الفقر والانحراف الجنسي

إعداد: الأستاذ شيهب عادل

مقدمــة:

    إن مناقشة ظاهرة الانحراف الجنسي، أو البحث في أسبابها وتداعياتها كآفة اجتماعية سلبية تستحق منا ومن كل إنسان يعتز بإنسانيته وبأخلاق الآباء والأجداد أن لا نقف منها موقف متفرج بل يجب التصدي لها قدر الإمكان، وان نتبع الرسول الأمة (ص) حيث يقول  "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الإيمان".

    لذا إن إظهار أسبابها ومسبباتها ودوافعها وتداعياتها وخاصة إفرازاتها الضارة الكبيرة على مستوى المجتمعات أو حتى الدول، تستدعي دراستها دراسة مستفيضة لما لهذه القضية الأثر الضار على بنية المجتمع وتماسكه  بشرائحه وطبقاته المتدرجة، إلى جانب كل هذا فإنها تقوم على تخريب الحالة الاجتماعية من أساسها، لأنها آفة خطيرة كما لها تشعباتها الكثيرة، فهي تتغلغل لتفعل فعلتها وخاصة بتفكيك الأسرة وأواصرها الودية والروحية والدينية والإنسانية، من ثم تقودها إلى الانزلاقات الأخلاقية المشينة حتى تسقط به إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الإنساني والديني ليتعرى من جميع القيم والأخلاقيات النبيلة.

1- تعريف الانحراف الجنسي ( الدعارة ):

  الجنس (بالكسر): الضرب من الشئ وهو اعم من النوع.[1] فالحيوان جنس، والإنسان نوع والنوع البشري مميز بالذكورة أو الأنوثة.!

 والجنس اتصال شهواني بين الذكور والإناث.[2]

  أما الانحراف الجنسي فهو "ضروب من الممارسة الجنسية يخرج فيه أصحابها عن سبل الاتصال الجنسي الطبيعي والمألوفة".[3]

 كما يعرف الانحراف الجنسي على انه" التمتع الجنسي بطرق ترفضها القيم الأخلاقية والدينية وتدينها الأعراف والتقاليد والقوانين الاجتماعية، أو فقد الشخص السيطرة على توازنه بسبب اضطراب نفسي ما، ويتأكد ارتباط الانحراف الجنسي بالاضطراب النفسي.[4]

   كما نعني بالانحراف الجنسي كل شذوذ فردي أو جماعي يؤدي إما لعدم إشباع أو كبت للغريزة الجنسية لدى البالغ، أو أية ممارسة غير شرعية أو غير طبيعية لإشباع هاته الغريزة.[5]

  كما يُقصد بالانحرافات الجنسية الحصول على الإشباع الجنسي بطريقة غير مشروعة من خلال تجارة الجنس، والدعارة في أسواق البغاء، والكباريهات، والنوادي الليلية، وسائر الأماكن التي تقدم الخدمات الجنسية في عالم الانحراف، والمغامرات الجنسية المتواصلة غير المسئولة، والاستهتار والاستسلام للجنس، والجنسية المثلية 'اللواط والسحاق'.[6]

  كما يشير الانحراف الجنسي إلى "كل استعمال للجنس، دون الوفاء بمواصفاته الإنسانية الأحدث أو في غير ما يؤدى وظيفته البشرية".[7]

  أما من الناحية الدينية فهو "الانحراف عن الطريق المحدد شرعا للممارسة الجنس".[8]

   من خلال التعاريف المختلفة لظاهرة الانحراف الجنسي، تبرز لنا أهم مظاهر الانحراف الجنسي التي لها الأثر البالغ في المجتمع، ومن أهم هذه المظاهر: البغاء، الزنى، اللواط السحاق، العري والتبرج، الممارسات الغير الطبيعية، التحرش الجنسي، مواقع الميوعة والدعارة، وغيرها.

