مصر: إرهاصات اقتصادية وسياسية تقوض خلافة الإبن لأبيه

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: التوترات الاجتماعية التي تعصف بمصر على مدار العام الماضي أدت الى تناقص التوقعات التي انتشرت على نطاق واسع بأن جمال مبارك سيخلف والده الرئيس حسني مبارك في رئاسة اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان. وذلك على خلفية الشعور العام في مصر بعدم الرضا عن الاداء الحكومي وسياسة الحزب الحاكم خاصة فيما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية والسياسية..

فمصر تشهد الان موجة غير مسبوقة من الاضرابات العمالية والغضب الشعبي بشأن ارتفاع الاسعار وضعف االاجور، تسببت في الشهر الماضي في تفجر أعمال شغب أسفرت عن سقوط ضحايا ربما تدفع الركائز الاساسية للنخبة الحاكمة مثل الجيش الى بحث سيناريوهات أخرى.

يقول مصطفى السيد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "لماذا يدعمون (المؤسسة الحاكمة) جمال مبارك ويجازفون بمواجهة رأي عام تحرر من الوهم بمرشح لا يحظى بالاجماع.."وأضاف "التحدي الامني هائل وهذه الخلافة قد تزيد الوضع المعقد بالفعل تعقيدا".

وفي الوقت الذي لم يطرح فيه المحللون بدائل للمرشحين للرئاسة فانهم استبعدوا احتمال أن ينتهي الامر باستيلاء جماعات معارضة مثل الاخوان المسلمين على الحكم قائلين ان هذه الجماعات لا تتمتع بالدعم الشعبي الكافي.

وقال المحلل السياسي عمرو الشوبكي لرويترز "سيكون هذا من داخل النظام وليس من جماعة الاخوان المسلمين".

ويتوقع اجراء الانتخابات الرئاسية التالية بحلول عام 2011 ولا ينتظر أن يخوض الرئيس مبارك (80 عاما) الانتخابات لولاية جديدة.

ولم يسبق أن عين مبارك قط نائبا لرئيس الجمهورية كما نفى ابنه (44 عاما) أن تكون له أي طموحات في الرئاسة. غير أن كثيرا من المصريين ولعدة سنوات اعتبروا جمال الخليفة لوالده لا محالة كما ضخ مستثمرون أجانب مليارات الدولارات في الاقتصاد في السنوات الاربع الماضية مراهنين على الانتقال السلس للسلطة من الاب الى ابنه.

وكان انتقال جمال الى دائرة الضوء في المسرح السياسي مثيرا. فهو موظف سابق في بنك استثماري عينه والده عام 2000 بالامانة العامة للحزب الحاكم. وقد تزايد نفوذه داخل الحزب وفي رسم السياسة الاقتصادية لمصر منذ ذلك الحين بشكل ملحوظ.

ويقول محللون انه لعب دورا رئيسيا في تشكيل الحكومة الحالية عام 2004 والتي تضم بين أعضائها رجال أعمال بارزين. ويعزو رجال اقتصاد الفضل للحكومة في جعل الاقتصاد ينمو بشكل اسرع مما كان عليه في أي وقت في العقدين الماضيين على الاقل.

ومن بين أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني التي يرأسها مبارك الابن مصرفيون ورجال أعمال بارزون. غير أن كثيرا من المصريين ينحون باللائمة على سياسات الحكومة وقيادات الحزب الحاكم البارزة والمرتبطة بجمال في ارتفاع الاسعار فضلا عن اتساع الهوة بين الفقراء والاغنياء. وارتفع معدل التضخم الى 14.4 في المئة خلال عام حتى مارس اذار لكن الحكومة تلقي باللائمة على ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.

والرئاسة هي مركز السلطة في مصر الى حد كبير ولكن اذا خوت المؤسسة فجأة فمن الممكن أن يدافع كل من الجيش والشرطة ورجال الاعمال والحزب الحاكم عن مصالحهم.

