ثورة الغذاء: جَوعى العالم على صفيح ساخن

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: فيما يترك ارتفاع الاسعار اثره بشكل خاص على الدول الفقيرة حيث تنفق الأُسر 75 بالمئة من دخلها على الطعام مقارنة مع الدول الغنية التي لا يتجاوز انفاقها على الطعام نسبة 15 بالمئة حذرت الامم المتحدة من كارثة وشيكة، اذا لم يتم تطبيق اصلاحات جذرية لقطاع الزراعة في انحاء العالم. وقد تمتد هذه الكارثة لتطال انظمة حكومية وشعوب بأكملها وتترك بؤسا واضطرابات وفوضى لا يمكن احتوائها في المستقبل القريب.

واعربت مجموعة "مبادرة التقييم الدولي للعلوم والتكنولوجيا الزراعية الموجهة لاغراض التنمية" عن مخاوفها من حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية مؤيدة بذلك مخاوف زعماء العالم من ارتفاع اسعار الاغذية.

وقالت المجموعة التي ترعاها الامم المتحدة وتضم 400 خبير في تقرير لها "يجب تغيير الزراعة الحديثة جذريا لخدمة الفقراء والجياع بشكل افضل اذا اراد العالم ان يواجه تزايد عدد السكان والتغيير المناخي ويتجنب اضطرابا اجتماعيا وانهيارا بيئيا".

وخلص الخبراء الى ان "مواصلة التوجهات الحالية الخاصة بالانتاج والتوزيع ستستنفد مواردنا وتعرض مستقبل ابنائنا للخطر".

وشهدت اسعار المواد الغذائية الاساسية ارتفاعا حادا خلال الاشهر الماضية ما اشعل احتجاجات عنيفة في العديد من الدول من بينها مصر والكاميرون وساحل العاج وموريتانيا واثيوبيا ومدغشقر والفيليبين واندونيسيا.

وتوقع التقرير ان تواصل اسعار المواد الغذائية الرئيسية مثل الارز والذرة والقمح ارتفاعها.

وقال مدير مجموعة الدراسة بوب واتسون ان الدعوة الى تغيير الممارسات الزراعية "ليست جديدة (...) الا انها لم تلق دائما الاستجابة في بعض انحاء العالم".

واضاف واتسون انه "اذا كان من يمسكون السلطة مستعدين الان للاستماع الينا فقد نأمل في وجود سياسات عادلة اكثر تاخذ مصالح الفقراء في الاعتبار". بحسب فرانس برس.

وجاء التقرير في الوقت الذي اعلنت الفيليبين حربا على مخزني مادة الارز في حين شهد قطاع صناعة النسيج في بنغلادش اضرابا للمطالبة بمواجهة ارتفاع اسعار الاغذية.

واعلنت غلوريا ارويو رئيسة الفيليبين عقب اجتماع للحكومة في مانيلا ان "اي شخص يقبض عليه وهو يسرق الارز من الشعب يجب ان يلقى في السجن".

ووافق البيت الابيض اثنين على تخصيص 200 مليون دولار من المساعدات العاجلة لمواجهة الازمة الغذائية التي تتفشى في بعض البلدان ولاسيما منها في افريقيا.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانو بيرينو في بيان ان "هذه المساعدة الغذائية الاضافية ستتيح مواجهة تأثير ارتفاع اسعار المواد الغذائية على البرامج الاميركية للمساعدة الغذائية العاجلة ويمكن استخدامها لتلبية الحاجات الطارئة للمساعدة الغذائية في افريقيا وسواها".

وقبل ذلك حذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من ان الازمة الغذائية يمكن ان تتسبب في اضطرابات سياسية ومخاطر امنية.

وقال في اجتماع للهيئات الدولية المالية والاقتصادية والتجارية الرئيسية في نيويورك ان "ازمة توفر الغذاء حول العالم والمتفاقمة بشكل متزايد وصلت الى مستويات خطرة".

وجاء الاعلان عن المساعدات الاميركية بعد يوم من تحذير رئيس البنك الدولي في واشنطن بان 100 مليون شخص اضافي قد يدخلون مرحلة الفقر المدقع بسبب الارتفاع الكبير في اسعار الاغذية.

