الجوع الأعمى يقلب الأفكار ويخرّب المجتمع في الدول الفقيرة

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: بسبب الجوع الأعمى يواجه العديد من الناس وضعهم المأساوي بقدَريّة، حيث يقول بعض سكان باكستان وافغانستان بأن الله وهبنا الحياة ويجب ان نحياها، كرد فعل يائس على حالتهم المعيشية البالغة الصعوبة.. حيث يبكي الأطفال من الجوع.. ولا رد من أهلهم سوى وعود إعداد طعام كاذبة... فهم لاحول لهم ولاقوة.. في ظل تزايد التضخم والتدهور الاقتصادي وموجة الغلاء العالمية الحالية.

وفي ظل ذلك تتصيد مدارس التشدد الدينية في باكستان الاطفال والشباب بحجة تعليمهم وتقديم الطعام لهم، فيما أهلهم يغضّون النظر مضطرين، عن تلك المدارس التي تعدّ أبنائهم للتشدد والتطرف والإرهاب المستقبلي..

وأعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك ان الدول الفقيرة بحاجة الى اعانات غذائية بقيمة تزيد على ستة مليارات دولار سنويا لتخفيف من آثار ارتفاع اسعار المواد الغذائية ما لم تتراجع اسعار المواد الغذائية والطاقة عن مستوياتها الحالية.

واضاف زوليك ان البنك يسعى الى الحصول على مليارات الدولارات من اجل تمويل مشاريع مكافحة الاحتباس الحراري في الدول النامية الى جانب نقل التقنية اليها من الدول المتقدمة.

واشار الى البنك بحاجة الى اكثر من عشرة مليارات دولار للحد من آثار تخفيف اثار ارتفاع المواد الغذائية من بينها 3.5 مليار دولار على المدى القصير لمساعدة الفقراء في اكثر من 50 دولة فقيرة حول العالم، مثل تأمين الوجبات الغذائية للمدارس. بحسب بي بي سي.

ولفت زوليك الى ان منظمة الاغذية العالمية التابعة للامم المتحدة بحاجة الى ستة مليارات دولار سنويا بشكل دائم من اجل اطعام الجياع في الدول الفقيرة.

وفيما يتعلق بتوقعاته حول اسعار المواد الغذائية توقع زوليك بقاءها اعلى من مستويات عام 2004 حتى نهاية 2012 على ادنى تقدير واستمرار تقلب وارتفاع اسعار الطاقة.

الجوع يهدد ملايين الباكستانيين

حين يبكي ابناء العامل الباكستاني مانجال رام جوعا فلا يملك إلا أن يقدم لهم وعودا كاذبة.  ورام (50 عاما) أب لسبعة اطفال في قرية ثارباركار الصحراوية في اقليم السند الجنوبي ويقول "يشكو اطفالي ويبكون طلبا لمزيد من الطعام ولكن ماذا يسعني ان افعل..."ويضيف "نقول -انتظروا سنطهو المزيد من الطعام - ماذا يمكني ان افعل غير ذلك.."

اضحت معاناة رام أمرا شائعا في باكستان حيث بلغت نسبة التضخم حوالي 20 في المئة وتؤججها أسعار الوقود والمواد الغذائية.

ويعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص مواد اساسية حسب تقديرات البرنامح الاغذية العالمي ان حوالي 77 مليونا من سكان باكستان البالغ تعدادهم 160 مليون نسمة يفتقدون الامن الغذائي اي بزيادة 28 في المئة عن العام الماضي. ويعني افتقاد الأمن الغذائي عدم قدرة الفرد على الحصول على غذاء مغذي كاف يكفي احتياجاته الغذائية.

ولم تشهد باكستان احتجاجات خطيرة بسبب الغذاء إلا ان محللين يقولون ان غضبا خطيرا قد ينفجر في مجتمع سقط بالفعل فريسة مسلحين اسلامين عازمين على اسقاط الحكومة.

ويقطن في قرية رام نحو مئة اسرة هندوسية ولا يوجد فيها سوى بئر واحدة ولم تدخلها الكهرباء. ويزرع القرويون الشعير والخضروات ولكن اذا لم تهطل الامطار يهلك المحصول.

ولشراء الغذاء يتعين على سكان القرية السير عدة كيلومترات للوصول لطريق تسير عليه حافلة متجهة لبلدة ميثي مرة واحدة في اليوم.