ويقول عمرو حمزاوي كبير الباحثين بمعهد كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن "من الصعوبة بمكان أن تراهن مؤسسة حاكمة كتلك الموجودة في مصر على سيناريو واحد". وأضاف أنه نتيجة "للوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي" في مصر فان أي رئيس جديد سيأتي الى الحكم "بشرعية منقوصة" مما سيصعب على القوى الرئيسية في البلاد أن تلتف حول أي مرشح مثير للجدل.

ولم يتخذ الجيش موقفا علنيا قط بشأن من سيخلف مبارك. وبدأ جميع رؤساء مصر منذ الاطاحة بالملكية عام

غضب في محطات الوقود بمصر بعد زيادة السعر

كان الامر بالنسبة لمنيب اسكندر وهو سائق مسن لسيارة اجرة باللونين الاسود والابيض أكثر تقريبا مما يتحمل حين استيقظ على أنباء قرار حكومي بزيادة سعر البنزين بنسبة 35 في المئة بين عشية وضحاها.

ووافق مجلس الشعب في خطوة مفاجئة على زيادات حادة في أسعار الوقود والسجائر ورسوم تراخيص السيارات اقترحها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم لتدبير اعتمادات لزيادة في مرتبات العمال والموظفين أعلنها الرئيس حسني مبارك الاسبوع الماضي. بحسب رويترز.

وقال اسكندر الذي يبلغ من العمر 60 عاما وهو يملأ خزان سيارته مترددا "لا أعرف كيف أعمل. سمعت (بهذا الامر) حالا هذا الصباح. عملت لفترة قصيرة وجئت لاملأ الخزان. الناس يريدون أن يدفعوا نفس الاجرة لكن البنزين يكلفني أكثر (الآن)."

وكان من شأن زيادة الاسعار التي وصفها سياسي من جماعة الاخوان المسلمين بأنها "مؤامرة على الفقراء" أن زاد سعر البنزين درجة 90 أوكتين بنسبة 35 في المئة ليصل الى 1.75 جنيه مصري (0.33 دولار) للتر وهو ما يعني فعليا رفع دعم الطاقة الذي سرى لفترة طويلة.

وقال مصريون ان سائقي سيارات الاجرة الذين يتقاضون أتعابهم بمساومة الركاب زادوا التعريفات وان بعض سائقي الحافلات الصغيرة رفضوا العمل مطالبين الحكومة بأن تسمح لهم بزيادة التعريفات بحوالي 25 قرشا للخطوط داخل المدن.

وقال حمدان عبد الله (55 عاما) الذي يعمل موظفا في الاسماعيلية احدى مدن قناة السويس "السائقون رفعوا أجرة التاكسي صباح اليوم. دفعت ثلاثة جنيهات بدلا من جنيهين كالمعتاد حتى أتمكن من الذهاب الى عملي. لا أستطيع السير على قدمي طويلا."

وقال شهود عيان ان بعض سائقي الحافلات الصغيرة الذين لم يسمح لهم بزيادة التعريفة قسموا خط السير الى قسمين يتقاضون عن كل قسم أجرة وبالتالي ضاعفوا التعريفة للمسافة التي كانوا يقطعونها في السابق.

ووعد رئيس الوزراء أحمد نظيف بألا يكون من شأن زيادات الاسعار رفع تعريفات وسائل النقل العام التي تملكها الدولة.

واقترح مبارك الذي يواجه استياء شعبيا من زيادة أسعار الطعام منح الموظفين والعمال زيادة في أساس الاجر نسبتها 30 في المئة بشرط أن تدبر الحكومة الاموال اللازمة للزيادة بدون زيادة في عجز الميزانية.

وأشادت صحيفة الجمهورية التي تملكها الدولة في عنوان على صدر صفحتها الاولى بقرار زيادة أسعار الوقود لتمويل زيادة المرتبات قائلة.. " الاولوية للفقراء في الموازنة الجديدة".

