الأشقاء الثلاثة وكرسي الإرادة والتحدي

بشرى الخزرجي

لم أستطع رفض طلب الشاب العراقي المهذب أحمد شلاه الحاصل على بكالوريوس علوم حاسبات والذي راسلني عن طريق العنوان البريدي الالكتروني المدون عادة تحت مقالاتي، في أن استمع له ولقصته وقصة شقيقتيه الشابتين حوراء مواليد 1978 الأستاذة الجامعية والحاصلة على ماجستير علوم حاسبات، وأخته الطالبة الجامعية أسراء المولودة في 1989، فطلبه أكثر من مشروع، إذ يعاني هؤلاء الأشقاء الثلاثة وهم من مدينة الحلة، من عوق جسدي (ضمور عضلي) أجبرهم على استخدام الكرسي المتحرك في قضاء حوائجهم اليومية، وبرغم تلك الإعاقة ومعاناتها استطاع الأشقاء المتآزرون المتحابون وبفضل مساعدة وصبر والديهم الكريمين وروح ملؤها الإيمان بقضاء الله وقدره، التحدي وكسر حاجز اليأس بإرادة عالية مؤمنه بقدراتها  في تحقيق أعلى درجات العلم والمعرفة التي قد لا نراها عند الكثير من الأصحاء.

في الواقع لا اعرف من أين أبدأ وأنا أحاول قاصرة توصيل صورة قد تكون غير كاملة المعالم عن معاناة هؤلاء الأشقاء الذين يعدون وبحق مفخرة ونخباً عراقية جديرة بالتقدير والاحترام لما يبذلوه من جهد وعناء من اجل خدمة وطنهم  رغم إعاقتهم الجسدية، في حين نجد الكثير غيرهم من الذين أنعم الله عليهم الصحة والعافية في البدن، لا تحركهم جبال الهموم والتحديات التي تواجه بلدهم بل ظلوا مستسلمين  لليأس متقاعسين عن واجباتهم اتجاه وطنهم ومجتمعهم، ومهما ذكرت أو كتبت عن آلام ومحن ذوي الاحتياجات الخاصة يعد في واقع الأمر الشيء القليل جنب ما يكابده هم أنفسهم من هذه الآلام والمحن وعملية إهمال وتجاوز على حقوقهم المشروعة ، وصدق  بيت الشعر القائل: ( لا تشكي للناس جرحا أنت صاحبه ..لا يألم الجرح إلا من به الألم)، لكن عزائي إنني انتصر لشريحة مهمة أجدها مهملة منسية بين تجاذبات وتشاحنات أروقة السياسة وروادها!

لن أتحدث عن ما قدمه ساسة العراق الجديد للمواطن العراقي البائس المسكين، بعد سنوات العذاب السالفة وما تلتها من سنين القتل والجثث المتناثرة في الشوارع والأسواق! فهذا موضوع يطول شرحه نخشى كثرة الكلام فيه كي لا نضطر دون قصد! إلى جرح مشاعر أصحاب الحس المرهف من المسؤولين الأفاضل، بل سأختصر كلامي عن فتاتين وفتى هم نموذج للإنسان العراقي الصابر على البلاء، ينشدون الأمل كل صباح  ومساء من اجل الحصول على فرصة علاج  من المرض  العضال الذي أصابهم  وهم في أعمار صغيرة وبقي هذا المرض ملازماً لهم حتى أصبحوا في ربيع الشباب ووهجه .. لقد دق الأشقاء أبوابا عدة، ،من مسؤولين كبار حتى القنوات الفضائية العراقية الرسمية منها والأهلية، (بشينها وزينها)،من اجل توصيل صوتهم ومناشدتهم أصحاب القلوب الرحيمة من أبناء جلدتهم لكن دون جدوى! فكما توقعوا لم يحصلوا على أذن صاغية أو باب تفتح لهم في بلدهم  العراق الذي ينتمون له ولهم  حق عليه كما له حقوق عليهم .

وقبل أن أنهي ما بدأت الحديث به وحتى لا أنسى، فقد سلّمت بيدي التي لا حيلة لها، تقرير ورسالة هؤلاء الأحبة إلى زوجة احد القياديين العراقيين حيث تعرفت عليها من خلال وجودها في مدرسة أولادي العربية في العاصمة لندن ووعدتني أنها  ستحاول إيصال الرسالة إلى من يهمه الأمر! لكن  وللأسف، الاستجابة لحالة حوراء وأسراء واحمد شباب العراق المعاقين، جاءت من جهة أخرى و مكان آخر، هو الإعلام المعادي كما يسميه البعض! قناة العربية الأخبارية التي أعدت تقريرها المقتضب عنهم وعرضته من على شاشتها في نهاية أيلول سبتمبر المنصرم في نشرتها الخبرية وفقرتها الخاصة التي خصصتها بمناسبة شهر رمضان المبارك (رمضان الخير)، وبعد ساعتين اثنين فقط من عرض التقرير القصير، مدت يد العون البيضاء مشكورة من دولة الإمارات العربية المتحدة وعن طريق هلالها الأحمر الإماراتي.

 وكل عام والعراق والشعب العراقي بخير. 

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/تشرين الأول/2008 - 11/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م