دول الخليج العربي وتجارة الرقيق

شبكة النبأ: التجارة الأكثر خطورة في العالم هي (الرقيق) الإتجار بالبشر، وقد نهت عن ذلك جميع الاديان ومن تبعهم ممن نادى بحرية الفرد والجماعات التحررية والسياسات التي تبني واقعها على أساس احترام كرامة الإنسان وعدم إمتهانه أو التسبب له بالذل وسرقة قوته وعرق جبينه أو الإستفادة منه على حساب راحته البدنية ومعتقداته.

منطقة الخيلج اليوم أرض خصبة لعودة الإتجار بالرقيق مما يدفع ضعفاء النفوس إلى إحياء هذه التجارة المحرمة دوليا، وبروزها بشكل ملفت خاصة مع تدني المستوى الاقتصادي لدى بعض بلدان والارتفاع الهائل الحاصل في السوق الخليجية.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض لكم مسألة الهجرة والعمالة التي تتجه صوب المدن الأغنى في العالم للحصول على فرص عمل إلى جانب الإستغلال والتجارة البشرية في ارض الخليج:

مسألة الهجرة المتزايدة تقلق العالم

قال رئيس المنظمة الدولية للهجرة ان التعاقدات المحددة المدة التي تستخدمها دول الخليج لجلب عمال مهاجرين قد تقدم نموذجا للدول الغربية لتهدئة التوترات الثقافية التي تسببها الهجرة.

وقال برانسون مكينلي انه مع اتجاه عدد المهاجرين في انحاء العالم نحو التزايد الى المثلين ليبلغ 400 مليون مهاجر خلال جيل فان عقود العمل المحددة المدة قد تخفف من المخاوف بشان فقد الهوية الوطنية في الدول الصناعية.

وقال مكنيلي قبل قمة لمنظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم 57 دولة السنغال: بدأت دول كثيرة في العالم تفكر في الهجرة المؤقتة وهي شكل ما للنظام المعمول به في الخليج.

وأشار الى أن كوريا الجنوبية التي تعاني من نقص في معدل المواليد وتتميز بهوية وطنية قوية تتبنى نظاما مماثلا للتعاقدات المحددة المدة لتوفر للمهاجرين عملا لفترة محددة ولا تكون طريقا للاقامة. وقال ان الاتحاد الاوروبي يبحث أيضا ذلك النظام. بحسب رويترز.

ويتهم منتقدون دول الخليج باستغلال العمال المهاجرين وكثيرين منهم اسيويون قائلين ان أجورهم متدنية للغاية وظروف عملهم قاسية للغاية. ويتعين على العمال المهاجرين تسليم جوازات سفرهم ولا يسمح لهم باستحضار عائلاتهم معهم.

وقال مكنيلي ان نظاما يسمح للعمال بأن يعملوا بطريقة قانونية قد يقلص أعداد المهاجرين بطريقة غير شرعية الذين يتوجهون من أفريقيا الى أوروبا في سفن مفتوحة أملا في العثور على حياة أفضل. وكثير منهم يغرقون في الطريق أو تتم اعادتهم.

ومضى يتساءل لماذا يستقل الناس سفنا خطرة في السنغال كي يأتوا الى جزر الخالدات. انهم يريدون تحقيق قدر من المال والاستقرار في بلدانهم. واذا وضعت نظاما يسمح لهم بتحقيق هذا الحلم وافادة الاقتصاد في الدولة المستقبلة فاننا سنكون ازاء (وضع) يستفيد منه الجميع.

وكثير من البلدان الاسلامية في أفريقيا واسيا مصادر للهجرة الكبيرة بينما تشكل دول المغرب العربي كذلك طرقا لعبور الاف الافارقة المتوجهين لاوروبا.

وقال مكنيلي انه مع النمو السكاني السريع في الدول العربية والمتوقع أن يؤدي الى 85 مليونا من الباحثين عن وظائف في عام 2020 فان الهجرة قد تكون وسيلة للسيطرة على التوترات الاجتماعية في هذه البلدان ومقاومة مد التطرف الاسلامي.

والدول الغربية بدورها في حاجة للتصدي للتوترات مع سكانها المسلمين الاخذين في التزايد والتي تشعلها جزئيا مخاوف من هجمات تشنها شبكة القاعدة في أنحاء العالم.

