الإقتصاد الصيني والفضائح المتواترة  

شبكة النبأ: بين الحين والاخر تتراجع ثقة الاسواق العالمية بالمنتجات الصينية التي عرفت بأسعارها المناسبة وجودتها المتواضعة، ولكن الصين تظل الوحش الاقتصادي الذي يخشاه الجميع وذلك لتغلغلها في معظم الاسواق في الدول النامية والفقيرة اعتمادا على اسعارها الزهيدة بالمقارنة مع اسعار المنتجات الغربية ذات الجودة العالية، فبعد الرافيولي الملوثة بمبيدات الحشرات ومعجون الاسنان الملوث بالمادة المضادة للجليد تهز الصين فضيحة صحية جديدة تطال هذه المرة الرضع وقد توفي منهم اثنان ومرض اكثر من 1200 اثر تناولهم حليبا مغشوشا. والحليب الذي تناوله الاف الأطفال كان ملوثا هذه المرة بمادة مخصصة للطلاء والدهن من شأنها التمويه في فحوص الجودة الذي تجريه الحكومة على المنتوجات.

فقد اعلن نائب وزير الصحة ما شاواي ان "1253 طفلا مرضوا واثنين توفيا" موضحا خلال مؤتمر صحافي ان الحصيلة التي اوردتها الصحافة صباح الاثنين تضاعفت مع "نقل 340 طفلا الى المستشفى بينهم 53 في حال الخطر".

وقال ان "عدد الاطفال الذين قد يكونون استهلكوا مسحوق الحليب (من مجموعة) سانلو قد يصل الى عشرة الاف" ما يوحي بازمة صحية كبرى في الصين.واكد ما شاواي وفاة رضيعين في 22 تموز/يوليو والاول من ايار/مايو ما يوحي بان حالات التلوث ليست حديثة.

وهذه القضية الجديدة تربك بكين لا سيما وانه لم يتم سحب الحليب الملوث من الاسواق الصينية الا بعد تدخل من نيوزيلندا التي تملك فيها مجموعة فونتيرا 43% من رأسمال مجموعة سانلو. واتهمت ويلنغتون السلطات المحلية الصينية بالسعي لطمس القضية. بحسب رويترز.

وظهرت هذه المأساة الغذائية في اقليم غانشو الريفي شمال غرب الصين حيث توفي الرضيعان وازداد عدد الرضع المرضى باربعة اضعاف في غضون بضعة ايام.كما تطاول القضية ايضا اقليمي هاباي (شمال) وجيانشو (شرق) بحسب نائب وزير الصحة.

ويعاني الرضع المرضى بمعظمهم من حصى في الكلى وهي اصابة لا يعاني منها عادة سوى البالغين. والحليب سانلو الذي تباع منه كميات في المناطق الريفية بسبب سعره المتدني زغل بمادة الميلانين الكيميائية المستخدمة في صنع المواد البلاستيكية والغراء والصمغ المركب ليظهر وكأنه يحتوي على نسبة اعلى من البروتينات.

وتفضل معظم الامهات الصينيات اطعام اولادهن مسحوق الحليب على الرغم من حملات التوعية على فوائد الرضاعة التي تنظم في المستشفيات.

وبعدما اطلقت نيوزيلندا الانذار محذرة من هذه القضية اتهمت السلطات المحلية الصينية بالتقصير. وصرحت رئيسة الوزراء هيلن كلارك ان فونتيرا "حاولت على مدى اسابيع الحض على سحب (الحليب) من السوق لكن السلطات المحلية الصينية لم تقم باي خطوة". واضافت "اعتقد ان التوجه الاول على الصعيد المحلي كان محاولة طمس المسألة" مشيرة الى ان "بكين تصرفت بشكل سريع جدا" بعد ذلك.

غير ان مجموعة سانلو لم تتحرك سوى الاسبوع الماضي عند كشف الفضيحة وعمدت الى سحب 700 طن من الحليب. واكدت فونتيرا ان عملا سيء النية هو الذي تسبب بتلوث الحليب.

