غزّة بعد عام: تزمت حماس وحصار الإحتلال وإهمال العالم

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: أحكمت حركة حماس قبضتها على قطاع غزّة خلال عام من سيطرتها عليه في وقت يرى محللون ان تجربتها في الحكم أدت الى تراجع شعبيتها وان لم يستطع الحصار المحكم الذي فرضته اسرائيل من اضعافها على الحركة.

واقر اسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال في تصريح لوكالة فرانس برس ان "هذا العام كان مؤلما على الصعيد الوطني".

وأكد هنية القيادي بارز في حركة حماس انه "لا احد كان يريد اي انقسامات على الساحة الفلسطينية وقطعا ان الذي جرى في قطاع غزة (سيطرة حماس) هو شيء اضطراري". وحمل هنية ضمنا الولايات المتحدة المسؤولية عن الاحداث التي سبقت سيطرة حركته على القطاع قائلا ان "الادارة الامريكية كانت تشجع على الظاهرة الانقلابية على نتائج الانتخابات".

وتسيطر حماس على قطاع غزة منذ 15 حزيران/يونيو 2007 الماضي بعد اشتباكات دموية قتل واصيب فيها مئات الفلسطينيين غالبيتهم من عناصر حركتي فتح وحماس.

ويعتبر حمدي شقورة نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ان هذا العام "اشبه بنكبة جديدة وتدمير للقضية الفلسطينية" بسبب "التراجع غير المسبوق في اوضاع حقوق الانسان في الضفة الغربية وقطاع غزة".

ويضيف "وثقنا مئات حالات الاعتقالات غير القانونية واستخدام التعذيب من اجهزة امن الطرفين وانتهاك للحق في حرية التعبير وعلى الصحافيين".

وبحسب احصائيات اوردها المركز الحقوقي قتل 118 فلسطينيا في غزة في الفترة ما بين 17 حزيران/يونيو 2007 و1 حزيران/يونيو 2008 في حوادث انتهاكات لحقوق الانسان فيما قتل في الفترة نفسها 30 فلسطينيا في الضفة الغربية.

وتابع شقورة "اما الاشتباكات المؤسفة التي سبقت 15 حزيران/يونيو 2007 فقتل فيها 163 فلسطينيا (..) انها صفحات سوداء في التاريخ".

واعتبر استاذ علم الاجتماع السياسي جهاد حمد ان "الاحتلال الاسرائيلي هو المستفيد الوحيد من حالة الانقسام" معتبرا انه "لا حل للفلسطينيين من دون حوار جدي وتقوية الجبهة الداخلية في مواجهة الاخطار والتحديات".

ويرى مخيمر ابو سعدة استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر بغزة ان شعبية حماس "تاثرت سلبا" خلال العام بسبب "اجراءاتها من اعتقالات وكبت للحريات" لكنه في المقابل يؤكد ان الاجراءات الدولية وحصار غزة "لم تفلح في القضاء على الحركة التي بقيت متماسكة وقوية".

ويرد اسماعيل رضوان القيادي في حماس ان شعبية حركته "ازدادت وتضاعفت رغم انها اهتزت قليلا بعد الحسم (السيطرة) مباشرة". ويتابع "اذا اضطررنا لاستمرار ادارة قطاع غزة سنواصل الى حين يستجيب اشقاؤنا في الضفة الغربية".

ولا يستبعد رضوان عودة الاوضاع في قطاع غزة لما كانت عليه قبل السيطرة عليه "اذا توفرت النوايا الصادقة واذا بني الحوار الوطني على اسس صحيحة لانه لا مفر من وحدة شعبنا".

ودعا الرئيس محمود عباس الاسبوع الماضي الى حوار وطني شامل لتنفيذ المبادرة اليمينة لانهاء الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية وهو ما رحبت به حماس.

وتبادلت حركتا فتح وحماس بعض مبادرات حسن نوايا ل"تنقية الاجواء" في وسائل الاعلام الخاصة بالطرفين.

لكن ابو سعدة يشكك في امكانية ان ينجح الحوار الفلسطيني بسهولة معتبرا ان "حماس لن تكون مرنة" في الحوار "لانها تفخر بصمودها لعام بادارة غزة وتعتقد ان المشروع الامريكي انهار في المنطقة وهذا سيعطيها دفعة للتصلب" وان يقر ان "في نهاية المطاف لابد للحوار ان ينجح".

