المصريون يعلنون العصيان: انتفاضة الخبز والحرية

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: مع الفورة في عدد السكان وضنك العيش والقيود على الحريات المدنية والسياسية والاعلامية في مصر تتصاعد صيحات الغضب الشعبي للمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي، وكذلك تندمج الدعوات الشعبية مع تزايد نشاط المنظمات الداعية لحريات مدنية وسياسية اكبر لتكوّن فورة غضب عارم من المتوقع ان تتحول قريبا الى انتفاضة للمطالبة، بالخبز والحرية.

طوابير طويلة لشراء الخبز المدعوم

وظيفة عبد النبي سليم في الحياة، الوقوف في طابور الخبز..، يقف المدير الإداري المتقاعد البالع من العمر 65 عاما تحت شمس الظهيرة الحارقة في طابور يمتد طويلا في أحد شوارع القاهرة لشراء 20 رغيفا من الخبز مقابل جنيه مصري واحد (0.18 دولار).

وعلى مدار عقود يباع خبز رخيص للفقراء في مصر كجزء ضروري من السياسة الاقتصادية رغم تكلفته الباهظة نظرا لأنه يتيح للملايين العيش باجور ضعيفة وتجنب حالة عدم رضا سياسي.

ولكن طوابير الخبز طالت في الأشهر القليلة الماضية مع ارتفاع تكلفة المواد الغذائية الضرورية غير المدعومة مما اضطر كثيرين للجوء للدعم الذي يعتمد بشدة على القمح المستورد باهظ التكلفة والذي يتعرض لضغوط أيضا جراء بيع الطحين ( الدقيق) في السوق السوداء.

وبعد أن يحصل سليم على الارغفة العشرين يعود مرة ثانية ليقف في نهاية الطابور وينتظر من جديد ليحصل على عشرة ارغفة إضافية لازمة لسد رمق اسرته الكبيرة.

ويقول سليم بعد مرور نحو نصف ساعة على وقوفه في الطابور الذي قد يمتد لعدة ساعات "انه نظام فاسد. اتي إلى هنا كل يوم. ليس لدي عمل فتلك وظيفتي. انتظر الخبز."

وما يحدث في مصر يبرز بعض مخاطر الدعم وبدائله فيما تدرس الكثير من الدول في أنحاء العالم اجراءات مماثلة لتخفيف عبء الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء على الفقراء.

ودفعت الطوابير الطويلة وسائل الإعلام للحديث عن "أزمة" الخبز في أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان حيث ادى خفض الدعم للخبز في عام 1977 إلى أعمال شغب قتل فيها العشرات واجبرت الحكومة على العدول عن قرارها. بحسب رويترز.

وخصصت مصر أكثر من 2.5 مليار دولار لدعم الخبز في السنة المالية الحالية ولكنها ذكرت ان المبلغ قد يرتفع بسبب زيادة تكلفة القمح. غير ان ضغط الخبز مازال مستمرا.

ويقول مراقبون ان المشاكل المستمرة التي يعاني منها نظام الدعم قد تؤدي لتكرار أزمة 1977 ما لم يتم احتواء المشاكل سريعا.

وقال جودة عبد الخالق استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة "ربما تكون اوسع نطاقا وأكثر عنفا لأن الناس تشعر بتأزم أكبر لاوضاعها."

وتقول مصادر أمنية ان ما لا يقل عن 11 توفوا في طوابير الخبز منذ اوائل فبراير شباط بما في ذلك ضحية اصيب بأزمة قلبية وامرأة صدمتها سيارة أثناء وقوفها في طابور امتد إلى الشارع.

وقتل شخص بالرصاص واصيب ثلاثة في مشاجرة في طابور خبز باحد احياء القاهرة. وتطور جدل بين طفلين على مكان كل منهما في الطابور إلى مشاجرة اصيب فيها أربعة.

وتعهد كبار المسؤولين في مصر بالتدخل السريع لتسهيل الحصول على الخبز المدعوم الذي يتغذى عليه يوميا 50 مليون مصري أو اكثر من ثلثي تعداد السكان حسب احصاءات الامم المتحدة.

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية سليمان عواد "ان رغيف الخبز لابد ان يتاح للمصريين وتختفي ظاهرة طوابير الخبز."

