صناديق الثروات السيادية في الشرق الأوسط: ثراء يُخفي التسلط

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: بقدر ما تعاني منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدول النفطية، من تراجع على المستوى الحقوقي والثقافي والصناعي فإنها تشهد فورة مالية هائلة لا توجد في أية منطقة اخرى من العالم، فقد كشفت دراسة اقتصادية متخصصة صدرت حديثا أن حجم رؤوس الاموال المتوفرة للاستثمار في القطاعين العام والخاص تقدر بنحو أربعة تريليونات دولار أمريكي في منطقة الشرق الاوسط.

وقالت الدراسة التي أعدتها الشركة العالمية المتخصصة في مجال الاستشارات الادارية الاستراتيجية (ايه.تي.كيرني) ونشرتها مجلة (المستثمرون) في عددها الاخير أن هذه القوة الاستثمارية الكبيرة ترتبط ارتباطا وثيقا بصناديق الثروات السيادية حيث ارتفعت قيمة الاصول التي تديرها هذه الصناديق بمعدل 19 في المئة خلال العامين الماضيين لتصل الى 3ر3 تريليون دولار على الصعيد العالمي. بحسب كونا.

واضافت ان الصناديق السيادية تشكل في منطقة الشرق الاوسط نسبة 50 في المئة من هذه الصناديق متوقعا أن يرتفع هذا الرقم الى خمسة تريليونات دولار خلال عام 2010 وما بين عشرة الى 15 تريليون دولار خلال عام 2015.

وعزت الدراسة هذا النمو الكبير الى العديد من المقومات التي يأتي في مقدمتها ارتفاع العوائد النفطية والزيادة الحاصلة في احتياطات العملات الاجنبية لبعض الدول الاسيوية.

واشارت الدراسة الى أن الهدف الاساسي لهذه الصناديق يتمثل في حماية الميزانية العامة للدولة والاقتصاد ككل من خلال ادارة الفائض في الصادرات أو التنويع من صادرات السلع غير المتجددة.

وأفادت بأن صناديق الثروات السيادية تواجه ضغوطا مستمرة للاستثمار بفضل النمو المتسارع للاصول وقد نجحت في تحقيق نقلة استراتيجية هامة في كيفية استثمار الاموال حيث اعتادت الدول في السابق تحويل فوائضها الى اصول مالية تحمل العديد من المخاطر.

واشارت الى أن صناديق الثروات السيادية اليوم تفضل الاستحواذ على حصص في شركات استراتيجية تعمل في قطاعات اعمال هامة لما لها من تأثير مباشر على اقتصاد الدول.

وأوضحت أن صناديق الثروات السيادية تساعد على امتصاص أزمة السيولة على المدى القصير في حين يمكن لها على المدى البعيد الاستفادة من شركاتها الهامة مع الدول الغربية التي يمكن أن تساهم في دعم نموها وتمويل خططها الجديدة.

وقالت انه في مطلع العام الجاري قامت صناديق من اسيا والشرق الاوسط بضخ رؤوس أموال بلغت مليارات الدولارات في مؤسسات مالية تعاني ازمات الامر الذي أدى الى تعزيز استقرار النظام بأكمله.

وسلطت الضوء على أن المستثمرين في الدول النامية عادة ما يعدون برؤوس اموال استثمارية كبيرة بهدف تعزيز نمو الاعمال وغالبا ما تحظى هذه الاستراتيجية باهتمام فريق العمل الاداري للشركة المستهدفة.

زيادة كبيرة في عدد المليونيرات في الهند والصين

وأظهر مسح إن الهند والصين شهدتا العام الماضي أكبر زيادة في عدد المليونيرات وأنه من المتوقع أن تنمو الثروة في دول آسيا والمحيط الهادي بنحو ثمانية في المئة سنويا وحتى عام 2012 رغم التباطؤ الذي يشهده العالم بصفة عامة.