  وتعتبر الدعارة (البغاء)، من اخطر أشكال الانحراف الجنسي على المجتمع، وعليه يمكن تعريف الدعارة كالأتي:

   والدعارة أو البٍغاء مصطلح له عدة تعاريف فالبعض يعتبر "الدعارة ببساطة بيع الخدمات الجنسية، بدون أدنى إشارة إلى التمييز بين الدعارة القسرية والدعارة الطوعية".

 أو الدعارة "تعنى ضمنياً ممارسة الجنس إجباراً وقسراً، مهما كان مصدر هذا الإكراه أو القسر"[9].

وكلمة الدعارة "كلمة تدل على انحراف في سلوك الإنسان عن الطريق الصحيح للفطرة الإنسانية".[10]

   والدعارة هي "كل عمل أو سلوك يقصد به الجنس وما يتعلق به من أفعال مثل الفجور الدعارة، إذا كان بغرض المتاجرة به وتقاضي الأموال مقابلة.[11]"

  كما تعني، "الرذيلة أو الفسق الأخلاقي، وهي مفهوم للدلالة على لذة أو غريزة جنسية غير مشروعة مقابل أجر مادي، ويشارك في هذه العلاقة طرفان الأول هو من يعطي هذه المتعة الجنسية غير المشروعة مقابل أجر مادي أو غير مادي، أما الطرف الآخر فهو من يشتريها مقابل إعطاء هذا الأجر".[12]

2- الدعـارة في الوطن العربي: 

   من أهم الآفات التي يتعرض لها الوطن العربي في الآونة الأخيرة هي آفة الدعارة بكافة أشكالها، والتي بات انتشارها كالطوفان الجارف لا يقف أمامه لا شرع ولا قانون.

 وفي أغلب البلدان العربية تعتبر الدعارة شيء غير أخلاقي وفي بعض الدول يتم محاسبة ممارسيها، إلا أن في غالب الأحيان يتم ممارسة الدعارة خارج رقابة القانون ويوجد مناطق من عدة مدن متخصصة بهذا الشأن، وللأسف الشديد أن بعض الحكومات باتت تبارك وتساعد على انتشار دور الدعارة وتعطي عليها التصاريح سواء كانت ظاهرة أم باطنة وتكاد لا تخلو بلد إسلامي من دور الدعارة برغم الحرب المعلنة عليها.

  إن وجود أوكار الدعارة أو شبكاتها المخفية والظاهرة منها في مجتمع ما تصيبه بسلوكيات شاذة وميوعة والتحلل الأخلاقي والإنساني والاجتماعي والديني، حتى يصبح أدنى مرتبة من دون كل المخلوقات على كوكب الأرض.

  وقد أكد على خطورة هذه القضية، أي الدعارة وخاصة الاتجار بها "الاتفاق الدولي المعقود في 18 أيار/مايو1904 حول تحريم الاتجار بالرقيق الأبيض والمعدل بالبروتوكول الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 كانون الأول/ ديسمبر 1948".[13]

  كما سلط تقرير صدر مؤخرا عن وزارة الخارجية الأميركية، الضوء على الاتجار بالبشر في دول الخليج العربية، منتقدا تساهل هذه الدول حيالها وعدم اتخاذ أي إجراء يردع الاتجار بالبشر على أراضيها، وخص التقرير الأميركي أربع دول خليجية، هي "السعودية والإمارات وقطر والكويت" بالانتقاد، لكن هذه الدول رفضت ما ورد في التقرير عبر تصريحات رسمية.[14]

  ففي عام 1905، صدر قانون في مصر أجاز الدعارة في مناطق معينة، وألزم النساء العاملات بالخدمات الجنسية بإجراء فحص طبي أسبوعيا، و ظل هذا النظام ساري المفعول حتى عام 1949 عندما صدر مرسوم عسكري بإلغاء شرعية البغاء وبإغلاق بيوت الدعارة وتوجد الكثير من الداعرات الأجنبيات في مصر وخاصة الروسيات.