وارتفعت اسعار الصويا والقمح منذ 2007 على التوالي بنسبة 87% و130% ووصلت مخزونات القمح العالمية الى ادنى مستوياتها.

ويعود ذلك في جزء منه الى زيادة الطلب في الصين والهند والاستخدام البديل لحبوب الذرة والصويا لانتاج الطاقة الحيوية.

وذكرت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) ان ارتفاع الاسعار يجبر الطلاب على التغيب عن المدرسة للعمل من اجل مساعدة اسرهم على دفع اسعار الاغذية.

ويترك ارتفاع الاسعار اثره بشكل خاص على الدول الفقيرة حيث تنفق الاسر 75 بالمئة من دخلها على الطعام مقارنة مع الدول الغنية التي لا يتجاوز انفاقها على الطعام نسبة 15 بالمئة حسب اليونيسف.

الامم المتحدة: مظاهرات الغذاء ستتفاقم دون تحرك عالمي

وحذر رئيس منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة من أن أعمال الشغب في الدول النامية بسبب الغذاء ستتزايد ما لم يتخذ زعماء العالم خطوات رئيسية لتخفيض أسعار الغذاء للفقراء.

وقال جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة انه رغم توقعات بزيادة نسبتها 2.6 في المئة في الإنتاج العالمي من الحبوب هذا العام فمن غير المرجح انخفاض أسعار الغذاء مما سيرفع تكاليف واردات الغذاء للدول الأشد فقرا بنسبة تصل إلى 56 في المئة ويجبر الجوعى على الخروج إلى الشوارع. وأضاف ضيوف في مؤتمر صحفي "الحقيقة هي أن الناس يلقون حتفهم بالفعل في أحداث الشغب."

واستطرد قائلا "انهم يلقون حتفهم بسبب رد فعلهم على الوضع ومن المؤكد أنهم قد يموتون جوعا اذا لم نقم بالتحرك اللازم. ومن الطبيعي ألا تجلس الناس ساكنة وهي تتضور جوعا انهم سيتحركون."

وقالت المنظمة ان أعمال الشغب بسبب الغذاء اندلعت بالفعل في العديد من البلدان الافريقية وفي اندونيسيا والفلبين وهايتي. وقالت المنظمة في أحدث تقاريرها عن وضع الغذاء العالمي ان 37 دولة تواجه أزمات غذائية.

ودعا ضيوف رؤساء الدول والحكومات لحضور قمة لبحث أزمة الغذاء في مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما في الفترة بين الثالث والخامس من يونيو حزيران. بحسب فرانس برس.

وقال إن الاولوية يجب أن تعطى "لنقل هائل للبذور" لضمان أن يتمكن المزارعون في الدول الفقيرة من شراء البذور والمخصبات والأعلاف بأسعار في مقدورهم.

وقال ضيوف ان من بين الاجراءات الضرورية الاخرى انشاء اليات مالية لضمان امكانية استمرار قدرة الدول الاشد فقرا على استيراد الغذاء الذب تحتاجه وتخصيص جزء أكبر من ميزانيات المساعدات للزراعة.

وأشار ضيوف إلى أنه من الطبيعي أن نتوقع أن تفرض البلدان النامية قيودا على الصادرات الغذائية وان أدى ذلك إلى تفاقم أزمة أسعار الغذاء العالمية. وقال مسؤول بالمنظمة ان أسعار الارز قفزت بنسبة 40 في المئة في غضون ثلاثة أيام في الآونة الأخيرة بعد أن حظرت الهند وفيتنام تصديره. وقال "حظر الصادرات رد فعل طبيعي لاي حكومة لديها مسؤولية أساسية إزاء شعبها."

«فاو» تحذر من أعمال شغب في البلدان الفقيرة

من المتوقع أن يواجه نصف سكان الكرة الارضية مصاعب غذائية كبيرة خلال الشهور المقبلة، بعدما وصل الغلاء الى أسعار الأرز، وهو العنصر الرئيس الذي يغذي أكثر من 3.3 بليون نسمة حول العالم.

