هل قلت غسيل الاموال؟

انها لازالت قذرة..

شبكة النبأ: غسيل الاموال وتبييضها احدى الجرائم المزدهرة في العالم في الوقت الحاضر والتي تلحق خسائر فادحة كل عام في اقتصاديات العديد من الدول الغنية والفقيرة...

غسيل وتبييض الأموال 

هذان المصطلحان لهما مدلولان متقاربان، يختلفان في منطوقهما، ويلتقيان في مفهومها..

غسيل الأموال:

إن شيوع المخدرات، وانتشارها، والتهافت على تناولها جعل منها سوقاً رائجة، تدر أرباحاً خيالية، وهي وإن كانت تعتمد على مغامرات تقوم بها مافيات متخصصة إلاّ أنها أخيراً تستقر في أسواق معينة لتباع بالقطاعي (المفرق) ليسهل تناولها يومياً من قبل المدمنين عليها.

فأصبح لها أسواق خاصة موصوفة للزبائن فقط. فيجري بيعها يومياً قطعاً متفرقة، وهذا يستلزم أن تتناولها الأيدي البائعة والمشترية قطعاً صغيرة مستخرجة من أغلفتها، وعندئذٍ يكون لها روائح معينة تلصق بأيدي بائعيها كما تلتصق هذه الروائح تلقائياً بالأموال المدفوعة ثمناً لها، وما إن يأتي آخر النهار إلا وهناك كميات كبيرة من الورق النقدي، وكلها لها روائح معروفة، فلا يستطيع أصحابها إرسالها إلى البنوك وهي على هذا الحال، فيقومون بعملية غسيل لها وتنظيفها من هذه الروائح حتى لا ينكشف سرها.

أما عملية الغسيل هذه فتكون بوسائل معروفة لديهم لا تؤثر على هذه الأوراق النقدية. فإما أن يكون الغسيل بعملية تبخير، أو ببعض المواد المزيلة لروائحها ولا تؤثر عليها. وعندئذٍ وفي أواخر الدوام يدفعونها إلى حساباتهم في البنوك دون أية شبهة تطالهم. فهو في حقيقته غسيل بمعنى الكلمة، ولكن بوسائل معينة مخصصة لهذا الغرض، هذا هو واقع غسيل الأموال من حيث دلالة منطوق الكلمة.

هذا في بدايات استعمال هذا الاصطلاح (غسيل الأموال) أي إزالة الروائح عن هذه الأموال حتى لا يتعرف على مصدرها ويشتبه في أنها ناتجة عن مصادر المخدرات ونحوها. ثم تطور (غسيل الأموال) ليصبح مدلوله يعني استعمال وسائل مالية وحيل خادعة لإضفاء الشرعية والقانونية على هذه الأموال المكتسبة من مصادر قذرة غير مشروعة.

وهكذا أصبح (غسيل الأموال) بمعنى (تبييض الأموال) وصار الاصطلاحان بمعنى واحد.

 تبييض الأموال

إن كلمة غسيل الأموال وكلمة تبييض الأموال يلتقيان في دلالة مفهومهما. وهذا يعني استخدام حيل ووسائل وأساليب للتصرف في أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة، وغير قانونية، لإضفاء الشرعية والقانونية عليها. وهذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشوة والاختلاسات والغش التجاري وتزوير النقود، ومكافآت أنشطة الجاسوسية.

فاصطلاح غسيل الأموال، وتبييض الأموال اصطلاح عصري وهو بديل للاقتصاد الخفي أو الاقتصاديات السوداء أو اقتصاديات الظل.

وهو كسب الأموال من مصادر غير مشروعة، وأحياناً يتم خلط هذه الأموال الحرام بأموال أخرى حلال، واستثمارها في أنشطة مباحة شرعاً وقانوناً لإخفاء مصدرها الحرام والخروج من المساءلة القانونية، بعد تضليل الجهات الأمنية والرقابية.