وتريد الحكومة منذ سنوات زيادة أسعار البنزين قائلة ان دعم الطاقة يفيد أساسا الاغنياء الذين يملكون سيارات كبيرة. وسوف يتحصل من الاجراء المتخذ مؤخرا  12 مليار جنيه.

لكن كثيرا من أعضاء الطبقة العاملة الفقيرة في مصر يقولون انهم سيتحملون عبء الزيادة في أسعار الوقود دون أن أن تصيبهم فائدة من الزيادة في المرتبات.

وقال مجدي محمود (48 عاما) ويعمل نجارا بينما يضع البنزين في خزان سيارة بيجو حمراء قديمة "ليس كل الناس يعملون في وظائف الحكومة. أنا لا أعمل في الحكومة ولن أستفيد من زيادة المرتبات."

وقال سامي عباس (34 عاما) الذي يعمل في محطة للوقود "هذا سيؤثر كثيرا على الاكراميات. الناس اعتادوا أن يعطوني جنيها أو جنيهين لكنهم الان لا يعطونني شيئا."

إضراب سائقي حافلات مطالبين بزيادة تعريفات الركوب

وقال شهود عيان ان المئات من سائقي الحافلات الصغيرة المملوكة ملكية خاصة في مصر أضربوا عن العمل يوم الثلاثاء مطالبين بزيادة تعريفات الركوب بعد يوم من زيادات في الاسعار أقرها البرلمان وشملت أسعار البنزين والسولار.

وقال أصحاب مخابز انهم سيضربون عن العمل اذا لم تعوضهم الحكومة عن الزيادة في أسعار السولار الذي تعمل به مخابزهم.

وقال الشهود ان مئات السائقين أضربوا عن العمل في محافظة الغربية بدلتا النيل وان الركاب تكدسوا في العديد من المحطات. بحسب رويترز.

وقال شاهد ان بعض السائقين الذين لم يشتركوا في الاضراب رفعوا تعريفات الركوب من تلقاء أنفسهم وان نسب الزيادة تراوحت بين 50 في المئة ومئة في المئة. وتضع الحكومة والمجالس الشعبية المحلية تعريفات ركوب حافلات نقل الركاب المملوكة ملكية خاصة.

ووافق مجلس الشعب يوم الاثنين على زيادات حادة في أسعار الوقود والسجائر ورسوم تراخيص السيارات اقترحها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم لتدبير اعتمادات لزيادة في مرتبات العمال والموظفين أعلنها الرئيس حسني مبارك مؤخرا.

وقال رئيس الوزراء أحمد نظيف بعد موافقة البرلمان على رفع الاسعار ان الزيادات التي ستتقرر في تعريفات ركوب الحافلات الصغيرة ستكون ضئيلة للغاية. وكان نظيف يدافع عن زيادات الاسعار التي قال سياسيون ومواطنون ان الفقراء سيتحملون أعباءها.

وقال شاهد في مدينة شبين الكوم عاصمة محافظة المنوفية بدلتا النيل ان حوالي مئة سائق أضربوا عن العمل لعدة ساعات في المدينة مطالبين بزيادة تعريفات الركوب لكن الشرطة تدخلت لانهاء الاضراب. وقال سائق ان ضباطا قالوا للسائقين ان تعريفات الركوب ستزيد خلال أيام.

ويقول السائقون ان زيادات أسعار السولار الذي تعمل به الحافلات الصغيرة تكلف الواحد منهم حوالي 50 جنيها (9.4 دولار) يوميا. وكثير من السائقين يشترون الحافلات الصغيرة بالاجل ويسددون أقساطا شهرية كبيرة لبائعيها.

وقال سائق لرويترز "هذا خراب بيوت." ويقول ركاب انهم لا يفضلون دفع تعريفة ركوب أكبر الا بعد صدور قرار رسمي بالتعريفات الجديدة.

وقال خبراء ان زيادة أسعار الوقود ستزيد التضخم المرتفع أصلا وستمحو بعض تأثيرات الزيادة في مرتبات الموظفين والعمال التي قررها مبارك بنسبة 30 في المئة من أساس الاجر.