ورغم ان الزيادة في أسعار الارز كانت مستمرة خلال الاعوام الماضية، إلا أن ارتفاعه خلال الشهور الأربعة الأخيرة كان دراماتيكيا. إذ سجل زيادة بلغت نسبة 2 في المئة في الاسبوع الماضي، وتضاعفت خلال عام، وبلغت خمسة اضعاف منذ العام 2001.

ومما يزيد من المخاوف، احتمال قفز أسعار الارز في العالم على نحو لا يستطيع معه أكثر من بليون نسمة من فقراء آسيا وافريقيا واميركا الجنوبية شراءه، خصوصا بعدما وضعت الدول المنتجة قيودا صارمة على تصديره، لتعويض عجز المعروض منه في اسواقها الداخلية وضبط ارتفاع اسعاره فيها. وهذا ما اقدم عليه كل من فيتنام والهند ومصر والصين، وهي الدول التي تنتج اكثر من 35 في المئة من المحصول العالمي. وأعلنت فيتنام، وهي من أكبر المصدّرين، في 28 آذار (مارس) الماضي خفض صادراتها بمعدل الربع، في حين اعلنت الهند منع تصدير الارز باستثناء بعض الاصناف الفاخرة القليلة. وأعلنت مصر حظرا على تصدير الارز لمدة ستة شهور، بدأت من مطلع نيسان (ابريل) الجاري. وقالت كولومبيا، وهي أحد كبار المنتجين في اميركا اللاتينية انها منعت تصدير كل أنواع الارز منذ 26 الشهر الماضي، في حين اكتفت الصين بفرض ضريبة اضافية على صادراتها للحد من الطلب عليها. بحسب تقرير لجريدة الحياة.

ورغم التحذيرات المتكررة، وآخرها من البنك الدولي، من أن 33 دولة تواجه اضطرابات محتملة بسبب زيادة أسعار الغذاء ومنها الارز، وهي الزيادة التي تُعزى الى زيادة الاستهلاك في الهند والصين والجفاف وسوء الطقس، اضافة الى تحول عدد كبير من المزارعين الى محاصيل اكثر ربحية.

و في حين لم تخف جمعية منتجي الارز الاميركية قلقها ازاء ارتفاع الاسعار في الولايات المتحدة، قالت جمعية الزراعة والاغذية، ومقرها روما، إن «الطلب على منتجات الحبوب زاد خلال العام الماضي بنسبة بلغت 1.6 في المئة عن المتوسط للسنوات العشر الماضية (1996 - 2006). وذكرت الجمعية ان المخزون العالمي من الارز قد بلغ أدنى مستوياته منذ العام 1980، ما يجعل تصديره ينخفض بمعدل 3.5 في المئة هذا العام مقارنة بالعام 2006.

الفقراء يواجهون المجاعة والاغنياء يعلنون حال طوارىء

وليس الاغنياء واصحاب الدخول المعقولة هم الذين يعانون وحدهم من الازمة التي تضرب الاقتصاد العالمي، والتي من ابرز مظاهرها القيود المفروضة على القروض العقارية في عدد من الدول الغربية وارتفاع اسعار النفط الى مستويات قياسية ومخاطر الافلاس التي تهدد عدداً من ابرز المصارف العالمية. هناك ازمة تضرب جيوب الفقراء ايضاً في عدد كبير من الدول النامية.  

وبلغت هذه الازمة مسامع المسؤولين عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فانصرف كبار المسؤولين في المؤسستين البارزتين الى اجتماعات متواصلة يومي السبت والاحد الماضيين، لمعالجة مشكلة ارتفاع اسعار المواد الغذائية الرئيسية، مثل الارز والقمح والذرة، والتي تشكل الاساس في وجبات معظم شعوب العالم الثالث. واعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك، بنتيجة هذه الاجتماعات، «حال طواريء» عالمية تستلزم اجراءات استثنائية، بعدما حذر من ان اكثر من مئة مليون شخص في الدول النامية مهددون بالانحدار الى ما دون خط الفقر بسبب الاسعار المرتفعة لهذه المواد. ووعد البنك، ضمن اجراءاته، بخطة طويلة المدى لدعم المنتجات الزراعية، تشمل مبلغ 10 ملايين دولار اضافية لهايتي، ومضاعفة القروض للمزارعين في عدد من الدول الافريقية. كما دعا الدول الغنية التي تقدم المساعدات لبرنامج الغذاء العالمي الى تغطية العجز الذي يواجهه والذي يقدر بنصف مليون دولار. وقال زوليك، شارحاً الحاجة الملحة الى المساعدات، «ان هذه الازمة ستؤدي الى خلل في الميزان التجاري، ما سيؤثر على استقرار الدول النامية، ولهذا فهي ليست ازمة انسانية فقط».