فمن الأساليب التي يجري على أساسها غسيل هذه الأموال غير المشروعة التي يتم تحصيلها من عمليات السرقة وتسهيل الدعارة والرشوة وتهريب المخدرات وتهريب البشر والمتاجرة بالأطفال، ونوادي القمار أن يقوم أصحاب الأموال غير المشروعة هذه بإيداعها في بنوك أو تحويلها بين البنوك لدمجها مع الأموال المشروعة، وإخفاء مصادرها الأصلية. وقد يتم تحويل هذه الأموال من البنوك الداخلية إلى بنوك عالمية لها فروع كثيرة في العالم. ثم تقوم البنوك الخارجية نفسها بعملية تحويل أخرى للأموال عبر فروعها المختلفة، وبعد ذلك يقوم أصحابها بسحب أموالهم من البنوك لشراء الأراضي، أو المساهمة في شركات عابرة القارات.

والدول التي ينتشر فيها الفساد بكثرة تكوّن بؤراً يكثر فيها غسيل الأموال وتتقدمها روسيا. وأشهر قضية غسيل أموال كان بطلها زوج ابنة الرئيس الروسي يلتسن.

ويصف الفقهاء عملية غسيل الاموال بانها التصرفات المالية المشروعة لاموال اكتسبت بطرق واساليب غير مشروعة عن طريق استخدامه ولمرات عديدة وفى اوجه مختلفة وباساليب عديدة فى وقت قصير فى الاستثمارمثل الايداع فى البنوك المحلية والخارجية عن طريق ادخال الاموال او اخراجها او تحويلها عبر عدة عمليات مصرفية او تدوير ذلك المال فى انشطة مشروعة كثيرة مثل شراء الاراضى والعقارات والمشروعات السياحية والصناعية او تاسيس الشركات وبعضها وهمية او المضاربة بالمال فى البورصات او التجارة وغير ذلك من الاساليب لاخفاء المصدر غير المشروع للمال وتضليل الاجهزة الرقابية والامنية للافلات من العقوبات القانونية المقررة على تلك الجرائم الاقتصادية المسماه بجريمة غسيل الاموال.

مفهوم ونطاق جرائم غسل الاموال

ان اصطلاح غسيل الاموال يرجع من حيث مصدره الى عصابات المافيا ، حيث كان يتوفر بيد هذه العصابات اموال نقدية طائلة ( غالبا بفئات صغيرة ) ناجمة عن الانشطة غير المشروعة وفي مقدمتها المخدرات والقمار والانشطة الاباحية والابتزاز وتجارة المشروبات المهربة وغيرها، وقد احتاجت هذه العصابات ان تضفي المشروعية على مصادر اموالها عوضا عن الحاجة الى حل مشكلة توفر النقد بين يديها ومشكلة عدم القدرة على حفظها داخل البنوك، وكان احد ابرز الطرق لتحقيق هذا الهدف شراء الموجودات وانشاء المشاريع، وهو ما قام به احد اشهر قادة المافيا ( آل كابون )، وقد احيل ( آل كابون ) عام 1931 الى المحاكمة، لكن ليس بتهمة غسيل الاموال غير المعروفة في ذلك الوقت، وانما بتهمة التهرب الضريبي، وقد اخذ الحديث مداه عن المصادر غير المشروعة لهذه الاموال في تلك المحاكمة خاصة عند ادانة ( مير لانسكي ) لقيامه بالبحث عن وسائل لاخفاء الاموال باعتباره المحاسب والمصرفي العامل مع آل كابون، ولعل ما قام به ( ميرلانسكي ) في ذلك الوقت وفي بدايات تطور الصناعة المصرفية يمثل احد ابرز وسائل غسيل الاموال فيما بعد، وهي الاعتماد على تحويل نقود الى مصاريف اجنبية واعادة الحصول عليها عن طريق القروض.

وقد عاد المصطلح ( غسيل الاموال) للظهور مجددا على صفحات الجرائد ابان فضيحة (ووترجيت ) عام 1973 في امريكا، لكن ظهوره القانوني تحقق في اول دعوى امام القضاء الامريكي عام 1982، ومنذ ذلك الوقت جرى شيوع الاصطلاح للدلالة على انشطة اسباغ المشروعية على الاموال القذرة المتحصلة من مصادر غير مشروعة عن طريق ادخالها ضمن دائرة الاموال المشروعة في عملية تتخذ مراحل متتعددة واشكال عديدة تؤدي بالنتيجة الى اظهار المال وكان له مصدرا مشروعا.

