هل يعود  البعث  لحكم العراق ؟!

 اسعد راشد

 ليس هناك من يتمنى ان يعود البعث مجددا لحكم العراق ولا ان للعراقيين شغف ليروا ابناءهم يغيبون في السجون والمقابر الجماعية او يبادون بالاسلحة الكيماوية.

تقارير المراقبين عن الاوضاع الامنية وبطأ المسار الاقتصادي والاصلاح للبنى التحتية وشيوع الفساد الاداري تكشف عمق الكارثة الانسانية  التي يعيشها العراق والعراقيون و تشير الى وجود مخطط خطير وكبير لعودة البعث الى الحكم باي سبيل وهو مخطط يشترك فيه عدد من اللاعبين الاساسيين في العراق وعلى رأسهم 'القوات الامريكية' التي غدت سخية على الصحوات الطائفية بالمال والسلاح وتؤهلهم لدور اكبر ينتظرون نضوجه سياسيا كي يعلنوا عودة 'دولة البعث' الثالثة !

العودة الجديدة ستكون الاخيرة و'الازلية' وكارثية ايضا  كعودة ال سعود الى الحكم بعد سقوط دولتهم الاولى حيث جاءت الثانية لتستفيد من تجربة الحكم الفاشلة الاولى ـ هذا لايعني ان الثانية غدت ناجحة ـ لتقمع كل الاصوات الحرة وتصفي كل المذاهب وتنفرد بالحكم لصالح الحزب الوهابي الذي غدى جاثما كابوسه على شعو ب الجزيرة العربية ويحكمها بالحديد وبالوعد والوعيد !

طبعا مقياس الفشل والنجاح لدي الانظمة الفاشية والطائقية لا يكون في مدى تأهيل المجتمع للقيام بدوره في بناء الدولة الديمقراطية والمزدهرة اقتصادية بل في مدى استئصال القوى المعارضة لعنفوان الحكم الجائر وفي قتلهم للبشر وسرقة المال العام وفرض سيطرة الحزب الواحد او المذهب او 'الطائفة المنصورة '!

لسنا هنا في وضع التشاؤم لما يحمله لنا المستقبل بقدر ما اننا نرفع درجة التحذير للمسؤوليين العراقيين وللقادة الذين يقفون على رأس القرار السياسي في البلاد خاصة مع تسرب تقارير تتحدث عن قيام الامريكيين ومعهم قادة الارهاب في جبهة التوافه بوضع مشاريع متقدمة لاعمار غرب العراق ـ نغبط اهلنا عليه ! ـ وفي المقابل تقوم اجهزة المخابرات في الدول العربية وبمشاركة مع ضعاف النفوس في الوسط والجنوب العراقيين وفي بغداد بتخريب ما تبقى من البنى التحتية وتدميرها واشاعة الفوضى واللاستقرار وبموازات ذلك تنشط الجهود وعمليات اعمار والتأهيل في غرب العراق الذي كان ـ ومازال ـ بؤر الارهاب العربي ومنطلقا لنشر الموت في مناطق العراق.

 فيما افادت تقارير اخرى ان الامريكيين ينتظرون الوقت المناسب لاعلان فشل الحكومة التي يديرها الشيعة والبدء بالعد العكسي لعودة الفاشية بعد تزايد اعمال الخطف والقتل واستهداف الوضع الامني في الجنوب والوسط ومناطق معينة في بغداد.

التقرير الذي نشرته منظمة الصليب الاحمر الدولي  اخيرا حول الوضع الانساني والخدمي في العراق رغم انه يشير بشكل مباشر وغير مباشر  الى دور الحصار في العهد البائد والسياسة الاقتصادية الفاشلة لنظام البعث الا انه يسلط الضوء قويا على الاداء غير الناجح للعهد الجديد ويطلق انذارا للكارثة الانسانية والاخطر في العالم التي ستحل بالعراق وهو ما يجعلنا ان نطلق بدورنا تحذيرا الى القادة الجدد والى الزعامات الشيعية في ان يستفيقوا مما يعد لهم ولا يهملوا شعبهم في الجنوب والوسط ومناطق بغداد التي يشكل الشيعة فيها الاغلبية الساحقة ‘ يجب ان لا نضع كل فشلنا  على الجانب الامريكي ولا ان نلوم الارهاب العربي فقط على ما وصل اليه العراق من خراب وتدمير وفقدان الخدمات الصحية والمياه الصالحة للشرب وغياب كلي في مناطق كثيرة من جنوب العراق ووسطه للمرافق الصحية والرعاية الصحية عدى التدهور الاقتصادي وتفشي اعمال الخطف والنهب والقتل وتدني مدخول الفرد الى اقل من دولار في اليوم الواحد.

