الباكستان: الإرهاب في خدمة السياسة

شبكة النبأ: بعد التغيرات التي قلبت وجه المجريات والمعطيات السياسية في باكستان عقب الإنتخابات الأخيرة، والتراجع الواضح في شعبية برويز مشرف وهو الحليف الأكثر أهمية للغرب والمدعوم من قبل واشنطن، وتسلم حزب بوتو مقاليد السلطة في البلاد، باتت المخاوف والتشكيكات المحتملة من وجود تواطئ بين الجيش أو سياسة البلاد الحديثة وبين الجماعات المسلحة، وهذا ما أعربت عنه واشنطن في أكثر من مناسبة.

جاء هذا كله من الممانعة التي تبديها الباكستان من تواجد قوات أجنبية على أراضيها، حيث وعدت الأخيرة في أول زيارة لسفيرها إلى الولايات المتحدة، توعدت بالقضاء على معاقل الإرهاب والتشدد، مؤمنة بالدور الإيجابي الذي تلعبه الدول الحليفة مثل الولايات المتحدة، غير إنها لم تؤمن بدور التدخل العسكري فوق أراضيها، بحجة مطاردة العناصر الهاربة من أفغانستان.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض عليكم آخرالتطورات والمستجدات في الوضع الباكستاني والعلاقة القائمة مع الولايات المتحدة الامريكية، والدور الذي تتباه اسلام اباد في القضاء على معاقل الإرهاب والتمرد والتطرف:

نساء باكستانيات يتعهدن بتنشئة أطفالهن على الجهاد

تجمعت نحو ألفي مسلمة عند المسجد الأحمر في العاصمة الباكستانية اسلام أباد وتعهدن بتنشئة أبنائهن على الجهاد بعد أيام من هجوم نفذه مهاجم انتحاري مما أسفر عن سقوط 18 قتيلا بعد اجتماع حاشد مشابه.

واستمعت نساء بعضهن تحملن رضعا الى كلمات نارية من ابنة امام المسجد المحتجز وهن ترددن "الجهاد هو طريقنا" عشية ذكرى الغارة التي شنتها قوات الكوماندوس الباكستانية على المسجد الأحمر وأسفرت عن سقوط أكثر من مئة قتيل.

وقالت ابنة امام المسجد عبد العزيز في الاجتماع الحاشد الذي نظم تحت حراسة مشددة: المجاهدون قدموا أرواحهم من أجل ارساء النظام الاسلامي في باكستان. بقينا نحن لكي نمضي قدما في تنفيذ مهمتهم.

وحضر الاف الرجال اجتماعا حاشدا بمناسبة ذكرى الغارة التي شنتها قوات الكوماندوس على المسجد في العاشر من يوليو تموز وأنهت حصارا استمر لمدة أسبوع كان بدأ عندما اشتبك مسلحون من المسجد مع الشرطة. بحسب رويترز.

وبعد وقت قصير من انتهاء الاجتماع الحاشد هاجم مهاجم انتحاري الشرطة التي كانت تحرس التجمع مما أسفر عن سقوط 18 قتيلا كلهم باستثناء ثلاثة من رجال الشرطة.

وسلط الهجوم الضوء على الخطر الذي يمثله المتشددون في باكستان التي تتمتع بقدرة نووية حيث أصبح الائتلاف الحاكم الجديد منشغلا بشكل أكبر بما سيفعله مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف الذي لا يحظى بشعبية والحليف الوثيق للولايات المتحدة الذي أصبح في عزلة منذ هزيمة حلفائه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير شباط.

ولم تظهر أي مؤشرات على وقوع اضطرابات في الوقت الذي دعت فيه ابنة امام المسجد التي لم تذكر اسمها الحشود الى حث عائلاتهم على الجهاد. وقالت: يجب أن نعد أبناءنا ورجالنا من أجل الجهاد.

وكان عزيز احتجز خلال حصار المسجد الأحمر العام الماضي أثناء محاولته التسلل عبر متاريس وهو يرتدي زي نساء. وقتل شقيقه عبد الرشيد غازي الذي كان أيضا من أئمة المسجد عندما اقتحمت قوات الكوماندوس المسجد.

