تدهور الزراعة وشحة الامطار.. نذير الشؤوم العالمي

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: تستمر وتتأكد المخاوف العالمية بشأن الغذاء والمحاصيل الزراعية، جراء التغيرات المناخية وماطال الأراضي من جفاف وتصحر ويباس. حتى بات الجوع مسألة شبه حتمية سيعاني منها بحسب الدراسات العديد من الشعوب على وجه الأرض، يرافق هذا كله، الإرتفاع المطرد والمتزايد في أسعار الغذاء عالميا.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على المشاكل العالمية المتصلة بنقص الغذاء وشحة المحاصيل الزراعية والتركيز على أهم المقترحات الدولية لعلاج المحتمل:

الجوع ومعاناة الملايين من الناس بسبب تجريف الأراضي

قالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة ان ارتفاع معدلات تجريف الاراضي الزراعية أدى الى انخفاض المحاصيل الزراعية وقد يهدد تأمين الغذاء لنحو ربع سكان الكرة الارضية.

وبرزت مشكلة الامن الغذائي في الاشهر القليلة الماضية مع ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية بسبب ضعف الحصاد وانخفاض المخزون وارتفاع اسعار الوقود وزيادة الطلب وهي مخاطر تهدد بحدوث مجاعات لملايين من البشر في العالم النامي.

وقالت المنظمة في بيان يقدم لدراسة استندت على معلومات جمعت خلال 20 عاما ان: ما يقدر بنحو 1.5 مليار نسمة او ربع سكان العالم يعتمدون مباشرة على الاراضي الزراعية التي يتم تجريفها. بحسب رويترز.

وأضافت أن تجريف الارض على المدى البعيد شهد زيادة في انحاء العالم وأثر على أكثر من 20 في المئة من الاراضي الزراعية و30 في المئة من الغابات و10 في المئة من الاراضي العشبية.

وأوضحت المنظمة ومقرها روما أن تجريف الارض يؤدي الى تقليص الانتاجية والهجرة وانعدام الامن الغذائي والإضرار بالموارد الاساسية والانظمة البيئية وايضا يسهم في زيادة انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

وقال برويز كوهافكام مدير قسم الاراضي والمياه في المنظمة ان: خسارة الكتلة الحيوية والمادة العضوية للتربة يتسبب في انبعاث الكربون في الهواء الجوي ويؤثر على جودة التربة وقدرتها على الاحتفاظ بالمياه والمواد المغذية.

خطط اوروبا لزيادة الانتاج الزراعي

ستعلن بروكسل سلسلة من الاجراءات تسمح لاوروبا بزيادة انتاجها الزراعي في مواجهة ارتفاع الطلب على المنتجات الزراعية واسعارها بينما تعود الزراعة الى طليعة الاهتمامات.

وادرجت هذه المقترحات في محصلة لصحة السياسة الزراعية للاتحاد الاوروبي التي وضعتها المفوضية الاوروبية. وسيتم بحث هذه المقترحات لاحقا من قبل الدول الاعضاء قبل اتخاذ قرارات متوقعة خلال الرئاسة الدورية الفرنسية للاتحاد في النصف الثاني من العام.

ويبدو ان المشاورات ستكون شاقة لان الموضوع مثير للجدل. ويرحب البريطانيون بذلك لكن فرنسا اكبر قوة زراعية في الاتحاد الاوروبي ترى ان بعض افكار هذه السلة قد تعرض الزراعة الاوروبية للخطر في هذه الظروف غير المناسبة.

وكان الاتحاد الاوروبي علق العام الماضي لموسم واحد العمل بقرار تجميد زراعة الاراضي لتلبية زيادة الطلب ومواجهة ارتفاع الاسعار. وتريد المفوضية في مشروع قرارها هذه المرة ان تعدل عن ذلك نهائيا ما قد يحرر ما بين اربعة الى خمسة ملايين هكتار من الاراضي ويعيدها الى الزراعة. بحسب فرانس برس.