  والدعارة في العراق غير مخالفة للقانون العراقي لكن بشروط وضوابط محددة مثل الفحص الطبي المنتظم وتحديد أماكن معينة يسمح فيها بالدعارة ضمن المدن، محلياً الفئة المعروفة بامتهانها للبغاء كجزء من حياتهم الاجتماعية هم الغجر المعروفون محلياً باسم "الكاولية" حيث تعرف المناطق التي تقطنها غالبية من الغجر كبعض القرى وضواحي المدن بممارستها العلنية والمسموحة من الدولة للبغاء واللهو مثل منطقة "الكمالية" جنوب شرق بغداد وعدد أخر من قرى وبلدات الغجر في جنوب العراق و شماله، رغم هذا فإن مهنة الدعارة لا تقتصر على الغجر بل تشمل أفراداً من كافة الفئات تقريباً.

   وضع شرعية أو السماح بممارسة الدعارة تغير في العراق خصوصاً بعد احتلال العراق عام 2003م، حيث تم تهجير الغالبية العظمى من الغجر في العراق إلى دول الجوار وغيرها حيث هاجمت مليشيات مسلحة تجمعات الغجر ودمرت العديد من قراهم، يضاف إلى هذا أن عدداً من النسوة العراقيات و تبعاً لظروف الحرب وما تسببه من تفكك أسري و فقدان لمعيلي العديد من العوائل، مما أدى إلى سقوط عدد من النسوة في مهنة البغاء بسبب الحاجة واستغلال شبكات الدعارة لهن وخصوصاً في الدول التي فررن لها، وهذا وفقاً لتقرير للأمم المتحدة، ويجدر بالذكر أن الحروب توافقها دائماً حالة انتشار امتهان البغاء وهذه الحالة تشبه الحالة التي عمت في أوربا إثر انتهاء الحرب العالمية الأولى و الثانية.[15]

  وتعتبر سورية مع مثيلاتها من دول عربية، مكانا مقصودا للسياحة الجنسية على مدار العام كلبنان ومصر والمغرب، حيث ينشط قوادون" تجار الجنس" بين هذه الدول، مستخدمين ترغيبا وترهيبا، فتيات بعضهن قاصرات لممارسة الجنس معهن، مقابل مبالغ لهن أو لذويهن أو منحهن إقامة في دولة خليجية.

  ولبنان نموذج لكثير من فتيات يتاجرن بأجسادهن إما للمتعة أو للمال، وهن منتشرين في كل مكان ويعتبرن هذا الشيء من لون العصر والمرأة في رأيهم يجب أن تتحرر من كل قيود تقف في سبيل تقيد حريتها الجنسية.

  وشددت دراسة ميدانية حول "تجارة الجنس في اليمن" على ضرورة معالجة أوضاع النساء المحتمل سقوطهن في هاوية الدعارة والبغاء، منتقدة قصور برنامج الضمان الاجتماعي الحكومي الذي لا يشمل النساء الأشد فقراً لوقايتهن من الانزلاق إلى الدعارة والتشرد والتسول.

   وبحسب جريدة "الرأي العام" الكويتية، فقد أوضحت الدراسة - التي نفذها ملتقى المرأة للدراسات والتدريب بمحافظة تعز-  أن من يمارسن البغاء أو الدعارة في لبنان لجأن لذلك بسبب افتقارهن للمال وبهدف الإنفاق على أنفسهن وأسرهن بمن فيهم الذكور، إلى جانب افتقارهن إلى من يهتم بهن وبكفاءة حياتهن ويعانين من مشاكل اجتماعية، ويتخذن من الشارع مأوى لهن، ويتعرضن لإغراء الحياة في الفنادق.

   وأشارت الدراسة إلى أن هناك مبحوثات قلن إنهن يمارسن الدعارة من أجل الصرف على إخوانهن الذكور العاطلين عن العمل وتسديد نفقات العلاج، وأوضحت أن غالبيتهن لديهن أسر ويقمن بإعالة الأسر، والمتزوجات بعضهن زيجاتهن صورية وغطاء لامتهان الدعارة أو لأن دخل الزوج لا يكفي ويقمن بإعالة الأسرة.[16]

   وفي المغرب تنتشر الدعارة بشكل كبير، بسبب فقر المواطنين وكثرة السواح، إذ تكثر أيضا ظاهرة دعارة القاصرات والقاصرين.[17]

3- الدعـارة في الجزائر:

  مع ارتفاع معدلات الفقر وتراجع الإرهاب ظاهرة الدعارة تتفشي في الجزائر في زمن الانفتاح والحريات وحملة بيع كل شيء في هذا الوطن، انتشرت مـعها الفساد في كل مكان، وأصبحت تجارة الجنس مهنة يتباه بها البعض ويتستر بها البعض الأخر تحت عناوين مختلفة خاصة عندما تمارسها فئة اجتماعية طارئة على المجتمع.

