الاقتصاد العراقي: تقدُم في التقارير وتقهقُر على الأرض

شبكة النبأ: رغم عدم وجود مؤشرات على الارض توحي بتطور اقتصادي في العراق يحسّن الظروف المعيشية للمواطن ويسد النقص الحاد في الخدمات إلا ان التقرير المرتقب لممثل الامين العام للامم المتحدة وكذلك صندوق النقد الدولي بخصوص النمو الاقتصادي في العراق يظهر تقدما ايجابيا ملحوظا.  

وقال محسن خان مدير قسم الشرق الاوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي انه يتوقع ان ينمو الناتج المحلي الاجمالي في العراق بنسبة 7% في عام 2008، وان يستمر النمو بنسبة 7 او 8% عام 2009.

غير ان خان اوضح في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن، ان هذا بالطبع يتوقف على التوسع في انتاج النفط، والتحسن في الوضع الامني.

واوضح خان انه يتوقع ان يزداد انتاج النفط، الذي يمثل نحو 70% من دخل العراق، بـ 20 ألف برميل يوميا على الاقل خلال عام 2008. بحسب رويترز.

وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فان متوسط انتاج العراق من النفط بلغ نحو مليوني برميل يوميا خلال الفترة من 2006 الى 2007.

واشار خان الى ان تحسن الوضع الامني في العراق في النصف الثاني من عام 2007 أدى الى ارتفاع النشاط الاقتصادي. كما أشار الى زيادة انتاج النفط خلال الربع الاخير من عام 2007، وهو اتجاه يتوقع استمراره عام 2008.

مبعوث الأمم المتحدة: صورة افضل

ومن جانب آخر قال مبعوث الامم المتحدة الى العراق ستيفان دو ميستورا انه سيقدم صورة ايجابية عن التقدم في العراق في تقريره لمجلس الامن.

واضاف في مقابلة مع وكالة رويترز، كنا في بداية عام 2007 حقيقة قلقين بسبب ضعف التقدم على صعيد الحوار الوطني، اما الآن فقد تغير الوضع بشكل جوهري. واضاف انه سيشيد في تقريره بجهود الحكومة العراقية في دعم المصالحة السياسية.

ويقول مراسل بي بي سي في بغداد جوني دياموند ان التصريحات الصادرة عن مسؤولي الامم المتحدة وصندوق النقد بشأن العراق تعكس ما يعتبر، بمقاييس العراق، تحسنا في الوضع.

ويضيف المراسل ان صدور قانون يسمح لبعض مسؤولي حزب البعث السابقين بالعمل في الجيش وفي ادارات الدولة ساهم في التفاؤل بشأن الوضع في العراق.

وكان صندوق النقد وافق على منح العراق تسهيلات ائتمانية بنحو 744 مليون دولار في 19 ديسمبر/كانون الاول 2007، وذلك بعد اسبوع من قيام العراق بسداد ديون بقيمة 471 مليون دولار قبل موعد استحقاقها.

ويرجع تحسن قدرة العراق على السداد الى زيادة اسعار النفط بحيث بلغت ايرادات العراق من النفط عام 2007 نحو 27 مليار دولار مقابل 20 مليار دولار في عام 2006.

واشاد خان بالتقدم الاقتصادي الذي حققه العراق في الفترة الاخيرة، والذي شمل تقوية دور البنك المركزي، واعادة هيكلة بنكين مملوكين للدولة، وتخفيض التضخم الذي بلغ 65% عام 2006.

واوضح خان ان مؤشر الاسعار في العراق اظهر زيادتها بنحو 4% فقط خلال الفترة من يناير الى نوفمبر 2006. الا انه شدد على حاجة العراق للدعم الدولي، خاصة في مجال الامن.

مهدي الحافظ يحذر من"محنة" يمر بها الاقتصاد العراقي 

من جهة اخرى حذر وزير التخطيط العراقي السابق مهدي الحافظ من ما وصفه بـ"المحنة" التي يمر بها الاقتصاد العراقي واستمرار الأعباء المالية مع عدم تأمين ادارة سليمة للفائض النقدي المتراكم بما ينسجم مع حاجات المرحلة وأهداف التنمية الوطنية الشاملة.

وقال الحافظ، الذي يشغل منصب عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، في دراسة موسعة نشرتها صحيفة (الغد) الاردنية إن، العراق يمتلك اليوم احتياطيا نقديا يفوق 20 بليون دولار ما عزز قيمة الدينار العراقي وقوته الشرائية ازاء العملات الأخرى، كما يتوفر رصيد كبير في صندوق التنمية العراقي بما يزيد على 10 بلايين دولار. مضيفا أن ذلك يتطلب اعتماد رؤية استراتيجية مدروسة وبرامج عملية ومجدية اقتصاديا تستهدف أولا المحافظة على الموارد الوطنية وتنويعها بما يضمن توفير مصادر دخل موثوقة، وثانيا اعادة النظر بالهيكل الانفاقي لموازنة الدولة وترشيد الانفاق بما يكفل تعزيز الطابع الانتاجي والاستثماري وتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص عمل منتجة للمواطنين.