وكان مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان حذر ايضاً من مجاعة على نطاق واسع يمكن ان تؤدي الى نتائج كارثية اذا استمرت اسعار المواد الاساسية في الارتفاع. وقال: كما نعرف من خلال دروس الماضي، فان حالات مجاعة بهذا الحجم تؤدي في بعض الاحيان الى حرب.

اما مفوض الاتحاد الاوروبي لقضايا التنمية لوي ميشال، فحذر من ازمة انسانية في الدول الافريقية ووصف الخطر الذي يهدد هذه الدول بانه «تسونامي» انسانية واقتصادية.

وكانت مصر من بين الدول التي واجهت هذه الازمة مؤخراً فيما عرف بازمة الخبز. كما وقعت تظاهرات في كل من اثيوبيا والفيليبين واندونيسيا وشاطيء العاج وهايتي. وفرض عدد من الدول المنتجة للارز مثل الهند والصين وفيتنام ومصر قيوداً على تصدير هذه المادة. وبحسب احصاءات البنك الدولي ارتفعت اسعار المواد الغذائية في مصر منذ مطلع السنة بنسبة 16 بالمئة، كما تشير هذه الاحصاءات ايضاً الى ان اكثر من 40 بالمئة هم تحت أو عند خط الفقر اذ زاد انفاق الاسرة المصرية على المواد الغذائية الاساسية 50 بالمئة خلال الشهور الستة الماضية. بحسب تقرير لـ الحياة.

ومع اختلاط السياسة بازمة التغذية، تتحول المواقف المطالبة بتحسين الظروف المعيشية الى مادة في الصراع السياسي. ففي الاردن توقع الامين العام لحزب «جبهة العمل الاسلامي» زكي بني ارشيد «انفجاراً اجتماعياً كبيراً» بسبب الارتفاع الحاد للاسعار. وقال، لا احد يستطيع التنبؤ اين ستصل شظايا هذا الانفجار ونتائجه ان لم يكن هناك تدارك حقيقي، واعتقد بان كل المعالجات التي يتم الحديث عنها والتوسع فيها هي معالجات هامشية لا تعالج جذر المشكلة.

معادلة الطعام والأمن تفلت من أيدي قادة الشرق الأوسط

جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته اسبوعيا، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وهذا الأسبوع يكتب جون زاويته حول ارتفاع أسعار الغذاء وانعكاس ذلك على المستوى الشعبي والعوامل التي تتسبب بحدوث هذه الظاهرة قائلا: تضخم أسعار الغذاء من حالة عابرة إلى أزمة مزمنة.

الرئيس المصري حسني مبارك يحكم بلاده منذ 27عاماً، وهو يعرف بالطبع العلاقة الوطيدة بين وفرة الغذاء والاستقرار الشعبي، لكن المشكلة بالنسبة له ولسائر القادة في الشرق الأوسط أنهم فقدوا قدرتهم على التحكم بهذه المعادلة الدقيقة.

فأسعار الخبز وسائر مكونات السلة الغذائية ترتفع، وكذلك أسعار المواد الأولية الأخرى مثل الأرز والسكر وزيت الطبخ، وبالفعل فإن سخرية الأقدار جعلت هذه المنطقة التي تغرق في عوائد النفط الهائلة تواجه أزمات حقيقية في توفي متطلبات المعيشة.

ولكن الشرق الأوسط لا يعاني المشكلة منفرداًَ، بل من العدالة أن نقول بأن الظاهرة انتقلت من طبيعتها الظرفية إلى حالتها المزمنة حول العالم لكن التحدي الأساسي يكمن في أن عبء الأزمة يقع فعلياً على عاتق الشرائح الأقل قدرة على التحمل.

