مَد البترودولار يوفّر للدول النامية اجواء الهيمنة على الاقتصاد الدولي

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: توقع تقرير اقتصادي ان تكون اسواق العالم على عتبة استقبال موجة مدّية عملاقة من "البترودولار" أو الدولارات الناتجة عن مبيعات النفط بالأسعار القياسية الحالية، والتي ستبدل اتجاهات الاستثمار العالمي من جهة، وتكفل لعملات العالم النامي مناطحة العملات الكبرى.

وتوقع التقرير أن يطال هذا الخطر الذي شبهه بـ"التسونامي،" الدولار واليورو على حد سواء، مع ازدياد دور عملات الأسواق النامية في الاحتياطيات الإستراتيجية على حساب العملات الصعبة التقليدية، إلى جانب النشاط المتزايد للصناديق السيادية.

وقال التقرير إن الدول المصدرة للنفط تمتلك احتياطيات نفطية تقدر قيمتها بقرابة 104 ترليونات دولار، عند المستويات السعرية الحالية للخامات، بسعر مائة دولار للبرميل، تبلغ حصة دول مجلس التعاون الخليجي منها 48 ترليون دولار. بحسب CNN.

وللتأكيد على صحة ما ذهب إليه، أشار التقرير الذي أعدته صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن مبلغ 104 ترليونات دولار يعادل قيمة كافة الأصول والأسهم في العالم.

وقال إن حركة "البترودولار" من الدول المنتجة للنفط نحو الخارج سيكون له أثر مهم على الاستثمار لناحية تفضيله الأصول على حساب الأسهم.

كما سيكون له أثر مباشر يشبه "التسونامي" على الدولار واليورو لناحية تفضيل عملات دول الأسواق النامية عليهما، مع ارتفاع الأصول العائدة لتلك الدول في جعبة الصناديق السيادية.

وكانت تقارير قدمها عدد من الخبراء حول مستقبل الدولار الأمريكي قد أظهرت الاثنين أن العملة الخضراء ستواجه المزيد من التراجع، وان حالة انعدام الوزن التي تعيشها ستستمر خلال الأشهر المقبلة، ولن يبدأ اتجاه منحنى الأسعار بالتبدل حتى ما بعد منتصف العام الجاري.

وأشار خبراء في القطاع المالي إلى أن الدولار فقد قسماً من قيمته الأسبوع الماضي تحت ضغط فرضته تصريحات "أهل البيت"، أي مدير الاحتياطي الفيدرالي، بن برنانكيه، الذي ألمح إلى احتمال القيام بخفض جديد للفائدة خلال مارس/آذار الجاري.

وقد أدت تلك التصريحات إلى تراجع الدولار لأدنى مستويات له في تاريخه أمام سلة من العملات العالمية، في مقدمتها الفرنك السويسري والرانجيت الماليزي والين الياباني. 

ولفت غاراث سيلفستر، وهو خبير استراتيجيات العملات في مؤسسة "HFIX" المالية في حديث لشبكة CNN إلى طبيعة الخطر الذي يتهدد الدولار، بالقول: "كل المؤشرات تدل على أن الدولار مقبل على المزيد من التراجع، وفي واقع الأمر، فإن مستثمري العملات لا يرغبون في تعريض أنفسهم لخطر من هذا النوع."

وقد تفاقم هذا الشعور بالفعل مؤخرا، بعدما تراجع الدولار محطماً حواجز نفسية تاريخية أمام اليورو، فكسر نقطة دولار ونصف لكل يورو، وهي نقطة ظلت عصية التجاوز منذ طرح العملة الأوروبية الموحدة عام 1999.

وحذر الخبراء من أن الضغط سيتواصل على الدولار خلال الأشهر المقبلة، بل أن الضغط قد يمتد لأبعد من ذلك، إذ أبدى جو فرانكومانو، مدير التداولات الخارجية في مصرف "Erste" في نيويورك خشيته من أن يسقط الدولار في هاوية سحيقة هذه الأسبوع، إذا جاءت بيانات التوظيف لشهر فبراير/شباط سلبية، كما يتوقع البعض.

وأوضح قائلا: "سيكون الأسبوع بأكمله محكوماً بتراجع كبير للدولار، ولن يتوقف ذلك قبل اختتام التعاملات الجمعة."

أما على مستوى الأرقام، فإن التوقعات المسجلة في حال وقوع هذا السيناريو ستقود اليورو إلى مستوى 1.55 أمام الدولار، الذي سيتراجع أيضاً أمام العملة اليابانية "ين" إلى 101 أو 102 "ين" لكل دولار.

وإذا كان الخبراء قد أجمعوا على توقع تراجع الدولار، على أن يعود للارتفاع مستقبلاً، إلا أن موعد ذلك شكل نقطة خلاف مركزية، وبصرف النظر عن النقاش الذي جرى، فإن أكثر التوقعات تفاؤلاًَ تشير إلى أن الدولار لن يسترد عافيته قبل منتصف العام 2008.

وأعادوا ذلك لحاجة الاقتصاد إلى بعض الوقت لاسترداد أنفاسه ومعاودة الانطلاق بعد أن ينتهي المصرف الاحتياطي الفيدرالي من عمليات خفض الفائدة.

وفي هذا الإطار، توقع غريغ أندرسون، المدير التنفيذي للاستراتيجيات في بنك "ABN آمرو الهولندي" أن يواصل الدولار تراجعه حتى يبلغ مستوى  1.56 أمام اليورو، مع نهاية العام 2008.