وعلى الرغم من ان اسعار المنتجات الزراعية انحسرت بعض الشيء اثر بلوغها اعلى مستوى لها في الخريف (اسعار القمح والحليب خصوصا) الا انها تبقى تاريخيا مرتفعة. ولا تزال اسعار القمح تسجل زيادة بنسبة 84% على مدى عام والذرة 28% والزبدة 21% والبيض 17%.

والاجراء الاخر هو زيادة تدريجية لحصص مشتقات الحليب التي وضعت في 1984 للحد من الانتاج في تلك الفترة قبل الغائها النهائي في 2015. وكان تقرر زيادة هذه الحصص بنسبة 2% هذه السنة.

واعتبرت المفوضية الاوروبية ان الظروف التي ادت الى ادراجها لم تعد قائمة، نظرا لقوة الطلب وخصوصا من الصين او الهند حيث تتغير العادات الاستهلاكية مع النمو الاقتصادي.

ولاستكمال هذه المجموعة من الاجراءات تعتزم بروكسل ايضا ان تقرر تمديد العمل بتعليق الرسوم الجمركية على مستوردات القسم الاكبر من الحبوب الى الاتحاد الاوروبي لمدة عام.

وكان قرار التعليق اتخذ العام الماضي حتى تموز/يوليو 2008. ويندرج هذا الاجراء في سياق المنطق ذاته ولو انه لا يدخل في محصلة صحة السياسة الزراعية للاتحاد الاوروبي.

وتامل اوروبا في ان يؤدي هذا الدفع الانتاجي مضافا الى محصول واعد من الحبوب هذه السنة يفوق الموسم السابق في 2007 مع 25 الى 30 مليون طن اضافية متوقعة الى الاسهام في الحد تدريجيا من التوتر في السوق.

ولخص دبلوماسي اوروبي الوضع بالقول ان "افضل ما يمكننا القيام به في الوضع الحالي هو السماح للمزارعين بتلبية الطلب".

وتحتاج محصلة صحة السياسة الزراعية للاتحاد الاوروبي لموافقة الدول الاعضاء لكن هناك مقترحات اخرى قد تواجه مزيدا من المقاومة.

وقد تخلت المفوضية الاوروبية تحت ضغط المانيا وبريطانيا عن فكرة وضع سقف للدعم المالي للمزارعين. لكنها تريد مع ذلك ان تخفضها بصورة غير مباشرة وان تستخدم الوفر الناجم عن ذلك في تمويل صناديق تعنى بمساعدة التنمية الريفية خارج اطار الانتاج الزراعي الصارم.

عادات الصينيين الجديدة تخلق ثورة في عالم الأكل

يقول كوي زياولي الباحث في مركز الأبحاث التنموية، وهو منظمة فكرية تعمل تحت إشراف الحكومة الصينية: لا توجد أزمة حبوب في الصين حالياً، ولن تكون هناك أزمة لبعض الوقت في المستقبل.

وصل معدل التضخم أعلى مستوياته خلال 11 عاماً في الأشهر الأخيرة، ويرجع ذلك بشكل كلي تقريباً إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية، ولكن الحكومة والعديد من الخبراء الاقتصاديين يجادلون في أن هذه الارتفاعات ما هي إلا ظاهرة مؤقتة.

بيد أن الهدوء الذي يتسم به المحللون على المدى القصير، يتناقص مع الضغوط طويلة المدى على قطاع الزراعة الصيني، والتي توشك أن تحدث ثورة في الطريقة التي تتاجر وتفلح بها الصين طعامها. ومن الممكن أن تلجأ الصين بسبب هذه الضغوط، إلى البحث خارج حدودها عن أرض صالحة للزراعة لاستغلالها. بحسب تقرير واشنطن.

بدأ الصينيون يصبحون أكثر ثراء، وكنظرائهم في الغرب أصبحوا يتناولون المزيد من اللحوم، الأمر الذي يعمل بدوره على إحداث طفرة في الطلب على المواد الغذائية، لإطعام العدد المتنامي من أنواع الماشية.

ولأن الصين تشكل 20 في المائة من سكان العالم، ولديها 9 في المائة من أراضيه الصالحة للزراعة، وموارده المائية التي تقل عن المتوسط والموزعة توزيعاً سيئاً، فإنها لا تستطيع أصلاً توفير ما يكفي من علف وطعام الحيوانات المنتج محلياً.