وقال مكنيلي ان منظمته التي تضم 122 دولة تسعى لتشجيع ومساعدة المهاجرين بطريقة شرعية تقدر أعداد المهاجرين بطريقة شرعية وغير شرعية بحوالي 200 مليون. ومع توقع ارتفاع عدد سكان العالم الى تسعة مليارات بحلول عام 2050 فان الهجرة تتجه لان تتزايد.

ومضى يقول: لا أرى ما يدعو الى الاعتقاد بأن الهجرة لن تزيد الى المثلين جيل بسبب الاتجاهات السكانية والاقتصادية والاجتماعية واتجاهات العولمة في العالم.

الاتجار في البشر من أجل الدعارة والجنس والعمالة الرخيصة

باعت عائشة مصوغاتها الذهبية الخاصة بالزواج لتدفع 200 دولار لمهرب كي يجد لها وقريبتها عملا في دبي. وبعيدا عن قريتها في اوزبكستان اجبرت على العمل في صالة ديسكو وكان يتوقع ان تمارس الدعارة.

وضربها صاحب العمل الاوزبكستاني حين ابعدت زبائن محتملين مما دفعها للهرب مع قريبتها حيث اختبأتا في دورة مياه في المطار ليومين لم تشربا خلالهما الا ماء الصنابير.

وتكشف قصة عائشة الجانب المظلم لدبي ببريقها ووتيرة الحياة السريعة في الامارة التي اضحت مركزا سياحيا وتجاريا لمنطقة الخليج.

وتقول عائشة البالغة من العمر 26 من مأوى في دبي تقيم به حاليا: بعض الفتيات يذهبن لصالات الديسكو ولكني مسلمة ولا اذهب لأماكن للرقص وشرب (الخمر) ناهيك عن العمل فيها. بحسب رويترز.

ويتوافد عشرات الآلاف على دبي ودول مجاورة كل عام سعيا لحياة أفضل في منطقة تزدهر بفضل عائدات النفط القياسية. ولكن الثراء البادي في مراكز التسوق الضخمة وناطحات السحاب والمطاعم الفخمة في دبي يجتذب المهربين ايضا.

ويمثل عاملون اجانب ومغتربون باساليب حياتهم وثقافاتهم المختلفة أكثر من 80 في المئة من تعداد سكان الامارات الدولة المسلمة والذي يتجاوز أربعة ملايين نسمة.

وفي تقرير صدر عام 2007 اتهمت وزارة الخارجية الامريكية حلفاءها العرب في الخليج بانهم من بين الاسوأ سجلا لفشلهم في منع التجارة في البشر من أجل الجنس والاعمال الشاقة.

وادرجت الامارات على قائمة المراقبة من المرتبة الثانية لانها لم تبذل جهودا كافية بينما انضمت البحرين والكويت وعمان وقطر لكل من السعودية واوزبكستان على قائمة تضم 16 دولة معرضة لعقوبات محتملة.

وفي عام 2006 صدقت الامارات على أول قانون في العالم العربي لمكافحة الاتجار في البشر وتراوحت العقوبات التي ينص عليها بين السجن لمدة خمسة أعوام والسجن مدى الحياة.

وفي الشهر الماضي اصدرت البحرين المجاورة والتي ترتبط مع الولايات المتحدة بمعاهدة تجارة حرة قانونا خاصا بها.

وقال انور قرقاش وزير الدولة الذي يرأس لجنة شكلت لتنسيق جهود تطبيق القانون ان مشكلة الاتجار في البشر في الامارات لا تمثل وصمة عار لان الكثير من الاماكن التي تنعم بالرخاء وتجتذب الناس للاقامة بها تعاني من نفس المشكلة.

وتابع ان من العار عدم التحرك وقال ان الامارات فعلت الكثير ولكن الطريق لا يزال طويلا.

وتقدر ان الارباح من الاتجار في البشر تزيد عن 30 مليار دولار نتيجة خداع نحو 2.5 مليون نسمة لاجبارهم على اعمال قسرية بما في ذلك الاستغلال الجنسي والزيجات القسرية او دفعهم لتقديم اعضاء او الاتجار في الاعضاء في السوق السوداء.