وقال شاهد عيان في مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة التي تقع الى الشمال الغربي من القاهرة ان مشاجرات وقعت بين ركاب وسائقين في المدينة لاختلاف الطرفين على تعريفات الركوب.

وأضاف أن ضباط شرطة تدخلوا لفض المشاجرات وأبلغوا السائقين بأن تعريفات الركوب الجديدة قد تصدر خلال يوم.

وقال مصدر في محافظة قنا في جنوب البلاد ان المحافظ مجدي أيوب دعا لجنة خاصة من المجلس الشعبي المحلي للاجتماع ومناقشة تعريفات الركوب الجديدة في المحافظة تمهيدا لاصدار قرار بها.

وأضاف المصدر أن اجراءات أمن مشددة اتخذت في المحافظة وشملت محطات التزود بالوقود بعد اضطراب حدث في المحطات يوم الإثنين لدى بدء جلسة مجلس الشعب لمناقشة الزيادات في الاسعار وهي الجلسة التي أذيع جانب منها على الهواء مباشرة.

وقال محمد الزاهد وهو سائق سيارة أجرة في مدينة الاسماعيلية احدى مدن قناة السويس انه تشاجر ثلاث مرات مع ركاب بعد أن طلب أجرة زائدة بعد رفع أسعار البنزين.

24 منظمة حقوقية مصرية تطالب مبارك بعدم تمديد حالة الطوارئ

من جهة ثانية طالبت 24 منظمة حقوقية وغير حكومية مصرية الرئيس المصري حسني مبارك بعدم تمديد حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ توليه الحكم قبل 27 عاما.

وقالت المنظمات في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه انها تناشد مبارك عدم "تمديد حالة الطوارئ لمدة اخرى عند انتهاء العمل بها في 31 ايار/مايو الجاري من اجل استقرار البلاد واحتراما من مصر لتعهداتها الدولية".

واعتبرت المنظمات الاربع والعشرون ومن بينها المنظمة المصرية لحقوق الانسان والمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ومركز ابن خلدون لحقوق الانسان انه ليس هناك مبرر لاستمرار العمل بقانون الطوارئ اذ تتضمن القوانين العادية ما يكفل مواجهة الارهاب وهو الحجة الرئيسية التي تستند اليها الحكومة المصرية لاستمرار العمل بقانون الطوارئ.

واكد البيان انه لما كانت "القوانين العادية التي تضمنت نصوصا يمكن بها مواجهة الارهاب الذي تذرعت به الحكومة لمد العمل بقانون الطوارئ كفيلة بضمان الاستقرار في ظل العمل بها فان مد العمل بهذا القانون يفقد سند مشروعيته".

واضافت المنظمات ان "التعهدات الحكومية بعدم استخدام قانون الطوارئ في مواجهة اصحاب الراي والفكر وارباب القلم وانه يهدف الى ملاحقة الارهاب فقط" لم يتم الوفاء بها.

واشار البيان في هذا الصدد الى ان "المنظمات الموقعة ومن خلال رصدها ليوميات الاحداث تؤكد استخدام هذا القانون في مواجهة الصحفيين والنقابيين والعاملين في مجال حقوق الانسان وهو ما تدل عليه القضايا التي تنظرها محاكم امن الدولة-طوارئ والمحاكم العسكرية في الوقت الحالي".

وطالبت المنظمات الرئيس مبارك "بتنفيذ وعده الذي اعلنه في خطاب القاه اثناء حملته للانتخابات الرئاسية (في صيف 2005) بالغاء حالة الطوارئ في ايار/مايو 2008 او بمجرد الانتهاء من اعداد قانون مكافحة الارهاب ليهما اقرب".

وحالة الطوارئ سارية في مصر منذ اغتيال الرئيس المصري السابق انور السادات في السادس من تشرين الاول/اكتوبر 1981.

وكان وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري مفيد شهاب صرح في اب/اغسطس الماضي ان حالة الطوارئ ستلغي في مصر في نهاية 2008 سواء كان قانون مكافحة الارهاب جاهزا في ذلك التاريخ ام لا".

