الطاقة النظيفة تؤدي الى ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: يشكل ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية ظاهرة عالمية سلبية ناجمة عن تزايد القدرة الشرائية في الدول الناشئة مثل الصين وايضا عن تطور الطاقة النظيفة التي تُستعمل بعض المحاصيل الزراعية في انتاجها وكذلك المضاربة في المواد الاولية واختلال التوازن بين النمو السكاني والموارد الطبيعية.

ويقول كريس لوبولي الخبير الاستراتيجي في شؤون التضخم لدى مجموعة "يو بي اس" المصرفية السويسرية انها "ظاهرة بدات قبل سنتين وتسارعت عام 2007".

ومؤشر منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) الذي يحدد ارتفاع اسعار المواد الغذائية في العالم ارتفع بنسبة حوالى 40% السنة الماضية.

وفي مقدم هذه المواد القمح الذي سجل ارتفاعا بنسبة 287% في الاسواق العالمية للمواد الاولية منذ كانون الثاني/يناير 2006. فيما ارتفعت اسعار الذرة (149%) والصويا (129%) والارز (60%) والبن (139%) وعصير الفاكهة (23%) كما يؤكد تييري لوفرانسوا محلل المواد الاولية لدى ناتيكسيس.

والتفسير الاساسي هو التغيرات في طريقة الحياة في الدول الناشئة مثل الصين التي تعتمد نظاما غذائيا يستند اكثر الى اللحوم ما يتطلب مزيدا من الماشية وبالتالي المزيد من الذرة والقمح والصويا لاطعامها وكذلك مساحات مزروعة اضافية.

ويؤكد ايضا تييري لوفرانسوا ان "كمية الاحداث المناخية خلال السنتين او الثلاث الماضية كان لها اثرها" لا سيما الجفاف ومحاصيل القمح السيئة في استراليا. واضافة الى ذلك سوء التقدير على المستوى الاوروبي حيث "ادت +السياسة الزراعية المشتركة+ الى خفض مساحات" الزراعة لان السلطات كانت تراهن على تراجع الطلب.

ومن العوامل الاساسية الاخرى موجة الطاقة النظيفة في اوروبا والولايات المتحدة "واستخدام الحبوب والزيوت لانتاج انواع من الوقود والذي بات يتنافس مع الاستهلاك الغذائي لهذه المنتجات.

واخيرا وفي فترة التشكك الاقتصادي فان المواد الاولية بما يشمل المواد الغذائية تصبح عملات ملجا يقبل عليها المستثمرون. ويقول لوبولي ان الاتجاه نحو ارتفاع الاسعار يطرح "مشكلة هيكلية ستستمر".

ويشاطره لوفرنسوا هذا الرأي لافتا انه لكي تنخفض الاسعار يجب "زيادة المساحات الزراعية" وهو ما لا يمكن ان يتجاوز استخدام الاراضي التي تستريح بعد حصد محاصيلها او "ان يعتمد الناس مجددا نظاما غذائيا تقليديا يقوم على استهلاك الارز".

وهو يبدو له امرا غير مرجح "طالما ان النمو الاقتصادي قائم" في الدول الناشئة. فقد سجلت الصين ارتفاعا لاجمالي ناتجها الداخلي بنسبة 11% السنة الماضية.

قلق من ارتفاع أسعار القمح لأرقام قياسية

وبلغت أسعار القمح في الأسواق العالمية أسعارا قياسية مع تضاؤل المعروض منه، مما يثير مخاوف من زيادة التضخم في أسعار الغذاء.

وقد ارتفع سعر القمح في غرفة التجارة في شيكاغو في شهر آذار/مارس بأقصى نسبة مسموح بها (90%) ليبلغ 11.99 دولارا للمكيال، ويبلغ المكيال = 32.5 لتر.

كما ارتفع سعر محصول القمح عالي البروتين في بورصة مينابوليس للحبوب الإثنين بنحو 25% ليبلغ أرقاما قياسية. بحسب بي بي سي.

وقد فرضت كازاخستان قيودا على تصدير القمح في محاولة لمكافحة التضخم لتصبح الأخيرة في سلسلة من الدول تقوم بهذه الإجراءات.

وكانت روسيا والأرجنتين قد فرضتا من قبل قيودا مماثلة.

وجاء ارتفاع سعر القمح في بورصة مينوليس بنسبة الربع بعد رفع جميع القيود المفروضة على التعاملات.

