لاتنتقدوا الزعيم

عبد الامير علي الهماشي  

 في أغلب دول العالم يُحيط الزعيم السياسي أو الديني نفسه بمستشاريين ومساعدين ومنفذين لتسيير اموره في إدارة الدولة أو الحزب أو مشروعه السياسي وحتى مؤسسته الدينية.

وفي الشرق نُسمي من يُحيط بالزعيم أو الحاكم أو السياسي أو ماشئت عبر ب ((البطانة))أو الحاشية ويبتلي الزعيم من حيث يشعر أو لايشعر بأفعال هذه البطانة مع أن لي تحفظا كبيرا حول عدم شعوره وعلمه بما يقوم به فريقه أو بطانته.

وفي عراقنا الجديد برز زعماء من هذا الحزب وذاك التيار وتلك الطائفة وكل منهم أحاط نفسه بحلقة ((ضيقة)) مقربة منه يكاد لايسمع ألا صوتها.

وربما يحرص هؤلاء المقربون على عدم إزعاج  الزعيم بما قيل أو يُقال عنه حبا به،وربما يتعمد هؤلاء المقربون على عدم اسماعه لما يدور حوله ويكاد لايعلم بما يجري على مسافة أمتار من مكتبه أو مقر إقامته.

ويُصور المقربون بقسميهما-المخلصون له والمخلصون لانفسهم- ان أي نقد للزعيم تطاولا وتهجما على ساحة القدس وربما يشعر المحبون ان هذا جزء من هجوم مبرمج للمؤامرة التي تستهدف الزعيم من قبل أعدائه المفترضين ولاننظر الى مايُقال وانما ننظر الى القائل ويفوتهم بذلك الكثير من التحليل الموضوعي ويفوتهم من الصحيح الكثير الكثير.

وفي العراق الجديد لطالما نتعلق بالزعيم الشخص وننسى الفكر وننسى الهدف وتغلب العاطفة على الرؤية الموضوعية لما يقوم به زعيمنا والى ما يقودنا اليه ونحاول أن نضفي على عمله صفة العصمة السياسية ونبرر له كل ما يقوم به حتى لو كانت النتائج كارثية على مستوى البلد او على حزبه وحتى على مستواه الشخصي.

والكارثة أننا ابتلينا بزعماء لايسمعون ولايريدون ذلك وعليه يختارون  ((منفذيين )) وليس مستشاريين بمعنى الاستشارة والنصيحة وهكذا نرى السقوط والنزول من النجومية واللمعان الى مستوى قد نسميه الهاوية، وهناك امية اجتماعية يعيشها بعضهم و لايفهم طبيعة مجتمعنا العراقي.

ومن خلال الطبيعة الانسانية نرى زعماءنا يحبذون ان يسمعوا ما يروق لهم ولاينبههم الى اخطائهم التي قد تسبب الكوارث على المستوى الاجتماعي والسياسي في الحاضر والمستقبل ومن هنا تنفذ الطبقة الانتهازية الى مستوى القرار لدى هؤلاء الزعماء.

ويعيش بعضهم النرجسية وتكبر فيه روح الانا  حيث يرى نفسه  الحقيقة الكاملة وتسقط من خلالها الشخصية وتعيش حالة الانغلاق على الذات.

وما يهمني في هذا الحديث الاسلاميين بطبيعة الحال حيث تعلمنا ان روح الطاعة اساس العمل الحركي والالتزام بالمبادئ وروح الجماعة وكذلك محاسبة النفس قبل محاسبة الاخرين ولكننا نفاجئ ان روح الطاعة تعني اطاعته دون غيره والجماعة تعنيه فقط فهو الجماعة والاخرون افراد لايمثلون القيمة المطلوبة ويحاسب الاخرين ولايحاسب نفسه لانه يعيش في عالم اخر صُور له.

وربما لايقرأ الزعماء هذه الكلمات لانهم يرون انفسهم فوق مستوى القراءة وفوق مستوى الخطأ السياسي حتى لو كان بسيطا ولكتتي اكتب هذه الخواطر لمن يسير في طريق الزعامة وفي طريق التصدي السياسي وليضع نصب عينيه ان الانتقاد وحتى التجريح

لمواقفه وحركاته ستكون مصدر قوة له ان لم تسقطه ولم تجعله ينغلق ويتقوقع على ذاته.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  30/حزيران/2008 - 26/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م