ويعد تعريف دليل اللجنة الاوروبية لغسيل الاموال الصادر لعام 1990 الاكثر شمولا وتحديدا لعناصر غسيل الاموال من بين التعريفات الاخرى التي تضمنتها عدد من الوثائق الدولية والتشريعات الوطنية، ووفقا للدليل المذكور فان غسيل الاموال (( عملية تحويل الاموال المتحصلة من انشطة جرمية بهدف اخفاء او انكار المصدر غير الشرعي والمحظور لهذه الاموال او مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم )) وعملية الاخفاء او الانكار تمتد لحقيقة او مصدر او موقع او حركة او ترتيبات او طبيعة الحقوق المتحصلة من هذه الاموال او ملكيتها مع توفر العلم ان هذه الاموال متحصلة من جريمة جنائية، ووفقا لهذا التعريف فان غسيل الاموال بالمعنى البسيط هو اظهار المال الناتج عن جرائم جنائية - كترويج المخدرات او الارهاب او الفساد او غيرها - بصورة اموال لها مصدر قانوني ومشروع.

وحسب الهيأة الوطنية الامريكية  للعقود الآجلة غسيل الأموال يحصل عندما يتم إدخال أموال من نشاطات غير قانونية أو إجرامية إلى الجهاز المالي، في هذه الحالة وكأنما تظهر هذه الأموال قد صدرت من مصادر مشروعة. يتبع غسيل الأموال ثلاث مراحل. أولا، يتم وضع الكاش أو ما يوازي الكاش في الجهاز المالي. ثانيا، تحول الأموال أو تنقل إلى حسابات أخرى ( على سبيل المثال: حسابات عقود آجلة ) عن طريق سلسلة من التحويلات المالية معتمدة لتضليل مصدر الأموال ( على سبيل المثال: القيام بمتاجرات بـ قدر قليل أو بانعدام خطورة مالية أو بتحويل موازنة الحسابات إلى حسابات أخرى ). و أخيرا، يعاد تقديم الأموال إلى الدورة الإقتصادية حيث تظهر الأموال و كأنها قد صدرت من مصادر شرعية ( على سبيل المثال : غلق حساب لعقود آجلة و تحويل الأموال إلى حساب بنكي ). حسابات المتاجرة التي حُملت من طرف تُجار العقود الآجلة (FCM) تعتبر إحدى الأدوات التي بإمكان إستعمالها لغسل أموال غير قانونية أو لتغطية المالك الحقيقي لهذه الأموال. و بالخصوص، حساب متاجرة بالإمكان إستعماله لتنفيذ معاملات مالية التي تساعد على تغطية مصادر الأموال. الحكومة الأمريكية تفرض مؤسسات مالية، من بينها تُجار العقود الآجلة (FCM) أو العملاء المقدمين (IB)، للشعور بالأهمية البالغة لخروقات غسيل الأموال التي بإمكانها أن تحصل في ما يخص حساب زبون، وتطبيق برنامج حماية للوقاية، والكشف، والتقرير على نشاطات مريبة محتملة.

اساليب غسيل الاموال

يمكن تلخيص عملية غسيل الاموال عبر اساليب عديدة تتدرج من البساطة الي التعقيد وهذه تتلخص بما يلي:

أولاً: التهريب: وهو من ابرز الاساليب التي يتم بها غسيل الاموال فيقوم اصحاب هذه الاموال بتهريبها خارج البلاد.

ثانياً: عمليات البيع والشراء: يتم التمويه عن مصدر هذه الاموال عن طريق شراء الاشياء العتيقة كالعقارات والذهب واللوحات النادرة ثم يتم في مرحلة لاحقة بيعها والحصول علي صكوك تستخدم في فتح حسابات مصرفية.