ووفقاً لمنظمة الزراعة والأغذية الدولية، "الفاو" فإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت حول العالم 45 في المائة خلال الأشهر التسعة الأخيرة، وبالتأكيد فإن ذلك يشكل معضلة حقيقية.

ففي الأردن ارتفع التضخم إلى تسعة في المائة خلال الشهر المنصرم، أما السوريون فقد تابعوا بأم أعينهم كيف ارتفعت أسعار سلتهم الغذائية بمعدل 20 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية واللائحة تطول.

الدول الغنية تعد بالتحرك

وتتكثف النداءات الداعية الى مبادرات من الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة ارتفاع اسعار المواد الغذائية في الوقت الذي يشهد فيه العالم تظاهرات ضد الجوع وغلاء الاسعار في العالم وتجتاح حاليا هايتي.

ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في رسالة نظيره الياباني ياسو فوكودا الذي تتراس بلاده مجموعة الثماني الى بحث اثر المحروقات على اسعار المواد الغذائية وذلك خلال قمة مجموعة الدول الثماني الاكثر تصنيعا في العالم التي ستعقد في تموز/يوليو في اليابان.

وجاء في الرسالة "ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية يهدد بالغاء التقدم الذي حققناه في السنوات الماضية في مجال التنمية. ولاول مرة منذ عقود يسجل عدد الناس الذين يعانون من الجوع ارتفاعا".

ودعت وزيرة الدولة الفرنسية لحقوق الانسان راما ياد الدول المانحة الى "الاستجابة العاجلة" لنداء برنامج الاغذية العالمي لتخصيص 500 مليون دولار لمكافحة النقص في الغذاء.

وقالت ياد لاذاعة فرنسا الدولية "نحن الفرنسيين نشعر بقلق كبير ازاء تظاهرات الجوع. يجب تصحيح مسار العولمة".

وفي هايتي دعا الرئيس ريني بريفال الى الهدوء بعد ان هزت الجزيرة الاربعاء تظاهرات جديدة بسبب ارتفاع حاد لاسعار المواد الاساسية. وقتل خمسة اشخاص على الاقل منذ بداية هذه الازمة قبل اسبوع واصيب ستون آخرون بجروح بحسب حصيلة غير رسمية.

ودعا رئيس البنك الدولي روبرت زوليك في مطلع نيسان/ابريل الى "عقد (غذائي) جديد" على المستوى العالمي لمواجهة ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية.

واوضح في مقابلة نشرتها الخميس صحيفة "لوموند" الفرنسية "ان هذا العقد الجديد يستهدف في الان ذاته الامور الطارئة في مجال الغذاء والتنمية اللازمة على الامد البعيد للقطاع الزراعي".

وشهدت دول عديدة خصوصا افريقية منها موريتانيا وجزر القمر وساحل العاج وبوركينا فاسو والسنغال والكاميرون في الاشهر الاخيرة تظاهرات ضد الجوع.

وشهدت بوركينا فاسو اضرابا عاما الثلاثاء والاربعاء للاحتجاج على ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمطالبة برفع الاجور. وقالت النقابات ان نسبة المشاركة في الاضراب بلغت ما بين 70 و90 بالمئة في حين قالت السلطات انها اقل من 20 بالمئة.

وحذرت منظمة الامم المتحدة للزراعة والأغذية (فاو) من تدهور الوضع الغذائي في زيمبابوي السيء اصلا وذلك بسبب "استمرار الجفاف الشديد مسيطرا على عدة مناطق" من البلاد.

غير ان افريقيا ليست وحدها المعنية بالامر فقد تظاهر آلاف الاشخاص الخميس في شمال غرب العاصمة الرومانية بوخارست للمطالبة بتحسين الاجور.

وحذر المفوض الاوروبي للتنمية لوي ميشال من ان "صدمة غذائية آخذة في الارتسام في الافق وهي اقل وضوحا من الصدمة النفطية غير ان اثرها المحتمل سيشكل تسونامي اقتصاديا وانسانيا حقيقيا في افريقيا".

ويجد قادة آسيا انفسهم تحت الضغط بسبب ارتفاع اسعار الارز في الوقت الذي تتضاعف فيه الاضرابات للمطالبة بزيادات في الرواتب لمواجهة ارتفاع كلفة العيش.