وذكر تقرير لمنظمة العمل الدولية في عام 2005 ان نسبة صغيرة نسبيا من جرائم العمالة القسرية، 260 الف شخص، تقع في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ولكن معظمها، 230 ألفا، نتيجة عمليات تهريب.

وشاركت الامارات في مؤتمر عالمي نظمته الامم المتحدة خاص بالاتجار في البشر في فيينا في الشهر الماضي وتبرعت العام الماضي بمبلغ 15 مليون دولار لدعم جهود مكافحة هذه التجارة.

ولكنها تواجه مشاكل ثقافية سائدة واخرى خاصة بالاعاشة في كثير من الدول التي حاولت وقف هذه التجارة.

واحدى هذه المصاعب تدريب ضباط الشرطة من المجتمعات المحافظة كي ينظروا للعاهرات على انهن ضحايا والتعامل بحساسية مع ضحايا الاغتصاب وسوء المعاملة. وفي الغالب يلقى القبض على ضحايا عمليات تهريب البشر ويعاقبون بينما يفر المهربون.

مكافحة الاتجار بالبشر في دعوة لدخول المناهج التعليمية

ودعا الامين العام للمجلس الاعلى لشؤون الاسرة في قطر عبد الله بن ناصر آل خليفة في افتتاح المؤتمر العلمي الاول لمكافحة الاتجار بالبشر الى ادراج قضية الاتجار في البشر في المناهج التعليمية في البلدان العربية.

وقال عبد الله بن ناصر في كلمة في افتتاح المؤتمر: لابد من ادراج قضية الاتجار بالبشر ضمن المناهج التربوية الحديثة حتى نصل الى اعلى درجات التوعية التي تضمن المستقبل الامن لمجتمعاتنا.

ويعقد المؤتمر بمشاركة منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) وصندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف). بحسب (ا ف ب).

وقالت المالكي: ان طبيعة التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تشهدها المجتمعات الخليجية مقترنة بالزيادة السكانية وما يصاحبها من حاجة متزايدة في سوق العمل يتطلب منا اعتماد احتياطات واعية في اطار علمي موضوعي وحس امني قانوني يقوم على احترام مفاهيم العدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان.

وينظم المؤتمر العلمي الاول لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يدوم يومين المكتب الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر بالتعاون مع اليونيسكو وجامعة قطر ويشارك فيه عمداء واساتذة من كليات القانون والحقوق العربية.

جهود عربية لمكافحة الاتجار بالبشر

دعا المشاركون في المؤتمر العالمي الاول لمكافحة الاتجار بالبشر الذي اختتم اعماله في الدوحة الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي لاصدار قوانين تكافح هذه الجريمة التي يجني منها تجارها 31 مليار دولار سنويا.

وجاء في البيان الختامي للمؤتمر، دعوة جامعة الدول العربية الى اصدار قانون موحد وشامل واتفاقية عربية لمكافحة الاتجار بالبشر بجميع اشكاله وصوره.

كما دعا المشاركون الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الى اخذ زمام المبادرة في ما يتعلق بالتنسيق والتعاون من اجل تعزيز الاجراءات الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر بين دول المنطقة.

وكشفت الدكتورة نهال فهمي من مكتب الامم المتحدة الاقليمي المعني بالمخدرات والجريمة بالشرق الاوسط ان: الارباح المتاتية من الاتجار بالبشر تأتي في المرتبة الثانية بعد المخدرات بقيمة 31 مليار دولار على مستوى العالم منها 51 مليار دولار ارباح في اقليم الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وقالت المسؤولة الاممية ان: هناك ما يقرب من 27 مليون شخص يعيشون في حالة استعباد طبقا لتقديرات الامم المتحدة، مضيفة، ان هناك ما يقرب من 100 الف امرأة وطفل يتم استغلالهم جنسيا.

من جهته قال الدكتور مخلد الطراونة استاذ القانون الدولي العام بكلية القانون في جامعة قطر ان: الارباح المتحققة من الاتجار بالبشر تحتل المركز الثالث بعد تجارة السلاح والمخدرات بمعدل يزيد عن 7 مليارات دولار سنويا.

