صراع عقيم في الأنبار

علي الطالقاني

بعد أن شهدت مناطق واسعة من العراق عمليات إرهابية كانت أشدها في المنطقة الغربية ومحافظة الأنبار تحديدا، عمدت القوات الأمريكية والعراقية على التفكير جليا بالخصوصية التي تتمتع بها هذه المنطقة من الجانب العقائدي والاجتماعي اللذان كانا السبب الرئيس في انتشار العقائد والفكر المتطرف عن طريق بعض قوى الضلال.

فبعد أن سادت أجواء التوتر هناك وعدم السيطرة على هذه المحافظة ومحافظات أخرى مشابه عملت القوات الأمريكية على استتباب الأمن لأسباب كثيرة خارجية وأخرى داخلية، فكانت هناك مؤشرات نحو تشكيل مجاميع تحت مسميات مختلفة منها مجاميع الحشد الجماهيري الذي يعطي الشرعية لأهالي تلك المناطق بالدفاع عن النفس وبعدها تشكلت مجاميع مجالس الصحوة، عملت هذه المخططات على خلق نزاع بين مجالس الصحوة المحسوبة والمدعومة عشائريا وبعض الأطراف السياسية كالحزب الإسلامي العراقي والمحسوب على الإخوان المسلمين في العراق، هذا النزاع لو أريد له الاستمرار سيكون حاجزا يصعب تخطيه ويعتبر تهديدا لما تحقق من أمن في تلك المناطق، وخصوصا محافظة الأنبار التي تضم ثمان مناطق ضمن نطاقها الإداري و التي كان ينظر لها بثلاث أعين:-

-  كانت مدينة تحمل عنوان الجهاد والمقاومة ضد القوات الأمريكية.

-  مدينة يحمل الكثير من قاطنيها أفكار القاعدة وان أفرادها يقتلون كل من يعارض طريقهم إلى الحكم حتى قيل عنها منطقة إرهابية. ولكن فيما بعد مثلت رؤية ثالثة بعنوان طرد تنظيم القاعدة والمتطرفين تحت لواء مجالس الصحوة الذين يتسمون بالبساطة ويحاولون الوصول إلى السلطة مع عدم امتلاكهم أجندة سياسية وهدف واضح ويمتازون باتفاق ومهادنة مع الحكومة العراقية والقوات الأمريكية. بعد أن كانت هذه المدينة معقلا للمجندين ضد القوات الأمريكية والعراقية أصبح الكثير من أبنائها اليوم حلفاء لهذه القوات وللولايات المتحدة والأسباب واضحة من خلال حمل السلاح ومجابهة تنظيم القاعدة فضلا عن دعم مجالس الصحوة للأمن مما قرب هذه المجالس وقياداتها إلى مركز القرار في أمريكا والعراق.

يقابلهم الحزب الإسلامي الذي يتسم هو الآخر بالتنظيم والتعقيد وفقا لما يتمتع به تنظيم الإخوان المسلمين  من خطورة وانقضاض على التخفي السياسي(التقية) عند الفرص. علما كان لهذا الحزب تحالف مع الأميركيين، وأنه يريد لسنة العراق الاحتكار للسلطة،  أما صعود العشائر إلى السلطة يعتبر أمر مرفوض من قبلهم ومزاحم لأفكارهم.

ويعد الصدام بين الطرفين تقويضا لما تحقق من تقدم على الصعيد الأمني خصوصا وأن القوات العراقية تتهيأ لشن عملية أمنية في مدينة الفلوجة التي تعد واحدة من المناطق التابعة لمحافظة الأنبار. ويهدد هذا الصدام الانفراج السياسي وسيعصف النزاع بالجهود المبذولة لعقلنة السنة والذين لم يشاركوا في العملية السياسية عن إرادة.

و أذا أريد لهذا النزاع أن يخرج من مرحلة الإنضاج إلى مرحلة التطبيق ستعمل قوى خفية من خلال الأرضية الخصبة لتقويض كل ماتحقق من استقرار في وقت تأمل فيه الحكومة العراقية عودة أبناء تلك المناطق للمشاركة في العملية السياسية بشكل أكثر وضوحا.

فالأنبار تحتاج إلى نهضة سياسية عاقلة وعلى الأطراف التي ترى في نفسها الكفاءة أن تساهم في أرشاد الجماهير نحو مشاركة فاعلة انطلاقا من النهوض بالعراق، في وقت يأمل جميع العراقيين أن تشارك القوى النزيهة وعدم تغييب الأطراف المساهمة في بناء عراق حر موحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  21/تموز/2008 - 17/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م