وطلب الرئيس حسني مبارك من الجيش المساعدة في توفير الخبز للمواطنين. وقال أحد الوزراء ان قوات الأمن ستوفر مليوني رغيف من الخبز يوميا وذكرت وسائل الإعلام ان مصر سترفع حصة المخابز من الطحين. ورحب مجدي لبيب صاحب مخبز بذلك ويقول "لا يكفي الطحين للمزدحمين في الخارج."

ويرجع تنامي طوابير الخبز في مصر لارتفاع نسبة التضخم إلى 12.1 في المئة في 12 شهرا حتى فبراير شباط. وارتفعت أسعار المواد الغذائية 20 في المئة والخضروات 15 في المئة وزيت الطعام 40 في المئة حسب جهاز الاحصاء المصري.

ولمساعدة المواطنين على مواجهة ارتفاع الأسعار ألغت مصر الرسوم الجمركية على واردات الارز ومنتجات الألبان وزيت الطعام وأنواع من الأسمنت والصلب.

وصرح وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد لصحيفة فاينانشال تايمز اللندنية بأن مصر ينبعي ان تتحرك للتصدي للتضخم لما يسببه من مخاطر لبرنامج التحرر الاقتصادي.

وقال رشيد للصحيفة "يقول الناس ليس لدينا طعام كاف.. سيبدد هذا الوضع (انجازات) برنامح الاصلاح في مصر بالكامل. لا يسعنا ذلك."

وشمل برنامج التحرر الاقتصادي في مصر خفض رسوم جمركية وبيع شركات مملوكة للدولة ليقبل مستثمرون على مصر ويرتفع معدل النمو الاقتصادي إلى 7.1 في المئة العام الماضي. ولكن لا يزال معظم المصريين يعيشون في فقر.

وابقت مصر سعر رغيف الخبز المدعوم عند أقل من سنت أمريكي واحد فيما ارتفعت تكلفة الخبز والحبوب بنسبة 26.5 في المئة في السوق الحرة.

واجبرت الطوابير الطويلة المخابز على تحديد عدد الأرغفة التي تباع لكل فرد عند 20 رغيفا في كل مرة وهو ليس بالعدد الكبير لمن يشترون لاسرهم الممتدة الكبيرة. وفي المتوسط يستهلك المواطن 3.2 رغيف في اليوم.

إلا ان البعض استغل أزمة الخبز الحالية وباع الطحين المدعوم في السوق السوداء وهو وضع تجاهله مفتشو الحكومة طويلا.

وذكرت مصادر أمنية انه وجهت تهمه الاتجار في الطحين المدعوم في السوق السوداء لعشرات من اصحاب المخابز وتم ضبط 700 طن طحين في مارس اذار. كما تم الكشف عن آلاف المخالفات من بيع الخبز باعلي من السعر المحدد أو إنتاج رغيف مخالف للمواصفات.

مصريون يرفعون راية "العصيان".. والأمن يحبط الإضراب

وتمكنت أجهزة الأمن المصرية من إحباط دعوة وجهتها قوى المعارضة للانضمام إلى المظاهرات والإضراب العام، الذي كان من المقرر تنظيمه الأحد، في يوم أطلقت عليه اسم "يوم الغضب الشعبي"، احتجاجاً على موجة "الغلاء" التي يعاني منها ملايين الفقراء في مصر.

وكشفت مصادر مطلعة أن قوات الأمن ألقت القبض على المئات من الناشطين بالحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" وأحزاب المعارضة الأخرى، إضافة إلى العديد من عمال شركة "غزل المحلة"، أكبر شركات النسيج في مصر، بتهمة "التحريض على الإضراب."

وعلى غير العادة، شهدت شوارع العاصمة المصرية سيولة مرورية في ساعات الصباح الأولى، تزامناً مع الدعوة إلى الإضراب العام، الذي دعت المعارضة إلى تنظيمه تحت شعار "خليك بالبيت"، حسب مشاهد نقلتها شبكات تلفزيون محلية وفضائية لشوارع القاهرة الأحد.

وفي المقابل، فقد انتشرت مركبات الشرطة وقوات الأمن المركزي وقوات مكافحة الشغب في مختلف الميادين والشوارع التي من المتوقع أن يتجمع المتظاهرون بها، في العديد من المحافظات المصرية، خاصة في محافظات القاهرة الكبرى إضافة إلى الإسكندرية والغربية. بحسب CNN.

