الآسيويون أكثر الناس عرضة لنقص الغذائية

شبكة النبأ: بات نقص المواد الغذائية يسبب قلقا وصداعا دوليا عميقا، خاصة لدى الدول التي تعتمد في أغلب وجباتها اليومية على الحبوب، وآسيا بكونها الاكثر من بين دول العالم التي ينظر إليها المراقبون بقلق شديد وواضح وواضح، والتخوفات البالغة من ان تعصف المجاعة ببعض الدول الآسيوية، خاصة بعد التغيرات والتقلبات المناخية التي مني بها العالم مؤخرا. 

حيث أخذ الارتفاع الباهظ في أسعار المواد الغذائية يعيد الكثير من سكان منطقة آسيا المحيط الهادئ، حيث يعيش 60 بالمئة من مجمل من يقاسون من نقص التغذية في العالم، إلى حافة الفقر أثناء محاولتهم تدبر أمر الصعوبة المتزايدة التي يواجهونها في توفير الطعام لعائلاتهم.

وقال مسؤول في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) إن المنطقة معرضة بشكل خاص للتأثر بأزمة الغذاء العالمية، رغم حقيقة كون تأدية القطاعات الاقتصادية في دول كالصين ممتازة جدا. وأضاف مساعد مدير عام المنظمة، هي تشانغتشاي، أن عدد سكان الدول الآسيوية الكبير وما يرافقه من الدخل الفردي المنخفض نسبياً جعل الكثيرين، خاصة في المناطق الريفية، معرضين للخطر.

ومضى إلى القول، في اجتماع لجنة الإحصاءات الزراعية لدول آسيا والمحيط الهادئ في ماليزيا، إن الفقراء يعيشون عموماً في مناطق مهمشة ذات موارد شحيحة وبنية تحتية وخدمات ضعيفة جدا، وتكاد لا توجد أي روابط بينها وبين الاقتصاد العام.

وتشير إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن 163 مليون نسمة، من أصل الـ527 مليون نسمة الذين يعانون من الجوع المزمن في العالم، يعيشون في منطقة شرق آسيا في حين يعيش 64 مليوناً منهم في جنوب شرق آسيا. بحسب تقرير واشنطن.

وما زال الرز، وهو مصدر ثلث السعرات الحرارية التي يتناولها الآسيويون، سلعة تشهد إقبالاً عليها وارتفاعاً مطرداً في سعرها في الأسواق المالية. وقد ارتفع سعره بسرعة أكثر بكثير من سرعة ارتفاع سعر القمح والذرة. ففي حين كان سعر هذه السلع متماثلاً في بداية العام 2007، اصبح سعر الرز في كانون الثاني/يناير، 2008، ألف دولار للطن الواحد بينما وصل سعر القمح إلى 400 دولار فقط للطن الواحد وسعر الذرة إلى 200 دولار للطن.

المحنة العالمية ومضاعفات الكوارث الطبيعية

لقد فاقمت الكوارث الطبيعية من تقلص الأمن الغذائي. فقد دمر الإعصار نرجس في أوائل شهر أيار/مايو منطقة دلتا إيروادي في بورما، التي تنتج عادة ثلثي الرز الذي يستهلكه البلد. وقالت الأمم المتحدة إن الخراب والدمار اللذين سببهما الإعصار فاقا في بعض المناطق ما سببته أمواج المد العاتية (التسونامي) في كانون الأول/ديسمبر، 2004.

فقد جرف الإعصار في طريقه مخزون المواد الغذائية وبذور الرز، بالإضافة إلى الحيوانات الداجنة والأدوات والمعدات الزراعية، علاوة على تدميره حقول الرز. وقدرت الأمم المتحدة كلفة إمداد المزارعين مجدداً بما يحتاجونه لاستئناف أعمالهم بـ243 مليون دولار.

اما المزارعين في بورما كانوا يواجهون، حتى قبل الإعصار نرجس، مشكلة أسعار الأسمدة المستوردة المرتفعة التي كان يصعب تعويضها من خلال أسعار الغلال المنخفضة. ومما فاقم المشكلة أن حكام بورما العسكريين تعهدوا بالوفاء بالالتزامات التي تعاقدوا عليها في مجال تصدير الرز رغم النقص في المواد الغذائية الذي يواجهه الشعب.

