اليد العاملة الاجنبية في الخليج ومخاوف التغيير الديموغرافي

اعداد/ميثم العتابي

 شبكة النبأ: تركوا اوطانهم بحثا عن لقمة العيش، ونشاطها الاقتصادي المتزايد خلال العقد الاخير جذبهم اليها. منطقة الخليج تواجه تحديا من الأعداد المتزايدة في نِسب المتوافدين إليها، وسط تحذير ومخاوف من تغييرات ديموغرافية للمنطقة، اذ بينت احصائيات في دراسة لمنطقة دول مجلس التعاون اعداد هذه الوفود معبّرة عنها بالهائلة. (شبكة النبأ) في التقرير التالي تعرض لكم الاستعدادات المترتبة للحد من اعداد العمالة هناك.

خطرا اكبر من القنبلة النووية او من اي اعتداء إسرائيلي

يزداد الحديث في دول الخليج الغنية بالنفط عن ضرورة وضع سقف زمني لاقامة ملايين العمال الاجانب العاملين فيها اذ ينظر الى تواجدهم الكثيف كتهديد ديموغرافي وحتى سياسي.

ويعيش حوالي 13 مليون اجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والامارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان) اي حوالى 37% من سكانها البالغ عددهم 35 مليونا بحسب ارقام الامانة العامة للمجلس.

الوافدون المقيمون في دول المجلس يتحدرون بشكل اساسي من دول شبه القارة الهندية وهم يشاركون بشكل كبير في النمو الاقتصادي الذي تشهده هذه الدول.

الا ان حكومات دول مجلس التعاون تخشى ان يؤدي العدد المتزايد للاجانب الذين يشكل العمال غير المهرة قسما كبيرا منهم الى خنق الثقافة العربية الاسلامية لبلدانها.

وفي هذا السياق اعتبر وزير العمل البحريني مجيد العلوي مؤخرا ان العمال الاجانب في الخليج يشكلون "خطرا اكبر من القنبلة النووية او من اي اعتداء اسرائيلي" مشيرا الى ان عدد الاجانب قد يصل إلى حوالي 30 مليونا في غضون عشر سنوات.

وحاليا يمكن للأجانب ان يحصلوا بشكل دوري على تجديد لاقاماتهم من قبل مستخدميهم (او كفلائهم) الى ان يبلغوا سن التقاعد اي ستين عاما اما حالات التجنيس فتعد نادرة جدا. والعلوي الذي كان من ابرز الداعمين لمشروع يقضي بوضع حد اقصى لاقامة العمال غير المهرة في كل دولة من دول مجلس التعاون هو ست سنوات اتهم "لوبي" رجال الاعمال الخليجيين باحباط هذا المشروع. بحسب (ا ف ب).

ولم تتمكن قمة مجلس التعاون التي انعقدت في كانون الاول/ديسمبر الماضي من الاتفاق على هذا المشروع الذي حظي بدعم قوي من البحرين والامارات.

من جهته اتخذ وزير العمل السعودي غازي القصيبي موقفا مشابها لموقف نظيره البحريني.

وشدد القصيبي في تصريحات صحافية نشرت مؤخرا: على اهمية تحديد اقامة العمالة الاجنبية في (السعودية) ودول الخليج بشكل عام، مؤكدا ان تجاهل هذا الامر يفرض استحقاقات تفرضها الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة.

وقال المحلل الكويتي عايد المناع: هنالك من دون شك خوف لدى دول مجلس التعاون الخليجي من ان تجبر في يوم ما على القبول بشيء لا يرضيها كمنح مزيد من الحقوق لليد العاملة الوافدة او حتى الجنسية. بحسب وكالة فرانس برس.

واضاف، من وجهة النظر الغربية ان العمال الذي يقيمون هنا 30 او 40 عاما من حقهم الحصول على حقوق وان يصبحوا مواطنين هم وابناؤهم. ان هذه المبادئ تعتبر اساسية في الغرب.

وكان وزير العمل الاماراتي السابق علي الكعبي الذي تم استبداله في تعديل حكومي قبل ايام قال ان طرح وضع سقف زمني للعمال الاجانب لا يشمل الا العمال غير المهرة.

ويعمل حوالي 700 الف اسيوي هم هنود وباكستانيون وبنغلادشيون بشكل اساسي في قطاع البناء في الامارات العربية المتحدة التي يشكل الاجانب اكثر من 80% من سكانها البالغ عددهم حوالى 4,1 مليون نسمة.

وشدد الكعبي ونظراؤه الخليجيون على الطابع المؤقت لاقامة العمال الاجانب في دول الخليج.

وخلال مؤتمر لوزراء العمل في الدول الخليجية والاسيوية المستقبلة والمرسلة لليد العاملة قال يوسف عبدالغني الوكيل المساعد في وزارة العمل الإماراتية: لقد تم القبول بالطابع الؤقت والتعاقدي لليد العاملة. ان ذلك يحافظ على خصوصيات البلد في ما يتعلق بتوازناته الديموغرافية. وأضاف، ان هذا المبدا يحافظ على الطبيعة الديموغرافية لبلدان المنطقة.

التضخم والعمالة الأجنبية في دول الخليج

وحذر عدد من الخبراء من خطر داهم قد يهدد اقتصاديات الخليج بسبب الضغط الهائل لعوامل التضخم على أجور ورواتب العمال والموظفين الأجانب، حيث بات ارتفاع الأسعار يشكل عاملاً طارداً لأصحاب الخبرات، الذين تظهر الإحصائيات رغبة معظمهم في تغيير أعمالهم أو مغادرة المنطقة.