تضاعفت واردات الصين من فول الصويا ثلاث مرات في السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، وهي تسد ما نسبته 60 إلى 70 في المائة من الطلب المحلي، مقارنة بـ 20 إلى 30 في المائة في 2002.

وفي هذه السنة، بدأت الصين بفرض قيود على صادراتها من الذرة، وعلى استخدامها محلياً لاستخراج الإيثانول، وذلك للحيلولة دون نفاد إمداداتها. وفي نهاية المطاف لن تجد الصين مناصاً من استيراد كميات كبيرة من الذرة، ومن فول الصويا كذلك.

وعلى الرغم من أن المحللين لا يتفقون على الوقت الذي سوف تصبح فيه الصين مستورداً لجميع أنواع الحبوب، تشك قلة منهم في أن الصين سوف تضطر إلى تعديل سياستها القائمة منذ زمن طويل، على الاكتفاء الذاتي في المواد الغذائية الأساسية لمواجهة الطلب المحلي.

يقول جوناثان أندرسون المحلل في بنك يو بي إس: لقد سبق أن رأينا ما تفعله الموجة القوية من الطلب المرتفع، شح الإمدادات وانفتاح السوق بالنسبة لواردات السلع الأخرى، وعاجلاً أم أجلاً، سوف تدفع هذه العوامل نفسها إلى زيادة واردات البلد من السلع الغذائية.

سيكون لأي زيادة في واردات الصين من الذرة، على سبيل المثال، أثر فوري على الأسعار العالمية. وبسبب زيادة الطلب على الإيثانول في سائر أنحاء العالم، "لا يوجد لدى أي بلد ما يبيعه من الذرة" في الأسواق العالمية في الوقت الراهن، كما يقول أحد المحللين الزراعيين الذي يعمل في بكين.

ولكن هناك ناحية لها الأهمية نفسها، وقد تمت ملاحظتها من قبل، في الجدل الدائر حول الغذاء والذي يركز على التجارة، وهي أن هناك ثورة أخرى في الزراعة الصينية، تحدث على مستوى الريف بين 700 مليون فلاح وعائلاتهم.

كوّن ليو يونغهاو رئيس مجموعة هوب (الأمل) في مدينة شينغدو بمقاطعة سيشوان الغربية، أول ثروة له بلغت مليون دولار وأكثر في تسعينيات القرن الماضي، وذلك من إطعام الخنازير. بعد أن اشتغل في صناعات أخرى، يقول رجل المشاريع هذا إنه سيعود إلى جذوره، للاستفادة من الجيشان المقبل في الزراعة الصينية.

يقول ليو الذي تصدر هو وإخوانه أول قوائم الأثرياء في الصين في أواخر تسعينيات القرن الماضي، إن النظام الصيني الممزق الذي تبيع المزارع الصغيرة، كل منها إنتاجها بشكل مستقل عن المزارع الأخرى، لا بد أن يتلاشى.

يقول ليو: إن الفجوة بين الاقتصاد الصناعي والمدني الحديث، وبين اقتصاد صغار الفلاحين آخذة في الاتساع، علينا أن نحدّث الفلاحة وهذا معناه زيادة حجمها. إن جميع المشاكل الأخيرة مع التضخم والأمن الغذائي، لها علاقة بنظام العمل لدينا، إذ كيف نستطيع أن نشرف على نظام مكون من 200 مليون وحدة إنتاجّ! تربي كل منها أربعة أو خمسة خنازير؟ ويشار إلى أن أكبر ثلاثة منتجين للحم الخنزير في الولايات المتحدة يمدون السوق بنحو 80 في المائة من حاجتها. أما في الصين فإن الحصة السوقية لأكبر ثلاثة منتجين لديها، لا تتجاوز 10 في المائة لهم مجتمعين.