ان التقرير يشير بوضوح وكما جاء ايضا على لسان الناطق الرسمي للصليب الاحمر الدولي 'هاشم حسن' الى ان الكارثة تقع في الجنوب وتحديدا البصرة والوسط وبغداد ولا يؤكد على غرب العراق او منطقة كردستان التي وصفها بالامنة وانها مستمرة في بناء البنى التحتية وتحسين الاوضاع العامة وهذا ان دل على فانما يدل على ان المخطط يستهدف الشيعة وانهم يمهدون الطريق لاشاعة السخط العام واليأس من النظام الجديد لتأهيل 'حزب العودة' والقفز مجددا على السلطة.

هذا التقرير وغيره من التقارير الخاصة يجب ان تكون 'نذر القوم' لكم شيعة العراق وقادته بان العدو الغاشم المتمثل في حزب البعث وعملاءه والمجندين في خدمة اجندته يعد العدة للعودة وليس اعتباطا ايضا ان يظهر ذلك المدعوا (ابومحمد) ومن على شاشة قناة الوهابية والطائفية 'العربية' ممثلا ومتحدثا رسميا باسم 'حزب البعث' ويقول (( اننا في اوج قوتنا وان حزب البعث سوف يعود قريبا الى الحكم))!! هذا التصريح له خفايا وخلفيات وقد بناه هذا الدعي بناءا على معلومات قد تكون صحيحة وقد تكون مبالغة الا  ان الامر لا يخلوا من وجود نوايا ومخططات لاعادة البعث ولكن هذه المرة من خلال تخريب الامن والاوضاع الخدمية في الجنوب والوسط اي في المناطق الشيعية حيث يعلمون ان الذي يقف امام عودتهم هم الشيعة وان القناعة الشيعية برفض البعث تشكل عائقا رئيسيا لنجاح مشاريعهم  واجندتهم الخفية وان الامر لا يتحقق الا بتغيير تلك القناعة عبر طرق مختلفة واساليب معروفة منها:

اولا: ضرب الاستقرار في الجنوب والوسط ومناطق بغداد الاكثرية الشيعية  عبر التفجيرات والاغتيالات وعمليات الاختطاف يشارك فيها عملاء البعث وليس فقط 'البعث المقنع' بل هناك من يدعون انهم من الشيعة وهم يعملون لصالح اجندة البعث ومخابرات الدول العربية والدولية.

ثانيا: استغلال انشغال قادة الشيعة بترتيبات ما يسمى 'المصالحة الوطنية' وانشغال البعض الاخر بتكريس 'المصالح' الشخصية والحزبية لضرب البنى النحتية ومنع اصلاح امور الناس الخدمية والصحية.

ثالثا: اختراق الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة لمنع حدوث اي تقدم في مجال ايصال الخدمات الى المناطق الغارقة في الفقر والخراب في البنية التحتية جنوبا ووسطا وفي العاصمة وسرقة الاموال العامة  من خلال ضعاف النفوس وتفشي الرشاوي وذهاب الميزانيات المخصصة لقوت الفقراء واصلاح احوالهم الى الجيوب العشائرية والحزبية والمتنفذة وغيرها.

وسوف يعول المخطط على ضرب الوضع المعيشي للناس كثيرا كي يعود البعث وهذا ما يفسر استمرار فقدان الخدمات الاساسية في مناطق الجنوب خاصة البصرة والوسط  وضرب البنى التحتية واشاعة الفوضى وعمليات القتل والخطف فيها  لمنع حصول اي تقدم اقتصادي وازدهار فيها.

 وما قيام الهاشمي ومعه قادة جبهة التوافه وعبر القوات الامريكية بتوزيع الاموال الطائلة على غرب العراق واثراءها بالخدمات وبناء البنى التحتية وتشكيل الصحوات المشبوهة الا ضمن هذا المشروع الجهنمي الذي يعدونه لشيعة العراق وهو ما يفسر كثيرا لماذا عاد الاستقرار الى الغرب فيما بدأت الفوضى وعدم الاستقرار تحل في الجنوب والوسط والعاصمة بغداد !

ونحن هنا اذ نطلق صفارة الانذار للمتصدين لزمام الحكومة ولقادة الشيعة ان اسرعوا لنجدة شعبكم في الجنوب واصلاح احوالهم والابتعاد عن اساليب الانتقام والانتقائية قبل فوات الاوان وقبل ان يحل عليكم 'البعث' مجددا ولكن هذه المرة بـ'رغبة' من الداخل كما يتمناه اؤلئك الذين ساءت وجوههم  لنحذر في الوقت ذاته البعض من الشيعة من الانحدار نحو ما تمنيهم دوائر المخابرات العربية وما تخطط لهم من مستقبل لن يكون باحسن مما كان في عهد النظام البعثي الطائفي..

اللهم اشهد فاني قد بلغت !

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 20 آذار/2008 - 12/ربيع الاول/1429