وشجع الخبراء على متابعة النظر في قضايا مثل وضع حد أدنى للأجور وحد أعلى لزيادات الإيجارات باعتبارها وسائل قادرة على زيادة جاذبية المنطقة، إلى جانب دعوة الشركات لوضع نظم محددة للترقية لتشجيع الموظفين.

وتعتبر منطقة الخليج منذ زمن طويل مقصداً للراغبين بالعثور على فرص عمل بسبب ثرواتها الكبيرة، والتي تضاعفت خلال العامين الماضيين مع الطفرة النفطية الكبيرة التي قادت أسعار النفط لمستويات تقارب مائة دولار.

وتتمثل عوامل الجذب الأبرز في هذه السوق في انعدام الضرائب على الرواتب وارتفاع مستوى المعيشة والرفاهية، غير أن الارتفاع الكبير بمستويات التضخم، وخاصة في الدول التي تشهد قفزات كبرى مثل قطر والإمارات العربية المتحدة بدأ يرخي بضلاله على هذا الواقع.

وفي هذا السياق، بقول ديفيد وستلي، رئيس تحرير موقع ArabianBusiness الإلكتروني إن العمال الأجانب: يعانون ضغوطاً متزايدة والأسباب باتت واضحة.

ويضيف وستلي، الذي تحدث لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" إن نسب التضخم باتت قضية محورية على امتداد المنطقة، مشيراً إلى أن الارتفاع الدوري للرواتب، لم يكن بنفس سرعة ارتفاع التضخم، مما يمنح الموظفين شعوراً بأن راتبهم قد تراجع فعلياً.

وينعكس هذا الأمر على مدخرات العمال الأجانب وعلى مستويات معيشتهم، مع اضطرارهم إلى الاقتصاد في بعض النفقات، إلى جانب النقص الذي تعاني منه المنطقة في بعض خدمات البنية التحتية الأساسية، كالمدارس، وتشكل هذه العوامل كلها نقاط سلبية قد تدفع الأجانب لمغادرة المنطقة. بحسب (CNN).

ومع اعتماد دول الخليج على هؤلاء الموظفين والعمال، إذ تصل نسبتهم في بعض الاقتصاديات الخليجية إلى 80 في المائة من إجمالي اليد العاملة، فإن ذلك سيقرع بالتأكيد ناقوس الخطر في المنطقة التي قد يغادرها الوافدون نحو دول أخرى حول العالم.

وقد بدأت بعض القطاعات تعاني بالفعل من هذه المشكلة، كقطاع البناء، إذ تتجه مشاريع المقاولات الضخمة نحو أفق مسدود في ظل نقص الأيدي العاملة القادرة على ممارسة هذا النوع من المهن وحالة التذمر التي تسود حشود العاملين الأجانب.

ويؤكد ريتشارد طومسون، محرر "MEED" الاقتصادية إلى وجود روابط واضحة بين أزمة التضخم والحصول على الأيدي العاملة الماهرة في الخليج.

ويقول طومسون: ربما يمكن اعتبار التضخم والعثور على أيدي عاملة ماهرة أبرز المواضيع المطروحة￿￿￿ى ￿￿ولة ￿￿￿ح￿￿￿￿ ￿لخل￿ج حالياً، وفي و￿￿￿ ￿لأمر، فإنهما وجه￿ن لعملة واحدة، فالاقتصاد ينمو بشكل سريع، وهذا يخلق التضخم، ولكن الجانب الآخر من الأمور يفرض عليك أن تجد أيدي عاملة ماهرة لإنجاز المشاريع الضخمة الموجودة.

ولكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن المال ليس العامل الوحيد الذي يجذب العمال إلى الخليج، ففي الاستطلاع الذي أعدته ArabianBusiness اعتبر 33 في المائة فقط أن المال هو العامل الأساسي خلف انتقالهم إلى المنطقة، أما الغالبية فقد وضعت الأولوية لفرص الترقية التي قد تحصل عليها.

وفي هذا السياق، قال وستلي: على الشركات أن تشجع بيئة العمل ضمن مرافقها، حيث تمنح الموظفين فرصة التفكير في أن مثابرتهم قد تقودهم إلى مناصب أفضل، وأن الأمر لا يقتصر كلياً على المال والرواتب.

وبموازاة الضغوط التي بات القطاع الخاص يرزح تحتها، نجد أن الحكومات ليست أفضل حالاً، فهي تعتمد على الأجانب بشكل واسع أيضاً، وتمثل مهمة تعزيز القدرات المحلية تحدياً كبيراً لها.

ويقول طومسون، إن المنطقة تشهد حالياً نقاشاً حول العديد من المبادرات، منها وضع حد أدنى للأجور وحد أعلى للارتفاع السنوي لقيم الإيجار والتعاطي بشكل أسلم مع مشاريع البينة التحتية.

ويضيف طومسون: بعض المناطق التي تشهد نمواُ قياسياً، مثل أبوظبي، تعلمت من أخطاء دبي، وهي تنظر نحو مقاربة تنموية تعتمد معايير إستراتيجية وهيكلية.

أما ويستلي، فيعتقد أن مشاكل المنطقة ستكون قصيرة أو متوسطة الآجل، بحيث يبدأ تضخم القطاع العقاري بالانحسار تدريجياً في العام 2010، مع ازدياد الوحدات السكنية المعروضة في السوق.

ويؤكد أن استمرار الطفرة التنموية سيشكل عامل جذب دائم في المنطقة قائلا: أعتقد أن العمال الأجانب بحاجة لهذه الأسواق كما أن هذه لأسواق بحاجة إليهم، وفي نهاية المطاف، هذه هي الحقيقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 27 شباط/2008 - 19/صفر/1429