وأقفلت التعاملات على العقود المستقبلية على ارتفاع بنسبة 4.75 دولارا ليبلغ 24 دولارا للمكيال، وهو رقم قياسي بالنسبة لأي محصول أمريكي من القمح.

وارتفع سعر محصول القمح الربيعي بنسبة تفوق الضعف منذ كانون الثاني/يناير الماضي.

ومما فاقم من ارتفاع الأسعار ما يتم تداوله من تقارير عن حدوث قحط في شمالي الصين، الذي ينتج معظم محصول البلاد من القمح.

وأدت قسوة الطقس إلى تدمير المحاصيل في مناطق أخرى من العالم، ويتوقع أن ينخفض المخزون الأمريكي من القمح إلى أدنى مستوى له خلال ستين عاما.

وبالإضافة إلى تناقص العرض من محصول القمح فإن الزيادة في الطلب عليه قد أدت إلى ارتفاع أسعاره.

فتضخم الثروة في الصين على سبيل المثال قد أدى إلى زيادة استهلاك اللحوم، مما يعني ازدياد الطلب على الحبوب كأعلاف للمزارع الحيوانية.

ارتفاع الاسعار يشكل عبئا مزدوجا على شركات الغذاء

ويتعرض كبار صنّاع الاغذية في أوروبا لضغوط على جبهتين. فمع الارتفاع الكبير في اسعار السلع الذي يضطرهم لرفع الاسعار يلجأ المستهلكون المضغوطون الى بدائل ارخص سعرا في حين يؤكد نقاد على أن القطاع يستغل الوضع.

وبلغت أسعار القمح وفول الصويا أعلى مستوياتها على الاطلاق في حين ارتفعت أسعار البن والكاكاو الى أعلى مستوياتها في عشرات السنين وليس هناك دلائل على تراجع في الاسعار في أي وقت قريب.

واتهم رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيلون بالفعل صناع المواد الغذائية وباعتها بالتربح من الارتفاع الحاد في أسعار السلع في حين يقول اخرون ان خفض أسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة قد يساعد على اذكاء هذا التضخم في أسعار المواد الغذائية. بحسب رويترز.

والطلب يواصل ارتفاعه مع تراجع المعروض بسبب سوء الاحوال الجوية في مناطق زراعية رئيسية واستخدام السلع الزراعية في انتاج الوقود العضوي وارتفاع الطلب في الاقتصاديات سريعة النمو مثل الصين والهند.

ومما يزيد من الضغوط التي ترفع الاسعار تزايد هوس صناديق الاستثمار بالسلع مع استمرار الاضطرابات في أسواق الاسهم والسندات العالمية. وتعتبر صناديق الاستثمار السلع رهانا جيدا لاموالها وسط مناخ تضخمي على مستوى العالم.

ويقول المحللون ان التضخم الكبير في أسعار المواد الغذائية من المنتظر ان يستمر في عام 2008 وان الفجوة المتزايدة بين قيمة المنتج وسعره بالعلاوات السعرية عليه قد تدفع أصحاب المتاجر الى البحث عن الخيارات الارخص وسط مخاوف التراجع الاقتصادي التي تجتاح أوروبا والولايات المتحدة.

وقال ادوارد هاندز مدير المحافظ المالية في كومرتس بنك للاستثمارات البديلة "الاسعار المرتفعة توفر المعروض في السوق لكنها ستحد من الطلب."

وأضاف "الناس سيبدأون في الاختيار بين البدائل... (قائلين) هل اختار الاطعمة الجاهزة الغالية أم أعود للاساسيات. وهو أمر لم يعتده ابناء جيلي... نحن مقبلون على تغير كبير في أسلوب التفكير."

لكن بعض المحللين يقولون ان تضخم أسعار المواد الغذائية يمكن احتواؤه. ويقول مارتن ديبو من اينفستيك للاوراق المالية إن المنتجات الغذائية تمثل تسعة بالمئة فقط من انفاق المستهلكين البريطانيين بالمقارنة مع 12 بالمئة في أحدث حالة ركود شهدته بريطانيا في عام 1991.

وأضاف "هناك خطر على المنتجات ذات العلاوة السعرية لكني اعتقد انها محصنة نسبيا والضغوط التضخمية يمكن احتواؤها."