كما سعت معظم وسائل الإعلام الرسمية، الموالية للحكومة، إلى التعامل مع الدعوة إلى الإضراب وكأنها "شائعة مغرضة"، حيث بثت القنوات التلفزيونية العديد من التقارير التي تفيد بأن الموظفين انتظموا في وظائفهم، كما نشرت الصحف تقارير تحثّ فيها مختلف "أبناء الشعب المصري إلى عدم الالتفات إلى تلك الشائعات."

إلا أن وكالة أسوشيتد برس نقلت عن عاملين بشركة المحلة أن قوات الأمن اعتقلت ما يزيد على 150 عاملاً في وقت مبكر من صباح الأحد، بهدف منع العمال من تنفيذ الإضراب، احتجاجاً على تدني أجورهم في الوقت الذي تواصل فيه أسعار السلع الأساسية ارتفاعها إلى معدلات قياسية.

إلى ذلك، اعتقلت قوات الأمن اثنين من نشطاء حركة "كفاية" من منزلهما فجر الأحد، حسبما أكدت الحركة المعارضة، ليرتفع عدد معتقليها خلال الساعات الأخيرة، إلى تسعة أشخاص على الأقل، بالإضافة إلى اعتقال اثنين من ناشطي حزب العمل، في كل من السويس والإسماعيلية، حسبما ذكرت مصادر بجماعة "الإخوان المسلمين"، التي أعلنت تأييدها للإضراب.

وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أصدرت بياناً مساء السبت، حذرت فيه المواطنين من أن أجهزة الأمن سوف تتخذ "إجراءات فورية حازمة"، تجاه أي محاولة للتظاهر، أو تعطيل حركة المرور، أو إعاقة العمل بالمرافق العامة، قائلة إن الهدف من تلك الإجراءات "حماية الصالح العام."

وجاء في بيان الوزارة: "أن البعض من محترفي الإثارة والتيارات غير الشرعية، أخذوا في الفترة الأخيرة في الترويج لمنطلقات ودعاوى وشعارات مُضللة، وعمدوا إلى الدعوة لوقفات احتجاجية وللتظاهر وللتوقف عن العمل يوم الأحد السادس من أبريل (نيسان الجاري)، وتعطيل الأعمال، مما أوجد انطباعات خاطئة لدى البعض من المواطنين."

وشددت وزارة الداخلية في بيانها، على عدد من النقاط، في مقدمتها التأكيد على انتظام العمل في "كافة مؤسسات الدولة وقطاعاتها الخدمية والإنتاجية والدراسية، واستقرار أدائها."

وأضاف البيان: "أن تلك الفئة الهامشية الداعية والمروجة لذلك التحرك المؤثم قانوناً، قد عمدت من خلال البيانات ووسائل الاتصال، إلى خلقِ انطباع زائف بتأثيرها، وبأن هناك استجابة لها، كما انزلقت في سبيل ذلك إلى إثارة البلبلة بين عدد من المواطنين، وأشاعت روح التخوف لديهم من أجل تحقيق أهداف مشبوهة لن تفلح المناورة في إخفاء مقاصدها، أو القائمين عليها أو الداعمين لها."

وفيما أكد البيان أنه "لا حجر على حرية الرأي أو التعبير عن المطالب، إلا أنه شدد على ضرورة "أن يأتي ذلك من خلال القنوات الشرعية، والنقابات النوعية، ووفق الضوابط التي حددها القانون."

كما حذرت الوزارة من أن "نصوص القانون جازمة إزاء أي فعل يرمى أو يترتب عليه عرقلة سير مرفق عام، أو يهدد مصالح المواطنين الحيوية، أو من شأنه الإضرار بمصلحة عامة."

واختتم البيان بقوله: "تحذر الوزارة من أن أجهزتها ستقوم باتخاذ ما يلزم من إجراءات فورية وحازمة، إزاء أي محاولة للتظاهر، أو تعطيل حركة المرور، أو إعاقة العمل بالمرافق العامة، أو التحريض على أي من هذه الأفعال، وذلك انطلاقاً من أحكام القانون، وإنفاذا له، وحماية للصالح العام، وللاستقرار وأمن وسكينة المواطنين."