ثالثاً: نقل الاموال عن طريق المؤسسات المالية غيرالمصرفية: وهي المؤسسات التي تساهم في عمليات تبادل النقود مثل شركات الصرافة وشركات سمسرة الاوراق المالية.

رابعاً: شركات الواجهة: هنا يلجأ غاسلو الاموال الي انشاء شركات صورية لا تحقق الغرض المنصوص عليه في عقد التأسيس بل تقوم بالوساطة في عمليات غسيل الاموال وهي لا تخضع للرقابة التي تخضع لها المصارف. خامساً: التمويل اليومي للنقود: يتم ايداع النقود لدي احد المصارف ثم يحولها اصحابها الي مصارف اخري والمصرف الذي ينفذ عملية التحويل لا يعلم الغرض منه اذ يعمد غاسلوا الاموال الي استخدام هذا الاسلوب لايداع الاموال لدي مصارف في الخارج دون الحاجة الي الاعلان عن اسمائهم. سادساً: المصارف الالكترونية وهي من اهم واخطر الوسائل التكنلوجية الحديثة اذ تتيح لغاسلي الاموال نقل كميات ضخمة من الاموال بسرعة وامان بالقيام بالعمليات المالية وادخال شفرة سرية من ارقام او احرف بواسطة الكومبيوتر فيستطيع تحويل الاموال بالطريقة التي يأمر بها الجهاز.

سابعاً: البطاقة الذكية: وهي البطاقة التي تقوم بصرف النقود التي كان قد سبق تحميلها من العميل مباشرة الي (القرص المغناطيسي) عن طريق ماكنة تحويل آلية او أي (هاتف معد) لهذا الغرض، ولهذه البطاقة خاصية الاحتفاظ بملايين الدولارات مخزنة علي القرص الخاص بها فيمكن بسهولة نقل هذه الاموال الكترونيا الي بطاقة اخري، وهذه الطريقة غير معروفة في العراق لكونه لم يدخل هذا النظام المتطور بعد، وفي نية الحكومة الاستفادة من هذا النظام عبر صرف رواتب المتقاعدين في العام القادم، وقبل ان ننهي مقالنا نذكر هنا في 15/10/1997 قامت الحكومة السويسرية بالايعاز الي مصارفها بتجميد حسابات رئيسة وزراء الباكستان آنذاك (بنازير بوتو) وعائلتها بناء علي طلب من الحكومة الباكستانية اذ تبين للحكومة السويسرية انه يوجد سبعة حسابات لها في المصارف السويسرية تزيد علي ثمانين مليون دولار لا شك ان هذا الاتجاه يكشف عن روح جديدة عكست استجابة الحكومة السويسرية لابراز مقاومتها في مجال مكافحة غسيل الاموال حفاظاً علي سمعة مصارفها وهذا ما يدعو الحكومة العراقية الي الكشف عن المتورطين في نقل الاموال العراقية الي الخارج بطرق غير مشروعة مما يجعل الاقتصاد العراقي يأن تحت وطأة هذه الآفة... تبقي هذه الدعوات مجرد امنيات في ظل هذا الانهيار التام لمفهوم الدولة.

تقنيات تبييض الاموال

 تختلف تقنيات تبييض الاموال وتعدد ولكن الهدف منها واحد وهو شرعنة الاموا النتجة عن العمليات غير الشرعية وهذه التقنيات غير محصورة عادة ببقة جغرافية محددة، اذ تمتد إلى دول عدة وقد تسلك مسالك طويلة لاخفاء المصدر الحقيقي للاموال ومن ثم تعود إلى الدول الاساسية على انها اموال مشروعة. وهناك العديد من التقنيات نعدد بعضها:

-  الشراء نقداً: كشراء السيارات افخمة، والصكوك المالية، والمعادن الثمينة... بسعر اقل من قيمتها الحقيقية عبر دفع القمة الحقيقية نقداً وباليد ومن ثم بيعها بالسعر الحقيقي ولو بخسارة.