ورفعت المجموعات الغذائية الاوروبية الكبرى مثل نستله ويونيليفر وكادبوري شويبس اسعار منتجاتها لتعويض الارتفاع في اسعار السلع لكن الاسعار تواصل ارتفاعها.

وبالنسبة لشركة بريطانية مثل بريمر فودز وهي من كبار مستخدمي القمح من أجل الخبز الذي تنتجه كان الاثر مأساويا فانخفض سعر سهمها الى النصف منذ بداية هذا العام وتراجع 8.8 بالمئة الى 86.5 بنس بحلول الساعة 12 بتوقيت جرينتش يوم الثلاثاء.

وتعهد فيلون رئيس وزراء فرنسا بالتصدي "لانتهاكات" السوق بعد ان أظهر تقرير رفيع المستوى ان أسعار المنتجات المعتمدة على الحبوب والحليب في فرنسا ارتفعت في الاشهر القليلة الماضية واضاف انه سيجري تشديد الرقابة على الاسعار.

وقال "هناك بوضوح انتهاكات من جانب الصناع وباعة التجزئة الذين يتربحون من ارتفاعات اسعار السلع الزراعية لزيادة هوامش ارباحهم."

وكانت نستله أكبر مجموعة للمنتجات الغذائية في العالم واحدة من أوائل المجموعات التي استجابت في أوائل عام 2007 برفع أسعار منتجاتها مثل قهوة نسكافيه وشيكولاتة كيتكات وأغذية الاطفال لتعويض ارتفاع اسعار السلع واتبعت شركات اخرى خطاها.

وشهدت كادبوري ارتفاع أسعار الحليب والكاكاو وعانت يونيليفر من ارتفاع أسعار الزيوت النباتية والشاي في حين واجهت جميع الشركات ارتفاع أسعار الزيوت المعدنية التي زادت من تكاليف الانتاج والتغليف والنقل.

وبلغ سعر قمح الربيع الامريكي الذي يستخدم في انتاج الطحين (الدقيق) عالي البروتين أعلى مستوياته على الاطلاق يوم الاثنين ومن المتوقع ان تبلغ مخزونات القمح الامريكية أدنى مستوياتها في 60 عاما بحلول نهاية عام التسويق في 31 مايو ايار المقبل.

العلماء يطورون محاصيل تقاوم الجفاف

وقال فريق علمي انه توصل الى اكتشاف مهم في سبيل فهم الجينات التي تمكن بعض النباتات من مقاومة الجفاف.

وقال العلماء الذين يقومون بابحاثهم في فنلندا والولايات المتحدة انهم وجدوا الجين الذي يتحكم في كميات ثاني اكسيد الكربون التي تستوعبها النباتات وبخار الماء الذي ينبعث منها.

ويعتقد ان هذه المعلومات ثمينة جدا في ابحاث الانتاج الغذائي والتحكم في ظاهرة التغير المناخي، حيث تلعب النباتات دورا بيئيا حيويا بامتصاص ثاني اكسيد الكربون من الهواء.

وينبعث بخار الماء من النباتات عبر نفس المسام التي تستوعب منها ثاني اكسيد الكربون، وفي حالات الطقس الجاف للغاية، يمكن للنبتة ان تخسر 95 بالمئة من تلك المسام.

ويحاول العلماء ايجاد الجين الذي يتحكم في فتح واغلاق تلك المسام منذ عقود، وهو ما يقول الفريق العلمي الفنلندي-الامريكي انه توصل اليه. بحسب رويترز.

ويعتقد الباحثون ان هذا الاكتشاف سيمكنهم من تعديل النباتات وراثيا بحيث تستمر في استيعاب ثاني اكسيد الكربون بينما تسمح بانبعاث كميات اقل من البخار عبر مسامها، مما سيمكنها من مقاومة الجفاف اطول.

ويقول البروفيسور جاكو كانجاس جارفي من جامعة هلسنكي ان هذا الاكتشاف اول خطوة في تطوير نباتات مماثلة، ولو ان ذلك قد يتطلب اعواما.

وانجز الخبراء تجاربهم على نبتة الرشاد، لكنهم يقولون ان هذا الاكتشاف يمكن تطبيقه على مختلف النباتات الغذائية، بل حتى على الارز.

ويعتقد انه قد يمكن استغلال هذا الاكتشاف على ارض الواقع في غضون العشرين عاما المقبلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3 آذار/2008 - 24/صفر/1429