سلع عالمية تتحدى العقوبات الاقتصادية

شبكة النبأ: رغم العقوبات التي تفرضها الادارة الامريكية على كل من إيران والسودان، إلا ان السوق الخاصة التي تأتي عن طرق التهريب وغيرها، باتت تروج وبشكل كبير لسلع أمريكية داخل دول تصب العداء لها، وبالتالي فرضت واشنطن عليها عقوبات قاسية وعلى مدى عقود مثل ما هو حاصل مع إيران.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير عن السلع والمنتجات الامريكية التي تتواجد في الاسواق المحرمة، حيث الدول التي تفرض واشنطن عليها العقوبات والمقاطعة الدولية:

رغم العقوبات المستمرة الماركات الأمريكية متوفرة

حين تقود سيارتك في شوارع الخرطوم وطهران المختنقة مروريا يمكن أن تنسى أنهما تعانيان من فرض الولايات المتحدة عقوبات عليهما منذ سنوات.

وعند مغادرة المطار الرئيسي بالسودان ترى من بين أوائل الاشياء التي تقع عيناك عليها اكبر رمز للرأسمالية الامريكية الا وهو الشكل التقليدي لزجاجة الكوكاكولا مطبوعة على لافتات ملونة الى جانب لوحة اعلانية ضخمة لشركة بيبسي المنافسة.

واذا ذهبت الى مركز بايتخت التجاري للتسوق في العاصمة الايرانية طهران تستطيع بسهولة الحصول على جهاز كمبيوتر محمول من ماركة ديل وأن تختار من بين مجموعة من الهواتف المحمولة من انتاج شركة موتورولا وأن تقارنها بأحدث أجهزة اي فون التي تنتجها شركة أبل. والاي فون جهاز يحتوي على مشغل ملفات متعددة الوسائط وهاتف خلوي وجهاز اتصال لاسلكي. بحسب رويترز.

ان هذه المنتجات هي من بين الماركات الامريكية الشهيرة التي بقيت على أرفف المحلات في السودان وايران في مواجهة بعض أقسى القيود التجارية التي فرضت على الاطلاق.

فالمهربون مثل هؤلاء الذين يمرون عبر مضيق هرمز في زوارق سريعة من عمان الى ايران وتجار "السوق الرمادية" الذين يعملون خارج القنوات التجارية المصرح بها من قبل المصنعين يشحنون البضائع الغربية من خلال دبي ومحاور أخرى.

لكن مغامرتهم تضاهيها مغامرة مجموعة من الشركات الامريكية الرائجة التي شقت طريقها في سوقي البلدين الضخمين مع الالتزام بالقانون.

فقد حصلت عملاقتا المشروبات الامريكيتان كوكا كولا وبيبسيكو على تراخيص بالتصدير من مكتب مراقبة الاصول الاجنبية بوزارة الخزانة الامريكية باستخدام تشريع يسمح للدول المدرجة على القائمة السوداء بشراء السلع الزراعية الامريكية والادوية والمعدات الطبية.

وتقول كوكاكولا ان الشراب الذي تقوم عليه مشروبات الشركة يصنف على أنه منتج زراعي. وذكرت بيبسي أن سلعها أنتجت في السودان بموجب ترخيص من مكتب مراقبة الاصول الاجنبية بوزارة الخزانة الامريكية، وأحجمت عن التعقيب على الترتيبات الخاصة بايران.

وتصدر الشركتان الشراب الاساسي لشركات مستقلة في السودان وايران تقوم بدورها بانتاج المشروبات الغازية في مصانعها وتبيعها في زجاجات وعلب هي صورة طبق الاصل من الزجاجات والعلب التي تحمل العلامة التجارية لكل من كوكاكولا وبيبسي في اي مكان اخر.

وقال دانا بولدن المتحدث باسم كوكاكولا ان الدافع الرئيسي وراء العمل في السودان وايران هو مراقبة الجودة.

وأضاف، نريد ضمان مراقبة الجودة وحماية ماركاتنا المسجلة مع شركات التعبئة المستقلة.

ولا يسمح لكوكاكولا بتقديم اي دعم تسويقي لشركات التعبئة على الارض وليس لها استثمارات في تلك الشركات او تعاملات مباشرة مع الحكومات.