أما كوريا الشمالية التي ما زالت تعتمد على المساعدات الغذائية منذ التسعينات من القرن الماضي، فقد واجهت فيضانات قضت على المحاصيل الزراعية في عام 2007. وتكهن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في نيسان/إبريل بأن العجز الغذائي في كوريا الشمالية سيبلغ في العام 2008 ضعفي ما كان عليه في العام 2007 عندما بلغ 1,83 مليون طن، وقدر عدد الذين يواجهون حالياً نقصاً في الغذاء بحوالى 6,5 مليون نسمة.

وما زالت أستراليا، وهي عادة ثاني أضخم مصدر للقمح في العالم، تعاني من أسوأ جفاف تشهده منذ 100 عام. ويدفع المزارعون في المناطق التي تعتبر سلال خبز للعالم مثل نيو ساوث ويلز وفكتوريا وكوينزلاند ثمناً مرتفعاً للأسمدة والوقود يلتهم أي دخل إضافي ناجم عن ارتفاع سعر غلالهم.

وقد مرت إندونيسيا بسلسلة من الكوارث الطبيعية، التسونامي في العامين 2004 و2006 وزلزال في العام 2005، التي قلصت إنتاج المحاصيل وتركت الكثير من المواطنين معرضين للجوع.

وعمد بعض الدول الآسيوية، التي تواجه النقص في المواد الغذائية وتقلص الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة للتنمية والكوارث، إلى تقليص حجم صادراته من المواد الغذائية. فقد خفضت فيتنام، ثاني أكبر مصدر للرز في العالم، الحد الأعلى المسموح بتصديره من 4,5 مليون طن إلى 4 ملايين طن من الرز وأوقفت إبرام أي عقود جديدة حتى نهاية شهر حزيران/يونيو.

وأشارت التقارير إلى أن الصين، حيث يعيش 40 بالمئة من مزارعي العالم ويوجد 9 بالمئة فقط من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، تشجع حالياً شركاتها على شراء أراض زراعية في الخارج، خاصة في إفريقيا وأميركا الجنوبية. وقالت صحيفة الفايننشال تايمز إن الحكومة الصينية مهتمة بشكل خاص بزيادة أمنها الغذائي من خلال إنتاج فول الصويا والموز والخضار والمحاصيل التي تستخرج منها الزيوت النباتية الصالحة للأكل.

قادة المنتدى الاقتصادي والبحث عن الحلول

ينادي البعض باعتماد نهج يتسم بتعاون أكبر لإطعام سكان المنطقة. وقد اقترح قادة "منتدى شعوب آسيا-أوروبا،" وهي منظمة مكونة من مجموعات مجتمع مدني، إنشاء صندوق تخفيف صدمات لتقليص تأثير الأزمة إلى أدنى حد ممكن.

وأوضح عضو البرلمان الماليزي تشارلز سانتياغو لصحيفة فيليبين دايلي إنكوايرر، أن ما يسعى المنتدى إلى استحداثه هو نظام من شأنه تسليط الضوء على المنتجات الرئيسية التي يمكن لكل بلد تصديرها كي نتمكن من تجنب الاحتكارات في العرض (أي في توفير الإمدادات) وفي تحديد أسعار السلع.

وفي هذه الأثناء، من المرجح أن تلعب وكالات الإغاثة الدولية كبرنامج الغذاء العالمي الدور الرئيسي في تجنيب المنطقة نقصاً إجمالياً واسع النطاق في المواد الغذائية وفي تفادي المجاعة. ذلك أن البرنامج سيقدم في العام 2008 مبلغ ألف مليون دولار تقريباً لمساعدة حوالى 90 مليون نسمة يعيشون في 78 بلدا. وقد أعلن في 4 حزيران/يونيو عن معونات إضافية بقيمة 1,2 ألف مليون دولار لمساعدة عشرات الملايين الآخرين الذي يعيشون في البلدان المتأثرة أكثر من غيرها بالأزمة الغذائية.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت  28/حزيران/2008 - 24/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م