-  الاستثمار في القطاع السياحي: وهي طريقة لاخفاء وتمويه اموال غير شرعية وذلك باستثمارها في كازينوهات ومطاعم وفنادق، ومن ثم اظهرا هذه الموال على انها ارباح محققة شرعية.

-  الشكات القابلة للتظهير: وهي عمليات مسلسلة تهدف إلى اخفاء مصدر الاموال.

-  وكالات السفر: وذلك عن طريق شراء تذاكر سفر ومن ثم بيعها في بلد آخر او ردها في بلد آخر.

-  استعمال بطاقات الائتمان: حيث يقوم المبيض بإيداع حسابات ضخمة في البنوك في حساب البطاقة ثم يعمد إلى سحبها نقداً في اي في العالم.

-  التجارة البحرية: تقوم السفن بنقل اموال من دولة إلى اخرى.

-  انشاء الشركات: يعمد المبيضون إلى انشاء شركات مختلفة وجني ارباح وهمية منها، تكون هي الاموال المبيضة وقد يتم ايضاً انشاء شركات وهمية.

-  اندية القمار: وهي وسيلة مهمة لتبييض الاموال، حيث يتم اسبتدال الفيش وقسائم اللعب بالاموال النقدية ومن ثم ابدال الفيش بشيكات مسحوبة على المصارف.

-  التبييض عبر المصارف: تتعد حالات تبييض الاموال عبر المصارف وذلك بواسطة ايداعات نقدية او شيكات اكتتابات نقداً.. ومن اهم الدول التي يتم فيها تبييض الاموال عبر المصارف سويسرا لوكسمبورغ.

إلى ذلك نذكر، التحويلات من المغتربين، انشاء المؤسسات المالية، الفوترة المزدوجة، المضاربة بالبورصة، اللجوء إلى مكاتب السمسرة والوساطة، انشاء المؤسسات الاصلاحية والتعليمية والخدمات الاجتماعية، التبييض بالانترنت، تقنية الاعتماد المستندي، التحويل التلغرافي للاموال الحوالات البريدية.

 ارقام ودلالات

الإحصاءات والتقارير الاقتصادية تؤكد أن ظاهرة غسيل الأموال تتصاعد بشكل مخيف خاصة في ظل العولمة الاقتصادية وشيوع التجارة الإلكترونية ـ الغسيل الإلكتروني يتم في دقائق أو ثوانٍ معدودة من أجل الإسراع في إخفاء هذه العمليات الإجرامية ـ

وقد قدر خبراء الاقتصاد المبالغ المالية التي يتم غسلها سنوياً بترليون دولار، وهو ما يعادل 15? من إجمالي قيمة التجارة العالمية.

ويقول خبراء اقتصاديون: إن البنوك السويسرية بها ما يتراوح بين ترليون وترليوني دولار من الأموال التي جاءت من مصادر محرمة.

وذكر تقرير الأمم المتحدة مؤخراً أن سويسرا تحتل مرتبة متقدمة في الدول التي تستقبل الأموال المغسولة، والتي تصل إلى (750) مليون دولار سنوياً. وتتقاسم بقية الكمية كل من لوكسمبورغ وإمارة موناكو والنمسا وجمهورية التشيك وأخيراً (إسرائيل).

ويذكر صندوق النقد الدولي  إن حجم عمليات غسيل الأموال يتراوح ما بين 590 مليار إلى 1.5 تريليون دولار سنوياً، أي ما يعادل 2 – 5 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويقدر البعض أن إجمالي الدخل المتحقق من عمليات المخدرات يعادل 688 مليار سنوياً منها 5 مليارات في بريطانيا و 33 مليار في أوروبا و 150 مليار في الولايات المتحدة الأمريكية و 500 مليار في باقي دول العالم ، وأن هناك مجموعة منهم من المهنيين المتخصصين ومن حملة الدرجات العليا، وبالتالي فقد أصبحت عمليات غسيل الأموال صناعة لها أطقمها، وتأتي في المرتبة الثالثة بين الصناعات العالمية حسب القيمة.

كما يشير صندوق النقد الدولي إلى أن (تايلاند) تتصدر قائمة من 68 دولة يتم فيها الغسيل الإلكتروني على نطاق واسع.