وأوضح الحافظ في دراسته انه لابد من تشخيص مواطن الضعف في السياسات المتبعة والاداء الاقتصادي للدولة توخيا لتجاوز التركات المتراكة وإصلاح مظاهر الخلل بما يخدم اهداف المرحلة الراهنة وأولوياتها الانمائية وتحقيق الاصلاحات الهيكلية المطلوبة. بحسب اصوات العراق.

وقدم الحافظ في هذا السياق عددا من الملاحظات اولها، اعتماد الموازنة العامة على مورد العائدات النفطية بصورة رئيسية وتبلغ اكثر من 85% من مجموع مصادر تمويلها، كما جاء في تقديرات الموازنة ذاتها للسنة القادمة، وهي حالة شاذة تعكس الطابع الريعي والمشوه والمتخلف للهيكل الاقتصادي.. فضلا عن انها تثير قلقا متزايدا على مستقبل الاقتصاد فيما لو يتعرض لمخاطر خارجة عن ارادة البلد كاحتمالات التغيير في اسعار النفط العالمية لأي سبب كان والتهديدات الأمنية التي قد تطال الصناعة النفطية.

وأشار عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب إلى قلة الموارد الضريبية بشكليها المباشر وغير المباشر، وهذه علامة مميزة للنماذج الاقتصادية البالية؛ الا ان امكانية واعدة قد توفر الآن لمصدر جديد من خلال العائد الناجم عن ضريبة خدمة الهاتف النقال، اما دخل الدولة من الرسوم (التعرفة) الكمركية فليس له شأن يذكر.. اذ ان الدولة عجزت عن تطبيق ضريبة اعادة الاعمار المقررة رسميا منذ فترة والبالغة نسبة 10% على الاستيرادات ما ألحق ضررا بلوحة الموارد المالية للدولة.

وتابع الحافظ، شيوع ظاهرة الترهل والبطالة المقنعة في الجهازالحكومي وضعف كفاءته.. فضلا عن تنامي حالة الفساد والهدر وتبديد الموارد تحت عناوين عديدة بمعزل عن رقابة جدية وضوابط صارمة، بالاضافة إلى ذلك ليس من المبرر اقتصاديا وشعبيا الاستمرار في رصد موارد غير قليلة لأغراض معينة كفقرة المنافع الاجتماعية لتخصيصات مفتوحة لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب وجهات رسمية اخرى والتي تفتقر لتعريف وضوابط وشروط واضحة مما يثقل لوحة الانفاق العام بأعباء جديدة كما يثير الشك في جدوى وسلامة هذه المجالات.

وذكر في دراسته انه طمن الضروري التوقف بدقة عند النفقات المتمثلة بالموازنة الاستثمارية فهذا الامر الآخر بحاجة إلى وقفة وإعادة تقييم في ضوء الظروف الراهنة في البلاد وتجربة السنوات الاخيرة، فليس من السهل تفهم المبررات المعطاة لزيادة حصة الموازنة الاستثمارية بحيث اصبحت تنيف عن 13 بليون دولار من مجموع نفقات الموازنة البالغة 48 بليون دولار.

وقال الحافظ إن المنهج المتبع في توزيع التخصيصات الاستثمارية تحت عناوين المشاريع الاستراتيجية وتنمية الاقاليم والمحافظات يؤدي إلى اضعاف الحصيلة الاجمالية وفقا لاستراتيجية التنمية الوطنية المقرة رسميا، وهو اتجاه يعكس نظرة سياسية تجزيئية ناجمة عن دوافع جهوية ضيقة وذات اهتمامات ذاتية مناطقية غير مبررة من شأنها ان تعود بالضرر على التوجه الانمائي المشترك.

وأضاف، دفع التعويضات المرتبطة بما يسمى بحرب الكويت كما هو وارد في مشروع الموازنة لسنة 2008 ويقدر المبلغ الواجب دفعه في السنة القادمة ما يقرب من 2 مليار دولار اي ما يساوي 5% من عوائد الصادرات النفطية لهذه السنة كما تفرضه قرارات مجلس الامن الدولي ويتعين على العراق بموجب هذه القرارات ان يستمر في السنوات القادمة في دفع هذه النسبة بصرف النظر عن حجم الصادرات النفطية بما يؤمن تسوية قيمة الطلبات المتبقية والبالغة حوالي 30 مليار دولار، بعد ان قام العراق خلال السنين الماضية بدفع حوالي 23 مليار دولار لحد الآن والمعروف ان هذه المبالغ الضخمة الواجب دفعها فرضتها قرارات اللجنة الدولية للتعويضات التابعة لمجلس الأمن التي تأسست عام 1991 للنظر في الطلبات والادعاءات المترتبة على حرب الخليج الاولى آنذاك (حرب غزو الكويت والتدخل الدولي الذي اعقبها). وتعود هذه الطلبات لجهات رسمية وغير رسمية من الكويت ودول الخليج وبعض الدول العربية سواها، وبالاضافة إلى ذلك يتحمل العراق تكاليف سكرتارية صندوق التعويضات من رواتب ومخصصات ونفقات ادارية وهي تمارس اعمالها من جنيف في سويسرا إلى حين الانتهاء من دفع المبالغ كاملة.