واستدعى هذا الاختلاف في الارقام مريم المالكي المنسقة الوطنية للمكتب الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر في قطر للقول: ان اختلاف الاحصائيات حول الاتجار بالبشر بسبب حداثة هذا المفهوم وان الاحصائيات غير ثابتة لأن هذه الجريمة تتم في الخفاء. بحسب (ا ف ب).

من جهته دعا الدكتور اسامة الفولي عميد كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية بمصر الى التوقف عند الارقام الهائلة الناتجة عن ارباح هذه الظاهرة. وقال انها اصبحت جاذبة لمافيا المخدرات والسلاح لأن معدل نمو ارباحها ينمو بشكل اسرع بالنسبة للاشكال الاخرى.

وشارك في المؤتمر الداعية الاسلامي الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي اكد ان الاتجار بالبشر يعتبر من المحرمات ومن كبائر الاثم والفواحش. وأشار القرضاوي الى ظاهرة العمال المغتربين الذين تأتي بهم الشركات وتعطيهم الحد الادنى من الاجور وتضعهم في غرف كأنهم (أغنام في زريبة) مؤكدا ان هذا يندرج تحت ظاهرة استغلال البشر.

ووجه الدكتور محمد المسفر استاذ العلوم السياسية بجامعة قطر نقده الى الدول الغربية في ما اسماه: المتاجرة بالأوطان واراضي الشعوب. مشيرا الى ما حدث بالعراق من تقسيم وبيع لأراضيه لمصلحة الاعداء.

وانتقد المسفر الممارسات والصور المختلفة للاتجار بالبشر في الدول الاوروبية والاجنبية التي تكمم فيها الافواه وتصبغ فيها عمليات الاتجار بالبشر بالصبغة الغربية في الوقت الذي تصنف فيه الدول العربية والاسلامية على انها منتهك حقيقي للكرامة الانسانية.

وشارك في تنظيم المؤتمر المكتب الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر في قطر بالتعاون مع منظمة اليونسكو ومع جامعة قطر كما شارك فيه عمداء واساتذة من كليات القانون والحقوق العربية بالاضافة الى ممثلين من كليات عسكرية ومنظمات حقوق الانسان.

ونشرت صحيفة البيان الاماراتية دراسة اعدها النائب الاول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي اظهرت ان عدد سكان الدولة بلغ في نهاية 2006 نحو خمسة ملايين و631 الف نسمة نسبة المواطنين بينهم بحدود 15,4%.

وهي النسبة الادنى التي تسجل للمواطنين في تاريخ هذا البلد الذي يشهد ازدهارا اقتصاديا كبيرا ويستقطب اليد العاملة والكوادر من مختلف انحاء العالم.

وذكرت الدراسة التي اعدها احمد بن شبيب الظاهري ان عدد المواطنين في نهاية 2006 بلغ حوالى 866 الفا و779 نسمة اي ان نسبتهم كانت بحدود 15,4%.

وبحسب الدراسة نفسها يمثل الوافدون من دول شبه القارة الهندية وجنوب شرق اسيا حوالى 75% من العمال الاجانب بينما تبلغ نسبة الهنود وحدهم 42,5%. اما نسبة العرب بين الوافدين فهي 13,8% ونسبة الوافدين من الدول الاخرى 11%. وبحسب الدراسة يشكل الاماراتيون 18,2% من اجمالي اليد العاملة في البلاد. بحسب (ا ف ب).

ونسبة الوافدين عموما متفاوتة بين الامارات السبع فالاجانب يتركزون خصوصا في دبي وابوظبي والشارقة.

وقد شهدت دبي وبعدها ابوظبي نهضة عمرانية ضخمة في السنوات الاخيرة اجتذبت مئات الاف العمال في مجال الانشاءات كما اجتذب النمو السريع ومعدلات الرواتب المرتفعة نسبيا مئات الاف الموظفين الاسيويين والعرب والغربيين.

ويزداد الحديث في الامارات ودول الخليج الغنية بالنفط عموما عن ضرورة وضع سقف زمني لاقامة ملايين العمال الاجانب اذ ينظر الى تواجدهم الكثيف كتهديد ديموغرافي وحتى سياسي.

ويعيش حوالى 13 مليون اجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والامارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان) اي حوالى 37% من سكانها البالغ عددهم 35 مليونا بحسب ارقام الامانة العامة للمجلس.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 23 آذار/2008 - 15/ربيع الاول/1429