      ففي سنوات قليلة، أصبح هناك الملياردارات وهي تستثمر في الأجساد وتضاعف ثرواتها وتمتن علاقاتها وتوسع نفوذها، على حساب فئات اجتماعية وجدت نفسها فريسة سهلة أمام مخالب هؤلاء التي لا ترحم خاصة هؤلاء التي لا ترحم خاصة المراهقات الجامعيات مطلقات، إطارات وهن اللواتي تدفعهن البطالة والظروف الاجتماعية الصعبة والرغبة في تحقيق أحلامهن إلى الوقوع في دوامة الانحراف والفساد والغريب في الأمر، أننا نسمع يوميا عن غلق الشركات وحل المؤسسات وطرد ألاف العمال وفي نفس الوقت نشاهد افتتاح بيوت اللهو والملاهي والتجمعات الترفيهية، في غياب السلطات المكلفة بحماية المجتمع والصمت الرهيب الذي تمارسه المؤسسات الدينية وكأن الأمر لا يعنيه والغريب أن صمت الجميع لا يمكن أن يكون إلا تواطؤ صريح ومساندة غير معلنة للفساد، الذي يحطم قدرات المجتمع ومستقبله فماذا يبقى من المستقبل إذا تحطمت الأجيال الصاعدة وهل الانفتاح واقتصاد السوق يعني الاستثمار في الأجساد، ولماذا لم ينجح الاستثمار إلا في الملاهي وبيوت اللهو والأكيد أن الأمر يهدد الأمن العام والمصالح العليا للبلاد.[18]

   كما أن المجتمع الجزائري يقرأ يوميا عن تفكيك شبكات للدعارة، أو تحريض القصر على ممارسة الدعارة، أو أطفال على الجنس والبغاء، وذلك من خلال استغلال ظروفهم الاقتصادية وحالاتهم الاجتماعية التي تعيشها هذه الفئات.

    ولعل اخطر أنواع الدعارة هو استغلال الأطفال في هذا المجال، فقد كشف تحقيق ميداني حول تشغيل الأطفال بالجزائر، أنجزه مرصد حقوق الطفل الذي ينشط تحت لواء الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، شمل 08 ولايات من الوسط وهي الجزائر العاصمة – البليدة – تيزي وزو – عين الدفلة – تيبازة – بجاية – بومرداس – البويرة، عن وجود 2979 طفل عامل تتراوح أعمارهم بين 04 و17 سنة، ينشطون في مجالات بيع السجائر والرعي وأخطرها المتاجرة بالمخدرات والدعارة.[19]

     كما أن شبكات الدعارة بدأت تنتشر بالجزائر بشكل رهيب وخاصة بالحدود الجزائرية الغربية، فنجد من الجزائريات اللاتي يتسللن إلى المغرب من اجل ممارسة الدعارة، ومن بين المدن المغربية التي تقصدها الجزائريات نجد كل من "الرباط، الدار البيضاء، مراكش وطيطوان" والتي تعتبر من بين أشهر المدن المغربية بالسياحة الجنسية، مقابل مبالغ مالية كبيرة تتراوح ما بين 1000 إلى 2000 درهم مغربي، أي ما يعادل 10 ألاف إلى 20 ألف دينار جزائري، في المقابل نجد مغربيات من يمارسن الدعارة في الجزائر.