مصادمات بين قوات الأمن ومتظاهرين شمالي القاهرة

,أشعل مصريون غاضبون من الحكومة بسبب ارتفاع أسعار السلع النار في متاجر ومدرستين وسيارات في مدينة المحلة الكبرى المشهورة بصناعة الغزل والنسيج في دلتا النيل بعد أن أحبطت الحكومة إضرابا عاما في البلاد.

وقال شهود عيان ان معارك شوارع دارت في المدينة بين قوات الأمن ومحتجين يقودهم عمال الغزل والنسيج سقط فيها ما يزيد على مئة مصاب بعد أن حاول العمال تنظيم إضراب للمطالبة بزيادة الأجور في مواجهة معدل التضخم المرتفع.

وقال شهود ان المتظاهرين أشعلوا النار في مدرسة ابتدائية ومدرسة اعدادية ووكالة للسفريات ضمن متاجر ومحال أخرى كما أوقفوا قطارا قادما الى المدينة بوضع إطارات سيارات مشتعلة على القضبان ثم قذفوا القطار بالحجارة.

واستخدمت الشرطة الطلقات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع لتفرقة المحتجين. وقالت مصادر أمنية ان عدد المصابين 40 لكن مئات أصيبوا بحالات اختناق بسبب استنشاق الغاز المسيل للدموع.

وقال شهود ان المتظاهرين ألقوا الحجارة على رجال الشرطة وهاجموا سيارات الشرطة ومزقوا صور مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في انتخابات المجالس المحلية التي ستجرى يوم الثلاثاء.

وقال شاهد في اتصال هاتفي مع رويترز في وقت متأخر ليل الأحد ان عمليات سلب ونهب بدأت في المدينة. وقال "ينهبون أجهزة كمبيوتر ومصابيح كهربائية ومكاتب وكراسي من المدارس ويحطمون سيارات وينهبون ما بداخلها."وتابع "يبدو أن قوات الامن أنهكت من طول المصادمات مع المحتجين."ولم يتسن الاتصال على الفور بالمصادر الأمنية للتعقيب.

وقال الشهود ان مصر نشرت يوم الأحد أعدادا كبيرة من قوات الامن في ميادين وشوارع بالقاهرة وعدد من المدن الاخرى لإحباط إضراب عام دعت اليه حركات وأحزاب سياسية وعمال شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى التي تبعد حوالي 100 كيلومتر شمالي القاهرة.

وقال الشهود ان أكبر المصادمات بين قوات الامن والمحتجين وقعت في ميدان الشون في وسط المدينة وان مصادمات أخرى وقعت في شارع رئيسي وشوارع جانبية.

وقبل اندلاع المصادمات قالت مصادر أمنية ان الشرطة ألقت القبض في انحاء البلاد على حوالي 200 من الداعين للاضراب والمشاركين فيه والمشاركين في مظاهرات احتجاج دعي اليها بمناسبة الدعوة للاضراب.

وفي القاهرة طَوَقت شرطة مكافحة الشغب مجموعات صغيرة من المحتجين.

استنفار أمني واعتقالات

 وأفادت مراسلة بى بى سي بالقاهره بأن قوات الأمن المصريه طوقت ميدان التحرير في وسط القاهرة و مقر نقابة الصحفيين،أحد أهم نقاط تجمع المتظاهرين بمناسبة الإضراب الذي دعت إليه قوى سياسية ونقابية.

وذكرت المراسلة أن الشرطة اعتقلت عشرة اشخاص فى محافظتى القاهرة والجيزة صباح اليوم بتهمة توزيع منشورات تحض على التظاهر، وأفادت أنباء أنهم ينتمون لأحزاب الغد والناصرى والتجمع.

كما ألقت السلطات المصرية القبض على مجموعة من اعضاء حركة كفاية لمنعهم من التظاهر في محافظة الجيزة . وكان مقررا أن تتجمع المظاهرة حول مجمع المصالح الحكومية في الجيزة الا ان المجمع محاصر من قبل قوات الامن المصرية .

وذكرت المراسلة دينا إبراهيم أن قوات الأمن اغلقت تماما الشارع الذي يوجد به مجمع المصالح الحكومية كام صادرت منها شريطا صورته واستجوبتها.