ويعتقد شقورة من جهته ان الحل "يتجاوز التوصيفات القانونية (..) لا بد من التعايش معا".

ويقول رضوان ان مبادرة الرئيس عباس جاءت لان "عدم تحقيقه شيئا في المفاوضات ووضع اميركا لا يسهم في خدمة القضية". لكنه شدد على ان حركته لن تمارس "الابتزاز السياسي ونحن حريصون على انجاح الحوار".

ويشرح حسن ابو حشيش رئيس لجنة الاعلام الحكومي في حكومة حماس "نجحنا في انهاء العربدة والفلتان الامني وفرض الامن والاستقرار".

ويضيف "قمنا ببناء مؤسسة شرطية وجهاز قضائي بعد ان استنكف القضاة والنيابة عن العمل لكننا بحاجة لمزيد من الكوادر".

وبعد ان اقر ان الامن لم يتحقق 100% اكد ان اجهزة امن حكومته "حققت نجاحا كبيرا في القضاء على تعاطي وتجارة المخدرات".

ووصف المسؤول الحقوقي شقورة "استيلاء" حكومة حماس على مجمع القضاء وتعيين قضاة جدد بغزة بـ"الخطير".

في ذكرى سيطرتها على غزة حماس "تأسف للدماء المراقة "

من جهة ثانية صرح أحمد يوسف، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومستشار رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أن إراقة الدماء في غزة كان أمرا مؤسفا.

وكان يوسف يشير الى الاشتباكات التي وقعت بين مقاتلي حماس وعناصر الأمن التابعين لفتح وانتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة قبل عام من الآن.

وقال يوسف لبي بي سي إن أحداث العنف المشار إليها قد أدت إلى "إتلاف النسيج الإجتماعي الفلسطيني، وأدت الى الإستقطاب"، وأضاف أن المصالحة الوطنية هي الحل الوحيد للتغلب على الأزمة.

يذكر أن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة قد ساهم في الإنهيار الإقتصادي في القطاع وانقطاع السلع الأساسية.

وعلى صعيد آخر لقي 3 من مسلحي حماس الجمعة حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة، وذلك في أعقاب يوم من أحداث العنف في القطاع.

وذكرت الأنباء أن طائرة إسرائيلية قتلت المسلحين الثلاثة بصاروخ حيث كانوا يستعدون لاطلاق صواريخ على إسرائيل.

وكان 7 فلسطينيين من بينهم طفلة عمرها اربعة اشهر قد قتلوا في وقت سابق واصيب ما لا يقل عن 25 شخصا في انفجار ضخم في منزل القائد العسكري لحركة حماس في بيت لاهيا احمد حمودة الذي لم يكن في المنزل لحظة الانفجار.

وصرح احد مسؤولي حماس ان خمسة من القتلى هم من عناصر حماس.

وتحول المنزل المكون من ثلاثة طبقات الى كتلة من الركام بفعل الانفجار بينما رجح شهود عيان وجود اخرين تحت الانقاض.

واعلن احد مسؤولي حماس ان الحركة تحقق في ملابسات الانفجار وستعلن عن النتائج للرأي العام.

وعادت حماس واعلنت في بيان اصدرته صباح الجمعة ان الانفجار الذي وقع في منزل في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة نتج عن خطأ في تركيب قنبلة كانت ستستخدم في عملية عسكرية ضد اسرائيل.

وجاء في بيان اصدره الجناح العسكري في الحركة "ان عناصر من كتائب عز الدين القسام كانوا يعدون لعملية جهادية في المنزل عندما وقع الانفجار."

كيف تغيرت غزة منذ سيطرة حماس عليها؟

في ما يلي بعض التغيرات الرئيسية التي طرأت على اوجه الحياة المختلفة منذ سيطرة حماس بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع الساحلي بحسب رويترز.:

-أغلقت معظم مصانع غزة البالغ عددها 3900 مصنع منذ شددت اسرائيل من حصارها بعد سيطرة حماس حيث حظرت معظم المواد التي تستخدم في الصناعة. ويقدر مسؤولون فلسطينيون أن نحو 100 الف شخص فقدوا وظائفهم منذ يونيو حزيران.