إن ظاهرة تنامي الاستثمار الأجنبي المباشر، وحرية حركة الأموال بين كافة الدول المتقدمة والنامية، وظاهرة التوسع في المضاربات المالية من خلال البورصات، ليجعل عملية غسيل الأموال تنمو وتتكاثر، ويجعل الكثير من البنوك تتسابق لتأخذ من هذه الظاهرة … ما أمكن بالمراوغات والمخادعات، والالتفاف على القوانين أو أية إجراءات إدارية، وغالباً ما تتستر هذه العمليات وراء أسماء كبيرة لشركات أو مستثمرين. وكثيراً ما تتم مثل هذه العمليات في إندونيسيا وماليزيا وغيرهما من البلدان الإسلامية.

وقد أظهرت المناقشات أن حجم تجارة غسيل الأموال يتراوح حالياً وفقاً لإحصائيات صندوق النقد الدولي ما بين (950) مليار دولار و(1.5) ترليون دولار.

كما كشفت التقارير أن حجم الدخل المتحقق من تجارة المخدرات في العالم يصل إلى نحو (688) مليار دولار أميركي وأن (150) مليار دولار من هذه العمليات تحدث في الولايات المتحدة الأميركية و(5) مليارات في بريطانيا و(33) مليار في دول أوروبا و (500) مليار في بقية دول العالم.

الجهود الدولية لمكافحة غسيل الاموال

يمكن القول ان عام 1988 يمثل سنة الارتكاز بالنسبة للجهود الدولية في حقل غسيل الاموال على ان يكون مفهوما ان الاهتمام الدولي والإقليمي والوطني في هذا الموضوع قد بدأ قبل هذا التاريخ بسنوات ولكنه بقي ضمن اطار البحث العلمي ورسم الخطط وبناء الاستراتيجيات دون ان يصل الى اطار دولي لتوحيد جهود المكافحة، ففي عام 1988 وتحديدا في 19 /12/88 صدرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة انشطة ترويج المخدرات ( اتفاقية فينا 1988 ) وتعد اهم اتفاقيات الأمم المتحدة باعتبارها قد فتحت الانظار على مخاطر انشطة غسيل الاموال المتحصلة من المخدرات واثرها المدمر على النظم الاقتصادية والاجتماعية للدول، وهذه الاتفاقية لا تعد من حيث محتواها اتفاقية خاصة بغسيل الاموال اذ هي في الاساس اتفاقية في حقل مكافحة المخدرات، بيد انها تناولت انشطة غسيل الاموال المتحصلة من تجارة المخدرات، باعتبار ان تجارة المخدرات تمثل اكثر المصادر اهمية للاموال القذرة محل عمليات الغسيل. ومن المفيد ان نشير في هذا المقام ان الربط بين المخدرات وغسيل الاموال اوقع العديد من الدراسات القانونية في منزلق ادى الى تصور انشطة غسيل الاموال جزءا من انشطة المخدرات فقط، لكن لم تلبث الجهود العلمية والبحثية ان تبينت التمييز بينهما بل تتجه الان للقول بظهور مصادر جديدة للاموال القذرة اكثر اهمية من المخدرات مثل انشطة المقامرة وتحديدا عبر الانترنت والانشطة الاباحية وانشطة الفساد الاداري والمالي وتحديدا من قبل القيادات المتنفذة المدنية والعسكرية في مختلف الدول وفي مقدمتها دول العالم النامي.