كُتل سياسية تهدد بعدم المصادقة على الميزانية 

وانتقد عبد الهادي الحساني عضو مجلس النواب عن الائتلاف العراقي الموحد ميزانية 2008 مؤكدا انها لم تعالج  البطالة والفقر في العراق.

وقال الحساني، لوكالة (اصوات العراق) ان ميزانية 2008 لم تشر الى زيادة رواتب المدرسين والمهندسين. واصفا هذه الميزانية بانها تفتقر للطموح الاستثماري.

وأضاف أن  الميزانية لم تكن بمستوى الطموح الاستثماري خاصة في المجال النفطي. وينتمي الحساني الى حزب الدعوة( تنظيم العراق) احد تشكيلات الائتلاف العراقي الموحد الذي يملك 83 مقعدا من مقاعد مجلس النواب البالغة 275  مقعدا.

من جانبه أشار حيدر الملا عضو جبهة الحوار الوطني إلى أن ميزانية 2008 جاءت لتفكيك الدولة العراقية  مؤكدا ان هذه الميزانية لم تات لتوحيد اللحمة العراقية.

واضاف الملا، ان الميزانية  الاستثمارية التي تقدر بـ13 مليار دولار وزعت على اساس التعداد السكاني وهذا خطأ ويجب ان توزع الميزانية الاستثمارية على اساس وجود  المشروع وليس على اساس عدد السكان.

وانتقد الملا تخصيص مبلغ 55 مليون دولار للهيئات الرئاسية الثلاث (الجمهورية – الوزراء – مجلس النواب) وقال الملا،  لو عرضت الميزانية للتصويت بهذا الشكل سوف نرفضها لن نصوت عليها.

من جهته طالب نصار الربيعي عضو مجلس النواب عن التيار الصدري بزيادة رواتب المعلمين والمدرسين والغاء التمويل الذاتي للمؤسسات التابعة لوزارة الصناعة.

وأوضح الربيعي، ان التيار الصدري يطالب بزيادة رواتب المعلمين والمدرسين ، داعيا الى توزيع الثروة وفق عدد السكان وطبقا للمحرومية التي تعاني منها المحافظات الاكثر محرومية.

وطالب الربيعي بتقديم الحسابات الختامية لمؤسسات الدولة ، مشيرا إلى أن سبب الفساد الاداري في العراق هوعدم تقديم الحسابات الختماية مبكرا مهددا بعدم التصويت على الميزانية اذا لم يتم الاخذ بهذه المقترحات. ويشغل التيار الصدري 30 مقعدا من مقاعد مجلس النواب.

جابر خليفة عضو حزب الفضيلة الاسلامي اوضح أن حزبه يتحفظ حول المبالغ الختامية لميزانية 2007 . وقال) إنه، يجب ان يتم الاطلاع على المبالغ الختامية لعام 2007 والكشف عن فروقات اسعار النفط نتيجة زيادة اسعار النفط في الاسواق العالمية.

وأضاف أن الميزانية لم تستند على الجانب الانساني من حيث توفير فرص العمل وزيادة رواتب الموظفين مؤكدا ان حزب الفضيلة الاسلامي لن يصوت على الميزانية في حال عدم الاخذ بنظر الاعتبار هذه الملاحظات. وينتمي جابر الى حزب الفضيلة الاسلامي الذي يشغل 15 مقعدا من مقاعد مجلس النواب.

واشار اسامة النجيفي عضو القائمة العراقية الى بعض السلبيات في الموزانة . واوضح النجيفي ان ميزانية 2008 لم ترفق بالبيانات الختامية للسنوات السابقة واهملت ضمان البطاقة التموينية لسنة كاملة وانما ضمنت انسياب البطاقة التموينية لستة اشهر فقط.

واضاف انه لا يوجد وضوح في استراتيجية تمويل شركات التمويل الذاتي ، منتقدا نسبة اقليم كردستان الموضوعة في الميزانية والتي تبلغ 17% مؤكدا ان هذه النسبة كبيرة وان نسبة اقليم كردستان يجب ان تكون 13 % على ابعد تقدير.

وقال، نحن نعترض على مخصصات البيشمركة ويجب ان تصرف مخصصاتهم من مخصصات الاقليم وليس من النفقات السيادية. وهدد النجيفي بان القائمة العراقية لن تصوت لصالح الميزانية اذا لم تجر عليها هذه التعديلات.

وطالب فرياد راوندوزي عضو التحالف الكردستاني ببقاء نسبة 17% الممنوحة لاقليم  كردستان رافضا اي تخفيض لهذه النسبة.

وقال راوندوزي انه من ضمن المشاكل بين الاكراد وبين الكتل البرلمانية الاخرى هو النسبة المقررة لاقليم كردستان، موضحا ان هناك اطرافا ترفض نسبة 17% لحكومة اقليم كردستان وتطالب بـ13% . وانتقد الاطراف التي تطالب بتخفيض هذه النسبة لتكون 13%.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7 شباط/2008 - 29/محرم/1429