في القرن الحادي والعشرين: اكثر من 1000 مدرسة طينيّة في العراق!!

شبكة النبأ: لا تخلوا شريحة من العراقيين من هموم واهمال على مدى الفترات القاسية المتعاقبة على بلدهم، واخرها العنف والارهاب، ولكن هموم التربية والتعليم برزت مؤخرا كتحدي كبير للجهود الرامية الى اعادة المستوى الثقافي والمعرفي للمجتمع العراقي، حيث انتشرت مؤخرا وخاصة في جنوب العراق ظاهرة المدارس المبنية من الطين، فهل يعقل ان تُقام مدارس طينية في بلد يقع بمقدمة البلدان النفطية في العالم؟!، وهل ان الميزانية "الانفجارية" لعام 2008  عجزت عن توفير مدارس اضافية لاستيعاب الطلبة الجدد؟!، ام ان الفساد المالي والاداري يبقى وحده سيّد الساحة الى ما لا نهاية!!.

بل كيف يستطيع وزير التربية التحدث عن منجزات تعليمية في ظل وجود اكثر من (1000) مدرسة مبنيّة من الطين والأكواخ في البلد!!!، فضلا عن مئات المدارس الآيلة للسقوط على رؤوس الطلبة!!؟؟...

يقول مدير إعلام مديرية تربية الديوانية، أن المحافظة تعاني من كثرة المدارس المبنية من الطين، مبينا أن هناك 81 مدرسة من هذا النوع في عموم المحافظة!!!، وهي تشكل خطرا على سلامة الطلبة، فيما حذر باحث اجتماعي من آثارها السلبية على عملية التعليم والتحصيل العلمي لدى طلبتها في قرى المحافظة.

وأوضح عبد الكاظم الاسدي أن " سبب زيادة المدارس الطينية هو كثرة الطلبات المقدمة إلى مديرية التربية من أهالي المناطق التي لا توجد فيها مدرسة فيها أو قريبة منها."

وبين الاسدي آلية فتح مدرسة جديدة مبنية من الطين والأكواخ في بعض المناطق، لاسيما النائية منها قائلا أن "المديرية تطلب من الأهالي تقديم أسماء طلبة لا يقل عددهم عن 45 طالبا في المرحلة الواحدة والتنازل عن قطعة ارض لا تقل عن دونمين  من احد الأهالي لكي يتم إنشاء مدرسة في قريتهم."

وأضاف  "عندما تتوفر الشروط القانونية في إنشاء مدرسة فان مديرية التربية تطالب الأهالي ببناء أكواخ للإدارة وصفوف بعدد الطلبة ومراحلهم وتقوم مديرية التربية بتوفير الكادر التعليمي والأثاث ( رحلات، سبورات، أثاث الإدارة) وفي السنة الثانية عندما تحقق النجاح هذه المدرسة، تكون مديرية التربية ملزمة باعتماد هذه المدرسة، وتثبتها في هذا المكان." بحسب اصوات العراق.

 وأشار إلى إن هناك بعض المدارس، التي تم استغلال أبنية حكومية أخرى لغرض إشغالها من قبل الطلبة واستخدامها كمدرسة، وقال"مثلا في قضاء الشامية (25كم غرب الديوانية)  قد تم استغلال مخزن للجمعيات الفلاحية كمدرسة وفي قضاء عفك استغلت بناية لمديرية الزراعة."

وحول عدد مدارس المحافظة والأبنية المدرسية، بين الاسدي أن " عدد البنايات في محافظة الديوانية 550 بناية مدرسية وان عدد المدارس هو 850 مدرسة ( رياض أطفال، ابتدائية، متوسطة، إعدادية، معاهد معلمين )."

وأضاف" لذا ترى في بعض البنايات ثلاث أو مدرستين بدوام ثلاثي أو ثنائي وهذا يتسبب بإرباك كبير ومؤثر على انتظام الدوام ومستوى التعليم في تلك المدارس."

وطالب وزارة التربية ومجلس المحافظة في حل مشكلة البنايات المدرسية وبأقرب وقت ممكن.

من جانبه، قال حاكم الخراعي رئيس لجنة الاعمار في مجلس محافظة الديوانية أن " على وزارة التربية الإسراع في بناء 99 مدرسة بحاجة إلى بنايات  جديدة ( 74 مدرسة طينية، و25 مدرسة ايلة للسقوط  بما يقدر حوالي 25000 طالب وطالبة)".

ولفت إلى إن "هذا الرقم قياسي بالنسبة إلى محافظات العراق الأخرى، وعلى وزارة التربية الإسراع في بناء واعمار هذه المدارس التي تشكل خطرا كبيرا على طلابها وكوادرها."

