النحل والعسل المعجزة التي تمنح الشفاء..

عدسة وتحقيق: عبدالامير رويح

 

شبكة النبأ: معجزة من معاجز الخالق العظيم تحدث عنها القرآن الكريم وخصها بسورة من سوره المباركة وجعل فيها خصائص كثيرة ومتعددة. فهي العاملة المثابرة التي لاتعرف الكسل والهوادة. وهي الطبيبة التي تمنح العلاج الرباني الشافي لجميع الامراض والعلل. انها النحلة التي خصها الله وعلمها وأوحى لها حيث جاء في كتابه الكريم ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون، ثم كلي من الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شرابا مختلفا ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون).

عن النحل وبعض أسراره أجرت ( شبكة النبأ المعلوماتية) هذا التحقيق الذي التقت فيه رجلا أحب النحل وعشق الخلية فأصبحت جزءا من حياته وشغله الشاغل. بدأ عمله مع النحل وتربيته منذ عام 1965م وكان وقتها مدرسّا لمادة الكيمياء، في أحدى مدارس كربلاء، فلم تشغله وضيفة التدريس عن ممارسة هذه المهنة فلازمته منذ ذلك الوقت وأصبح من العارفين القلائل الذين يشار لهم بالبنان، ذلك الرجل هو شيخ النحالين في محافظة كربلاء، كما أسماه البعض، انه الحاج (عبد الرسول شيخ حسن الربيعي) صاحب منحل ( أبن حيان) وتحدث لشبكة النبأ قائلا: خلال فترة تعايشي مع مجتمع النحل وجدت انه مجتمع ديمقراطي منظم اشتراكي متعاون محبا للعمل متفاني في أداء الواجب.. يعتمد في عمله على ثلاث فئات هي ( الذكور و العاملات والملكة ) وإذا تعطل أحدها عن العمل تعطل عمل الجميع! والنحلة أول (كيميائية) وجدت على سطح الأرض، فهي خلال تجولها تحصل على المواد الأولية (الرحيق و حبوب اللقاح والعكبر) وتحولها في جوفها إلى خمس مواد هي ( العسل والغذاء الملكي والشمع والعكبر والسموم).

وأضاف الحاج عبد الرسول: لقد عرف النحل في العراق قبل أكثر من (3000 سنة) حيث وجدت بعض الخلايا من حجر الصوان شمال العراق وبقي النحل يربى هناك تصنع له الخلايا من أغصان الأشجار والطين على شكل سلال خاصة.

وامتاز النحل العراقي في تلك الفترة بعدة ميزات منها( صغر حجمه وشراسته في التعامل وحبه للتطريد وقلة أنتاجه) وقد تزاوج النحل العراقي من النحل (الكرنيولي) النحل اليوغسلافي،  فتولد نوع هجين أكتسب صفات جديدة هي ( كثرة الإنتاج والهدوء وسهولة التربية وقلة التطريد).. هذه الميزات التي نتجت عن هذا التزاوج جعلت من النحل العراقي نحل مختلف ومميز. وتربية النحل تحتاج إلى التطبيقات العملية  أكثر من تلك التطبيقات النظرية واستطيع أن أشبهها بفن تعلم  السباحة، فمن يتقن هذا الفن لابد له من ممارسته على أرض الواقع وإلا ستفاجئه الأمواج ويغرقه التيار.

وتابع الحاج، على المربي الهاوي البداية مع طرد واحد، والطرد مجموعة نحلية متكونة من خمس إطارات فيها (ملكة وعسل وحبوب لقاح) ومن هذا الطرد سيتعلم الكثير فهو بمثابة المدرسة. فسيتقن المربي عملية فرز العسل وتقسيم الخلية وغيرها الكثير. وقد مررت بهذه التجربة مع طردين فقط وخلال سنتين تكون عندي أكثر من (60 خلية) لتبدأ رحلتي مع منحلي الجديد. والمربي يحتاج إلى عِدة النحل والتي تتكون من (قناع وبدلة عمل وكفوف ومنفاخ وعتلة وإطارات وأساسات صناديق تربية)..

النحل حشرة لاتعرف الكسل

يتابع الحاج عبد الرسول الحديث لـ شبكة النبأ، النحل حشرة مثابرة لاتعرف الكسل فهي نشطة مثابرة متفانية تعتز بعالمها وخليتها وأقصد بذلك العاملات ويقسم العمل بين العاملات بحسب عمرها الزمني. فالعاملة في أسبوعها الأول تقوم بتنظيف الخلية وتعقيم البيوت السداسية لتهيئتها لاستقبال البيض والعسل وحبوب اللقاح. أما الأسبوع الثاني من عمرها فتكون مربية حيث ينموا لها في هذه الفترة غدّة بلعومية تحول بواسطتها العسل وحبوب اللقاح إلى غذاء ملكي والغذاء الملكي هو (سائل مستحلب حامض خفيف لاذع يعطي لمعان الصدف) تغذى به اليرقات حتى يومها الثالث وتغذى به الملكة طيلة حياتها.

في الأسبوع الثالث تصبح لدى النحلة العاملة القدرة على توليد الشمع من غدة شمعية خاصة في حلقات بطنها وتخرجها على شكل قشور تجمعها بأيديها وتدفعها إلى المقدمة لتمضغها بفكيها وتحولها إلى مادة لينة. تستخدم في بناء البيوت السداسية. حيث تجتمع العاملات في الخلية لتكون سلاسل خاصة لبناء الخلايا السداسية وكل سلسلة تتكون من عشر عاملات. بعد ذلك تتكون مجاميع مهمتها تصنيع العسل.

