حُلم العملة الخليجية الموحدة: محاولات الإفلات من طوق الدولار الامريكي

شبكة النبأ: اخيرا وبعد عدة محاولات على مدى السنوات الماضية، وافقت دول الخليج في اجتماع محافظي البنوك المركزية على إعطاء قوة دفع جديدة لجهود إطلاق عملة موحدة بحلول عام 2010.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية بعد اجتماع محافظي البنوك المركزية في دول المجلس الست يوم الاحد في الدوحة انهم سيجتمعون مرة أخرى خلال شهرين لاكمال التشريع والامور المرتبطة بالوحدة النقدية المقرر إقامتها في عام 2010.

وقال العطية انه يوجد تصميم من عدد من الدول على إكمال الوحدة النقدية بحلول 2010.  وقال ان بعض دول الخليج مُستعد للانضمام بحلول 2010 ويمكن ان يلحق بهم آخرون في مرحلة تالية.

وبحث الاجتماع الدوري نصف السنوي للمحافظين إزالة العقبات أمام خطط العملة الموحدة التي قالت عنها عمان في عام 2006 انها لن تنضم إليها بحلول الموعد المستهدف وهو الأول من يناير 2010.

ولم يبحث المحافظون موضوع اعادة تقييم العملات الخليجية مقابل الدولار او فك ارتباطها به رغم الجدل الدائر حول هذه المسألة في ظل تدهور سعر صرف الدولار والتضخم الذي يجتاح الأسواق الخليجية.

وقال محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني في نهاية الاجتماع الخامس والاربعين للجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون ان محافظي البنوك المركزية سيراجعون الموعد في 2009، وأضاف قائلا: "نحن ملتزمون بقرار القمة الخليجية الاخيرة التي عقدت في ديسمبر على ان 2010 هو التاريخ المحدد لتحقيق الاتحاد النقدي". بحسب رويترز.

ويشك مراقبون في اعتماد الدول الخليجية للعملة الموحدة في الموعد المحدد بسبب عدم الاتفاق على معدل للتضخم وانسحاب سلطنة عمان من المشروع اضافة الى فك الكويت ارتباط الدينار بالدولار على عكس باقي عملات دول المجلس. ويشار إلى ان ارتباط العملات الخليجية بعملة واحدة هي الدولار يشكل شرطا من شروط الوحدة النقدية الخليجية.

وقال محافظ مصرف قطر المركزي ان الدول الست ستعمل معا بتقارب أكبر من أجل مقاومة سير كل منها في طريق منفصل بشأن سياستها النقدية في ظل انخفاض أسعار الفائدة وضعف الدولار.

وفقد الدولار حوالي ثمانية في المئة من قيمته أمام اليورو هذا العام وحده مما ساعد في صعود التضخم في الخليج الى مستويات قياسية بجعل بعض الواردات أكثر تكلفة من مستوياتها السابقة.

وتتناقض التعليقات مع تصريحات العام الماضي، التي اوضحت ان مشروع الوحدة النقدية قد يتأخر عدة سنوات مع تباين حركة الاقتصادات في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالتضخم.

وقالت مونيكا مالك المتخصصة في اقتصاد الشرق الاوسط في البنك الاستثماري المجموعة المالية-هيرميس ومقره القاهرة "انهم يحاولون ابعاد التكهنات عن الحديث عن اصلاح العملة في مجلس التعاون الخليجي بعدما حدث العام الماضي حين صدر كثير من التعليقات التي زادت التكهنات."

وفقد الدولار حوالي ثمانية في المئة من قيمته أمام اليورو هذا العام وحده مما ساعد في صعود التضخم في الخليج الى مستويات قياسية أو شبه قياسية بجعل بعض الواردات أكثر تكلفة.

دول الخليج تحل خلافاتها لمواجهة ضغوط

تسعى دول الخليج العربية المنتجة للنفط إلى حل خلافاتها بشأن مشروع الوحدة النقدية لتجنب تحركات منفردة لرفع قيم العملات في ظل ارتفاع معدلات التضخم وربط سعر الصرف أمام الدولار المتهاوي.

وبدأ صناع القرار في دول الخليج يرددون تصريحات متماثلة بعد أن أثارت سلسلة من التصريحات المتباينة تكهنات بأن الامارات العربية المتحدة وقطر قد تتحركان بشكل منفرد باتجاه اصلاح العملة كما فعلت الكويت العام الماضي.

وكثف حكام دول مجلس التعاون الخليجي الست دعواتهم لاستكمال مشروع الوحدة النقدية في موعده النهائي المقرر في عام 2010 والذي تعثر بسبب عقبات. ودفعهم الى ذلك جزئيا رغبتهم في إبطاء المضاربات على عملاتهم.

وتسريع خطى انشاء سلطة نقدية اقليمية سيمهد الطريق أمام الدول التي تنتج خمس النفط العالمي لاصلاح سياسة ربط عملاتها بالدولار بشكل مشترك في الوقت الذي تشهد فيه اقتصادات الخليج ازدهارا ويقترب الاقتصاد الامريكي من حالة ركود.

وقال مشتاق خان الاقتصاد في سيتي جروب بعد ان اتفق محافظو البنوك المركزي الخليجية هذا الاسبوع على اعطاء دفعة جديدة للوحدة النقدية " الحلول المنفردة لاصلاح العملات لم تعد مطروحة الآن." 

وأضاف "التركيز على الموعد النهائي في 2010 هو اظهار للوحدة وان أحدا لن يشق الصف حتى اذا لم يسفر المشروع عن اصدار عملة موحدة بحلول الموعد النهائي."بحسب رويترز.