وقالت مؤسستا ميريل لينش وكابجيميني في مؤتمر صحفي بسنغافورة يوم الاربعاء إن عدد المليونيرات في دول آسيا والمحيط الهادي زاد بنسبة 8.7 في المئة الى 2.8 مليون شخص مقارنة بعام مضى وان ثروتهم الاجمالية زادت بنسة 12.5 في المئة لتصل الى 9.5 تريليون دولار. بحسب رويترز.

وجاء في التقرير السنوي الذي تصدره المؤسستان عن الثروة العالمية إن آسيا شهدت أكبر زيادة في العالم في أعداد المليونيرات وان الهند والصين واندونيسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة من بين الدول العشر التي شهدت أعلى زيادة.

وزاد عدد المليونيرات في الهند بنسبة 22.7 في المئة ليصل الى 123 ألف مليونير في اكبر زيادة من نوعها في العالم بينما زاد عدد المليونيرات في الصين بنسبة 20.3 في المئة ليصل الى 415 ألف مليونير لتحتل بذلك الصين المركز الخامس في قائمة أكبر عدد من المليونيرات في العالم الذي كانت تحتله فرنسا من قبل.

وجاء في تقرير ميريل/كابجيميني ان عدد المليونيرات على مستوى العالم زاد ستة في المئة ليصل الى 10.1 مليون مليونير وان اجمالي ثروتهم زاد بنسبة 9.4 في المئة ليصل الى 40.7 تريليون دولار في نفس الفترة.

ثروات أثرياء العالم ترتفع إلى 41 تريليون دولار

مئات المليارات من الدولارات تبخرت في العالم منذ منتصف العام الماضي، ولا تزال الى اليوم نتيجة أزمة القروض العقارية السيئة في الولايات المتحدة، التي قادت الى تكبد عدد من ابرز الأسماء المصرفية في العالم خسائر جسيمة. وفي المقابل ازدادت ثروة الأثرياء في العالم 3.7 تريليون دولار في العام الماضي وارتفع عددهم الى أكثر من عشرة ملايين مليونير وفقا لما أعلن عنه البنك الاستثماري الاميركي ميريل لينش أمس والذي كان هو أيضا واحدا من ضحايا قروض العقارات.

فقد ذكر تقرير الثراء العالمي الثاني عشر الذي أطلقته أمس ميريل لنش وشركة الاستشارات «كابجيميناي» ان ارتفاع قيمة أسهم الأسواق في الاقتصادات الناشئة زاد أثرياء العالم ثراءً بنسبة 9.4 في المائة ليبلغ مجموع أموالهم 40.7 تريليون دولار في عام 2007. وقد ازداد عدد الأثرياء في العالم بنسبة 6 في المائة في عام 2007 ليصل إلى 10.1 مليون شخص، فيما ازداد عدد كبار الأثرياء بنسبة 8.8 في المائة، ولأول مرة في تاريخ التقرير، تجاوز متوسط قيمة الثروات الفردية عتبة الأربعة ملايين دولار. وعلى صعيد المناطق الجغرافية لا تزال أميركا الشمالية تحتكر القسم الأعظم من الثروات وعدد المليونيرات حيث قدمت 3.3 مليون مليونير يملكون نحو 11.7 تريليون دولار. تبعها في المركز الثاني أوروبا بعدد مليونيرات بلغ 3.1 مليون تقدر ثرواتهم بنحو 10.6 تريليون دولار.

وحلت منطقة آسيا باسفيك بعدد مليونيرات وصل الى 2.8 مليون بإجمالي ثروات بلغ 9.5 تريليون دولار. ورغم أن أميركا اللاتينية تساوت بعدد المليونيرات مع منطقة الشرق الأوسط (400 ألف مليونير)، إلا انها حققت الترتيب الرابع من حيث حجم الثروات والتي وصلت الى 6.2 تريليون دولار. وحل الشرق الأوسط خامسا، ثم أفريقيا بمائة الف مليونير يملكون تريليون دولار.