ويقول ايسار تشاند (60 عاما) وهو معلم بمدرسة ابتدائية في القرية من فصل واحد انه امتنع منذ فترة عن تناول وجبة الافطار.

ويقول تشاند "لم تعد هناك وجبة افطار. البعض يشرب الماء والبعض الاخر يحتسي الشاي. نتناول وجبتين في اليوم."

وتابع "نأكل الروتي (خبز بدون تخمير) مع البصل والفلفل الحار. لا يمكننا الحصول على الخضروات حين لا تسقط الامطار. لا يمكننا نقل المرضى للمستشفى. لا يمكنا دفع التكاليف. يموتون متألمين."وفي بعض الاحيان يقول قرويون انهم لا يجدون الا حساء الراب ويطهى من قمح مطحون يغلى في الماء.

وقال تشاند ان عددا كبيرا من القرويين اثقلتهم الديون حتى من اضطروا لمغادرة القرية للعمل خارجها. وأضاف "أكبر مشكلة هي ارتفاع الاسعار."

وتابع "ما يشتريه الناس من مخزون من عائد عملهم في خارج القرية لا يكفي العام كله. في النهاية يضطرون للاقتراض ويسددون الدين طوال حياتهم."وحال سكان الحضر في باكستان ليس بافضل كثيرا. بحسب رويترز.

يجلس والي خان 50 عاما على مائدة خارج منزله المكون من غرفة واحدة في احد ضواحي كراتشي الفقيرة ينتابه القلق بشان مستقبل اطفاله.

ويقول خان الذي يعمل في اصلاح الساعات وهو أب لعشرة اطفال يكسب ثمانية الاف روبية (110 دولارات) في الشهر "مصير الجيل القادم مشؤوم بالفعل. كان الله في عونهم."

وتابع خان "كنا نأكل الروتي والدال (الخس) ولكن حتى ذلك اضحى صعبا الآن. انظر لسعر الطحين والزيت والسكر. ثم يمرض الاطفال. كيف نطيق ذلك.. كما ينبغي دفع فواتير المرافق ايضا."

غير ان الحكومة الجديدة التي يرأسها حزب الشعب الباكستاني الذي كانت ترأسه رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو تقول انه لا يوجد أزمة. ورفع الحزب لسنوات شعار "الغذاء.. الملبس ..المأوى" في حملته الانتخابية.

ويقول القائم باعمال وزير الغذاء نزار محمد جوندال "لا توجد ازمة .. لا يوجد نقص. لايزال لدينا كميات كافية من القمح كما اننا سنستورد المزيد."

ويضيف جوندال ان 70 في المئة من سكان المناطق الريفية لم يتأثروا بارتفاع الاسعار لانهم يزرعون غذاءهم بأنفسهم.

وقال "لسنا نائمين .نعرف الوضع. لا توجد أزمة. توجد ازمة في الامدادات في بعض المناطق في الاقليم الحدودي الشمالي الغرب ولكننا سنحتويها."غير ان المحلل الأمني اكرم سيجال يقول ان الغضب بسبب الجوع يمكن ان يتفجر بسهولة. ويضيف "حين يري الاهل اطفالهم يكابدون الجوع فانه امر يثير المشاعر حقا."

وقال ان اعمال الشغب التي استمرت عدة ايام عقب اغتيال بوتو في ديسمبر كانون الاول قد تعطي لمحة لما يمكن توقعه. وقتل نحو 50 وسببت عصابات من الشبان الغاضبين اضرارا بملايين الدولارات.

واضاف "كانت نسبة 20 في المئة من الشعب حزينة على وفاة بوتو والبقية قررت ان الوقت مناسب ليتصدى من لا يملكون لمن يملكون."

ويلحق اسلاميون الاطفال الجوعي بمدارسهم الدينية التي يعرف عن بعضها انها بيئة لتنشئة مسلحين.

ويقول سيجال "تلحق الاسر اطفالها بالمدارس لانهم عاجزون عن اطعامهم. يقولون.. حسنا على الاقل يحصل الطفل على الطعام. يمكن ان يستغلوا ذلك."

وفي الوقت الحالي يبدو ان معظم الباكستانيين يواجهون الأزمة بقدرية. ويقول خان من كراتشي "منحنا الله الحياة لذا فنحن نحياها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  27/تموز/2008 - 23/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م