وزاد النمو الكبير للاقتصادات الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل الطلب على المواد الغذائية. وزاد من تفاقم هذه الظاهرة سوء الاحول المناخية في الدول المنتجة مثل استراليا والمضاربة المالية والطلب على الحبوب لانتاج الوقود الحيوي غير الملوث.

واكد براون في رسالته الى رئيس الوزراء الياباني "هناك توافق رأي على ضرورة ان نبحث بشكل عاجل اثر انتاج مختلف انواع المحروقات النظيفة (الوقود الحيوي) وطرق انتاجها على ارتفاع اسعار المواد الغذائية وان نتأكد من ان استخدام هذه المحروقات يتم بصورة مسؤولة ومستدامة".

في الاثناء احتج رئيس البرازيل لويس ايناسيو لولا دا سيلفا في لاهاي على هامش زيارة دولة لهولندا على الربط بين ارتفاع اسعار المواد الغذائية في بلاده وانتاج المحروقات النظيفة.

والبرازيل هي ثاني اكبر منتج عالمي للايثانول (سائل يستخلص من النبات ويستخدم وقودا للسيارات) واول منتج عالمي لكحول قصب السكر.

وقال دا سيلفا "لا تقولوا لي ان انتاج الوقود الحيوي يسبب ارتفاع الاسعار" مضيفا "اليوم لدينا المزيد من الناس الذين يأكلون (..) والناس يعيشون سنوات اطول" معتبرا ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية ناجم عن ارتفاع عدد الافواه التي يتعين ان تأكل داعيا العالم الى مزيد من الانتاج للاستجابة لذلك.

بوادر أزمة غذائية في بنغلاديش تهدد التوازن السياسي

وتلوح أزمة غذائية في بنغلاديش بينما حذر مسؤولون من تفشي ظاهرة "الجوع المخفي" التي قد تؤدي لتفجر أزمة سياسية خطيرة.

وقدّر اقتصاديون أن يتأثّر قرابة 30 مليون بنغالي، من إجمالي تعداد السكان البالغ عددهم 150 مليون نسمة، بشح المواد الغذائية، وفق الأسوشيد برس.

وقال كبير الاقتصاديين، قاضي خلق الزمان أحمد: "نخشى أن لا يملك نحو 30 مليون من الفقراء الإمكانيات لتناول ثلاث وجبات في اليوم."

وقال الصبي أحمد، 13 عاماً، وهو يقف مع مئات الآخرين في صفوف توزيع الأرز المدعوم من الحكومة: "أحتاج أن آكل أولاً ومن ثم تأتي الدراسة."

وتواجه بنغلاديش أزمة تراجع المساحات الزراعية أمام التوسع الصناعي والانفجار السكاني، كما تتعرض المناطق الزراعية المنخفضة للفيضانات الواسعة والأعاصير المدمّرة، التي أدّت لتدمير قرابة 3 مليون طن من المحاصيل الغذائية العام الماضي وشرّدت الملايين.

وقفز سعر الأرز، مكون الغذاء الأساسي في بنغلاديش، أكثر من 30 في المائة  في الدولة التي يعيش قرابة نصف تعدادها السكاني على أقل من دولار واحد في اليوم.

وواجهت حكومة داكا ارتفاع الأسعار بعدد من التدابير منها افتتاح أكثر من 6 آلاف متجر لبيع الأرز المدعوم، إلا أنها فشلت في بناء مخزون كاف من المواد الاستهلاكية، عقب كارثة العام الماضي، وفق خلق الزمان. وأضاف قائلاً: "على الحكومة بناء مخزونات فوراً، وإذا فشلت في ذلك فسيتفاقم الوضع."

وقالت مصادر أمنية إن نحو 10 آلاف من عمال النسيج المطالبين بتحسين الأجور لتتماشى مع ارتفاع أسعار التكلفة المعيشية، اشتبكوا مع قوات الشرطة في العاصمة. وذكر المصدر أن العشرات، من المتظاهرين ورجال الأمن، أصيبوا بجراح في المصادمات.

