الانترنت هل يحسم مصير المرشحين في إنتخابات الرئاسة الامريكية؟

شبكة النبأ: عندما يذهب الامريكيون لصناديق الاقتراع في شهر نوفمبر القادم لانتخاب رئيس جديد، فإنهم سينتخبون مرشحا ديمقراطيا كان أم جمهوريا ارتبطوا به بشكل ما واستطاعوا التواصل معه خلال عدة أشهر ليس من خلال التجمعات الانتخابية فحسب بل ايضا عبر شبكة الانترنت التي اصبحت أداة سياسية ليبدأ عصر جديد تحسم فيه التكنولوجيا مصير السباق نحو البيت الأبيض.

فيس بوك وماي سبيس

لقد وجد المرشحون للرئاسة الأمريكية ضالتهم هذا العام في المدونات أو البلوجز ومواقع التعارف والمواقع الاجتماعية التي تشهد إقبالا كبيرا من فئات المجتمع المختلفة سواء اجتماعيا أم ثقافيا أم سياسيا أو حني عمريا وان كان أكثرهم الشباب. ولذلك أصبح الجميع متواجد علي المواقع الاجتماعية الأشهر مثل ماي سبيس Myspace.com و لينكد ان LinkedIn.com وفيس بوك Facebook.com. ولم يعد هناك لقب "المرشح الاليكتروني" الذي يتميز دون غيره بالتواجد على الشبكة العنكبوتية بل أصبح الجميع حاضر ومتفاعل ونشيط ومنظم. بحسب تقرير واشنطن.

وبعد أن كانت مواقع التعارف الاجتماعية أو Social Networking Groups تقتصر علي Friendster و Orket في الانتخابات السابقة التي جرت في 2004، تأتي انتخابات 2008 وقد انضم إليهما ماي سبيس وفيس بوك ليشهد الجمهور المستهدف من هذه الحملات الاليكترونية نقلة كبيرة في العدد حيث يتردد علي هذه المواقع ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم. ويستطيع المرشحون بهذه الطريقة الوصول ليس فقط إلي الأمريكيين داخل الولايات المتحدة الذين يستطيعون متابعة الحملات الانتخابية عبر وسائل أخرى بل أيضا يستطيعون التواصل مع الأمريكيين في الخارج الذين يحق لهم التصويت عبر سفارات بلادهم في العالم وبصفة أساسية الجنود العسكريين المنتشرين في بقاع مختلفة في العالم.

وبالإضافة إلي هذه المواقع التي تضمن لهم انتشارا واسعا وتتيح لأي شخص في العالم أن ينضم لقائمة أصدقائهم Friends List، أظهر المرشحون اهتماما كبيرا بشبكة الانترنت واستخدامها في حملاتهم الانتخابية لجمع التبرعات المالية بالضغط علي أيكونان معينة وبنشر مقاطع فيديو للمرشحين في تجمعاتهم الانتخابية أو في مناظرات سياسية أو لقاءات إعلامية علي موقع يو تيوب YouTube.com كما يمكن نقلها علي الهواء.

هيلاري وأوباما.. حرب اليكترونية

ووفق تقرير صدر مؤخرا عن معهد الناخب الاليكتروني E-voter، فان هناك اتجاها جديدا وذراعا جديدا في انتخابات الرئاسة الأمريكية هو الذراع الاليكتروني حيث أن نسبة كبيرة من مستخدمي شبكة الانترنت يسعون للحصول على معلومات سياسية ويتمتعون بنشاط اليكتروني عال حتى أنهم يوصفوا بـ"النشطاء الاليكترونيين" الذين يتبادلون مع أصدقائهم وأقاربهم الأخبار والمعلومات المتعلقة بالمرشح المقرب إليهم.

أبرز مثال على مرشحين متنافسين يجيدان استخدام الانترنت كأداة للوصول للناخبين وللدعاية الانتخابية هو مثال هيلاري كلينتون وباراك أوباما. هيلاري كلينتون حسبما رصدت كريستين روزن الباحثة بمركز الأخلاقيات والسياسات العامة اليميني Ethics and Public Policy مقالا في مجلة نيو أتلانتس New Atlantis التي يصدرها المركز، تعتبر أقوي المتنافسين تواجدا علي مواقع التعارف إذ يزيد عدد معارفها ومؤيديها علي قائمة الأصدقاء الاليكترونيين عن 52،472 ألف.

ولم تكتف هيلاري بذلك بل أطلقت حملات مضادة للنيل من منافسها الرئيسي باراك أوباما عن طريق حجز موقعين اليكترونيين مؤخرا هما Votingpresident.org و Votingpresident.com لتصوير أوباما بأنه "جبان" لتستعر الحرب اللفظية الاليكترونية بين أبرز المتنافسين علي الفوز بتمثيل الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة. وأمام هذه الحرب الدائرة علي شبكة الانترنت لم يجد أوباما مفرا من التحرك للرد علي الاتهامات الموجهة له من خلال موقع خاص به.