وكانت منظمة العفو الدولية وصفت تعديلات دستورية ادخلها نظام مبارك في اذار/مارس 2007 بانها "اخطر مساس" بحقوق الانسان منذ اعادة العمل بقانون الطوارئ عام 1981.

وانتقدت المنظمة بصفة خاصة تعدي المادة 179 الذي يتيح للسلطات اعتقال المشتبه بهم وتفتيش مراسلاتهم ومراقبة هواتفهم بدون اذن قضائي.

تصاعد جديد للتضخم

وواصل مستوى التضخم ارتفاعه في مصر بعد ان بلغ مؤشر التضخم في المدن في نيسان/ابريل 16,4 بالمئة خلال عام وهو ما يشكل رقما قياسيا مقابل 14,4 بالمئة في آذار/مارس بحسب احصائيات رسمية نشرت الخميس.

وفي الوقت الذي تجد فيه الحكومة نفسها وسط دوامة ارتفاعات متواصلة اوضح ابوبكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ان ارتفاع مؤشر التضخم يعود اساسا لارتفاع اسعار المواد الغذائية.

وفي خلال عام واحد ارتفعت اسعار المواد الغذائية بنسبة 22 بالمئة وبنسبة 1,6 بالمئة خلال شهر رغم خفض سعر الارز بنسبة 8,4 بالمئة والطحين بنسبة 6,5 بالمئة والزيوت النباتية بنسبة 2,4 بالمئة.

ولا يشمل هذا المؤشر الا المدن في حين لم يعلن المسؤول في الجهاز المركزي للاحصاء مؤشر ارتفاع الاسعار في المناطق الريفية ولا المؤشر العام الذي كان في حدود 15,8 بالمئة في آذار/مارس.

وبعد ان اعلن الرئيس المصري حسني مبارك عن رفع رواتب الموظفين بنسبة 30 بالمئة سجل ارتفاع في اسعار البنزين والسجائر بالخصوص بنسب تراوحت بين 30 و50 بالمئة. واشار الجندي الى ان هذه الارتفاعات ستنعكس على المؤشرات الشهرية المستقبلية في حين تساءل خبراء مستقلون عما اذا كانت مصر قد دخلت دوامة تضخم خارجة عن السيطرة.

ويتوقع ان يرفع البنك المركزي نسب الفوائد بنسبة 0,5 بالمئة بعد عمليتين مماثلتين في بداية 2008. وهي اصلا عند مستويات عالية تبلغ 9,5 بالمئة بالنسبة للايداع و11,5 بالمئة للقروض.

اضافة 17 مليون مواطن الى بطاقات التموين

وقال وزير التضامن الاجتماعي المصري علي مصيلحي ان الدولة ستضيف 17 مليون مواطن على الاقل الى حاملي بطاقات التموين لتخفيف اثر الزيادة في اسعار الغذاء كما ستضاعف كمية الارز التي توزع ضمن الحصص التموينية.

وصرح مصيلحي لرويترز بأن عدد المواطنين المؤهلين للحصول على حصص غذائية مدعمة سيرتفع الى 55 مليونا أي أكثر من 70 في المئة من سكان البلاد.

وقال في مقابلة ان موعد اغلاق تسجيل أفراد جدد للحصول على البطاقات هو 30 يونيو حزيران وقد تقدم حتى الان نحو 17 مليون مواطن مما يعني تغطية حوالي 55 مليون شخص.

وقفز معدل التضخم في مصر الى 16.4 بالمئة على أساس سنوي في ابريل نيسان وتحاول الحكومة احتواء استياء شعبي متزايد بسبب ارتفاع اسعار الغذاء وضعف الاجور. وقتل ثلاثة أشخاص في مدينة المحلة الكبرى بدلتا النيل الشهر الماضي في اشتباكات مع الشرطة بعدما حاول عمال النسيج تنظيم اضراب. ولم تضف مصر مواطنين الى بطاقات التموين منذ عام 1988.