وفي ايران يقول محللون وأصحاب متاجر ان هناك طلبا هائلا على المنتجات الغربية رغم عقود من الحكم الاسلامي والخطاب المناهض للولايات المتحدة الذي يصفها "بالشيطان الاعظم".

ويقول المحلل السياسي والاقتصادي الايراني سعيد ليلاظ: العقلية الايرانية قريبة جدا من العقلية الامريكية (فيما يتعلق) بالاستهلاك... نمط الحياة الامريكي شهير جدا في ايران.

وشددت العقوبات الامريكية التي فرضت على ايران بعيد قيام الثورة الاسلامية عام 1979 في مواجهة خطط طهران النووية المثيرة للجدل. كما فرض مجلس الامن الدولي عليها عدة جولات من العقوبات.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على السودان عام 1997 بشأن سجله لحقوق الانسان ورعايته المزعومة للارهاب. كما فرضت عقوبات جديدة من جانب واحد على اكبر دولة افريقية في مايو ايار 2007 بسبب الصراع في دارفور الذي وصفه الرئيس الامريكي جورج بوش بالابادة الجماعية.

وأودت أعمال العنف في دارفور المستمرة منذ خمسة أعوام بحياة ما يقرب من 200 الف شخص وأدت الى نزوح قرابة 2.5 مليون اخرين وفقا لما يقوله خبراء دوليون. وترفض الخرطوم تعبير الابادة الجماعية وتقدر عدد القتلى بنحو عشرة الاف.

وانتقد نشطاء في مجال حقوق الانسان الشركات الاجنبية التي لها تجارة في السودان وقد واجهت كوكاكولا انتقادات بسبب رعايتها لاولمبياد بكين الذي يعقد هذا العام بسبب دعم الصين للحكومة السودانية.

وقال ايريك ريفز وهو أكاديمي امريكي وعضو في مجموعة الضغط التي تقودها الممثلة ميا فارو والمسماة "احلموا من أجل دارفور" التي تستهدف رعاة اولمبياد بكين: أعتقد أن على كوكاكولا القيام بكل ما في وسعها لمنع تواجد منتجاتها في الخرطوم. يجب أن ينطبق هذا على جميع الشركات الاجنبية التي تستثمر في الخرطوم.

وقال ادام ستيرلينج مدير قوة مهام تجريد السودان التي تحث المستثمرين على سحب أموالهم من بعض المؤسسات التجارية هناك ان حملته لا تستهدف كوكاكولا او بيبسي لانهما لا تنطبق عليهما مواصفات الشركات التي تركز عليها الحملة وهي تلك التي تعمل في مجالات النفط وانتاج الطاقة والتعدين والعسكرية.

ولم تكشف كوكاكولا او بيبسي عن أرقام مبيعاتهما في السودان وايران غير أنه في الاشهر الثلاثة الاخيرة حتى نهاية مارس اذار 2008 سجل قطاع افريقيا في شركة كوكاكولا أرباحا صافية بلغت 314 مليون دولار وهو اكثر من نسبة أربعة في المئة بقليل من اجمالي أرباح الربع.

وتمثل مبيعات قطاع الشرق الاوسط واسيا وافريقيا في بيبسيكو 12 في المئة من جملة مبيعاتها التي بلغت 39.47 مليار دولار العام الماضي وسبعة في المئة من أرباح التشغيل البالغة 7.92 مليار دولار وفقا لما جاء في تقريرها السنوي. ومثلت شركة بيبسي انترناشونال 26 في المئة من اجمالي عائدات عام 2007 .

وتتطلع كل من بيبسي وكوكاكولا الى الاسواق الناشئة بسبب تباطؤ النمو في الولايات المتحدة.

وقال جاري برادشو وهو مدير محفظة في مؤسسة هودجز لادارة رأس المال ومقرها دالاس والتي تملك حصصا في كوكاكولا وبيبسي: أعتقد أنهما تؤمنان بأن هذه الاسواق الناشئة ستساعد في نموهما بمرور الوقت... هاتان الشركتان لا تحملان اي ضغينة ضد الشعب او أي شيء. من الواضح أنهما تريدان تنمية أعمالهما.