وكاد مشروع الوحدة النقدية يخرج عن مساره بعد ان فكت الكويت ربط عملتها بالدولار في مايو ايار الماضي بعد اشهر قليلة من قرار سلطنة عمان انها لن تنضم لخطة الوحدة النقدية.

وبدأت المراهنات على رفع قيم العملات في التركيز على دلائل على ان دول الخليج التي اتفقت على الإبقاء على ربط عملاتها بالدولار لحين تحقيق الوحدة النقدية اختلفت في الرأي مع تراجع قيمة الدولار بنسبة نحو 20 بالمئة أمام اليورو في الستة عشر شهرا الاخيرة.

وقال صناع قرار منهم محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي حمد السياري العام الماضي انه من الصعب الالتزام بالموعد النهائي مع تباين الآراء بشأن كيفية التعامل مع ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض الدولار.

لكن محافظي البنوك المركزية الخليجية خرجوا من اجتماع هذا الاسبوع في العاصمة القطرية الدوحة وهم على ثقة من ان الصعوبات الفنية الكبرى التي تواجه المشروع قد تم التغلب عليها.

وتجدد الاهتمام بإعادة مشروع الوحدة النقدية الى مساره أمر حيوي لفهم تغير الموقف من اصلاح عملات الخليج. فأي عمل منفرد آخر من جانب دولة خليجية واحدة كفيل بالقضاء على المشروع برمته.

لكن كلما تأخر اصدار العملة الموحدة زادت الضغوط على دولة مثل قطر لرفع قيمة عملتها بشكل منفرد. وتقول قطر ان نسبة 40 بالمئة من التضخم الذي اقترب من أعلى مستوياته على الاطلاق ليسجل 13.7 بالمئة يرجع الى ضعف قيمة العملة.واضطر ربط العملات بالدولار دول الخليج التي تزدهر اقتصاداتها بسبب ارتفاع سعر النفط الى خمسة أمثاله منذ عام 2002 الى اتباع تخفيضات أسعار الفائدة الامريكية منذ سبتمبر أيلول الماضي مما دفع التضخم للارتفاع.

واشارت الكويت الى التضخم المستورد كمبرر لفك ربط عملتها بالدولار في مايو الماضي. وسمحت للعملة منذ ذلك الحين بالارتفاع بنسبة نحو تسعة بالمئة امام العملة الامريكية. لكن الاصلاح في دول خليجية أخرى يواجه مصاعب سياسية.

فالسعودية صاحبة العدد الاكبر من السكان شهدت عجزا في الميزانية في التسعينات من القرن الماضي وتخشى أن يؤدي رفع قيمة العملة الى خفض القيمة بالعملة المحلية لعائدات النفط المقومة بالدولار.

ويشعر جيرانها الاصغر حجما والاكثر ثراء بالقلق بدرجة أكبر من الاضطرابات التي يثيرها تراجع الدولار بين قوة العمل التي يهيمن عليها المغتربون.

وقالت كارولين جرادي الاقتصادية في دويتشه بنك والتي مازالت مقتنعة بأن الامارات وقطر سترفعان قيمة عملاتهما هذا العام "انهم يفضلون اتخاذ اجراء جماعي لكن مصالحهم مختلفة في نهاية الامر."

لكن الامارات وقطر قد تحجمان عن شق الصف مع السعودية أكبر اقتصاد عربي وأقوى مؤيد لربط العملة بالدولار والتي ابقت على سعر صرفها دون تغيير منذ عام 1986.

ووجه محافظ بنك الامارات المركزي سلطان ناصر السويدي دعوة منفردة لاصلاح العملة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي مما أثار تكهنات بأن الامارات قد تغير سياستها بشكل منفرد ودفع سعر الدرهم الاماراتي الى أعلى مستوياته في خمس سنوات والريال السعودي الى أعلى مستوياته في 21 عاما. ومنذ ذلك الحين عاد السويدي للصف قائلا ان أي اصلاح للعملة سيكون خطوة خليجية مشتركة.

وحتى أكبر مناصري الاصلاح في الخليج يقولون دائما انهم لا يفضلون العمل بشكل منفرد.

موانيء دبي تستبعد تغيير الارتباط بالدولار

وفي توجهات تناقض ما تم التوصل اليه، قال رئيس مجلس ادارة شركة موانيء دبي العالمية سلطان احمد بن سليم انه ليس من المتوقع ان توصي لجنة إماراتية تدرس ارتباط البلاد بالدولار بتغيير هذا الارتباط. وقال بن سليم انه لا أحد يتوقع ان توافق اللجنة على التغيير. واضاف انه شخصيا لا يؤيد تغيير الارتباط. بحسب رويترز.

وقال رئيس وزراء الامارات الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم الاسبوع الماضي ان لجنة ستدرس ارتباط البلاد بالدولار رغم الابقاء عليه في الوقت الحالي.

المركزي العماني ينفي وجود خطط لانهاء الارتباط بالدولار

وقال رئيس البنك المركزي العماني انه لا توجد خطط لدى سلطنة عمان لتغيير ارتباط عملتها الريال بالدولار.

واضاف حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك لرويترز انه بالنسبة لاقتصاد صغير مثل عمان يعتبر الدولار الامريكي اقوى مصدر للاستقرار لترويج التجارة والاستثمار وان البنك المركزي سيواصل الارتباط الحالي بالدولار.

وقال ان الدولار يلعب دورا اساسيا في استقرار سعر الصرف وان البنك المركزي العماني متمسك بقوة بالدفاع عن الارتباط. بحسب رويترز.

واكد الزدجالي ان عمان لن تنضم الى الدول العربية الاخرى في الخليج في الوحدة النقدية المقرر حاليا انجازها بحلول عام 2010.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15 نيسان/2008 - 8/ربيع الثاني/1429