الى جانب جهد الأمم المتحدة، وبعد عام واحد تقريبا تأسس اطار دولي لمكافحة جرائم غسل الاموال ( FINANCIAL ACTION TASK FORCE ON MAONEY LAUNDERING - FATF ) نشأ عن اجتماع الدول الصناعية السبعة الكبرى، وقد عكفت هذه المنظمة على تحديد انشطة غسيل الاموال وفتحت عضويتها للدول الراغبة، وشئ فشيء وعبر خبرائها ولجان الرقابة اخذت تكشف عن اوضاع غسيل الاموال في دول العالم كل ذلك عبر الية التقارير السنوية التي تصدرها وتحظى باهتمام الجهات الحكومية والتشريعية في مختلف دول العالم ، ففي تقريرها لعام 2000 مثلا حددت هذه المنظمة 15 دولة غير متعاونة في ميدان مكافحة انشطة غسيل الاموال من بينها دولة عربية واحدة هي لبنان التي بدورها تقدمت للمنظمة بايضاحات واعتراضات على وضعها ضمن هذه القائمة السوداء. ويرجع لهذه المنظمة الفضل في وضع اول دليل ارشادي لانشطة غسيل الاموال وهو في الحقيقة توصيات ( التوصيات الاربعون ) يجري الاعتماد عليها في وضع استراتيجيات المكافحة والتدابير التشريعية ويعتمد عليها من قبل المؤسسات المالية والمصرفية لتقيم ادائها في هذا الحقل.

أما من حيث الجهد القانوني فيظهر بشكل بارز في اطار الاتحاد الأوروبي، حيث صدر عام 1990 الاتفاقية الاوروبية المتعلقة باجراءات التفتيش والضبط الجرمي لغسيل الاموال وحددت الاطار الدولي للتعاون في حقل مكافحة الانشطة الجرمية لغسيل الاموال ومثلت الاطار القانوني الارشادي للبرلمانات الاوروبية في معرض اتخاذه التدابير وسن التشريعات للتعاون من اجل مكافحة جرائم غسيل الاموال. وعلى هدي التوصيات الاربعين الصادرة عن اطار الذي انشأته مجموعة الدول الصناعية السبعة صدر عن اللجنة الاوروبية / الاتحاد الأوروبي دليل الحماية من استخدام النظام المالي في انشطة غسيل الاموال لعام 1991 وقد هدف هذا الدليل الارشادي الى وضع اطار قانوني لجهات مكافحة غسيل الاموال في دول الاعضاء وقد جرى تطبيق محتواه في العديد من التشريعات الاوروبية منها قانون العدالة الجنائية البريطاني لعام 1993.

ومن حيث الجهد المالي وعلى صعيد الهيئات المتخصصة فان اللجنة الدولية للنظام البنكي والممارسات الاشرافية اصدرت مبادئ ارشادية للحماية من جرائم غسيل الاموال في كانون اول عام 1988 عرفت باسم ( BASLE STATEMENT OF PRINCIPLES )

وفي حزيران من عام 2000 قامت لجنة مكافحة غسيل الاموال للبلدان الصناعية السبعة باجراء تحقيق حول 31 بلداً لتورطهم في عمليات غسيل اموال وعلى ضوء الموضوع تم وضع (15) دولة في قائمة البلدان التي لم تبد تعاوناً في مكافحة غسيل الاموال ومن تلك الدول (إسرائيل، روسيا، لبنان، بنما،... الخ).

واشهر قضية غسيل اموال كانت لزوج بنت الرئيس الروسي السابق يلتسين حيث قام بسرقة 10 مليارات دولار من القروض الدولية الممنوحة لروسيا وتحويلها الى بنك اوف نيويورك الامريكي حيث قام البنك بدوره بتحويلها الى عشرات البنوك الاخرى المنتشرة في العالم وهذا الموضوع يذكرنا بما دار خلف كواليس الكونغرس الامريكي قبل ايام حين تسربت اخبار تفيد ان الحكومة الامريكية فقدت اثر 9 مليارات من اموال الدول المانحة المخصصة لاعمار العراق، فاين ياترى غسلت؟!

كما هددت فرنسا في تشرين الثاني من عام 2000 باتخاذ اجراءات تشريعية ضد امارة موناكو لانها تخفي معلومات حيوية فيما يتعلق بالحسابات المصرفية السرية ما لم تعزز امارة موناكو من اجراءاتها ضد غسيل الاموال علما ان النظام المصرفي في موناكو يخضع لسلطة اللجنة المصرفية الفرنسية.