وعلمت بي بي سي أيضا أن قوات الأمن طوقت منزل جميلة اسماعيل زوجة أيمن نور زعيم حزب الغد المسجون بتهمة تزوير توكيلات الحزب ومنعتها من المشاركة في المظاهرات المؤيدة للإضراب.

و بسبب الاجراءات الامنيه المشدده لم تبدأ لأى من المظاهرات أو التجمعات السلميه التى كان مقررا ان تبدأ فى تمام الحادية عشره بتوقيت القاهره.

كما بدت الشوارع و الميادين على غير زحامها المعتاد بسبب عدم خروج البعض الى العمل تماشيا مع الاضراب أو بسبب تخوف البعض من حدوث أية اعمال شغب فى هذا اليوم. وقال عمال مصريون إن قوات الأمن منعتهم من تنظيم الإضراب في مصانع النسيج بالمحلة الكبرى.

ونقلت وكالة الأسوشييتد برس عن أحد العمال في المصنع قوله إن قوات الأمن اعتقلت نحو 150 عاملا قبل بدء الدوام النهاري.

وكان من المقرر أن يبدأ الإضراب في الساعة 7.30 صباحا بالتوقيت المحلي لكن العمال فوجئوا بوجود مئات من قوات الأمن التي جاءت في وقت مبكر وسيطرت على المصنع .

وقال عمرو عبد الحميد موفد بي بي سي الى مدينة المحلة الكبرى إن عددا من العمال قالوا له إنهم اثروا عدم المشاركة في الاضراب لاعطاء الحكومة فرصة لتحسين الاوضاع المعيشية للمصريين.

وأشار إلى أن العمل بدأ في الصباح بشكل معتاد في مصنع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وهو من اكبر المصانع في البلاد.

ولا يبدو أن الداعين إلى الإضراب قد تأثروا بالتلويحات الحكومية، فقد قال حمدين صباحي عضو مجلس الشعب ووكيل مؤسسي حزب الكرامة، وهو حزب تحت التأسيس، في مقابلة مع بي بي سي العربية "إن الإضراب حق وإن الأمر خرج عن إطاره السياسي إلى فضاءه الشعبي الاحتجاجي".

واضاف صباحي "إن القضية ليست سياسية في الأساس لكنها اقتصادية بامتياز. أعتقد أن الوضع الآن يشهد نوعا من التذمر الشعبي الواسع والعريض ضد الغلاء بالدرجة الأولى وضد كثير من افتقاد الكثير من المواطنين لحقوقهم الأساسية على المستوى الاقتصادي".

أما جماعة الإخوان المسلمين، أبرز الحركات المعارضة في مصر، فقد أصدرت بيانا أيدت فيه الحق في الإضراب دون أن تعلن مشاركتها فيه.

وقال الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد في الجماعة إن الأمر مرهون بإرادة الأعضاء واختياراتهم الشخصية.

وكانت عدة فئات قد نظمت نمخرا عدة احتجاجات مثل إضرابات عمال مصانع النسيج في الملحّة واعتصام موظفي الضرائب العقارية وأخيرا إضراب أساتذة الجامعات.

فشل دعوة الى الاضراب في مركز صناعة النسيج في المحلة

وواصل عمال النسيج في مدينة المحلة الكبرى التي تعد من اكبر المراكز الصناعية في مصر عملهم ولم ينفذوا اضرابا كان دعا اليه بعض قادتهم الذين احتجوا على اتفاق ابرمه قياديين اخرين مع ممثلي الحكومة مطلع الشهر وتضمن استجابة جزئية لمطالبهم المالية.

وانتشر عدد كبير من رجال الامن وقوات مكافحة الشغب حول مصنع شركة مصر للغزل والنسيج الذي شكل بؤرة حركة الاحتجاج الاجتماعي في مصر منذ ان نظم 27 الف عامل فيه اضرابهم الاول في كانون الاول/ديسمبر 2006 ثم اضرابهم الثاني في ايلول/سبتمبر 2007.

ولم يبد المناخ بالغ التوتر داخل المصنع الذي تمكن فريق من وكالة فرانس برس من دخوله في حراسة الشرطة على الرغم من التواجد الامني الكثيف حوله.

ونشرت صحف المعارضة الدعوة الى تنفيذ الاضراب طوال الايام الماضية ما اوحى بان العمل سيتوقف في المصنع الذي يوظف 27 الف عامل.