بينما رأى فرانكومانو، وبخلاف التوقعات السابقة، أن الفترة عينها ستقود الدولار للارتفاع إلى مستوى 1.46 أمام اليورو، مما يعكس حجم التضارب في التوقعات.

وبرر فرانكومانو توقعاته بالإشارة إلى أن انتهاء التقارير الاقتصادية السلبية المتوقعة خلال العام الجاري، ومواصلة سياسة خفض الفائدة حتى مستوى اثنين في المائة، سيقودان الدولار إلى مستويات سعرية متدنية، مما سيغري المستثمرين بالدخول مجدداً ويتسبب برفع الأسعار.

هرباً من التضخم.. رؤوس الأموال تنتقل إلى أسواق المواد الأولية

ومالت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية مؤخرا  إلى "الهدوء" نوعاً ما، بعد ليلة "عصيبة،" لامست معها الأسعار حاجز 104 دولارات للمرة الأولى في التاريخ، قبل أن تتراجع قليلاَ، وإن كانت قد ظلت على مستويات قياسية عند حاجز 102 دولار.

ورأى خبراء أن ارتفاع الأسعار جاء بشكل رئيسي جراء التراجع الذي شهده الدولار الأمريكي، الذي فقد المزيد من قيمته أمام سلة من العملات العالمية الاثنين، متوقعين أن تشهد أسواق الطاقة تسجيل أسعار "قياسية" بشكل يومين، إذا ما استمر تراجع العملة الأمريكية ليصل إلى 120 دولاراً. بحسب  CNN.

وكانت أسعار النفط قد بلغت في تعاملات بورصة نيويورك الإلكترونية للطاقة ليل الاثنين حاجز 103.76 دولاراً للبرميل، متجاوزة أعلى سعر وصله برميل النفط في تاريخه، حتى بالمقارنة مع سعر 38 دولاراً عام 1980، مع احتساب فارق التضخم.

وقد سجلت الأسعار انخفاضاً طفيفاَ في تعاملات بورصة سنغافورة، حيث تراجعت العقود الآجلة، تسليم أبريل/نيسان المقبل 13 سنتاً إلى 102.32 دولاراً للبرميل، علماً أن العقود الآجلة بلغت بدورها مستويات قياسية عند 103.95 دولاراً للبرميل قبل أن تتراجع مجدداً.

وقال الخبير الاقتصادي فيكتور شوم، من شركة بيرفن وغيرتز السنغافورية، "لدينا رقم قياسي جديد كل يوم تقريباً، وهذا يحصل جراء دخول المستثمرين إلى أسواق المواد الأولية التي يعتبرون أنها تمثل ملاذاً آمناً لاستثماراتهم بعيداً عن خطر التضخم."

ولفت شوم إلى مسؤولية التراجع الحاصل على الدولار الأمريكي في رفع أسعار النفط قائلا: "هذا الصعود بأسعار العقود الآجلة للنفط هو نتاج التراجع المتواصل للدولار الأمريكي.. لقد سقط الدولار إلى أدنى مستوياته في التاريخ أمام العملية الأوروبية الموحدة 'يورو' وهذا قاد النفط بدوره إلى أعلى معدلاته."

ويشير مراقبون إلى أن تراجع الدولار يدفع المستثمرين العالميين إلى الفرار بأموالهم نحو النفط وسائر الخامات مثل الذهب والفضة وسواها، وذلك باعتبار أن أسواقها أكثر ثباتاً، كما أن أسعارها المتراجعة بالنسبة للعملات العالمية كونها مسعرة بالدولار تجعلها عند مستويات سعرية مغرية.

ويوافق شوم على هذا الاتجاه قائلا: "مع تخطي النفط لحاجز مائة دولار، فإنه من غير المقبول سياسياً أن يتم خفض الإنتاج،" وفقاً لأسوشيتد برس.

وتتباين الآراء حول الاتجاه المستقبلي لأسعار النفط، فيرى البعض أن الأيام المقبلة ستقود البرميل مستوى يتراوح ما بين 65 و70 دولاراً على أبعد تقدير، مع استمرار نمو العرض أمام تراجع الطلب، في حين يعتقد البعض الآخر أن استمرار حرجة رؤوس الأموال نحو النفط للفرار من الأسواق المضطربة سيقود الأسعار إلى مستوى 120 دولارا.

ويبدو شوم أقرب إلى وجهة النظر الثانية، آخذاً بعين الاعتبار أن الطلب الاستثماري على النفط سيبقى قوياً في الفترة المقبلة، مع انتظار قيام المصرف الاحتياطي الأمريكي بالمزيد من عمليات خفض الفائدة.

غير أنه حذر من مخالفة جذرية لقواعد العرض والطلب بشكل تتحول معه الأسعار إلى فقاعة فتنفجر بشكل حاد محدثة تراجعاً سريعاً للأسعار.

أما بالنسبة لأسعار سائر المشتقات النفطية، فقد استقر غالون وقود التدفئة عند مستوى 2.8435 دولاراً بصعود 0.27 سنتاً، مقابل تراجع غالون البنزين 0.6 سنتاً إلى 2.666 دولاراً، فيما خسر الغاز الطبيعي 1.6 سنتاً، ليستقر على 9.33 دولاراً لكل ألف قدم مكعب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12 آذار/2008 - 4/ربيع الاول/1429