أمريكا وباكستان: نهاية زواج المَصالح وبداية حرب الإستخبارات  

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: لم تلبث العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة ان تتحسن على خلفية التعاون في محاربة الإرهاب حتى أخذت تتعرض للنكسات المتتالية، فمن رفض باكستان قيام قوات حلف الأطلسي بعمليات عسكرية داخل حدودها لمطاردة طالبان والقاعدة الى تزايد الإتهامات للمخابرات الباكستانية في ضلوعها بعمليات ارهابية داخل افغانستان وتعاونها مع بعض الجهات في طالبان، فقد قالت صحيفة نيويورك تايمز ان مسؤولا بارزا بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية سافر الى اسلام أباد وواجه مسؤولين كبارا بأدلة عن وجود صلات بين وكالة الاستخبارات الباكستانية ومتشددين ينشطون بالمناطق القبلية في البلاد. ما يؤشر على إمكانية إنتهاء زواج المصالح الذي تم بين الطرفين عندما كانت الولايات المتحدة تهمُّ بإخراج طالبان والقاعدة من افغانستان...

وقدم مبعوث وكالة المخابرات المركزية الأمريكية معلومات تربط أعضاء بوكالة الاستخبارات الباكستانية ببعض جماعات المتشددين المسؤولة عن سلسلة من الهجمات بينها تفجير السفارة الهندية في كابول الشهر الحالي والذي أسفر عن سقوط 58 قتيلا.

ووصف التقرير الذي اعتمد على روايات للجيش الأمريكي ومسؤولي استخبارات القرار بمواجهة باكستان بسبب أنشطة وكالة الاستخبارات الباكستانية بأنه أوضح تحذير لاسلام أباد منذ ما بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 بفترة قصيرة.

ونشر بعد يوم من زيارة رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني للبيت الأبيض والتزامه للرئيس الأمريكي جورج بوش بتأمين حدود باكستان مع أفغانستان. بحسب رويترز.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن تقييم وكالة المخابرات المركزية الامريكية ربط بشكل محدد بين أعضاء بوكالة الاستخبارات الباكستانية وشبكة للمتشددين يرأسها مولاي جلال الدين حقاني الذي تعتقد الاستخبارات الامريكية أن له صلات قوية بشخصيات بارزة في تنظيم القاعدة في المناطق القبلية بباكستان.

وأضافت الصحيفة أن يعتقد أن شبكة حقاني ومتشددين اخرين ينشطون في المناطق القبلية على طول الحدود الافغانية مع باكستان وراء الهجمات القاتلة المتزايدة داخل أفغانستان.

وقال جيلاني في مقابلة مع تلفزيون (بي.بي.اس) في واشنطن يوم الثلاثاء ان وكالة الاستخبارات الباكستانية "مؤسسة رائعة" وأضاف أن التقارير بأن بعض أعضاء الوكالة يتعاطفون مع المتشددين "لا يمكن تصديقها". وتابع "لن نسمح بذلك... لأن وكالة الاستخبارات الباكستانية تعمل مباشرة تحت رئاسة رئيس الوزراء."

متشددون يقتلون امرأة اتهموها بالتجسس في باكستان

وقال شاهد ومسؤولو مخابرات ان متشددين قتلوا بالرصاص امرأة افغانية اتهموها بالتجسس لحساب الولايات المتحدة في اقليم وزيرستان الشمالية والقوا جثتها في مجرور.

وكان متشددون موالون لحركة طالبان في وزيرستان الشمالية والجنوبية قد قتلوا عشرات الاشخاص الذين اتهموهم بانهم مؤيدون للحكومة الباكستانية أو جواسيس لحساب القوات الامريكية المتمركزة في افغانستان المجاورة.غير ان قتل النساء كان نادرا.

وقال المسؤولون ان جثة جولزادة بيبي وهي في منتصف الثلاثينات عثر عليها وبها أثر لثلاث رصاصات في الصدر بالقرب من بلدة ديجان على مسافة 35 كيلومترا غربي ميرانشاه البلدة الرئيسية في وزيرستان الشمالية.

وقال عبد الله احد سكان القرية "افادت ورقة مثبتة على جسدها انها من اقليم باكتيا الافغاني وضبطت بجهاز هاتف يعمل بالاقمار الصناعية كانت تستخدمه للتجسس لصالح الولايات المتحدة."بحسب رويترز.

وجاء قتلها بعد يومين من مقتل ستة أشخاص في ما يشتبه أنه هجوم صاروخي أمريكي في وزيرستان الجنوبية قال مسؤولون من المخابرات الباكستانية انه قتل كيميائيا وخبيرا بالأسلحة البيولوجية من تنظيم القاعدة يدعى أبو خباب المصري.