  أما بالنسبة للجزائريات اللواتي يمارسن هذا النوع من النشاط، فاغلبهن من الولايات الداخلية التي تضررت من الإرهاب والفقر.[20]

   والأمر لا يتعلق بهذه النماذج فقط، فقد توسعت ظاهرة الدعارة وارتفعت معدلاتها في أوساط الطالبات الجامعيات بشكل مخيف، خاصة وهن يتخوفن من البطالة بعد نهاية الدراسة ولهذا فهن يمارسن الدعارة كوسيلة لكسب المزيد من المال أو الحصول علي منصب مهم في احدي المؤسسات الكبرى، وقد توسعت الظاهرة في النشاط التجاري والإشهار، وان أرباحها خيالية، وتقول المصادر أن هناك 33 شبكة دعارة تنشط في الجزائر، وهي تستغل الملاهي وبيوت اللهو الليلية كمراكز تمارس فيها تجارتها، وتقول مصادر اخرى أن هناك أكثر من 37 ألف طفل غير شرعي يولدون سنويا، بتسهيلات كبيرة من الحكومة، مما اضطر الحكومة إلي تخصيص ميزانية كبيرة لبناء مراكز استيعاب هؤلاء الأطفال، زيادة علي تحول الجزائر إلي بلد معرض إلي كارثة السيدا بسبب مرض فقدان المناعة، الذي ! ترتفع معدلات المصابين به داخل المجتمع الجزائري.[21]

4- أسباب الدعارة في العالم العربي والجزائر:

   تعددت الأسباب التي تؤدي إلى الدعارة في العالم، والعالم العربي عموما والجزائر خصوصا ولكن يمكن تحليل الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة القديمة لامتداداتها التاريخية القديمة، والحديثة لصورها وأشكالها الحديثة، إلى مجموعة من الظروف المختلفة والتي اجتمعت لتؤدي إلى ظواهر اجتماعية متعددة ومختلفة من بينها ظاهرة الدعارة،ولعل أبرزها الأسباب الاقتصادية المتمثلة في ضعف الدخل وارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية كتصريح العمال، والاجتماعية متمثلة في تدني المستوى المعيشي التفكك الأسري وحجم العائلة، الفقر والبطالة، العزوف عن الزواج لارتفاع تكاليفه، ارتفاع نسبة العنوسة بالمجتمعات العربية، أما الأسباب السياسية فتتمثل في الأنظمة السياسة الهشة وعدم قدرتها لتصدي لمثل هذه الظواهر ومثيلاتها بالمجتمع، والفساد الإداري، وغيرها من هذه الأسباب التي ساعدت على تفشي ظاهرة الدعارة في المجتمع العربي عموما والجزائري خصوصا.

5- الدعـارة والفقر:

   إن للدعارة ارتباطا وثيقا بظاهرة الفقر، فنجد أرباب هذه المهنة يستغلون مساحة الفقر المنتشرة في الفقيرة، والظروف المعيشية الصعبة لبعض فئات المجتمع.

  ويدفع الفقر الكثير من العائلات، الفاقدة المعيل أو التي يكون دخلها ضعيف أو منعدم بحيث لا يلبي حاجياتها، إلى هوة الدعارة وإغراءاتها في ذات الآن، إذ تبرر الكثير من العاهرات عملهن بالحاجة للمال من أجل توفير الغذاء واللباس وحاجيات اخرى.

   كما أن ثقافة الفقر التي شرحتها بعض الدراسات بأنها انخفاض في مستوى التعليم يؤدي إلى نقص في الخبرة المهنية ما يدفع إلى العمل في مهن لا تحتاج إلى الخبرة ما ينتج عنه الحصول على أجر زهيد لأعمال تتصف بالتذبذب ما يولد حالة من البطالة والفقر، تؤدي إلى حالة يتدنى فيها المعيار السكني والعمراني ما ينجم عنها انتشار الأمراض البدنية والنفسية والاجتماعية، ما يؤدي لاحقا إلى ضعف القيم الأخلاقية وتدني الطموح ما ينعكس سلبا على أفراد الأسرة، حيث يقوم الفقير بتوريث أفراد الأسرة ثقافة الفقر ما يدفعهم إلى العمل في أعمال حقيرة ومتواضعة بأجور زهيدة، حيث يؤدي عملهم إلى التسرب من الدراسة وامتهان حياة الشارع بكل أشكالها.