وهددت أحزاب المعارضة مؤخراً بالنزول إلى الشارع حال إخفاق الحكومة في كبح جماح الأسعار المتصاعد، في تحرك قد يهدد التوازن السياسي في البلاد.

ووافقت الهند على شحن 400 ألف طن من الأرز بأسعار مخفضة للغاية، إلا أن وصول الشحنة قد يستغرق عدة أسابيع وسط تشكيك المسؤولين في كفاية الامدادات لسدّ الحاجة.

وحذّر مصرف التنمية الآسيوية من أنّ أسعار التضخم قد تصل إلى 9 في المائة بحلول يونيو/حزيران جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي تسببت في أعمال شغب في دول أفريقية كذلك منها: بوركينا فاسو، وموريتانيا، وموزامبيق، والسنغال.

مجلس شيوخ هايتي يعزل رئيس الوزراء بسبب اسعار الغذاء

عزل مجلس الشيوخ في هايتي جاك ادوار اليكسيس رئيس وزراء الدولة الفقيرة بعد أسبوع من أعمال الشغب التي تفجرت بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء دون اكتراث باعلان الرئيس رينيه بريفال عن خطط لخفض سعر الارز.

وصوت 16 من بين 17 عضوا في مجلس الشيوخ حضروا جلسة خاصة للمجلس ضد اليكسيس حليف الرئيس بريفال الذي تولى منصبه في يونيو حزيران عام 2006 على رأس حكومة ائتلافية تهدف لتوحيد البلاد المفككة.

واعتبر هذا الاجراء من جانب الاعضاء المعارضين في مجلس الشيوخ خطوة خطيرة لكنها ليست ضربة قاصمة لبريفال الذي حقق انتخابه في عام 2006 قدرا من الهدوء في أفقر دولة بالامريكتين في وقت كانت تسعى فيه للاستقرار السياسي بعد عقود من الدكتاتورية والحكم العسكري والمشاكل الاقتصادية.

وخرج مسعى تحقيق سلام دائم عن مساره في الايام العشرة الماضية بسبب أعمال الشغب بشأن ارتفاع نفقات المعيشة. بحسب رويترز.

وقال بريفال عندما أبلغه الصحفيون بشأن تصويت مجلس الشيوخ بعد قليل من قيامه هو وزعماء القطاع الخاص بكشف النقاب عن خطة لخفض ثمن جوال الارز الى 43 دولارا من 51 "جاء دوري الان للتحرك."

وأضاف أن الشركات يمكن أن تدفع ثلاثة دولارات من قيمة الخفض والباقي يدفعه المانحون الدوليون.ومضى يقول انه سيطلب من البرلمان اختيار رئيس جديد للوزراء.

وجاء الصدام مع أعضاء مجلس الشيوخ بعد يومين فقط من نجاح رئيس الدولة الواقعة في منطقة الكاريبي البالغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة في اقناع مثيري الشغب بانهاء أسبوع من العنف قتل فيه خمسة أشخاص على الاقل.

وبدأت حشود من رماة الحجارة الذين يقل دخل كثير منهم عن دولارين يوميا اشتباكات مع قوات حفظ السلام من الامم المتحدة وشرطة هايتي في جنوب البلاد في الثاني من ابريل نيسان بسبب الغضب من زيادة أسعار الارز والفول وزيت الطهي وغيرها من السلع الاساسية.

وامتدت الاضطرابات الى العاصمة بور او برنس في الاسبوع الماضي فيما توقفت الحياة في المدينة المترامية الاطراف التي تعمها الفوضى بعد أن سيطر الغوغاء على الشوارع وحطموا واجهات المتاجر ونهبوها وأضرموا النار في السيارات وألقوا الحجارة على ركاب السيارات والدراجات النارية.

وفي عدة مرات أطلقت القوات التابعة للامم المتحدة التي تتمركز في هايتي منذ الاطاحة بالرئيس السابق جان برتراند اريستيد في تمرد دموي في 2004 الغاز المسيل للدموع والرصاصات المطاطية لتفريق المتظاهرين.

وقال بيفال يوم السبت وهو يعلن عن خطة خفض سعر الارز " الوضع صعب في كل مكان في العالم ويتعين على الجميع أن يضحوا".