- ارتفعت أسعار الوقود اكثر بسبب النقص الحاد فيه. وفي السوق السوداء في غزة زاد سعر لتر الديزل خمسة أمثال على مدار العام المنصرم الى 25 شيقلا (7.63 دولار)

- وما زال الطعام متوفرا لكن هناك نقصا في السلع المنزلية الاساسية. وتضاعف سعر الثلاجة (البراد) العادية ويصل سعر اسطوانة الغاز التي تستعمل في تشغيل مواقد الطهي الى 100 شيقل مقارنة بثلاثة وأربعين شيقلا لان الكثير من الناس عدلوا سياراتهم لتعمل بالغاز.

- توقفت معظم مشاريع البناء ومن ضمنها تلك التي تمولها منظمة الامم المتحدة بسبب نقص مواد البناء.

- شددت حماس من الاجراءات الامنية في القطاع الساحلي منذ استيلائها على السلطة. وزاد عدد قوات الامن المسلحة التابعة لها التي شكلتها قبل توليها السلطة - وكان قوامها ثلاثة الاف فرد - الى 13 الف فرد مقسمين بين خمسة أفرع وان كان ذلك قد يتضمن أعضاء في الجناح المسلح لحركة حماس الذي يقاتل اسرائيل. وكتائب عز الدين القسام وهي الجناح العسكري لحماس تقول ان أعضاءها يزيدون عن 25 ألفا.

- تقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان ان قوات الامن التابعة لحماس قامت باعتقالات سياسية وأوردت حالات تعذيب في السجون. ورفضت حماس هذه المزاعم او قالت انها حالات معزولة.

- وفي حين ترفض حماس الاتهامات بأنها تحاول تطبيق الشريعة الاسلامية في غزة يمكن رؤية مزيد من الرجال الملتحين كما زادت أعداد النساء المحجبات. ويقول البعض ان حركة حماس لا تدفع في هذا الاتجاه بشكل كبير فيما يشير محللون الى أن الجماعات الصغيرة الشبيهة بالقاعدة في توسع وتستهدف الاقلية المسيحية الصغيرة.

الحصار الاسرائيلي حول غزة الى منطقة منكوبة

يفتح رمضان الاشرم في كل صباح محله لبيع الاسمنت في مدينة غزة ويسأم الانتظار الى حين العودة للمنزل مع تراجع وتيرة العمل الى حد كبير منذ سنة بسبب توقف حركة قطاع البناء في قطاع غزة من جراء الحصار الاسرائيلي.

وفي قطاع غزة حيث هناك كثافة سكانية عالية توقف قطاع البناء عن العمل منذ ان فرضت اسرائيل حصارا اثر سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على هذه الاراضي قبل سنة في 15 حزيران/يونيو 2007.

ويقول الاشرم ممتعضا "ليس لدينا عمل منذ سنة ولم نتسلم اي كميات من الاسمنت بسبب الحصار". فقد انهار الوضع الاقتصادي الفلسطيني بعد ان اغلقت اسرائيل المعابر مع قطاع غزة بشكل كامل بما فيها معبر كارني الذي يعد الممر الوحيد لدخول البضائع التجارية والغذائية من والى القطاع.

وسط ضجيج السيارات التي تعبر بين وقت وآخر اوضح الاشرم "كان لدي 40 عاملا جميعهم الان اصبحوا عاطلين عن العمل فلم يعد هناك اي عمل ولم يتم بناء اي شئ في غزة". بحسب فرانس برس.

من داخل مكتبه حيث ينام ابنه الصغير على بطانيه مفروشة على الارض وحيث علقت صورة لثلاثة من افراد عائلة الاشرم قضوا في قصف اسرائيلي قبل سنوات يقدر الاشرم خسارته منذ اغلاق معبر كارني باكثر من 300 الف دولار اميركي.

ويقول "حتى نتمكن من استعادة نشاطنا وعملنا نحتاج لاكثر من عشرين الف دولار اميركي لتصليح الالات التي تعطلت بسبب توقفها عن العمل لمدة طويلة".