وفر الكثيرون من مقاتلي طالبان وأعضاء تنظيم القاعدة للمناطق القبلية المتمتعة بشبه حكم ذاتي في باكستان بعد ان أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بحكم حركة طالبان في أفغانستان عام 2001.

متشددون يقتلون ثلاثة من رجال المخابرات الباكستانية

و قال مسؤولون باكستانيون إن متشددين موالين لطالبان قتلوا ثلاثة من ضباط المخابرات في كمين نصب لهم في وادي سوات الشمالي الغربي في ضربة خطيرة لاتفاق سلام وقع في مايو ايار لإنهاء العنف.

ونجح اتفاق السلام مع متشددين بزعامة رجل الدين المتشدد فضل الله في اشاعة الهدوء لفترة قصيرة بعد اشهر من اعمال العنف في الوادي لكن المتشددين عادوا وصعدوا من نشاطهم في الاسابيع القليلة الماضية متهمين الحكومة الباكستانية بعدم الالتزام بالاتفاق. بحسب رويترز.

وكان المسؤولون الثلاثة ويعتقد انهم من المخابرات العسكرية عائدين الى مينجورا البلدة الرئيسية في سوات حين أمطر مسلحون عربتهم بالرصاص مساء الاثنين فلقوا حتفهم على الفور.وأقر متحدث باسم جماعة فضل الله بالمسؤولية عن الهجوم.

وقال مسلم خان المتحدث باسم الجماعة لرويترز "قتلناهم لأن اناسا من أجهزة الامن اعتقلوا أهلنا وعذبوهم بوحشية."وأكد مسؤولون في الحكومة الباكستانية مقتل الضباط الثلاثة وكلهم من الجيش لكنهم رفضوا الكشف عن الجهاز الامني الذي ينتمون له.

وبعد الهجوم اطلقت قوات الامن الباكستانية قذائف مورتر على مخابئ للمتشددين كما اعتقلت ستة مشتبه بهم خلال عملية بحث جرت في الساعات المبكرة من صباح الثلاثاء.

وقبل ان يشن الاسلاميون المتشددون حملة عنف العام الماضي كان وادي سوات في الاقليم الشمالي الغربي من المواقع السياحية في باكستان.

وانضم الى جماعة فضل الله متشددون من جماعات قبلية مجاورة على حدود أفغانستان في حملة لتطبيق الاسلام بالنهج الطالباني في وادي سوات.

المخابرات الافغانية: باكستان تعد لهجمات ضد الهند

من جهة اخرى اتهم جهاز المخابرات الافغاني ضباطا باكستانيين بتدريب الاف المتشددين لكي يهاجموا مشروعات الطرق التي تقيمها الهند في افغانستان.

وكان مسؤولون افغان قد اتهموا جهاز المخابرات الباكستاني بشن سلسلة من الهجمات في الشهور الاخيرة الامر الذي زاد توتر العلاقات بين البلدين الجارين الحليفين للولايات المتحدة.

وقالت الادارة الوطنية للامن في بيان "جهاز المخابرات الباكستاني مصمم على تعويق أنشطة الشركات الهندية في انحاء افغانستان."

وأضاف البيان "لدى جهاز المخابرات نحو ثلاثة الاف ارهابي معظمهم اجانب يتدربون على التخريب لمهاجمة مشروعات الانشاءات الهندية داخل افغانستان."بحسب رويترز.

وكان مسؤولون افغان قد اتهموا جهاز المخابرات الباكستاني بانه وراء هجوم انتحاري على السفارة الهندية في كابول ادى الى مقتل 58 شخصا هذا الشهر وبتدبير محاولة اغتيال الرئيس حامد كرزاي في ابريل نيسان.

وتنفي باكستان هذه الاتهامات بشدة وتقول ان الحكومة الافغانية تحاول صرف الانتباه عن اخفاقها في وقف العنف المتصاعد والقضاء على تمرد طالبان.

وقالت الادارة الوطنية للامن ان شركة هندية فازت بعقد رصف طريق رئيسي في شرق افغانستان قرب الحدود الباكستانية. وقتل عدد من عمال الطرق الهنود في افغانستان حيث تعهدت الهند بانفاق حوالي 750 مليون دولار على مشروعات اعادة الاعمار.

باكستان تضع جهاز المخابرات تحت السيطرة المدنية

وفي تطور، وضع رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني جهاز المخابرات الرئيسي العسكري تحت سيطرة وزارة الداخلية في اجراء ينظر اليه على انه تأكيد للسلطة المدنية على شبكة المخابرات القوية بالبلاد. ومن المعروف ان جهاز المخابرات الباكستاني كان له تأثير كبير على السياسات الخارجية والامنية الكبيرة خاصة المتعلقة بالهند وافغانستان. بحسب رويترز.