ومن المؤشرات الدالة علي تميز الانتخابات القادمة والتي تلعب فيها شبكة الانترنت دورا حيويا، يمكن بسهولة متابعة حجم تغطية النشاط الاليكتروني للمرشحين من خلال نشرة بوليتيكر Politicker التي يصدرها موقع بوليتكس أون لاين https://www.politicsonline.com الذي ينشر أخبار وأدوات واستراتيجيات اللعبة السياسية منذ عام 1996. كما نظمت العديد من المواقع مناظرات سياسية بين المرشحين المختلفين وكان من أشهرها مناظرة بين جميع المرشحين الديمقراطيين نظمها موقع ياهو حول قضايا الصحة والتعليم والاقتصاد والعراق والحرب علي الإرهاب.

كتاب يرصد الدعاية الاليكترونية

ولتأكيد تأثير الانترنت علي الحياة السياسية الأمريكية، أصدر الكاتب جارت جراف Garrett M. Graff أول مسئول للموقع الاليكتروني للمرشح الديمقراطي السابق هوارد دين وأول مدون Blogger يتمكن من الحصول على تصريح رسمي لتغطية نشاطات البيت الأبيض لمدونته . هذا الى جانب كونه أستاذا في الصحافة بجامعة جورج تاون منذ بضعة أسابيع كتابا بعنوان "The First Campaign: Globalization, the Web, and the Race for the White House".

يؤكد الكتاب أن ظاهرة تزايد تأثير الانترنت في الحياة السياسية يؤصل لفكرة الديمقراطية المباشرة وهي "الرؤية الجيفرسونية" التي وضعها ثالث رئيس لأمريكا هو توماس جيفرسون ويكون فيها الشعوب مسئولة عن قراراتها بغض النظر عن التحديات القديمة التي كانت تعتري التواصل فيما بينهم كبعد المسافة ومحدودية الاتصال نفسه. ويؤكد الكاتب أن انتخابات 2008 ستكون أول انتخابات تدخل فيها التكنولوجيا كوسيط وكرسالة فقد كان الاتصال بالناخبين كأفراد وليس كجماعات دوما هدفا يسعي المرشحون للوصول إليه لأن الطريقة الوحيدة لكسب الناخبين هي عن طريق مقابلتهم وجها لوجه.

وحسب الإحصائيات التي وردت في الكتاب، فانه في مطلع عام 2007 بلغت نسبة الأمريكيين الذين يستخدمون اتصالا واسعا بشبكة الانترنت Broadband وصلت حوالي 90% بزيادة قدرها 40% عن العام سابقه. وهو ما أدى إلي تزايد عدد المترددين على المواقع والمدونات السياسية مثل https://www.dailykos.com اليساري و https://www.Instapundit.com التي تتحدث إلى الشعب الأمريكي بدون أي رقابة حكومية أو مخابراتية.

ويحدد الكتاب أربعة أدوات أساسية في الانتخابات الرئاسية القادمة هي الفيديو الاليكتروني والهواتف المحمولة التي يستخدمها النشطاء لتنظيم تجمعاتهم والمدونات ومواقع التعارف الاجتماعية والتي خلفت مجتمعة بنية سياسية جديدة. هذه الأدوات دفعت منظمي الحملات الانتخابية إلى مزيد من الابتكار والإبداع في حملاتهم للتقدم على منافسيهم.

ويدلل جراف على استيعاب المرشحين لأهمية سلاح الانترنت فيذكر استضافة أوباما بعض المانحين الاليكترونيين الذين تم اختيارهم بصفة عشوائية لتناول العشاء معهم ثم بث تفاصيل اللقاء على موقعه الخاص الذي يكتب عليه نحو 15 ألف شخص. ولشدة تعلق "الأصدقاء" بصديقهم على موقع "ماي سبيس" المرشح لرئاسة أمريكا، أرسل الآلاف منهم رسائل تهنئة في عيد ميلاده في شهر أغسطس الماضي. ومنذ شهر تقريبا، استعرض أوباما سياسته التكنولوجية في خطاب سياسي له ألقاه في مقر شركة جوجل الأمريكية العملاقة وطال عن الساعة.

واستشهد الكاتب بمثال لجروب "One Million Strong for Barack" الذي أنشئ في يناير 2000 تأييدا لباراك أوباما ولم تمض سوى 24 ساعة حتى انضم له ألف عضو. وبحلول مايو من العام نفسه، وصل عدد الأعضاء إلى 325 ألف عضو.

ومع قرب تسمية مرشحي الحزبين الكبيرين لسباق البيت الأبيض، فانه من المتوقع أن تشتد الحروب الاليكترونية ضراوة أكثر مما هو موجود على أرض الواقع. في التجمعات الانتخابية. في المناظرات. في الرؤي والسياسات. في محاولة استمالة الأقليات وقوى الضغط. ومن المؤكد أن ذلك سينعكس على وضع المنافسة الاليكترونية لتزداد هي الأخرى سخونة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 27 شباط/2008 - 19/صفر/1429