العراق يغرق في عواصف الاقتتال

علي الطالقاني

لايخفى على المتتبع للشأن العراقي أن بعض من الأطراف السياسية تبذل أقصى الجهود  وتستفرغ الوسع في سباق محموم نحو السلطة، حتى وأن تعارض هذا السباق مع مستقبل العراق، وبالتالي ساهمت هذه الحالة بشكل فاعل في خلق أجواء أصبح فيها التنافس غير مشروع مما قد أغلق باب الحوار بين الأطراف السياسية برغم مانشاهده ونسمعه من أن هناك دعوات للحوار بين الأطراف، ولكن على ما يبدو من هذه التحركات ماهي إلا وسيلة إعلامية قد تحسن من سمعة الجهة التي تشيع لهذه اللقاءات.

 هذه السياسات مع سياسات أخرى خاطئة أفقدت نظام الحكم في العراق التركيز على معالجة المشاكل التي يعاني منها، والتي أصبحت فيما بعد أزمة كبيرة ربما تحتاج إلى عقود من الزمن للتخلص من تبعات هذه المشاكل.  

يواجه العراق أزمات عديدة على مختلف المستويات، ومن بين هذه الأزمات تزايد نشاط الحركات العقائدية والسياسية التي تسعى جاهدة وفق عقائد وأيدلوجيات خاصة بها تنبذ كل من يتصدى للحكم في العراق، تتخذ من العنف وسيلة لمواجهة كل من يعمل على أرض هذا البلد، وتطرح في رؤيتها إشكاليات تهدد مستقبل الحكم في العراق.

هذه الجهات والحركات تنمو يوم بعد يوم وتربك الأوضاع بشكل عام، وهذا ما هو إلا نتاج لعاملين مهمين هما الجهل والفقر، فالأوضاع المعيشية السيئة والاقتصادية المتدهورة وازدياد رقعة الفقر التي تنموا معها أزمة الفساد المالي والإداري، إضافة إلى بروز الأفكار المتطرفة والمنحرفة أسهمت كعامل رئيس في تأجج الأوضاع بصورة عامة.

ومن الأمور التي زادت الأزمة في العراق هو صراع الأطراف الفاعلة في الساحة العراقية على تقاسم السلطة والثروات وفق نظام المحاصصة ، ووفق آليات تناقض الدستور العراقي والقوانين، وكذلك تناقض السلوك السياسي مع شعارات هذه الأطراف التي تسعى للحصول على منافع حزبية وأخرى طائفية، وفي هذا الشأن قالت عالية نصيف عن القائمة العراقية في حديثها لوكالة الملف برس: ان 50% من التعديلات الدستورية التي أنجزت فيها نوع من المصالح المتفقة ما بين الكتل السياسية بين راغب بالفيدرالية وبين من يريد تحصيل مكاسب للفيدرالية وبين اهداف الاحزاب وهنا لا زالت التعديلات الدستورية تدور في هذه الدائرة في ظل دائرة المصالح السياسية وبالتالي ترى كل كتلة عازفة عن تقديم اي تنازل يمس مصلحتها ولذا ترى عدم التوافق وتمدد في التوقيتات.

 إضافة لذلك عملت بعض الجهات على تحويل القيم إلى أداة للصراع في المصالح بين أعضاء الأحزاب والتنظيمات في بلد مزقته الحروب والمقابر الجماعية والتهجير وأخيرا الاحتلال، إذ يعيش الكثير من المواطنين العراقيين في وضع مأساوي. 

ومن الملاحظ أيضا أن المشاكل الداخلية التي تهيمن عليها المصالح الضيقة وغير المحكومة وفق الدستور المنتخب، ستشكل ضعفا في كل مفاصل الحكومة وتنمو في المقابل قوى تنبذ هذه الحكومة والدولة وهذه الحركات السياسية.

بدوره تنظيم القاعدة يسعى لاستعادة نشاطه، وخصوصا بعد اعتقال وقتل الكثير من رموز هذا التنظيم فقد أوضحت تقارير ان العراق مازال مكانا آمنا للتنظيم وأن القاعدة تتمركز في شمال العراق وخصوصا في مدينة الموصل.

من جهته يحاول العراق مواجهة القاعدة من خلال التصدي بالقوة، إلا أن تناقض الأفكار والمصالح والأجندة يفجر الصراع بين الحين والآخر. أما الأطراف التي تشارك في تأجيل هذا الصراع، هو أن بعض الذين يمتلكون جزء من القرار في الحكومة العراقية يرون أن القاعدة يمكن توظيفها في الصراع . لذلك كلما تضخمت أصوات النزاع ارتفعت حصة تنظيم القاعدة والقوى المتطرفة.

لذا فإن إضعاف الحكومة العراقية وخلق انقسامات داخلية وتفكيك عرى الوحدة هي من الاستراتيجيات التي تتبناها القاعدة بحيث تتحول أرض العراق إلى مراكز للتدريب وتصدير المقاتلين إلى مناطق العالم  ويتم تحويل العراق إلى مركز عالمي للقاعدة والقوى المتطرفة.

فالقاعدة ترى إن تقسيم العراق سيدخل الأطراف السياسية في أتون صراعات لا نهاية لها. وهذا سيضعف الدولة والمجتمع ويمكنها من الحركة وممارسة أنشطتها بحرية و في مناطق واسعة من العراق.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5 أيار/2008 - 28/ربيع الثاني/1429