وحقق الأثرياء في منطقة الشرق الأوسط أعلى المكاسب وقد زاد عددهم بنسبة 15.6 في المائة الى أكثر من 400 الف مليونير فيما ارتفعت نسبة ثرائهم 17.5 في المائة من 1.5 تريليون دولار في 2006 الى 1.7 تريليون دولار العام الحالي. وبلغ عدد الأثرياء في الإمارات العربية المتحدة 79 الفا مقابل 68 الفا في 2006 ومجموع ثرواتهم الموحدة 91 مليار دولار. وبلغ عدد الأثرياء في المملكة العربية السعودية  101100مقابل 90 ألفا في 2006 لتصل ثرواتهم الموحدة الى 182 مليار دولار.

وكشف التقرير أنه مع استمرار تصاعد أسعار النفط واستمرار معدلات النمو الاقتصادي الجيدة فان الثروات الخاصة في منطقة الشرق الأوسط من المتوقع ان تتضاعف الى 3.4 تريليون دولار بحلول 2012.

ومن المظاهر التي لاحظها التقرير العادات التي يتبعها المليونيرات في منطقة الشرق الأوسط، حيث لا تزال المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات الثمينة تحظى بإقبال كبير، مبينا أيضا أن هناك توجها متزايدا لدي المليونيرات في المنطقة العربية الى الإنفاق على التحف الفنية والفن بشكل عام. هذا بالإضافة الى ان سيارة فبراري أصبحت تحظى بشعبية واسعة لدى مليونيرات المنطقة.

كما ظهرت حيوية الشرق الأوسط الاقتصادية من خلال استمرار تعرضه أكثر من أي منطقة أخرى لعمليات تجارية عقارية بحيث بلغ الاستثمار العقاري فيه نسبة 33 في المائة من مخصصات الأثرياء لهذا الصنف من الأصول. لكن التقرير حذر ان المنطقة تبقى من أكثر المناطق العالم انكشافا في هذا الجانب وقال التقرير الذي أعلنت نتائجه في مؤتمر صحفي بدبي ان الاقتصاد العالمي شهد سنة انتقالية السنة الماضية تميزت بمواجهات حادة على مستوى الاقتصاد الكلي. ففي حين ساعد الزخم المستمر من عام 2006 على تواصل النمو بشكل مطرد في الأشهر القليلة الأولى من عام 2007، واجه الاقتصاد تقلبات متزايدة في آخر السنة.

لكن النمو العالمي ظل قوياً عام 2007 خاصة في مجالي إجمالي الناتج المحلي الحقيقي وقيمة أسهم السوق وهما العاملان الأساسيان المساهمان في نشوء الثروات. وقد أدت المكاسب العالمية الهامة التي تحققت في النصف الأول من عام 2007 إلى دعم طبقة الأثرياء في جميع البلدان؛ لكن مرونة الاقتصادات الناشئة قابلها تباطؤ في الاقتصادات الناضجة في النصف الثاني من السنة. وهكذا فإن الاقتصاد العالمي قد شهد نمواً بنسبة 5.1 في المائة بتراجع بسيط عن نسبة النمو الشامل في عام 2006 التي بلغت 5.3 في المائة.

أثرى نساء إسرائيل والمنطقة تبحث عن استثمارات تفيد البشر

وقالت شاري أريسون، التي تعتبر أغنى مواطنة إسرائيلية وأثرى سيدة في الشرق الأوسط إن سر نجاحها وتكوينها لشخصية مستقلة في مجال الأعمال ينبع من واقع أنها لا تنظر إلى الفرص الاستثمارية من باب أنها ستضمن لها ربحاً مادياً فقط، بل باعتبارها مجالاً لتقديم قيمة مضافة للآخرين.

أريسون قالت في حديث لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" إن تطبّق هذه النظرة الفلسفية الخاصة في أعمالها من خلال شركاتها التي منها مؤسسة خاصة تعنى بقضايا المياه واستغلالها بالصورة الأمثل، وأخرى عقارية، تبحث في أفضل السبل لإنشاء المساكن مع الحفاظ على البيئة.

