم خفية وغير مبررة تضاف الى الفائدة المستوفاة وهو ما أجبر العديد من الأميركين على تحمل أعباء الديون والإخفاق في تسديد ما يتوجب عليهم دفعه من رهونات عقارية. ويتوقع ان يبت مجلس الشيوخ في تشريع مماثل.

اما مارك بيراو، وهو محام يختص بالأوراق المالية، فيرى ان الحكومة ستقتضي من الشركات ان تحتفظ بحصة في جميع الرهونات العقارية وبطاقات الإئتمان وخدمات مالية مشابهة. ويضيف: وهكذا، فان المتسببين في الديون سيتعين عليهم ان يتحملوا نصيبهم من المجازفة.

وهناك عامل أساسي جعل التقصير في تسديد الرهونات العقارية يتسبب في ضرر بالغ وهو تنامي مقايضات الإئتمان الفاشل. وهكذا فان هذه الأدوات المالية الزاخرة والفريدة تعمل كبوليصة تأمين التي يشتريها صاحب رهونات عقارية مشتركة من مؤسسة مالية أخرى كي تحميه ضد ظاهرة الإخفاق في تسديد القروض.

الا أن هذه الأدوات المالية كانت تتسم بالتعقيد وفي حالات كثيرة لم يفهم المتاجرون بها المخاطرة الني تواكبها وكانت هذه منتشرة بين المؤسسات المالية في شبكة تتسم بالتعقيد والتشابك.

وسوق مقايضة القروض غير المدعومة وغيرها من أدوات مالية معقدة تعرف عموما بالأصول الثانوية اصبحت مربحة وضخمة في السنوات الأخيرة لكن هذه السوق تفتقر للتنظيم. ويتوقع الخبراء ان يجعل الكونغرس وهيئات التنظيم هذا الميدان أكثر شفافية وان يشترطوا مقتضيات احتياط. على سبيل المثال فان المصارف التجارية يطلب منها عادة ان تحتفظ بدولار واحد مقابل كل عشرة دولارات تقرضها او تدين بها لأصحاب الحسابات. لكن بنوك الإستثمار لا تخضع لمقتضيات من هذا القبيل وتحتفظ بدولار مقابل كل 30 دولارا تقوم باقراضها او استثمارها. وهكذا فقد جنت أرباحا طائلة وكدست ثروات هائلة. لكن حينما تفشل استثماراها يكون بحوزتها القليل من اموال الإحتياط لتغطية خسائرها.

ويتوقع المحامي بيرلو ان يناقش الكونغرس موضوع تعديل "قانون تحديث السلع المستقبلية" لعام 2000 الذي أبقى على سوق الأصول الثانوية بدون تنظيم. الا أنه أردف ان مثل تلك المحاولة ستواجه معارضة شديدة.

وقال بوزورث ان المسؤولين سيبتغون استصدار نظم تحول دون تكرار الأزمة المالية الراهنة ولكن بغير إرهاق الاسواق المالية بأنظمة مفرطة.ثم خلص إلى القول: من العسير التوصل الى توازن بين هذين الأمرين، فنحن لا نريد ان نوقف الإبداع الذي عاد علينا بفوائد جمّة في الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 15/تشرين الأول/2008 - 15/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م