والفقراء في مصر الذين ينفقون أغلب دخلهم على الغذاء هم الاكثر تضررا من ارتفاع اسعار الارز واللحوم والخضراوات وزيت الطهي وغيرها من المواد الغذائية.

وقال مصيلحي ان البطاقات الجديدة ستكلف الحكومة 1.7 مليار جنيه (317 مليون دولار) في السنة المالية 2008-2009 التي تبدأ أول يوليو تموز.

ويحق لحملة بطاقات التموين شراء كيلوجرامين من الارز أي ضعف الكمية التي كان مسموحا بها في السابق وكيلوجرامين من السكر و1.5 كيلوجرام من الزيت و50 جراما من الشاي للفرد الواحد شهريا مقابل 15 جنيها مصريا.

وكان الرئيس حسني مبارك وعد اواخر الشهر الماضي بزيادة أجور العاملين في الدولة والقطاع العام بنسبة 30 في المئة لكن الحكومة قررت هذا الاسبوع زيادة أسعار الوقود والسجائر ضمن سلسلة من التدابير التي تهدف لتدبير الموارد اللازمة لتمويل زيادة الرواتب.

واضاف مصيلحي أن مصر زادت أيضا كمية الخبز المدعم المتاحة هذا العام من خلال زيادة كمية الدقيق للافران بنسبة خمسة بالمئة واتخاذ اجراءات صارمة ضد التجارة في الدقيق بالسوق السوداء.

وزاد الزحام على شراء الخبز المدعم هذا العام مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاساسية الاخرى غير المدعمة مما دفع الى مزيد من الاعتماد على نظام دعم يستند بشكل كبير على واردات القمح باهظة التكلفة.

تقرير التنمية البشرية المصري يطالب بمزيد من الإصلاح

وأشار تقرير التنمية البشرية المصري لعام 2008 الصادر بعنوان «العقد الاجتماعي في مصر: دور المجتمع المدني»، الى أن مستويات الفقر في مصر انخفضت بالنسبة المئوية. لكن يجب التعامل مع هذا الانخفاض بحذر كبير، إذ أن هناك ضرورة قصوى للإسراع في تطويق نسب الفقر وأماكن انتشاره وتقليصها، إضافة إلى حتمية علاج بؤر الفقر المدقع التي لا تظهر في شكل واضح في النسب المئوية المعلن عنها.

ويُعتبر التقرير، الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع معهد التخطيط القومي، مثابة اعتراف دولي ومحلي بدور المجتمع المدني على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي في مصر في المرحلة المقبلة. إذ رأى أن المجتمع المدني هو الركيزة الثالثة، بعد الدولة والقطاع الخاص، لتحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة، بإمكاناته وموارده قادر على تعويض أوجه قصور الدولة والقطاع الخاص.

وأشار واضعوه إلى إمكان توكيل المجتمع المدني بجانب كبير من مهمة محاربة الفقر ليضطلع بدور لافت، شرط أن يحصل على الدعم والثقة اللازمين.

وعلى رغم انخفاض معدل الإنفاق على الاستهلاك لدى واحد بين كل خمسة مصريين إلى أقل من مستوى خط الفقر في 2007 مقارنة بـ 24.3 في المئة في 1990، وتراجع معدل الفقر بين الأعوام 1990 و2005 بمتوسط سنوي، يبلغ واحداً في المئة، لا تزال الحاجة ملحة بحسب التقرير، إلى تحقيق تراجع أسرع في نسبة عدد المصريين الرازحين تحت خط الفقر، على أمل خفض عدد الفقراء إلى النصف، أي إلى نحو 12.1 في المئة عام 2015. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وحذّر التقرير من توقعات ارتفاع نسبة الفقر داخل القاهرة من 4.6 في المئة في 2005 إلى 7.6 في المئة عام 2015، بسبب التجمعات العشوائية داخل المدينة.