وردا على سؤال قبل تصويت مجلس الشيوخ بشأن رؤيته للانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء قال "أعتقد أنها غير عادلة لان الحكومة ليست مسؤولة عن الارتفاع السريع في الاسعار بالاسواق العالمية. تعاملت الحكومة مع الازمة بأفضل ما يمكنها".

هل الرأسمالية مسؤولة عن جوع العالم؟

بعد مرور قرابة عقدين على بدء ظاهرة "العولمة" التي تعيشها المجتمعات البشرية على سطح الكرة الأرضية، وتسليم جميع المنظرين بفرضيات سقوط دور الدولة كناظم للإنتاج والتوزيع، تعود نظريات مؤسس الاشتراكية العلمية، كارل ماركس، إلى سدة الأحداث من جديد بعدما بدأت تلوح في أفق البشر نُذر أزمة غذاء عالمية.

ففكرة "الجوع" الذي يهز الشرائح الفقيرة ويدفعها إلى تحطيم قيود "الملكية الفردية" للحصول على لقمة العيش كانت حتى الأمس القريب تعتبر من إرث الأدبيات اليسارية البائدة، لكن بعض أوجه تشخيص ظاهرة أزمة الغذاء كما طرحها ماركس عادت لتكتسب مصداقية علمية.

فقد سبق للمفكر الألماني الأصل أن حذّر بأن الرأسمالية تميل إلى توليد أزماتها الذاتية، وبالتالي فقد يكون انتشار الرأسمالية على مستوى العالم وتحفيزها عمليات الإنتاج الصناعي وخلق الثروات قد قاد بالفعل إلى مشكلة نقص المعروض من الغذاء. بحسب رويترز.

فطفرة التصنيع زادت الطلب على الموارد المحدودة، والنمو المتسارع للصين والهند خلال العقدين الماضيين وظهور طبقة وسطى كبيرة فيهما، تكاد تعادل من حيث الحجم عدد سكان الولايات المتحدة، رفع الطلب بشدة كما هو الحال في سوق النفط حيث وصل الإنتاج العالمي إلى ذروته.

أما على صعيد الغذاء، فإن أفراد تلك الطبقة المترفة الجديدة يحصلون على كميات من الغذاء تفوق الأجيال السابقة، وخاصة على صعيد تناول اللحوم.

ولتأمين ذلك لا بد من تخصيص كميات متزايدة من المزروعات كعلف للماشية مما يخلق ضغطاً كبيراً على إمدادات الحبوب والخضار، إلى جانب استخدام المزروعات لصنع الوقود الحيوي.

وانعكاساً لهذه الأفكار، شاهد العالم كيف تحركت الجموع الحاشدة من الجياع في هاييتي ومصر وساحل العاج والكاميرون وموزمبيق وأوزبكستان واليمن وإندونيسيا وفقاً لأسوشيتد برس.

ويعتقد الخبراء أن السلوك الاجتماعي للمظاهرات التي تخرج في زمن الأزمات الغذائية واحد حول العالم، فالمطالب تكون عامة وسلمية، حيث يشعر المشارك في التحرك بضرورة تمرير رسالة مفادها حاجته للمساعدة في سبيل الحصول على الطعام.

لكن هذا السلوك المسالم سرعان ما ينقلب إلى حالة صدامية إذا ما أدرك المتظاهر أن الاحتجاج لن يجلب له أو لأطفاله رغيف الخبز فينتقل بعدها إلى مهاجمة مخازن الطعام الزاخرة بمنتجات يراها دون أن يتمكن من تحمل سعرها فتسقط بذلك حواجز الملكية الفردية وتصبح سياط الشرطة وبنادق الأمن دون جدوى، هذا إذا ما يتعاطف رجال الأمن أنفسهم مع المتظاهرين.

ولهذا جاء التحذير الصارم لمدير البنك الدولي، روبرت زوليخ، الذي لفت إلى الأبعاد السياسية لأزمة الغذاء العالمية واستبعد أن تتولى آليات السوق الرأسمالية حلها بمفردها، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تدخل الدولة والعودة إلى النظريات القديمة التي يعتقد أن العالم قد ودعها للأبد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 20 نيسان/2008 - 13/ربيع الثاني/1429