وقال اندرو فيريير مدير فونتيرا التنفيذي "انه عمل متعمد استهدف الاساءة الى هذا المنتج". واكد ان طرفا ثالثا اضاف الميلانين الى الحليب الذي سلم الى سانلو مستبعدا اي عملية زغل اثناء الانتاج والتخزين والبيع.

وكان وزير المديرية المكلفة الكشف على نوعية المنتوجات لي شانغجيانغ اعتبر في تصريحات اوردتها صحيفة تشاينا دايلي الاثنين ان زيادة المادة السامة لا بد انها جرت في معامل الحليب الخاصة التي تجمع الحليب وحيث تم اعتقال 19 شخصا حتى الان وليس في المزارع نفسها.

اما سانلو فاتهمت في مرحلة اولى تعاونيات الحليب غير انه لم يعد من الممكن الاتصال بها منذ اربعة ايام.

وهز الصين اخيرا عدد من الفضائح التي اثارت الذعر ايضا في البلدان التي تستورد منتوجاتها مثل الولايات المتحدة واليابان اذ كشف عن رافيولي وارز ملوثة بمبيدات الحشرات ومعجون اسنان ملوث بمادة مضادة للجليد وطعام للكلاب مزغول بالميلانين.

وكان وزير الصحة الصيني غاو كيانغ اعلن في بكين ان 432 رضيعا صينيا اصيبوا بحصى في الكلى بعدما شربوا حليبا ملوثا بمادة كيميائية تستخدم في انتاج البلاستيك وانواع من الصمغ.

وذكرت "تشاينا ديلي" ان 19 شخصا اعتقلوا في اطار التحقيق في هذه القضية مسؤولون عن مراكز من هذا النوع. وقال وزير الصحة الصيني السبت ان السلطات امرت الشركة "سانلو" المنتجة للحليب المجفف بوقف الانتاج.

توقعات بارتفاع محصلة الضحايا

وقالت وسائل اعلام حكومية انه من المتوقع زيادة عدد الاطفال الصينيين المهددين بحليب مجفف ملوث مع اتساع رقعة البحث عن الضحايا وذلك في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة غضبا شعبيا متزايدا بشأن هذه الازمة.

وتوفي طفلان وهناك اكثر من 50 في حالة خطرة جراء حصوات الكلى التي سببتها مادة الميلامين الكيميائية المحظورة التي اضيفت الى الحليب الخام قبل المعالجة في محاولة لخداع مفتشي الاغذية.

وقالت صحيفة تشاينا ديلي نقلا عن وزير الصحة شن زهو "عددهم قد يرتفع مع اتساع رقعة البحث عن مزيد من الاطفال الذين تناولوا غذاء لبن سانلو في المناطق الريفية في البلاد."واضافت "قد يرتفع العدد بصورة كبيرة خلال الايام القادمة مع ذهاب المزيد من الاباء والامهات باطفالهم لاجراء الفحوص الطبية."

ومادة الميلامين غنية بالنيتروجين وهو عنصر غالبا ما يستخدم لقياس البروتين ولذلك يمكن استخدامه في اعطاء المظهر الكاذب للحليب المخفف.

والصين هي ثاني أكبر سوق لحليب الاطفال المجفف في العالم وسانلو هي الشركة الاكثر مبيعا في هذا القطاع منذ 15 عاما واستحوذت على 18.3 في المئة من المبيعات في عام 2007.

وتنتشر سانلو في المناطق الريفية الفقيرة حيث يجد الفلاحون والعمال المهاجرون عادة الحليب المجفف اسهل من الرضاعة الطبيعية من صدر الام واحيانا يعتقدون انه اصح للاطفال.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" ان الحكومة المركزية صنفت حالة التسمم من "المستوى الاول" لحوادث السلامة الغذائية وشكلت فريق طوارئ لمتابعة التطورات. ولكن الغضب العام تزايد بشأن ادعاءات بان الشركة والمسؤولين فشلوا في اتخاذ اي فعل سريع.