وأشاد ببعض هذه المنظمات ذات التوجه نحو الخدمات، التي أخذت على عاتقها مهمة درء الفقر من خلال القروض الصغيرة للمشاريع المتوسطة والصغيرة، إذ يتخذ من خريطة الفقر في مصر مؤشراً للمناطق الأكثر عزلة وحاجةً، التي يجب حصولها على قدر أكبر من الاهتمام والتنمية. وانتقد بشدة الاتهامات التي كثيراً ما توصم بها هذه الجمعيات، على أنها تستخدم تمويلاً أجنبياً بهدف الترويج لبرامجها الخاصة.

وطالب واضعوه بمزيد من الإصلاح لـ التخفيف من حدة الاحتكاك بين الدولة والمجتمع المدني، وأكدوا ضرورة بناء الثقة ودحر المخاوف المتعلقة بالأمن القومي.

ومن المهمات التي يرى التقرير ضرورياً أن يقوم بها المجتمع المدني، بعض الخدمات الاجتماعية التي ما زالت الدولة تصر على احتكارها، مثل التعليم الجامعي وإدارة المستشفيات. إذ يمكنه لعب دور مهم في خدمة غير الأغنياء.

وعلى رغم التقدم الذي حققته مصر في عدد من مؤشرات التنمية مثل الصحة والتعليم وغيرهما، عابه عدم المساواة بين المحافظات واستمرار حرمان بعضهم منها. ففي وقت سجلت فيه مصر تقدماً منتظماً في مؤشري التعليم والصحة على مدى 12 عاماً، تمكّن أقل من نصف عدد المحافظات من مواكبة هذا التحسن. ويكفي مثلاً أن الفقر ما زال يتركز بشدة في صعيد مصر، إذ تقع 762 من بين القرى الألف الأشد فقراً في المنيا وأسيوط وسوهاج، وهي قرى يعاني أكثر من نصف سكانها من فقر شديد. وتزداد خريطة الفقر في مصر تعقيداً بوجود نحو 63 في المئة من الفقراء خارج حدود هذه القرى، ما اعتبره واضعو التقرير طلباً ملحاً لاستكمال منهجية رسم خريطة الفقر.

لكن لم تكن الصورة كلها سلبية، إذ حققت مصر بعض الاتجاهات الإيجابية على صعد مثل الولادات التي تجري على أيدي ممارسين طبيين، وارتفاع سن زواج الفتيات، وخفض معدلات الخصوبة، ولو كانت الأخيرة تحتاج إلى مزيد من الجهد لتحقيق قدر أكبر من التراجع. واعتبر التقرير منظمات المجتمع المدني الأكثر قدرة على الوصول إلى أعماق الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي في مصر.

ويبدو أن دور المجتمع المدني سيُفعّل رسمياً في المرحلة المقبلة، إذ أكد وزير الدولة للتنمية الاقتصادية عثمان أحمد عثمان أن علينا جميعاً دولةً ومجتمعاً مدنياً، العمل يداً واحدة للحد من عوامل الخلاف، ودعم العلاقات المتجانسة للتغلب على أي عراقيل تعوق تحقيق الهدف الأسمى في مستويات أعلى من التنمية البشرية وظروف معيشية أفضل لجميع المصريين.

وأشار المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي جيمس راولي، إلى وجود نحو 20 ألف منظمة مجتمع مدني في مصر الآن، تقدم خدمات حيوية، وتؤمن فرص عمل لعشرات الآلاف من الموظفين والاختصاصيين الاجتماعيين. وأوضح أن تقرير التنمية البشرية في مصر لهذه السنة، يقدم مجموعة ملائمة من التوصيات والاقتراحات لوضع السياسات والبرامج. وأمل في أن تثير هذه التوصيات نقاشاً حول القضايا الرئيسة، مثل وسائل توفير البيئة اللازمة لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، إلى جانب مراجعة الإطار القانوني والبيئة المؤسسية العاملة في ظلها.

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 17 أيار/2008 - 10/جماد الاول/1429