ويقول المنتقدون انه لعب دورا كبيرا في ظهور حركة طالبان الاسلامية التي سيطرت على الاوضاع في افغانستان في التسعينيات ووفرت المأوى للقاعدة الى ان اطاحت بها قوات تقودها الولايات المتحدة في اعقاب هجمات 11 سبتمبر ايلول.

وفي الشهر الماضي نفت باكستان اتهامات السلطات الافغانية بان جهاز المخابرات الباكستاني كان وراء محاولة من قبل متشددين من طالبان لاغتيال الرئيس الافغاني حامد كرزاي في ابريل نيسان.

وقالت الحكومة الباكستانية في بيان "وافق رئيس الوزراء على وضع مكتب المخابرات وجهاز المخابرات الرئيسي تحت السيطرة الادارية والمالية والعملية لوزارة الداخلية باثر فوري."ومكتب المخابرات هو جهاز الامن المدني الرئيسي في باكستان.

وقال محللون في الشؤون الامنية ان القرار هو الخطوة الاولى للحكومة المدنية التي شكلت بعد انتخابات فبراير شباط بقيادة حزب رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو لتأكيد سلطتها على شبكة المخابرات في باكستان.

وقال طلعت مسعود وهو محلل كان في السابق جنرالا بالجيش "انه قرار جيد بلا شك. سيضمن وجود تنسيق افضل بين اجهزة المخابرات."واضاف "انها محاولة لتأكيد الاشراف المدني على شؤون اجهزة المخابرات. انه تطور جيد."وجاء اعلان الحكومة بعد ساعات من بدء جيلاني زيارته الرسمية الاولى للولايات المتحدة.

نائبان أمريكيان لباكستان: تحديث المقاتلات أم الغذاء والوقود؟

من جهة ثانية أعلن عضوان ديمقراطيان بمجلس الأمريكي أنهما سيوقفان خططاً للإدارة الأمريكية بتحويل ما يزيد على 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية لباكستان لتحديث طائراتها المقاتلة، في إطار جهود الأخيرة في الحرب على الإرهاب، وأنهما سيقدمان اقتراحاً بديلاً.

وقال النائبان هاورد بيرمان ونيتا لوي إنهما سيقترحان على الكونغرس إرسال 200 مليون دولار للمساعدة في التخفيف من مشكلات الموازنة الباكستانية، التي دفعت بحكومة إسلام أباد للطلب من الولايات المتحدة تمويل تحديث طائراتها المقاتلة من طراز "إف 16."

وقال عضوا الكونغرس: "هذا الأمر سيساعد باكستان على وضع أولويات الإنفاق لديها، وفي الوقت نفسه المحافظة على المساعدات العسكرية للغايات المنشودة، أي أنشطة مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان."

وكان مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية صرحوا لشبكة CNN الأسبوع الماضي أن الوزارة طلبت تحويل 226 مليون دولار من أصل 300 مليوناً مخصصة لمكافحة الإرهاب، كان أقرها الكونغرس العام الماضي.

وقال مسؤول رفيع المستوى بوزارة الخارجية الأمريكية إن الحكومة الباكستانية المنتخبة حديثاً تواجه أزمة مالية خانقة، مترافقة مع أزمتي الغذاء والوقود، وأنها ستبلغ الباكستانيين بأنها بصدد الإنفاق على الغذاء والوقود بدلاً من تحديث الطائرات المقاتلة.

غير أن النائب لوي، رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس النواب، وهي اللجنة التي تتعامل مع العمليات الخارجية، تقول إنه تمت الموافقة على التمويل لغايات أنشطة مكافحة الإرهاب وتطوير أجهزة تنفيذ القانون على وجه الخصوص.

وقالت: "للحصول على موافقة الكونغرس، فإن باكستان ووزارة الخارجية ملزمتان بإيضاح الكيفية التي ستعمل بها مقاتلات 'إف 16' على مقاومة القاعدة وطالبان."

وكانت الولايات المتحدة قد منحت باكستان العام الماضي 108 ملايين دولار لتحديث طائرات "إف 16" المقاتلة، فيما تأمل إسلام أباد بالحصول على 140 مليوناً أخرى العام المقبل.

ومن المتوقع أن تصل تكلفة برنامج تحديث الطائرات الباكستانية المقاتلة، التي اشترتها باكستان من الولايات المتحدة مؤخراً، إلى ثلاثة مليارات دولار.

وطالب رئيس الوزراء الباكستاني بتطبيق "مشروع مارشال" في بلاده، على غرار ذلك الذي قدمته إلى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وقال رئيس الوزراء الباكستاني، سيد يوسف رضا جيلاني: "مثلما أنقذت الولايات المتحدة أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، يجب أن نعمل معاً.. إن السلام والازدهار لا ينفصلان."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  4/تموز/2008 - 2/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م