وفي الوقت الحالي يضع ليو طاقته وخبرته في تأسيس المشاريع، في بناء شركة واحدة متكاملة رأسياً للعلف على المستوى الوطني. وإذا كتب له النجاح، فمن المؤكد أن يكون لديه أكبر شركة للعلف في العالم، وذلك بسبب ضخامة حجم استهلاك الصينيين من لحم الخنزير واللحوم الأخرى.

وبدلاً من الاكتفاء ببيع العلف، يريد ليو أن يشرف على العملية برمتها، بالانتقال من تكاثر الحيوانات إلى معالجة المنتجات . ولكي يتمكن من ذلك، سوف يتعين عليه أن يتعاقد ربما مع ملايين المزارعين ويساعد في تمويلهم.

المكسيك والمنافسة الأوربية الأمريكية لدعم الزراعة

اعلن الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون ان دعم الزراعة في اوروبا والولايات المتحدة ساهم في ارتفاع اسعار المواد الغذاية لان عدد كبير من المزارعين في الدول الفقيرة يتخلون عن الحقول بسبب عدم قدرتهم على تصريف انتاجهم.

وبمناسبة زيارة المستشارة الالمانية انغيلا ميركل اشار الرئيس المكسيكي الى انه: خلال السنوات التي واجهت فيها الدول النامية مشكلة الدعم القوي خاصة الولايات المتحدة واوروبا لم يستطع عدد كبير من المنتجين المكسيكيين تحمل المنافسة. بحسب فرانس برس.

واضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل انه: من المستحيل على المزارعين مواصلة العمل بسبب الدعم وقد تخلوا عن الارض ونتج عن ذلك انه عندما يزداد الطلب على المواد الغذائية فان ردة الفعل من جانب العرض لا تتم بسرعة. وطلب كالديرون من الدول الغنية زيادة انتاجها لاحتواء ارتفاع اسعار المواد الغذائية.

دعوة أممية إلى زيادة الاستثمار في قطاع الزراعة

اكدت الامم المتحدة في تقرير ان اسواق لا تخضع لقواعد تنظيمية لا يمكن ان تحقق الامن الاقتصادي للجميع داعية الى اجراء تغييرات في السياسات بما في ذلك زيادة الاستثمار الحكومي في قطاع الزراعة.

وقال التقرير السنوي حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في العالم الذي نشره جهاز الامم المتحدة المكلف هذه الامور انه: لا يمكن الاعتماد على آليات الاسواق وحدها لضمان مستوى مرض من الامن الاقتصادي. بحسب فرانس برس.

واوضح ان الضغوط التي تمارس على الدول النامية لفتح اسواقها التجارية والمالية قبل ان تكون لديها مزارع انتاجية وبنى تحتية زراعية تشكل سياسة سيئة.

واشار التقرير الى ان النقص في القدرة الانتاجية الناجمة عن ذلك اصبح عاملا لزعزعة الاستقرار يتعلق بعامل اساسي في الامن الشخصي والاجتماعي وهو قدرة بلد ما على اطعام مواطنيه.

واوصى التقرير مجددا بعمليات تدخل استراتيجية وتوظيف استثمارات عامة في الزراعة وتأمين توازن افضل بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

وقال التقرير ان غياب الامن الاقتصادي ينعكس بشكل اقسى على سكان الدول الاكثر فقرا لكن الدول المتطورة ضربتها بقسوة ايضا "الفروق المتوايدة والمديونية".

واوصى معدو التقرير بخفض اللجوء الى الدين والادوات المالية من اجل تحفيز النمو وءمة السياسات الاقتصادي الكبرى مع اولويات التنمية وتشجيع التعددية.

واكدت الدراسة ان عادة توفير كميات كبيرة من القطع الاجنبي من اجل الاوقات الصعبة تكلف الدول النامية حوالى مئة مليار دولار سنويا.

ودعا التقرير بتوظيف هذه الاحتياطات النقدية في صناديق اكثر انتاجية او استثمارها مباشرة في مشاريع تنموية في دول نامية اخرى.

ويتزامن نشر التقرير مع الاجتماع السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة الذي يعقد من 30 حزيران/يونيو الى الثالث من تموز/يوليو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  30/تموز/2008 - 26/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م