وفي حزيران من عام 2001 اجتمع ممثلو ثلاثين دولة من اغنى دول العالم في فرنسا لبحث سبل مكافحة عمليات غسيل الاموال.. وفي عام 2002 القت السلطات في الامارات العربية المتحدة القبض على اشخاص اتهموا بالتورط بنشاطات غسيل اموال بينهم عرب واجانب..

وفي نهاية عام 2002 اضطرت نيجيريا وقبل يوم واحد من نهاية مهلة حددتها الدول الغنية والصناعية الى سن ثلاثة قوانين لمكافحة غسيل الاموال حتى لا تواجه عقوبات دولية حيث قال مكتب الرئيس النيجيري (ارسلت نسخة من قوانين مكافحة غسيل الاموال لعام 2002 الى رئيس قوة العمل المالي).

وفي شهر آب من عام 2003 اصدرت محكمة سويسرية حكماً على رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بناظير بوتو وزوجها آصف ازادي بالسجن ستة اشهر مع غرامة 50 الف دولار بتهمة غسيل اموال، حيث قال القاضي انهما اودعا ملايين الدولارات بشكل غير مشروع في المصارف السويسرية..

وفي عام 2004 اعلنت الشرطة الكولومبية والكندية والبريطانية اعتقال شبكة لعمليات غسيل اموال المخدرات الكولومبية وصادرت ملايين الدولارات وجمدت اكثر من 20 حساباً بنكياً منفصلاً، بعضها في بنوك بريطانية عريقة..

ومن الاتفاقيات التي وقعت في سبيل مكافحة تبييض الاموال، اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية عام 1988 في فيينا، وقد انضمت إلى هذه الاتفاقية 103 دول حتى العام 1994 وانبثقت عنها مجموعة غاني لمكافحة تبييض الاموال. كما عقدت عدة مؤتمرات اخرى منها مؤتمر ستراسبورغ عام 1990 وتقارير الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات والمؤتمر الوزاري لمكافحة الجريمة الدولية المنظمة عام 1994 في ايطاليا، والمؤتمر التاسع لمنع الجريمة عام 1995، ومؤتمر المخدرات وتبييض الاموال عام 997 في ميامي في الولايات المتحدة الاميركية، ومؤتمر وزراء الخارجية العرب عام 1994، ومؤتمر التعاون الامني العربي عام 1996... كما قامت اغلبية الدول بإصدار تشريعات داخلية هدفها محاربة تبييض الاموال، كالتي اصدرتها الولايات المتحدة بمنع تبييض الاموال ومعاقبة مرتكبيه بالحبس والغرامة. كذلك اصدرت السلطات التشريعية الفرنسية قوانين هدفها مكافحة تبييض الاموال ووسعت نطاقها لتشمل جميع الاموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة. واهتمت السلطات السويسرية بمكافحة تبييض الاموال وخصوصاً انها مركز عالمي يستقطب الاموال المبيضة من جميع انحاء العالم. كذلك بالنسبة للدول العربية التي اقرت قوانين مكافحة تبييض الاموال مثل مصر وسوريا ولبنان وقطر وباقي الدول العربية، مع الاشارة انه حسب التقارير الدولية فإن دول الخليج العربي هي اقل دول يحصل فيها عمليات تبييض اموال حتى يمكن القول انها معدومة فيها.

مصريا قام البنك المركز المصرى براسة د. فاروق العقدة بانشاء وحدات ذات طابع خاص او مستقلة داخل البنك هى ( وحدة مكافحة غسيل الاموال ) تقوم على تطبيق قانون غسل الاموال رقم 80 لسنة 2002 ولا ئحته التنفيذية والتشريعات السابقة عليه ويراس الوحدة مساعد وزير العدل المصرى ومنح القانون للنائب العام المصرى الحق فى منع الشخص المتهم من التصرف فى امواله وامتداد هذا المنع الى زوجته واولاده القصر ان شاء.

ومنذ صدر قانون مكافحة غسبل الاموال سنة 2002 رفع اسم مصر من بين الدول المصنفة بانها غير متعاونة فى مجال غسل الاموال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 21 أيار/2008 - 14/جماد الاول/1429