ومن بين الاسماء الامريكية التي لها تواجد كبير في السودان شركة وسترن يونيون ومقرها كولورادو وهي اكبر شركة لتحويل الاموال في العالم. وتستطيع أن ترى لافتاتها بلونيها الاصفر والاسود المميزين في المراكز التجارية وعلى الطرق في أنحاء الخرطوم.

وتقول الشركة التي لها 17 وكيلا في السودان انها ملتزمة بتوجيهات مكتب الاصول الاجنبية بشأن القواعد المنظمة للعمل في السودان كما تطبق قواعدها التنظيمية الخاصة بها هي الاخرى.

وقالت كريستين كيلي مديرة العلاقات الاعلامية لوسترن يونيون بالسودان في رد أرسلته بالبريد الالكتروني لرويترز: لا يمكن أن يقوم أي أشخاص او وكلاء او مؤسسات تجارية خاصة او منظمات خيرية او أي مؤسسات أخرى لها صلة مباشرة او غير مباشرة ايا كان نوعها بأي هيئات حكومية في السودان بارسال او استقبال الاموال.

ويقول السودان الذي ينتج نحو 500 الف برميل نفط يوميا ان تأثير العقوبات ضئيل للغاية حيث لا يربط بينه وبين الولايات المتحدة علاقات تجارية مباشرة.

وتمتع الاقتصاد الذي يعتمد على النقد الى حد كبير بمعدلات نمو حقيقية بلغت في المتوسط سبعة في المئة على مدار السنوات العشر المنصرمة ويعود الفضل في هذا جزئيا الى الاموال الصينية والاسيوية. وتبلغ التوقعات الرسمية لعام 2008 ثمانية في المئة مثل العام السابق.

وحصدت ايران رابع اكبر دولة منتجة للنفط على مستوى العالم عائدات غير متوقعة في الاعوام الاخيرة بسبب ارتفاع أسعار النفط وتقول ان اقتصادها ينمو بمعدل يزيد عن ستة في المئة سنويا.

وتقول طهران ان العقوبات ليس لها تأثير لكن خبراء اقتصاد يقولون ان العقوبات التي فرضت منذ عام 2006 جعلت الشركات الغربية اكثر حذرا بشأن الاستثمار غير أنها ما زالت دولة جاذبة لشركات النفط الكبرى.

ولم تقلل العقوبات من الحماس للثقافة الشعبية الامريكية الرائجة بين جيل الشباب من الايرانيين بفضل الانترنت والقنوات الفضائية التلفزيونية.

في احد متاجر البقالة بمركز بايتخت للتسوق في طهران تزخر الارفف بمنتجات "صنعت في الولايات المتحدة" من بينها مستردة فرنسية وكاتشاب هاينز وشراب هيرشي.

وقال اوميد (30 عاما) ويملك متجرا يبيع منتجات شركة ابل للكمبيوتر وأحجم عن الكشف عن اسم عائلته ان له شريك أمريكي طلب أجهزة كمبيوتر وبضائع أخرى ثم شحنها الى دبي.

وأضاف، نعيد تغليف (الشحنة) ونرسلها الى هنا... انها مشكلة لكنها ليست شديدة الصعوبة.

وقال علي ابراهيمي (45 عاما) الذي يملك متجرا للادوات الرياضية انه لا يواجه مشاكل كبرى في الحصول على مضارب تنس من نوع ويلسون او زلاجات من نوعية كيه2 أو أحذية نايكي.

وأضاف، حين تقول صنع في امريكا فان هذا أفضل شيء تستطيع تقديمه (للزبائن الايرانيين).

وليست التجارة من جانب واحد. فاذا فحصت الكتابة المدونة بخط صغير في تشريع العقوبات ستجد اعفاءات لبعض الواردات الى الولايات المتحدة من دول مدرجة على القائمة السوداء أبرزها السجاد من ايران والصمغ العربي من السودان.

والصمغ العربي ضمن أشياء أخرى مكون رئيسي في الطلاء والمواد اللاصقة وبعض اشهر المشروبات ومن بينها بعض منتجات شركتي كوكا كولا وبيبسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  28 أيار/2008 - 21/جماد الاول/1429