وتتم هذه العملية من خلال استقبال الرحيق من قبل النحل السارح وإدخاله في معدة خاصة غير المعدة الأصلية التي تتغذى بها النحلة، هذه المعدة تفرز أنزيمات وهرمونات متعددة مثل ( أنزيم الانبرتيز) الذي يحول النشا إلى سكريات و( أنزيم الأمريز ) الذي يحول السكروز إلى سكريات بسيطة وهذه العملية معقدة وتحتاج لعدة طرق أخرى. حيث تقوم النحلة بإخراج ما في معدتها من عسل وتناوله إلى نحلة أخرى تقوم بنفس العملية وكل ذلك من أجل الحصول على العسل! غير أن نسبة الرطوبة فيه تكون عالية وتصل إلى (20% ) ولكي يتخلص النحل من هذه الرطوبة العالية ويوصله إلى تركيزه المسموح الذي يقدر بـ(1,4) يلجأ النحل في الخلية إلى تكوين مجموعات مهمتها خلق تيار هوائي من خلال تحريك الأجنحة هذا التيار من الهواء يساعد بتبخر الماء الزائد! 

ويخرج من بطونها...

أما عن فوائد منتجات النحل فقد تحدث الحاج (عبد الرسول ) لـ شبكة النبأ، قائلا: أن كل منتجات النحل مفيدة وتستخدم في علاج الكثير من الأمراض. وقد عرف( العسل) منذ أقدم العصور وأستخدم في الطب وذكر عند أهل الديانات (المسيحية واليهودية) كما ذكر في القرآن الكريم وقد أوصى به رسول الله (ص) حيث قال (عليكم بالشفائين القرآن والعسل. فالقرآن شفاء الروح والعسل شفاء البدن...)

وللعسل فوائد كثيرة ومتعددة فهو غذاء ودواء وينفع جميع أجهزة الجسم دون استثناء. وقد أثبت الطب الحديث من خلال تجارب العلماء أن القليل من العسل يوميا يزيل مانسبتة (33%) من الكلسترول المترسب في الأوعية الدموية ويمنع تصلب الشرايين هذا قليل من فوائد العسل الكثيرة .

أما (الغذاء الملكي) فقد أعطى نتائج باهرة فهو يفيد بتقوية الإخصاب لكلا الجنسين ومنظم جيد للهرمونات عند النساء ويعمل على تقوية المبيض ويجعل البيضة بحجمها الطبيعي في حالة وجود خلل في المبيض. أما بالنسبة للرجال فهو مقوي جيد ويزيد عدد الحيامن في حالة وجود مشكلة فيها ويعطيها الفعالية عند ماتكون ضعيفة ويعدل شكلها عندما تكون مشوهه. ويقوم بتقوية البنكرياس والغدد الصماء و النكافية ويمنع التصلب ويقوي العضلات..

أما (سم النحل) فقد ثبتت فائدته بعلاج الروماتزم وإمراض المفاصل والعظام وتوصل العلماء مؤخرا إلى أهميته في علاج مرض الإيدز..

وبخصوص(الشمع) فأن له الكثير من الفوائد فعند خلطه مع العسل فأنه يصبح علاج جيد للجيوب الأنفية  وانسداد الأنف. وله فوائد للبشرة فهو مرطب ومعقم ويخلط مع الكثير من مستحضرات التجميل المستخدمة.

العسل الكر بلائي وأنواعه..

يتنوع العسل بتنوع مصدر الرحيق الذي يجمع منه وعن العسل الكر بلائي وأنواعه تحدث مرشدنا الحاج لـ شبكة النبأ: تعتبر كربلاء من المحافظات المشهورة بتنوع محاصيلها الزراعية وهذا ما ميز عسل كربلاء وأكسبه الجودة والمواصفات العالمية، وقد أخذت انا شخصياً، بذلك شهادة من منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة وقد تم تحليل العسل الخاص بنا في مختبرات ألمانيا الغربية من قبل البروفيسور (أتو) الذي شهد بجودة العسل الكر بلائي..

وعن أنواع العسل الكر بلائي فهنالك أربعة أنواع مهمة ومعروفة ذات شهرة في كربلاء وهي:

1. عسل السدر: ويؤخذ من زهور السدر ويكون لونه داكن لغناه بمركبات الحديد والمنكنيز والنحاس حيث أن جذور السدر تكون متشعبة وطويلة وتمتد إلى أعماق التربة . وهذا النوع يستخدم كعلاج لفقر الدم ويعطى للحوامل ويبلغ سعر الكيلو منه (25000 ألف دينار ).

2. عسل الكالبتوز: ويمتاز بلونه الأصفر المحمر وأحتوائة على زيوت طيارة  ويفيد بعلاج أمراض التنفس كـ( التهاب القصبات و الربو والنزلات الصدرية ) سعر الكيلو غرام من هذا النوع يبلغ (20000 ألف دينار).

3. عسل زهور ألجت والبرسيم: ويفيد هذا النوع أصحاب أمراض السكر لكون نسبة السكروز فيه قليلة ويبلغ الكيلو منة بسعر (20000 ألف دينار).

4. عسل متنوع الأزهار: ويجمع من زهور بعض الفواكه مثل ( الخوخ والمشمش ومختلف الحمضيات ) وهو مفيد لتقوية عضلة القلب وجهاز الدوران ومفيد لكبار السن سعر الكيلو منة( 20000 ألف دينار).

إلى هنا انتهى حديثنا مع خبير العسل والمناحل الحاج (عبد الرسول) ونحن على علم بأنه مازال يحتفظ بأسرار كثيرة عن النحل والعسلن لم يسعفنا الوقت بأن نحصل عليها، فشكرا له على ما قدمه من معلومات نأمل أننا أفدنا بها قارئنا العزيز خاصة ممن يبحثون عن المعلومات التفصيلية الهامة التي افادنا بها الحاج...

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 14/أيلول/2008 - 13/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م