وقالت أرملة غازي التي عرفت نفسها بأم حسام في الاجتماع الحاشد ان مشرف يجب أن يعاقب لاعطائه الاوامر باقتحام المسجد مضيفة: هذا الرجل هو العدو... أود أن يعاقب هذا الرجل بشدة قبل أن أموت.

وكان المسجد الاحمر ومدرسة دينية متاخمة للنساء معقلا لاعوام لدعم المتشددين في اسلام أباد وشن الائمة وأتباعهم حملة تحد متزايدة لتعزيز حكم حركة طالبان.

وسيطروا على مكتبة تابعة للدولة وخطفوا نساء اتهموهن بالبغاء وبعض رجال الشرطة واقتحموا متاجر للموسيقى وشرائط الفيديو وصالونات تجميل مما أثار مخاوف الاغلبية المعتدلة في العاصمة.

وجمعوا أسلحة واشتبكوا مع قوات أمنية لايام ورفضوا مطالب بالاستسلام قبل أن يعطي مشرف أوامره لقوات الكوماندوس بانهاء الجمود.

وأطلق الهجوم على المسجد موجة من الهجمات الانتحارية في شتى أنحاء البلاد أسفرت عن مقتل المئات بمن في ذلك رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو.

وقالت زوجة عزيز ان زوجها لم تكن له أي صلة بالهجمات. وتابعت للصحفيين في الاجتماع الحاشد: نحن لسنا ارهابيين. الاسلام لا يعلمنا الارهاب... أمريكا ومن يعملون لمصلحتها هم الارهابيون، في اشارة الى الجيش الباكستاني.

واستطردت، ننظم هذا الاجتماع الحاشد لكي نقول للعالم نحن أحياء وروحنا المعنوية مرتفعة. لا يمكن القضاء على الاسلام. انه ينتشر أكثر عندما تسيل دماء الشهداء.

وهدأت أعمال العنف التي يشنها المتشددون بعد أن تولت حكومة مؤلفة من معارضي مشرف السلطة في مارس اذار وتعهدت بالتفاوض من أجل احلال السلام. ولكن يبدو أن الهدوء انتهى.

مطالبة باكستانية بتعزيز الجهود لمحاربة الارهاب

دعت باكستان الى وقف لعبة تبادل الاتهامات والتركيز بدلا من ذلك على مكافحة الارهاب نافية مزاعم تورطها في تفجير استهدف السفارة الهندية في العاصمة الافغانية كابول.

وفيما بدا بشكل عام كاشارة الى باكستان قال متحدث باسم الرئاسة الافغانية ان الهجوم الانتحاري الذي شهدته العاصمة الافغانية يحمل بصمات وكالة مخابرات أجنبية.

وجاءت هذه المزاعم الجديدة بعد ان نفى رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني تورط بلاده في الهجوم ردا على اتهامات افغانية سابقة. بحسب رويترز.

وقال جيلاني لمجموعة منتقاة من الصحفيين في العاصمة الماليزية كوالالمبور: كلنا يجب ان نحارب الارهاب والتطرف. ويجب الا نسوق الحجج بل علينا ان نخوض هذه الحرب معا.

واتهمت افغانستان عملاء باكستان بالوقوف وراء محاولة اغتيال الرئيس الافغاني حامد كرزاي في ابريل نيسان وعملية هروب جماعي من السجن في قندهار الشهر الماضي وسلسلة من الهجمات الأخرى.

وهدد كرزاي الشهر الماضي بارسال القوات الافغانية عبر الحدود داخل الاراضي الباكستانية لملاحقة متشددين اذا لم تتحرك الحكومة الباكستانية للتصدي لهم.

وفي اشارة الى الانفجار الذي استهدف السفارة الهندية في كابول قال جيلاني ان الولايات المتحدة قالت بالفعل ان باكستان لم تقم بمثل هذا العمل.

وأضاف، قوات حلف شمال الاطلسي تعمل هناك واذا كانوا هم انفسهم ينفون فلا داعي لهذه المزاعم ولعبة توجيه اللوم.