ويعتمد عدد كبير من سكان قطاع غزة على المساعدات الانسانية ليتمكنوا من البقاء. وابرز قطاعات الاقتصاد مشلولة حيث اعلن مصنعو المفروشات والانسجة والمزارعون الذين يصدرون في الاوقات العادية القسم الاكبر من انتاجهم الى اسرائيل توقفهم عن العمل. وتعتبر خسائر غزة ضخمة حيث تقدر باكثر من 300 مليون دولار منذ حزيران/يونيو 2007 في هذه القطاعات الثلاثة وكذلك في قطاع البناء الذي كان يوظف لوحده اكثر من 40 الف شخص بحسب "مركز التجارة الفلسطيني" (بالتريد).

من جهته يقول علاء العمصي الذي يملك ثلاثة مصانع اثاث كلها متوقفة عن العمل "لا نستطيع العيش بدون اسرائيل ما لم يتم فتح المعابر سنموت موتا بطيئا".

واوضح ان 25 من موظفيه اصبحوا عاطلين عن العمل مضيفا ان "اصحاب العمل الحر والخاص هم المتضررون من هذا الوضع. الموظفون يتلقون رواتبهم سواء من سلطة الضفة ورام الله او من سلطة حماس في غزة". وبحسب ارقام منظمة العمل الدولية فان معدل البطالة في قطاع غزة بلغ حوالى 29,8%.

واشارت المنظمة الى ان معدل نسبة العاطلين عن العمل بين الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 20 و 24 عاما وصلت الى 37% في حين وصلت معدلات البطالة الى 39% في بعض المناطق مثل خان يونس جنوب قطاع غزة.

من جهته رسم البنك الدولي في احدث تقرير له صورة قاتمة عن الحياة في قطاع غزة بسبب الحصار الاسرائيلي.

وجاء في التقرير الشهر الماضي ان "استمرار سياسة الاغلاق على غزة بعد احداث حزيران/يونيو 2007 ادت الى اضعاف وتاكل ما تبقى من مؤسسات القطاع الخاص وجعل من الصعب عليها استعادة عافيتها وقوتها".

من جهتها وصفت حنان طه من "بالتريد" الوضع في قطاع غزة بانه "اسوأ وضع عرفناه وشهدناه". وقالت "لاول مرة يتم اغلاق معبر كارني لسنة كاملة" موضحة ان "الوضع ازداد سوءا باغلاق معبر رفح الحدودي".

واشارت حنان طه الى ان "ما يزيد صعوبة الموقف انه لا يوجد اي رؤية او خطة مستقبلية فلا يمكن التنبؤ بما قد يحصل ما يجعل الاستثمار مستحيلا في الوقت الحالي".

من جانبه ابدى علاء العمصي تشاؤما ايضا قائلا "العديد من رجال الاعمال غادروا بمجرد ان سنحت لهم الفرصة اما الى مصر او الى دول الخليج" متسائلا "كيف سنبني بلدا بدون المستثمرين".

حقائق أساسية عن قطاع غزة

في ما يلي بعض الحقائق الأساسية عن غزة، بحسب فرانس برس:

- قطاع غزة هو مجموعة من البلدات والقرى والاراضي الزراعية على الحافة الجنوبية الشرقية للبحر المتوسط. ويبلغ طوله 45 كيلومترا وعرضه عشرة كيلومترات على الاكثر. وتحده اسرائيل من الشمال والشرق وشبه جزيرة سيناء المصرية من الجنوب.

تاريخ القطاع:

- مدينة غزة مأهولة بالسكان بصورة متصلة منذ أكثر من ثلاثة الاف عام وكانت ملتقى للحضارات القديمة.

- حكمتها الامبراطورية العثمانية لاربعة قرون تخللها حكم فرنسي لم يدم طويلا في عهد نابليون كما شهدت نفوذا مصريا متزايدا الى أن خضعت للانتداب البريطاني هي وباقي أنحاء فلسطين في الحرب العالمية الاولى. وتولت مصر السيطرة على القطاع عام 1948 في الحرب التي أدت الى قيام دولة اسرائيل.

- زاد عدد سكان القطاع الى ثلاثة أمثاله عامي 1948 و1949 حين قدم اليها نحو ربع اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من مناطق هي الان جزء من دولة اسرائيل وكان يقدر عددهم بمئات الالاف.

- استولت اسرائيل على قطاع غزة من مصر في حرب عام 1967 وأنهت وجودها العسكري هناك في سبتمبر ايلول عام 2005 بعد سحب 8500 مستوطن يهودي من 21 جيبا.