وكان عمال المحلة اعلنوا انهم سيضربون في السادس من نيسان/ابريل احتجاجا على عدم تنفيذ الحكومة لوعودها بتلبية مطالبهم ولكن اتفاقا تم بين ممثلين للحكومة وعدد من قياداتهم في الاول من نيسان/ابريل الجاري.

وقال محمد العطار وهو من القيادات التي تفاوضت مع ممثلي الحكومة "لقد قررنا مطلع الشهر الجاري ابطال الاضراب بعد الاتفاق واستمرار العمل اليوم يؤكد ان غالبية العمال تؤيد موقفنا".

واعترضت قيادات عمالية اكثر راديكالية على هذا الاتفاق معتبرة انه لا يلبي اهم مطالب العمال ودعت الى تنفيذ الاضراب في الموعد المحدد.

واكد كريم البحيري وهو من القيادات الراديكالية لوكالة فرانس برس ان الاضراب فشل "بسبب التواجد الامني المكثف والتهديدات التي وجهتها اجهزة الامن للعمال".ولا تنتمي القيادات العمالية في المحلة الى التنظيمات النقابية الرسمية كما انها لا تتبع قوى سياسية معينة.

وتعد رواتب عمال النسيج في مصر من الاكثر انخفاضا في العالم وتقل 15% عن رواتب نظرائهم في باكستان و40% في الهند.

وتلعب صناعة النسيج دورا كبيرا في مصر وهي تعد ثاني القطاعات الاقتصادية اهمية بعد قطاع الصناعات الغذائية ويعمل فيها مليون شخص اي حوالي 30% من العاملين في القطاعات الصناعية المختلفة حسب الباحث في الجامعة الاميركية في القاهرة جوئيل بنين.

واوضح محمد العطار ان ممثلي الحكومة وافقوا مطلع الشهر الجاري على خمسة من سبعة مطالب للعمال وهي زيادة بدل الوجبة الغذائية الى 90 جنيها بدلا من 43 وانشاء مرفق خدمي لتوفير مواصلات لعمال النسيج وصرف نصيب العمال من الارباح الى كل العمال دون استثناء بما في ذلك من يعانون من اصابة عمل او امراض مزمنة.

تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر

من جهته اعرب المجلس القومى لحقوق الإنسان المصري عن بالغ قلقه حيال وقائع التعذيب والافعال المنافية للكرامة الادمية التي تعرض لها مواطنون فى بعض اقسام الشرطة واماكن الاحتجاز، والتي كشف عنها المجلس العام الماضى. جاء ذلك في التقرير السنوي الرابع الذي أعلن عنه المجلس الاحد فى مؤتمر صحفى عقد بمقره بوسط القاهرة.

وقال التقرير انه بالرغم من احالة وزارة الداخلية الضباط المتهمين فى هذه القضايا الى المحاكمة الا ان تكرارها امر مقلق للغاية.

وقبل عرض التقرير قال الدكتور احمد كمال ابو المجد نائب رئيس المجلس، ان المجلس ليس منظمة حكومية ولا اهلية بل يعمل من اجل حماية وتعزيز حقوق الانسان المصري بالتعاون مع مختلف المنظمات، وذلك في تأكيد على مصداقية التقرير واستقلاليته. بحسب رويترز.

يذكر ان المجلس القومى لحقوق الانسان الذى انشأ عام 2003 يتبع مجلس الشورى ويترأسه الدكتور بطرس غالى الأمين العام للأمم المتحدة السابق.

وطالب التقرير بضرورة تحسين السجون واماكن الاحتجاز والاعتقال والظروف المعيشية للسجناء مؤكدا فى الوقت ذاته على قرار وزير الداخلية بزيادة عدد مرات الزيارة فى السجون لمرتين شهريا وتيسير اتصال السجناء بذويهم من خلال تعميم الهواتف العاملة فى السجون.

واوضح التقرير انه ما زال يوجد سجناء يحرمون من زيارة ذويهم او تأخير حق الزيارة، مشيرا الى ان هناك سجون تحتاج الى الاهتمام.

وعلى صعيد الحقوق والحريات المدنية والسياسية رأى التقرير ان استمرار اعتقال اعداد ليست بقليلة من المواطنين ايا كان انتماؤهم الفكرى او السياسى او العقائدى هو امر يزيد من الاحتقان فى المجتمع طالما كانوا لا يخالفون القوانين والنظام العام.

