ولنا في الأئمة (ع) أسوة حسنة في الرد على الإساءة الدنماركية

بقلم  سامي جواد كاظم

كثيرا ما يختلف اثنان في الرأي وهذا لا يفسد أصل الفكرة المتنازع عليها ولكن إذا ما أقدم احدهم على الإساءة من خلال القدح والتجريح من غير ادلة يستند عليها هنا يكمن الإشكال بين اما الرد او الترك واذا كان الرد فما هو الاسلوب الصحيح لاحتواء الإساءة من غير ان اخدمها واعلن عنها بطريقة من حيث لا اعلم ؟

الدين الاسلامي هو الاكثر تعرضا للاساءة بين المقصودة والعفوية والذي تصدر منه الاساءة قد يكون من المسلمين او اعداء المسلمين.

نحن المسلمون لدينا رموز وشخصيات نعتبرها خط احمر أي لا نسمح لأي شخص الإساءة إليها،ومن ضمن الوسائل التي يجب ان يتبعها المسلم حتى يجنب رموزه الإساءة من الغير هو حسن التصرف مع الاخر وبغض النظر عن جنسه او قوميته او مذهبه فكلما كان التصرف سليم كلما صار احترام رموز الاسلام اكثر.

ونحن على أعتاب ذكرى وفاة رسول الله سيد الكونين حبيب الله عز و جل ابا القاسم محمد صلى الله عليه واله وسلم فكانت مناسبة للكتابة عن الاساءة الاخيرة التي صدرت من الدنمارك بحق نبينا وما خلفته من ردود افعال بين السلبية والايجابية مع ابعاد هذه الاساءة.

رسول الله (ص) منحنا دين إسلامي متكامل لا يخلو من أي شاردة او واردة نتعرض لها على مدى الدهر والأفكار الإسلامية التي تكون نتيجة قول او فعل المعصوم ابتداءا من النبي ومرورا بعترته عليهم أفضل الصلاة والسلام هي غنية بالحلول لاي اشكال نتعرض له.

لو عدنا الى التاريخ الإسلامي وسألنا أنفسنا السؤال التالي هل تعرض الرسول واهل بيته الاطهارالى الإساءة في حياتهم ؟ اعتقد الجواب سيأتي سريعا نعم وباعتراف كل المذاهب الاسلامية، والان السؤال الأهم كيف كان الرد من قبلهم ؟

لاذكر بعض الشواهد ومن ثم نعود لأصل الموضوع:

أساء إعرابي لرسول الله (ص) وقال له اعدل يا محمد فنادى رسول الله (ص) على علي (ع) قائلا اقطع لسانه ياعلي، فاخذه على (ع) الى بيت المال وقال له خذ ما تعتقده يكفيك، فانذهل الإعرابي وقال توقعت غير هذا فقال له علي (ع) وهذا ايضا يقطع لسانك.

حادثة أخرى أساء شامي الى الامام الحسن (ع) فقال له الامام : ان كنت جائعا اطعمناك وان كنت عريانا كسوناك وكنت في ضيق اغنيناك وان كنت في حاجة قضينا لك حاجتك فتعجب الشامي من رد الإمام (ع) فاذا به يقبل يد الإمام (ع).

حادثة اخرى دخل رجل في المسجد النبوي فاتجه صوب الامام الصادق (ع) لِمََ لا تعطيني مالي؟ فقال له الامام (ع) أي مال ؟ فقال الرجل عجبا المئة درهم التي استقرضتها مني فقال له : انا استقرضت منك مال فقال واعجبا وهل تريد إنكارها فبدأ صوته يعلو فأعطاه الإمام المائة درهم على الفور، وفي اليوم التالي جاء نفس الرجل الى المسجد فاذا بالرجل الذي استقرض منه المال كان في انتظاره وله شبه بالامام الصادق (ع) فأعطاه ماله وهنا ذهل هذا الرجل فسال الذي أعطاه ماله عن الامام الصادق (ع) والذين حوله من يكون هذا فقال له انه ابن رسول الله ابا عبد الله الصادق عليه السلام وحوله طلابه فجاء الى الامام يعتذر عن ما بدر منه بالامس ومن ثم قال له يا مولاي لم اعطيتني المال وانت المحق وانا الباطل فقال له الامام (ع) خشيت من علو صوتك وقد يسمع من لاعلم له بما جرى فيعتقد اني اغلس عن حقك فاشتريت كرامتي بمئة درهم.

وصاحب المزرعة الذي كان دائما يسئ للامام الكاظم عليه السلام فدخل ارضه الامام الكاظم (ع) ببغلته فاستشاط غضبا الرجل فقال له الامام كم كلفك زرعك قال مئة درهم وكم ترجو ان تجني منه قال لا علم لي بالغيب فقال له الامام اعلم لا علم لك ولكن قلت لك كم ترجو فقال مئتي درهم فاعطاه الامام صرة فيها خمسمائة درهم وقال له ما بقى من الزرع حلال عليك فوقع الرجل على قدم الامام يقبلها وصار من اشد الذين يدافعون عن الامام ويرد كل من يُسئ للامام.