وحسب آخر إحصائية لوزارة التربية فان عدد المدارس المشيدة بمادة الطين في عموم العراق هو 1012 مدرسة، وان هذه المدارس تضم 113594 طالبا وطالبة و7079 من الملاكات التعليمية.

وجاء في الإحصائية التي أعلنت عنها الوزارة العام الماضي أن توزيع المدارس جاء بواقع 234 في ذي قار و190 مدرسة في صلاح الدين و128 في واسط و122 مدرسة في الموصل و68 مدرسة في كركوك و63 مدرسة في ميسان و62 مدرسة في الديوانية و45 مدرسة في بغداد و32 مدرسة في الرمادي و28 مدرسة في ديالى و19 مدرسة في البصرة و16 مدرسة في بابل فيما سجلت محافظة النجف اقل عدد من المدارس الطينية وفيها مدرسة واحدة.

ويبدو من الإحصائية أن عدد المدارس الطينية في الديوانية قد تزايد من 62 مدرسة العام الماضي إلى 81 مدرسة حاليا بحسب ما أعلن عنه مدير إعلام تربية المحافظة الاسدي ، رغم كشفه عن أنه " ضمن خطة العام 2008 أحيلت 12 مدرسة طينية للبناء وهي قيد التنفيذ."

 وأقترح الخزاعي على وزارة التربية وعلى الحكومة اللجوء إلى البناء الجاهز من اجل ضمان سرعة التنفيذ ، فضلا عن كونها غير مكلفة، حسب قوله.

مواطنون من أهالي القرى التي يوجد فيها مدارس مبنية من الطين ابدوا معاناتهم من بعض النواقص في تلك المدارس على الرغم من استعدادهم لتبني بناء هذا النوع من المدارس.

المواطن حسن الفتلاوي  من سكنة قضاء عفك ( 30 كم جنوب شرق الديوانية ) قال أن "مديرية التربية قد وافقت على إنشاء مدرسة طينية سميت بمدرسة (الخزرج المختلطة) عام 2006  وعدد طلابها 75 طالب موزعين على ثلاثة صفوف  وكادر تعلمي من أربعة معلمين ومدير للمدرسة."

ويشكو الفتلاوي وهو متبرع بقطعة ارض المدرسة من إن "مديرية التربية لم توفر سوى الرحلات، وان المدرسة  تعاني من عدم وجود عمال خدمة أو حارس ليلي حيث يقوم أهالي المنطقة بحراستها ليلا."

فيما قال المواطن سعيد الجبوري من ناحية المهناوية (30كم شمال غرب الديوانية ) أن "أهالي منطقة الكوام ( منطقة نائية ) قد قدموا طلبا إلى مديرية تربية الديوانية للموافقة على إنشاء مدرسة."

وتبنى تلك المدارس عادة من مادة اللبن الطينية وأحيانا قليلة من البلوك، فضلا عن الأكواخ المبنية المعدة للهيئة الإدارية من القصب أو الخيام، وهي تفتقر إلى جوانب الحماية من الرياح أو الأمطار، لاسيما في فصل الشتاء.

وأضاف الجبوري إن "الأهالي مستعدين لبناء هذه المدرسة وقد تم توفير الشروط اللازمة لإنشاء المدرسة من ناحية عدد الطلاب وقطعة الأرض وان الأهالي يرجون من مديرية التربية في العام القادم الموافقة على إنشاء المدرسة."

وحول تأثير هذا النوع من المدارس على البيئة التعليمية والطالب يقول الباحث الاجتماعي محمد سلطان أن هناك "تأثيرات نفسية على كل من الكادر الطلابي والتعليمي في تلك المدارس، فضلا عن قلة الاهتمام بالجانب الصحي الذي تفتقر إلى خدماته المنطقة التي يقع فيها المدرسة."

وأضاف "في هذه المدارس لا يوجد ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا مراوح ولا مدافئ، حيث إن الصفوف تبقي في ظلام دامس عند بداية الدوام الثنائي أو عند تلبد السماء بالغيوم، إضافة إلي الخوف من العوامل الجوية المختلفة فحين تهب الرياح العالية والأمطار يعيش الطلبة في حالة هلع خوفا من سقوط سقوف أو سقوط الأمطار لأن السقوف من القصب، فكل هذه العوامل تسبب تأثيراً نفسيا سيئا لدي الطلبة."

وأشار إلى إن الظروف غير المناسبة هذه تعكس آثارها سلبيا على مستوى التحصيل الدراسي والعلمي لدى الطالب، وليس من المبالغة إذا قلنا إنها قد تخلق جيلا غير متعلما في ظل هذه الظروف إذا ما استمر الحال هكذا دون علاج."

وتقع مدينة الديوانية، مركز محافظة الديوانية، 180 كم جنوب العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 12 آذار/2008 - 4/ربيع الاول/1429