وألقى جيلاني الذي يشارك في كوالامبور في قمة للدول الاسلامية اللوم على الاضطرابات في أفغانستان في حدوث بعض المشاكل التي تواجهها باكستان.

وقال: اذا انفجرت قنبلة واحدة فهذا يعني استثمارات أقل. اننا نعطي الاولوية لمحاربة الارهاب والتطرف.

العلاقات الأمريكية الباكستانية في ظل الحكومة الجديدة

سعى وزير الخارجية الباكستاني الى طمأنة واشنطن بأن بلاده تفعل كل ما في وسعها لقتال المتشددين على الحدود مع افغانستان وان اسلام اباد لن تقبل بتدخل أمريكي هناك.

وفي اول زيارة لواشنطن كوزير للخارجية قال شاه محمود قريشي ايضا انه ابلغ وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ان من مصلحة البلدين ان تكون علاقتهما اكثر استقرارا وألا تقوم فحسب على التعاون الامني.

وعن الجهود التي تقوم بها باكستان ضد المتشددين في منطقة الحدود مع افغانستان قال قريشي: باكستان تفعل كل ما هو ممكن وانها تفعل ذلك من اجل مصلحتها الشخصية. نريد اجواء مستقرة في تلك المنطقة.

وتزايد الشعور بالاحباط لدى الولايات المتحدة بسبب ما تعتبرها جهودا غير كافية لمحاربة المتشددين. بحسب رويترز.

واصبحت منطقة الحزام القبلي في باكستان التي تتمع بحكم شبه ذاتي ملاذا لمتشددي القاعدة وطالبان الذين فروا من افغانستان بعد ان اطاحت قوات تقودها الولايات المتحد بحكومة طالبان في عام 2001.

وقالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) الشهر الماضي ان ملاذات المسلحين في باكستان هي اكبر تهديد للامن الافغاني وهو رأي عارضه قريشي بشدة.

وقال: من الاسهل التهرب من المسؤولية ولكن يجب على الحكومة الافغانية ان تتخذ خطوات ايضا.

واشار بعض الساسة الامريكيين ومنهم مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة باراك اوباما الى انه يجب على الولايات المتحدة ان تهاجم القاعدة داخل باكستان دون الحصول مسبقا على موافقة باكستانية.

وعندما سئل عما اذا كانت بلاده ستقبل بوجود قوات أمريكية هناك قال قريشي: نؤمن في سياستنا بان العمل (العسكري) في باكستان تقوم به القوات الباكستانية ولا يمكن ان نسمح لاي قوات اجنبية بالعمل في باكستان.

وسئل عما اذا كان قد عبر عن هذه النقطة بوضوح خلال محادثاته مع رايس فقال: انهم يفهمون الوضع المحلي ومزاج الناس ومشاعرهم. انهم يعرفون ذلك جيدا.

وقال شون مكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ان الاجتماع ركز على محاربة الارهاب وقضايا عبور الحدود مع افغانستان بالاضافة الى المساعدة التي يمكن ان تقدمها الولايات المتحدة لتخفيف الازمة الناجمة عن ارتفاع اسعار الغذاء.

وتحاول الحكومة المدنية الجديدة في باكستان والتي يقودها حزب رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو تغيير العلاقة مع الولايات المتحدة القائمة في الاساس على الامن والتي تواصلت تحت قيادة الرئيس برويز مشرف.

وفي كلمة القاها امام معهد بروكينجز قال قريشي ان حكومته تسعى لعلاقة موسعة واكثر توازنا مع الولايات المتحدة.

وقال: منذ فترة طويلة جدا ترتبط علاقتنا الثنائية بشدة على التعاون في المجالات الامنية ولكن لحسن الحظ هناك ادراك واضح من الجانبين باننا في حاجة الى توسيع وتعميق العلاقة لاتساع نطاق تعاوننا عبر نطاق واسع من الزراعة الى التجارة الى الطاقة والتعليم.

واضاف قريشي: نريد نهجا اكثر استقرارا...ركزنا اكثر من اللازم على التعاون العسكري العسكري.

وقدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لباكستان بقيمة عشرة مليارات دولار منذ هجمات 2001.

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس  17/تموز/2008 - 13/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م