ولدى سؤالها عن واقع اتخاذها من إسرائيل مقراً لإدارة أعمالها حول العالم، والفرص والتحديات التي يرتبها ذلك عليها قالت أريسون: "هناك فرص في كل مكان، لكن علينا الإصغاء جيداً والتحرك، فنحن فعلياً في كل مكان، في الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا والشرق الأقصى."

أريسون قللت من شأن أزمة الائتمان العالمية والتراجع الاقتصادي الدولي، وقالت إن الناس "تميل للهلع في أوقات الأزمات، ولكنني أنظر للأمر على أنه دورات عادية على غرار الموجة التي لديها قمة وقاع."

واعتبرت سيدة الأعمال الإسرائيلية التي تنتمي إلى عائلة مشهورة في المجال الاقتصادي أنها كوّنت نظرتها الخاصة لسبل القيام بالاستثمار من خلال إيمانها بأن الفرص الاستثمارية ليست مجرّد وسيلة لزيادة الثروة، بل إن أهم ما فيها هو قدرتها على تقديم شيء إضافي وقيمة زائدة للعالم.وتأكيداً على ما ذهبت إليه، أشارت أريسون إلى أهمية الواقع البيئي وضرورة أن يلتفت رجال الأعمال له بالقول: "لو كان وضع كوكب الأرض سيئ مثلا، لما كان للمال معنى."

مليونيرات الأسواق الناشئة إلى ازدياد 

وذكرت مؤسسة باركليز ويلث للخدمات المصرفية الخاصة ان اقتصادات البرازيل وروسيا والصين ستشهد ارتفاعا حادا في اعداد المليونيرات من سكانها خلال العقد المقبل.

ومع ذلك، ترى باركليز ويلث ان المصارف الخاصة ومديري ادارة الثروات الباحثين عن عملاء بين الاثرياء الجدد في عالم الاسواق الناشئة سوف يعانون لتحقيق ذلك من دون دعم اذرع استثمارية مصرفية.

ويهيمن على معظم الثروات الجديدة رجال الأعمال الذين بنوا اعمالهم الصغيرة والمتوسطة بأنفسهم ويتوقعون الحصول على امدادات ائتمانية من البنوك مقابل منح عقد ادارة حجز لثرواتهم، بحسب ما يقول جيرارد اكويلينا من باركليز ويلث.

اذ يقول «الائتمان شيء يتطلع اليه رجال الأعمال لتوسيع وتنمية أعمالهم، وهو موضوع يعود امره الى المصارف التي يمكن ان توفر منفذا قويا الى ذراع مصرفية استثمارية.

ويضيف ان باركليز ويلث استطاعت اخيرا ان تعين موظفين من بنك سويسري محترم عانى كثيرا من اجل الحصول على عملاء في الاسواق الناشئة لادارة ثرواتهم نتيجة افتقاره لمنفذ الى الائتمان.

وتتوقع باركليز ويلث التي تستقي من ايكونوميست انتيليجينس يونيت، ان تفقز الصين من المركز السابع الى الثالث لجهة اجمالي الثروات المحلية بحلول عام 2017، لتتقدم عليها فقط الولايات المتحدة الاميركية واليابان.

كما سترتفع الهند من المركز الرابع عشر الى المركز الثامن في مؤشر الثروات المحلية للسكان، في حين ستقفز روسيا 8 مراكز الى المركز 11 والبرازيل ثلاثة مراكز الى المركز 12، بحسب التوقعات.

ومع ذلك، من المتوقع ان تحافظ الولايات المتحدة الاميركية على صدارتها لجهة احتضانها اكبر عدد من المليونيرات بين مواطنيها في العالم، اذ من المتوقع ان يتضاعف عددهم تقريبا ليصل الى 29,7 مليون مليونير «ويعزى ذلك جزئيا الى التضخم».

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  4/تموز/2008 - 2/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م