تورط 20% من شركات الالبان الصينية في الفضيحة

وذكرت وسائل اعلام حكومية ان حوالي 20 في المئة من شركات الالبان (الحليب) الصينية التي جرى التحقيق معها في اعقاب فضيحة صحية تتعلق بحليب الاطفال ثبت انها انتجت البانا ملوثة بالميلامين.

وأمر مسؤولون صينيون في مجال رقابة الجودة الاسبوع الماضي بتحقيق على مستوى البلاد في كل البان الاطفال المجففة بعدما افادت تقارير بأن عشرات من الاطفال تكونت لديهم حصوات في الكلى بعدما شربوا البانا ملوثة انتجتها مجموعة سانلو. واقيلت رئيسة الشركة المملوكة للدولة.

وأظهرت نتائج التحقيق الذي اجرته الحكومة ان مجموعة سانلو التي تركز عليها الغضب العام بشأن الفضيحة هي احدى الشركات المخالفة. بحسب رويترز.

ونقل التلفزيون الحكومي عن هيئة مراقبة الجودة الصينية قولها من بين 109 شركات لانتاج الالبان جرى فحصها اتضح ان 22 شركة انتجت كميات من اللبن الملوث بالميلامين ومنها شركة يلي التي قامت بتوريدات لدورة بكين الاولمبية واسماء تجارية كبيرة أخرى.

الفضيحة تمتد الى الايس كريم والزبادي

وفي تطور لاحق أمرت هونج كونج بسحب منتجات شركة صينية من الاسواق بعد ان ثبت ان منتجاتها من الحليب والايس كريم واللبن (الزبادي) ملوثة وتحتوي على مادة الميلامين الكيميائية المحظور استخدامها في المنتجات الغذائية والتي تسببت في وفاة أربعة أطفال في الصين.

وكانت شركة اينر مونجوليا يلي اندستريال جروب من بين الشركات الراعية لدورة الالعاب الاولمبية في بكين وهي من بين 22 شركة صينية متورطة في هذه الفضيحة الصحية.

وأعلنت هيئة صحية اقليمية في الصين ان طفلا رابعا مات في المستشفى في اقليم سينكيانج الشمالي الغربي النائي. ولم تقدم الهيئة التي نشرت تقريرها على الانترنت مزيدا من التفاصيل.

وتسبب الحليب الملوث بالميلامين في وفاة ثلاثة أطفال اثنان في اقليم جانسو الشمالي الغربي والثالث في اقليم تشيجيانج الشرقي. بحسب رويترز.

وأقالت السلطات الصينية اربعة مسؤولين ومدير شركة في الفضيحة. ومرض 6244 طفلا بعد شرب المسحوق.

سنغافورة تحظر استيراد منتجات الألبان الصينية

وحظرت سنغافورة واردات كل منتجات الالبان من الصين وطالب الاتحاد الاوروبي بإجابات من بكين بينما امتدت فضيحة ألبان الأطفال التي تركت آلاف الرضع في أنحاء الصين مرضى الى الحليب السائل.

وقالت سنغافورة انها فرضت حظرا على واردات وبيع جميع أنواع الحليب ومنتجات الألبان من الصين بعد ان أظهرت الاختبارات انها ملوثة بمادة الميلامين في نوعين من منتجات الألبان الصينية الصنع. بحسب رويترز.

واسترجعت بكين بالفعل بعض شحنات مسحوق الالبان التي تم تصديرها بمعرفة الشركتين اللتين تبين ان منتجاتهما ملوثة ورغم انها قالت "انه لم يكن هناك رد فعل سيء" إزاء تلك المنتجات فان العديد من الدول أصابت مواطنيها بالقلق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/أيلول/2008 - 22/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م