   وأكدت العديد من الدراسات على أن عددا من العوامل المؤدية إلى تفشي ظاهرة الدعارة في الشوارع، منها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المتصلة بالأسرة حيث أن شعور أفراد الأسرة، بعجز الأسرة عن دفع تكاليف التعليم يؤدي بهم إلى تركه والتوجه إلى العمل إضافة إلى أن الأزمات المالية التي يتعرض لها معيل الأسرة، تدفع بهم إلى اللجوء إلى الشارع يضاف إليها انخفاض دخل الأسرة حيث أكدته دراسات أجريت في المغرب ولبنان واليمن والأردن، كما أن من العوامل المحفزة لخروج إلى الشارع وامتهان الدعارة، اليتم والتصدع الأسري والعنف الأسري والتمييز بين الأبناء والإدمان حيث عرضت بعض الدراسات النتائج التي توصل إليها عدد من الباحثين الذين رأوا أن العنف تجاه أفراد الأسرة، وما يعانيه بعضهم من تعرض للضرب والحرق والتعذيب، والحرمان من الغذاء من العوامل التي تدفع بأفراد الأسرة إلى الهروب إلى الشارع بينما يعاني أبناء المدمنين من انعدام التوافق النفسي والاجتماعي، وصنفت الهجرة الريفية غير المخططة إلى الحضر من الأسباب التي تدعم ظاهرة الدعارة، حيث أن هذه النقلة السريعة يترتب عليها احتياجات للأسرة تستعدي عمالة أفرادها التي قد تتطور إلى حالات تسكع والإدمان والاتجار في المخدرات والجريمة والدعارة، ومن العوامل التي تساعد في تعزيز ظاهرة الدعارة، اللامساواة الاجتماعية وتدهور الحالة السكنية في المجتمع والحروب والنزاعات الأهلية والكوارث الطبيعية ونظام العولمة وتفشي الليبرالية الاقتصادية المتوحشة، وكثرة عدد أفراد الأسرة.[22]

خاتمــة:

   إن الطريقة الناجعة لمعالجة هذه الظاهرة، تحتاج إلى جهد مثمر وأساليب مجدية لطريقة المعالجة أو التصدي لظاهرة الدعارة أو العهارة أو البغاء، وذلك لتخفيف من حدتها.

    ولا يتأتى ذلك إلا بتوفير الرزق الحسن من خلال توفير العمل للجميع وفتح باب التجارة الداخلية والخارجية وتشجيع الزراعة وتامين القروض الميسرة للمواطن من ناحية، والتأكيد على تثقيف الناس بتراثهم التاريخي بدينهم الذي لو تمسك به لما أصابهم من السوء خاصة بمفاهيمه الصحيحة، والضرب بقوة على أيدي العابثين والمفسدين داخل المجتمع.

   وأيضا التركيز على الدراسات الاقتصادية الحكيمة من قبل الدولة بهدف النهوض بالمجتمع نحو الأفضل، ونشر الثقافة الاجتماعية والاهتمام بالوعي الإنساني والمعرفي والقضاء على البطالة والتخلف، وتامين فرص العمل والتأكيد على دور الأسرة وروابطها والحفاظ عليها والسعي من قبل الدولة إلى الإصلاح الاجتماعي، والإعلام الهادف والموجه بطريقة صحيحة ومدروسة، واستشارة الأخصائيين والمعالجين النفسانيين عندما تظهر علامات غير طبيعية داخل الأسرة أو المجتمع الذي يحيط به هذا الفساد.

.........................................

[1]: فيروز آبادي، مجد الدين بن محمد بن يعقوب: القاموس المحيط، تحقيق مكتبة التراث بمؤسسة الرسالة، مؤسسة الرسالة، الطبعة 7، بيروت، لبنان، سنة 1998، ص 537.

[2]: أنيس إبراهيم وآخرون: المعجم الوسيط، الطبعة الثانية، اللغة العربية، استانبول، تركيا، سنة 1972، ص  140، مادة الجنس.