- استأنفت اسرائيل العمليات البرية في يونيو حزيران عام 2006 بعد أن تسلل مسلحون من غزة عبر الحدود واختطفوا جنديا اسرائيليا ما زال محتجزا حتى الان.

- بعد ذلك بعام بسطت حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة بعد أن هزمت القوات التابعة لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس.

- شددت اسرائيل من اغلاق حدودها مع غزة وقللت من امدادات الوقود وحدت من تحركات الافراد. وأدانت منظمات دولية الحصار الذي تقول اسرائيل انه يهدف الى وقف اطلاق صواريخ عليها.

- يعيش نحو 1.5 مليون فلسطيني في غزة اكثر من نصفهم لاجئون نزحوا عن ديارهم خلال الحروب السابقة مع اسرائيل. والكثافة السكانية ومعدلات النمو السكاني في غزة من أعلى المستويات في العالم.

- يعيش معظم سكان غزة على أقل من دولارين في اليوم ويعتمد ما يصل الى 80 في المئة منهم على المساعدات الغذائية وفقا لما تذكره جماعات اغاثة.

الخيارات المتاحة لإسرائيل بشأن قطاع غزة

دعمت اسرائيل الجهود التي تبذلها مصر للتوصل الى هدنة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) لكنها أصدرت أوامرها للجيش بالاستعداد لعمل عسكري محتمل اذا فشلت الوساطة.

وبعد عام من بسط حماس السيطرة على غزة يواجه قادة اسرائيل ضغوطا لاتخاذ اجراءات اكثر صرامة ضد المقاتلين الذين يطلقون الصواريخ على اسرائيل. وفي ما يلي بعض الخيارات التي تواجهها بحسب رويترز:

توغل شامل:

المزايا:

- يستطيع أفضل الجيوش تسلحا في الشرق الاوسط الذي يملك السيطرة الكاملة على الجو أن يسحق مقاتلي حماس وحلفاءهم الذين قد يصل عددهم الى نحو 35 الفا.

- ربما تخرس ألسنة المنتقدين الذين يطالبون باتخاذ اجراءات بعد أن قتلت الصواريخ ثلاثة اسرائيليين قرب الحدود حتى الان في العام الحالي وبعد أن سقطت صواريخ كاتيوشا الاطول مدى على مدينة عسقلان القريبة.

- يمكن أن يزيد شن هجوم من الدعم الداخلي لاولمرت المتورط في فضيحة فساد يمكن أن تطيح به وربما بحكومته مما سيحبط محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية. ويقول أولمرت انه سيستقيل اذا وجه اليه اتهام.

العيوب:

- بالرغم من التفوق الهائل من حيث السلاح والذخيرة فان السيطرة على مخيمات اللاجئين بقطاع غزة سوف تودي بأرواح اسرائيلية حتى اذا كان الجيش قد استوعب دروسا من الحرب التي قادها اولمرت ضد حزب الله في لبنان عام 2006 حين قتل 114 جنديا اسرائيليا خلال شهر من القتال. وقد تقتل حماس الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط الذي خطفته عام 2006 .

- ومهما بلغ غضب اسرائيل من الصواريخ التي تطلق من غزة فان الحوادث المميتة ما زالت نادرة نسبيا. وقتل ثلاثة مدنيين اسرائيليين هذا العام. وتسبب الغضب من حرب لبنان في تعامل اولمرت وفريقه مع رد الفعل العام على الخسائر بين القوات بحذر.

- القتال العنيف يمكن أن يسبب خسائر بشرية بين المدنيين في غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نصفهم من الاطفال. وفي لبنان قتل 900 مدني مقابل 300 من مقاتلي حزب الله مما أثار اتهامات بارتكاب جرائم حرب. وتجازف اسرائيل بمواجهة ادانة في الخارج وربما فرض عقوبات من بعض الشركاء الدوليين.

- وبالرغم من نأي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بنفسه عن حماس فان تحول غزة الى حمام دم سيضع عباس تحت ضغط داخلي هائل لانهاء مفاوضات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة.