المواقف كثيرة ولكن هذه تفي بالغرض..

اكثر الايديولوجيات المتضاربة في المبدأ نجد ان الاسلام يكون في اغلب الاحيان احد الاطراف فيها، وهذا بالتالي نتج عنه كيانات ومنظمات ودول بعد ان ثبت فشلها في الصمود امام الفكر الاسلامي بالاساءة الى كل ما يقدسه المسلمون فكان الرجل الأول الذي اصبح عرضة للاساءة هو النبي محمد (ص).

ولعل حديث الساعة هو الاساءة الدنماركية لشخص الرسول من خلال رسوم قبيحة لشخص قبيح، والتي سبق وان نُشرت هذه الرسوم في الصحف الدنماركية قبل بضعة شهور، واحيل الرسام الى القضاء الدنماركي وبعد التي والتيا بُرئت ساحة الرسام وعاد الكرة قبل ايام.

اكثر الدول التي هرّجت على هذه الإساءة هي السعودية والأزهر ولكن هل كان ردهم موفق ؟ هل اتى بنتيجة ؟ ؟

اعتقد الجواب كلا بل وزادت الطين بلة بدليل تكرار النشر هذا اضافة الى شركة في ايطاليا اقدمت على طبع هذه الرسوم على الفانيلات وتوزيعها مجانا وبكميات هائلة.

فالتنديد هذا اصبح افضل دعاية اعلامية من أي مؤسسة لو ارادت ان تعلن عن هذه الاساءة.

والشيء بالشيء يذكر، ففي مناظرة خبيثة بثتها قناة المستقلة بعد ما غير منحى النقاش احد اطراف المناظرة وهو عرعور والذي بدأ ذكر ما يدعي الشيعة على السنة من اخبار جنسية تخص زوج الرسول عائشة لا يعلم بها اهلها انها في كتبهم بالاضافة الى بعض الاحكام التي تخص الزواج والتي يقرها الفقه الجعفري فاتصل مواطن من مصر سني يرد على عرور فقال له ساذكر لك هذه القصة ومن ثم اعقب يقول المصري كان لديهم خطيب مسجد دائما يخطب وعبر مكبرات الصوت يندد بالشرطة لعدم غلقها مكان للدعارة في بداية الشارع الذي يقع فيه المسجد كرر هذا النداء لاكثر من خطبة وعندما داهمت الشرطة مكان الدعارة وجدوا روادها من الذين يصلون خلف الخطيب فسألوهم عن السبب فقالوا ما كنا نعلم بوجوده لو لا كثرة كلام الشيخ عنه.

والان انت اخي الدكتور عرعور ان ما تذكره لا يعلم به اهل السنة انه في كتبهم فكثرة الكلام ادى الى التشهير وخدمة اعداء الاسلام من حيث لا تدري.

حادثة اخرى ومن قناة معروفة السمعة والاتجاه عندما اثارت قصة انتهاك المطربة المومس نجوى كرم الى شخص الرسول بعد ما كانت القصة لا يعلم بها احد فان الجزيرة هولتها وبقصد الدفاع الا انها شهرت بها واصبحت متنفس لمن يحقد على الاسلام وسيد الاسلام.

لا اختلاف على قدسية محمد (ص) في العالم عامة والاسلام خاصة، وعليه لابد من ان يكون تصرفنا كمسلمين دقيق جدا قبل صدور الاساءة وبعدها، هنالك الكثير من التصرفات والخزعبلات التي تحويها كتب المسلمين والذين يعتبرونها مقدسة تحوي على بذور ينبت منها نبتة الاساءة للاسلام لم يتم معالجتها فاذا ما صدرت الاساءة نددنا وهولنا فانقلب علينا تنديدنا، هذا من جانب ومن جانب اخر هو كيفية  الرد عليهم ؟صحيح هنالك بعض التفاهات التي تصدر من السفهاء يكون علاجها السكوت حتى لا تهول وهي وسيلة ادت الى نتائج رائعة.

ومثل حالة الاساءة الدنماركية والتي هي ليست الاولى ولا الاخيرة اعتقد كان الاجدر بالدول الاسلامية واخص منها السعودية ومصر اللذين هاجا على هذه الاساءة ان يتصلا بالرسام منذ ان نشر الرسوم للوهلة الاولى والاستفسار منه عن السبب فاذا كان عن جهالة وضحوا له الاسلام ما هو فعندها سيكون هو الراد على رسومه وتاتي النتائج افضل بكثير مما اقدم عليه هؤلاء المشايخ،وان كان مدفوع ماليا فادفعوا له الاكثر واسكتوه افضل من التشهير به واذا كانت هنالك جهات معينة حرضته على ذلك عندها ستتعرى حقيقة هذه الجهات ويعلم العالم حقيقة ما جرى بعد توثيق هذا اللقاء ليكون حجة للمسلمين مستقبلا، فاحتواء الاساءة افضل من التشهير.

الذي يحل المشكلة افضل من الذي يسببها والافضل من هذا وذاك هو الذي يحتويها قبل وقوعها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 5 آذار/2008 - 26/صفر/1429