ورفض نائب رئيس المجلس ما يراه مراقبون من ان التقرير لم يحمل الجديد وانه شكلى مؤكدا على ان التقرير بما فيه من ذكر لايجابيات ونقد هو خدمة وطنية لا يعرف قدرها الا من فهم جدلية العلاقة بين ما يفعله هنا وما يدور فى الخارج.

وشدد ابوالمجد على ان منهج المجلس هو التواصل والمبادرة وليس الانكماش والمقاطعة خصوصا على مستوى التعاون الدولى. وامتنع ابو المجد عن التعليق على قانون الارهاب الذى سيطرح بدلا من قانون الطوارئ لحين النظر فيه.

وسجل التقرير ظاهرتين ايجابيتين الاولى أن نسبة الرد على شكاوى الناس التى تصل الى جهات الاختصاص من خلال المجلس فى تحسن تدريجى، والثانية ان الحكومة بدأت ترد على المجلس فى عموم تقاريره.

مصر تحتجز خمسة من الاخوان علّقوا لافتات دعاية انتخابية

وقالت مصادر أمنية وجماعة الاخوان المسلمين بمصر ان قوات الامن احتجزت خمسة من أعضاء الجماعة كانوا يعلقون لافتات دعاية انتخابية لمرشح في انتخابات المجالس المحلية المقرر اجراؤها في الثامن من أبريل نيسان.

واحتجاز هؤلاء الخمسة هو أحدث اجراء في اطار حملة تشنها الحكومة ضد أقوى جماعة معارضة قبل الانتخابات. واحتجزت الشرطة المصرية أكثر من 800 عضو في الجماعة في الاسابيع الماضية قبل الانتخابات بينهم 148 عضوا على الاقل كانوا يعتزمون ترشيح أنفسهم.

وقالت الجماعة بموقعها على الانترنت "ألقت مباحث أمن الدولة صباح اليوم القبض على 5 من قرية ميت كنانة بمركز طوخ بمحافظة القليوبية أثناء قيامهم بتعليق لافتات دعاية لمرشح الاخوان."

وقالت منظمة هيومان رايتس وتش لحقوق الانسان ان احتجاز مئات من أعضاء جماعة الاخوان بمصر - بينهم من كانوا يعتزمون الترشح لانتخابات المجالس المحلية التي ستجرى في الثامن من أبريل نيسان - هو "محاولة مخزية" لضمان نتيجة الانتخابات. بحسب رويترز.

وتقول الحكومة ان الجماعة محظورة لكنها تسمح لها بممارسة أنشطة في حدود معينة وترفض السماح لها بتكوين حزب سياسي قائلة ان الدستور يحظر قيام الاحزاب على أساس ديني. وللجماعة 88 مقعدا في مجلس الشعب.ويتقدم مرشحو الجماعة للانتخابات كمستقلين تفاديا للحظر المستمر لها منذ عقود من الزمان.

واتهمت جماعة الاخوان الحكومة بعرقلة جهودها لتقديم أوراق مرشحيها للانتخابات التي أرجئت عام 2006 بعد مكاسب حققها الاخوان في انتخابات مجلس الشعب التي أجريت عام 2005.

وكثيرا ما رفض المسؤولون في وزارة الداخلية التعليق على اتهامات جماعة الاخوان للحكومة باعاقة ترشيح أعضائها.

والمجالس المحلية ليست على درجة عالية من الاهمية في ادارة الشؤون الجارية للمصريين لكن يمكن لمقاعدها أن تكون مفيدة لجماعة الاخوان اذا أرادت في المستقبل أن تتقدم بمرشح مستقل لرئاسة الدولة.

مشكل متنامِ في مصر: الأطفال العمّال

وفي مظهر لتنامي تشغيل الأطفال في مصر، يبدأ علي عبد الناصر، 14 عاما، يومه، منذ أربع سنوات، بتجهيز العربة التي يجرها حمار، قبل أن يملأها بالآجرّ من أحد مصانع مواد البناء بإحدى ضواحي العاصمة المصرية.