[3]: منير البعلبكي: موسوعة المورد، دائرة المعارف انجليزية عربية مصورة، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، د س، ج9، ص 31.

[4]:  الانحرافات الجنسية:

http://www.feedo.net/medicalEncyclopedia/childrenHealth/SexualCorruption.htm  يوم التحميل 30/04/2007 على الساعة 13.30.

[5]: الانحراف الجنسي  http://! jaud.jeeran.com/11/archive/2006/11/116905.html  يوم التحميل 05/01/2008 على الساعة 13.26.

[6]: تعريف الانحرافات الجنسية: http://w! ww.islammemo.cc/article1.aspx?id=1672    يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة  13.28

[7]: أ.د. يحيــى الرخــاوي: الانحراف الجنسي:  إعادة قراءة مصطلح قديم، http://www.arabpsynet.com/Archives/OP/OP.Rak.SexualDisorder1.htm  يوم التحميل 05/01/2008  على الساعة 15.25.

[8]: مرسي عبد الواحد إمام: الشذوذ الجنسي وجرائم القتل، توزيع دار المعارف، القاهرة، مصر، ط1، سنة 1995، ص 17.

[9]: مقال حول الدعارة: 

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%A9  يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة 13.35.

[10]: فساد الأخلاق ( الدعارة ) في الوطن العربي: http://www.ibtesama.com/vb/showthread-t_28420.html  يوم التحميل 20/12/2007، على الساعة 17.30. على الساعة 13.54.

[11]: محمد الصالحي: السياحة والدعارة في اليمن http://www.marebpress.net/narticle.php?sid=375  يوم التحميل 06/01/2008، على الساعة 09.30.

[12]: حسين أحمد: الدعارة – أسبابها وتداعياتها،  http://www.ajrasdirik.com/Alda3ara.htm   يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة 13.45.

 [13]: حسين أحمد: الدعارة – أسبابها وتداعياتها،  http://www.ajrasdirik.com/Alda3ara.htm   يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة 13.45

[14]: عبد الرحمن الماجدي: الدعارة في الدول العربية.. التجارة الخفية، http://arabic.! rnw.nl/currentaffairs/dara   يوم التحميل 17/10/2007، على الساعة 13.50.

[15]: دعارة: 

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%A9  يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة 13.35.

[16]: تجارة الجنس في اليمن سببها الفقر، يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة 14.10. http://www.lahaonline.com/index.php?option=content&sectionid=1&id=9812&task=view .

[17]: عبد الرحمن الماجدي: الدعارة في الدول العربية.. التجارة الخفية، http://arabic.! rnw.nl/currentaffairs/dara   يوم التحميل 17/10/2007، على الساعة 13.50.

[18]: مع ارتفاع معدلات الفقر وتراجع الإرهاب: ظاهرة الدعارة تتفشى في الجزائر، مجلة العلوم الاجتماعية http://swmsa.com/modules.php?name=News&file=article&sid=694  يوم التحميل 15/11/2008 على الساعة 16.30.   

[19]: بلقاسم حوام: عالم الشغل يستغل 1.8 مليون طفل في الجزائر،  http://www.amanjordan.org/a-news  يوم التحميل 15/11/2007  على الساعة 17.55.

[20]: شبكات الدعارة في الجزائر وملهى قصر الحمراء: الشروق اليومي، السبت 29 ديسمبر 2007، العدد 2184.

[21]: مع ارتفاع معدلات الفقر وتراجع الإرهاب: ظاهرة الدعارة تتفشى في الجزائر، مجلة العلوم الاجتماعية http://swmsa.com/modules.php?name=News&file=article&sid=694  يوم التحميل 15/11/2008 على الساعة 16.30.   

[22]: سعد العبد الله:مشكلة جيل يورث الفقر،  http://childhood.gov.sa/vb/showthread.php?t=1636  يوم التحميل 05/01/2008، على الساعة 14.30.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25 شباط/2008 - 17/صفر/1429