الإعلام السياحي ضرورة ملحّة وثروة تنتظر الإستثمار

صباح جاسم

إستوقَفَتني إحدى زميلات العمل لتأخذ مني رأياً مقتضباً حول موضوع تعدّه بعنوان دور الإعلام في السياحة الدينية، ولمّا كان الرأي ضمن مساحة ضيقة وجدت انه من الواجب الإلتفات لهذا الشأن الحيوي بعد أن طغى ضجيج العنف والإرهاب على باقي جوانب الحياة في العراق، فأستهواني الموضوع في أن أدلي بدلوي من خلال التطرق لبعض التفاصيل ومحاولة طرح موضوع الإعلام السياحي على طاولة البحث والتنقيب أملاً في أن يجد هذا الشأن المهم مساحته المطلوبة بعد أن أخذَت الحياة تدّب في الجسد العراقي الجريح الذي أنهكته سنين الحروب والإرهاب وخراب البنى التحتية..

في أغلب دول العالم الساعية للترويج عن ثقافتها وتاريخها وإرثها الحضاري بما يضمن لها استمرارية التاثير الايجابي في محيطها ويوفر لها واردات مادية ومعنوية نجد ان هذه الدول تخصص حيزا كبيرا من جهدها الحكومي والخاص لما يدعى بـ الإعلام السياحي، والذي عادة ما يوفر قاعدة بيانات تُنشر في اكثر الاماكن والوسائل وصولاً للمستهلك المحلي والخارجي ايضا.

فنجد في الدول التي تحترم إرثها الثقافي والحضاري خرائط مفصلة على الانترنت او من خلال مطبوعات ورقية زاهية او إعلانات تلفزيونية، لكل مدينة، تظهر عليها المطارات ومحطات القطار والاماكن السياحية والأثرية والمعالم الثقافية وحتى الفنادق وأماكن اللهو والاستمتاع، وكل ذلك الجهد يؤتي ثماراً مضاعفة على الدولة ويصب في خدمة المواطن والسائح والوافد. ولكن في العراق نرى ان هذا التوجه هو أضعف ما يكون في حلقة التواصل مع العالم التي هي أصلا تعاني التعقيد والمشاكل المركبة منذ عشرات السنين وحتى بعد خمس سنوات أعقبت التغيير في البلد.

وعلى ذلك فإن السعي لإستحداث هيئة إعلامية وطنية للسياحة تفتح ابواب الانسجام مع المحيط الاقليمي والعالمي وتدر النفع المادي والمعنوي للبلد اصبح واجبا ملحّاً اكثر من اي وقت مضى، وكذا تأسيس دوائر للإعلام السياحي في كل محافظة لما تتمتع به محافظات العراق من تنوع جغرافي فريد يجعل منها قبلة سياحية عالمية. خاصة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار جانب السياحة الدينية والذي بقي رغم الأهوال التي اصابت البلد نشطاً ولو بصورة بسيطة ما يؤشر على ان السياحة الدينية في العراق ترقى لأن تكون كنزاً لايفنى، على خلفية الإرث الديني المتواصل الإشعاع منذ قرون..

ان قطاع الإعلام السياحي في العراق، والذي هو متلازم محورياً مع صناعة السياحة بشكل عام، اذا ما أُريد له ان يسلك طريق الريادة بما هو متناسب مع الإرث الحضاري والتاريخي والجغرافي الهائل عليه ان يتجاوز العديد من المشاكل التي يعاني منها، وأهم هذه المشاكل:

1- ضعف وسائل الإعلام التقنية وتخلفها عن التقنيات العالمية.

2- عدم وجود برامج سياحية منتظمة تعرض آثار ومناظر المناطق المراد تحقيق السياحة فيها.

3- عدم الاهتمام بالإعلان والترويج السياحي من خلال إقامة المعارض والمهرجانات والإعلانات التي لها دور كبير في تشجيع السياحة. بالاضافة الى عدم معرفة المكان والوقت المناسب لبث الإعلام السياحي.

4- تشوه الصورة الحضارية للبلد على المستوى الأمني والاجتماعي والسياسي نتيجة احداث العنف والارهاب التي أعقبت إحتلال امريكا للعراق.

5- الإفتقار الى خطط تدريبية مدروسة وموجهة لتنظيم الرحلات السياحية وإحجام شركات السياحة المحلية عن إقامة برامج اتصال وتعاون وثيقة مع شركات السياحة الدولية بما يحقق المنفعة المتبادلة.

6- إهمال المرافق السياحية عموماً، الأثرية والدينية والثقافية ومعالم السياحة البيئية فضلا عن هجمات التخريب التي طالت الأماكن التراثية وسرقة وإتلاف وتهريب آلاف القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وكذلك الاضرار الكبيرة التي لحقت ببعض هذه الأماكن جراء تواجد القوات العسكرية العراقية والاجنبية فيها بحجج مختلفة..

وبقدر ما للإعلام السياحي من أثر ايجابي في الترويج، وبقدر ما هناك حاجة ملحّة لدوره الفعال في عملية التنمية السياحية، هناك ايضا حاجة ماسّة للاستثمار ووسائله كافة وخاصة الإعلان المرئي، إذ من خلال وسائل الإعلام المختلفة يستقي الفرد معلوماته التي تصله عادة في شكل إخباري عن حقائق ومعلومات سياحية يهتم بها.

وترتبط الاستفادة من الإعلام في نشاط التسويق السياحي بمقدار العلاقة بين شركات السياحة ووسائل الاخبار السياحية المختلفة، وكذلك بالصحف والمجلات ودور النشر والاذاعة والتلفزيون، فضلاً عن إمكانيات ومكانة الشركات السياحية ومدى تأثيرها على السوق السياحي بحيث تجعل وسائل الإعلام تلك تسعى للحصول على نشاطات واخبار منها، وكل ذلك بالنتيجة يصب في خدمة الموارد التنموية المادية والمعنوية للبلد عموما..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد   10/تموز/2008 - 8/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م