وبدأت محنة علي منذ بلغ سنّ العاشرة، بعد أن توفي والده ومن ساعتها لم يتمتّع بيوم راحة واحد طيلة السنوات الأربع، بعد أن حكم عليه القدر بأن يصبح ربّ أسرة تتشكّل من سبعة أفراد ويجد حماره متسعا أكبر من الوقت، مقارنة به، لأخذ قسط من الراحة.

وقال علي لأسوشيتد برس إنّ صاحب المصنع يمكّن الحمار من يومي إجازة "في الوقت الذي لا يمكنني فيه أن أرتاح لأنني لو قمت بذلك فما من أحد سيجلب الخبز لعائلتي."

ومع معاناة مصر من التضخم وغلاء أسعار المواد الاستهلاكية والغذاء، تنامت ظاهرة تشغيل الأطفال من الأوساط الفقيرة، لاسيما مع نقص التدابير التي تحميهم.

وفي الوقت الذي كان فيه البرلمان المصري بصدد النظر في سنّ تشريعات وتدابير تتلاءم مع المعاهدات الدولية لحماية الطفولة من سوء المعاملة والعمل غير القانوني، أدت ملامسة أسعار الغذاء والمواد الأولية في العالم إلى عودة الظاهرة إلى سطح الأحداث ويقول مراقبون إنها مرشحة للتزايد.ويقبع نحو 20 بالمائة من سكان مصر البالغ عددهم 76 مليون نسمة، تحت خطّ الفقر وفق أرقام البنك الدولي.

وتوزّع الحكومة حصصا من الغذاء والاحتياجات الضرورية الأخرى على الفقراء، غير أنّها باتت تعاني من أجل الحفاظ على نفس مستوى الحصص لاسيما من الخبز.

ويعتقد أنّ مئات من الأطفال يعملون في نحو 200 مصنع صغير للآجرّ والقرميد في منطقة عرب جبور، 60 كلم جنوب القاهرة، وفق صالح وهيب، الذي يعمل مع منظمة خيرية بريطانية تعمل في مجال حماية الحيوانات في المصانع تدعى Brooke Hospital For Animals.

ويحصل كل طفل عامل على أجرة يومية تبلغ نحو أربعة دولارات ونصف الدولار، مقابل تعبئة وجرّ عربة يقودها حمار، بالآجرّ الذي تصنّعه تلك المعامل، حيث ينقلونه إلى مساحات مشمسة قبل تزويد الموزعين به.

وقال العديد من الأطفال العمّال إنّهم يتعرضون في بعض المناسبات، إلى الضرب بالعصيّ من قبل مسؤولي المناوبات إذا اعتقد أنّهم لا يسرعون في أعمالهم. غير أنّ أيا من العمال رفض التعليق على تصريحات الأطفال.

لكن مع ذلك، أشارت منظمات حقوقية وخبراء إنّ ظروف العمل تختلف من مصنع لآخر، حيث يوفر بعضها الغذاء وحدا أدنى من الدراسة للأطفال العمّال، في الوقت الذي تستغلّهم فيه معامل أخرى وتسيء معاملتهم التي تصل حتى الضرب وكذلك زيادة ساعات الدوام الذي يمكن أن يتمّ تحت أشعة الشمس الملتهبة.

ولا تتوفر معلومات دقيقة حول العدد الحقيقي لهؤلاء العمال ناهيك أنّه عادة ما يتمّ الخلط بينهم وبين أطفال الشوارع، وفق سهام إبراهيم، مديرة منظمة "طفولتي" غير الحكومية التي تعنى بالأطفال المتشردين.وأضافت "هذا مسألة كارثية يتعين على الحكومة والمنظمات الدولية أن توليها ما تستحق من عناية."

ولا تملك الحكومة أي أرقام رسمية حول عدد الأطفال العمّال، غير أنّها أشارت مؤخرا إلى أنّ عدد أطفال الشوارع في البلاد، بين سن السادسة والسابعة عشرة، يناهز مليونا ونصف مليون.

وفي المدن الكبرى، مثل القاهرة، من العادة أن يشاهد الزائر أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم الخامسة، وهم يلاحقون السيارات لبيع العلكة والأزهار أو المناديل.

وعلى خلاف الأطفال عمّال المصانع، ليس لهؤلاء الأطفال عائلات معروفة أو أنهم ببساطة فروا من أسرهم واختاروا العيش في الشوارع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8 نيسان/2008 - 1/ربيع الثاني/1429