- استعادة غزة ستترك مشكلة ما اذا كانت اسرائيل ستستأنف الاحتلال الذي أنهته عام 2005 بعد 38 عاما. وكانت اسرائيل قد تعهدت بالا تفعل هذا. لكن الانسحاب بعد التوغل قد يشهد المزيد من القتال من قبل سكان غزة الغاضبين بشدة. ودار حديث عن نشر قوات حفظ سلام أجنبية كما هو الحال في لبنان لكن دولا قليلة هي التي لديها استعداد لتحمل مشكلات غزة.

الاستخدام المحدود للقوة:

المزايا:

- يتحدث بعض المسؤولين الاسرائيليين عن تحرك سريع في أجزاء من ساحل القطاع البالغ طوله 45 كيلومترا لتتوغل اسرائيل داخل ممر فيلادلفي وكثافته السكانية منخفضة نسبيا في الجنوب مما يعزل حماس عن الانفاق من مصر والى داخل المناطق الشمالية التي تنطلق منها الصواريخ التي تصيب اسرائيل.

- ويقول مسؤولون ان هذه الخطوة يمكن أن تصاحبها غارات جوية وعمليات للقوات الخاصة لاغتيال قيادات من حماس والسماح للموالين لحركة فتح التابعة لعباس بالسيطرة على القطاع.

- وقد تلعب السياسة الداخلية دورا. ويعتقد البعض أن ايهود باراك وزير الدفاع ورئيس الوزراء الاسبق والجنرال البارز الذي عاد الى الساحة السياسية زعيما لحزب العمل الحليف الرئيسي في ائتلاف اولمرت يمكن أن يستغل تنفيذ هجوم ناجح لتحسين موقفه قبل انتخابات محتملة اذا استقال اولمرت.

العيوب:

- حتى شن عملية محدودة يحمل مخاطر وقوع خسائر بشرية بين القوات الاسرائيلية والمدنيين الفلسطينيين وما يتبع ذلك من عواقب.

- من غير الواضح مدى صعوبة الاطاحة بحماس حتى بدون قياداتها البارزة وربما يستمر اطلاق الصواريخ.

- بالرغم من أن لحركة فتح مئات الالاف من الانصار في غزة فان حماس هزمت قواتها منذ عام مضى. وروجت حماس بشدة رسالة مفادها أن عباس متواطيء مع اسرائيل. وأكد فوز حماس بانتخابات عام 2006 شعبيتها في غزة.

العقوبات والحوار:

المزايا:

- حكم القضاة الاسرائيليون الذين ليسوا دائما عونا للجيش بقانونية قطع الطاقة والامدادات الاخرى عن غزة. وأظهرت اسرائيل أنها تستطيع اغلاق غزة بسهولة شديدة.

- بالضغط على سكان غزة للربط بين الصعوبات التي يعانونها وحكم حماس في الوقت الذي تتدفق المساعدات المالية على مصرف وست بانك الذي تديره حركة فتح تأمل اسرائيل وحلفاؤها الغربيون وعباس أن ينقلب الفلسطينيون في غزة ضد الاسلاميين. وأظهر استطلاع للرأي أجري هذا الاسبوع أن شعبية عباس قفزت وأنه سيهزم القيادي بحماس اسماعيل هنية اذا أجريت انتخابات.

- وتحاول مصر التوسط من أجل التوصل الى هدنة لوقف العنف على امتداد الحدود بين اسرائيل وغزة وبالرغم من فشل الجهود حتى الان في تحقيق نتائج ملموسة فما زالت هناك مساع في اتجاه هذا الخيار.

العيوب:

- ليس واضحا الى أي مدى أضرت العقوبات بحماس. وفي حين يقول الجانبان انهما مستعدان للحوار فانهما يبدوان وهما على طرفي نقيض. وترفض حماس الاعتراف باسرائيل وتريد منها وقف كل أنشطتها العسكرية في غزة وانهاء الحصار. وتقول اسرائيل وحلفاؤها الغربيون ان على حماس القبول بحق اسرائيل في الوجود ووقف كل أشكال العنف.

- أثارت العقوبات ادانة دولية واتهامات لاسرائيل بانتهاك اتفاقيات جنيف لانها ما زالت القوة المحتلة. وحظيت حماس بتأييد كثيرين حين فتحت الحدود مع مصر بالقوة في يناير كانون الثاني.

- وأضر الحصار بالتجارة الاسرائيلية التي طالما باعت منتجاتها في غزة واشترت الفواكه والزهور والسلع الاخرى منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الإثنين  16/حزيران/2008 - 12/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م