التحالفات الجديدة: آمال في كسر جمود المشهد السياسي في العراق

شبكة النبأ: أخذت التحالفات السياسية الجديدة بعدا سياسيا بهدف اخراجها من الأطر الطائفية والقومية وتقليل التوتر في الشارع العراقي الذي مازال ينتظر مدى جديتها، في الوقت الذي يتخوف الكثيرين من ان تكون هذه التحالفات مجرد خطابات وشعارات يلتقي عندها السياسيون.

ويتساءل الكثير من المراقبين عما إذ كان هذا الحراك المتمثل بتشكيل التكتلات الجديدة يعكس رغبة حقيقية لدى أصحابها  للخروج من الأطر الضيقة و تؤدي في النهاية  إلى رسم خارطة سياسية جديدة تحقق بالنتيجة رغبات المواطن.

 فقد اعتبر فؤاد معصوم رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان أن التحالفات الجديدة ساهمت بتقويم العملية السياسية برمتها وأعطتها دفعة أضافية بالنجاح وستكون خير ممثلة للقاعدة الجماهيرية الواسعة.

وأوضح معصوم لوكالة (أصوات العراق) أن هذه التحالفات جاءت مبنية على أسس وقناعات تهدف الى أخراج العراق من ازمتة التي يمر بها، فهي ليست مبنية على مواقف معينة.

وأضاف، اعتقد أن مستقبل هذه التحالفات سيكون أكثر وضوحاً واشراقاً من خلال الشعور بالمسؤولية التاريخية وانجاز مهام تجعل من المواطن يطمئن لحكومته. مبينا أن العراقيين يتطلعون لتحالفات قوية تساهم في قيادة البلاد نحو الأمان والاستقرار.

واستدرك، نشهد حالياً مظاهر جديدة لاتستند الى روابط حقيقية ومشتركات عدة، إنما هي مجرد مواقف قد تنجلي وتتبدل في كل وقت ووفقا للمصالح السياسية للأحزاب والحركات التي تتبناها. داعيا جميع الكتل السياسية المشتركة في الحكومة الى الخروج من مااسماه "التعنصر الطائفي" والوقوف جنبا الى جنب لخدمة مصالح البلاد.

فيما رأى حميد مجيد موسى عضو البرلمان عن القائمة العراقية أن هذه التحالفات لابد لها أن تنعكس على مجمل العملية السياسية وسيكون هناك ازدهاراً وتقدما يعقبها.

 وقال موسى، نحن نعتقد أن الامر سيكون ايجابيا مع وجود هذه التحالفات اذا ما اتسمت بالجدية والوضوح. مشيرا الى أن الحكومة باتت تتقدم خطوات نحو الأمن والاستقرار، ومن الطبيعي أن تشهد الساحة السياسية إعادة اصطفافات بين القوى السياسية.

 وأضاف، ان التحالفات التي قامت على أسس طائفية لم تعد مقبولة لدى الشارع العراقي، ولابد من تحالفات وائتلافات جديدة تعتمد البرامج والتوجهات والاهداف التي يسعى إليها الشعب العراقي من خلال أعادة الأمن والأعمار وترسيخ المؤسسات الديمقراطية.

 وعن رؤيته لمستقبل العملية السياسية مع وجود هذه التحالفات قال موسى، هناك حراك داخل الحكومة يسعى إلى تثبيت مسالة القيادة الجماعية للبلاد ويسعى ايظا إلى إزالة مخاوف جميع الكتل السياسية التي تعاني من التهميش وضعف المشاركة في صنع القرار وهذا شي مطمئن جدا.

وقال، اعتقد ان جميع التحالفات لازالت محاولات لتشكيل جبهات قائمة على رؤى وأهداف واحدة. مبينا أن الوقت الحاضر يستدعي  من جميع الأحزاب نمط  جديد في التفكير يتسم ببعد النظر والواقعية والتعالي عن المصالح الضيقة واعتماد الأسلوب الديمقراطي بعيدا عن العنف والإكراه.

ورجح النائب عن القائمة العراقية ان يشهد المستقبل نشوء تحالفات جديدة مبنية على أسس سليمة، مشيرا الى ان ذلك يتطلب وقتا كبيرا حتى تنجح التجربة.

 من جانبه اعتبر رشيد العزاوي، عضو جبهة التوافق أن ماتم الإعلان عنه من تحالفات لازال في أطار التكوين والنشأة، مشيراً الى أن  جبهة  التوافق تتطلع في أن تساهم هذه التحالفات في إعادة رسم الخارطة السياسية من جديد وفق سياقات تخرجها من التخندق الطائفي .

وأوضح أن التحالفات السياسية التي بات الشارع العراقي يشهدها ستفرز كتل متقاربة في الأفكار والرؤى السياسية دون أن تعتمد ما كانت عليه سابقاً من طائفية وعرقية.

 وقال العزاوي إن كل حزب سياسي له الحق في تشكيل تحالف مع مجموعة أحزاب أخرى شريطة أن يكون مطابقا لبنود الدستور، وان يكون التحالف لتطوير المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية وسد الثغرات التي من الممكن أن ينفذ خلالها أعداء الشعب والبلاد.

واعتبر ان الغرض من هذه التحالفات هو أيجاد  آلية لتأمين التواصل ما بين الأحزاب وعامة الناس بغية معالجة الخلافات وهو ما يؤدي بالنتيجة الى تعزيز الوحدة الوطنية.

من جهته، قال النائب حميد معلة عن الائتلاف العراقي الموحد إن ظهور تحالفات سياسية جديدة حالة طبيعية لبلد مثل العراق  يعيش الديمقراطية والتنوع الفكري بعد أن كان ولعقود طويلة محروما من كل ذلك.

وأضاف معلة، التحالفات نتاج طبيعي للحياة السياسية، لكن الأهم من كل ذلك ان تساهم هذه التحالفات في إنجاح ودعم العملية السياسية وليس أضعافها.

وكان رئيس الجمهورية جلال الطالباني أعلن في وقت سابق عن توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين كل من الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه الطالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان، والحزب الإسلامي العراقي الذي يرأسه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.

وسبق هذا التحالف  ظهور تكتل رباعي في منتصف آب أغسطس الماضي بين الأكراد وحزبين شيعيين رئيسيين هما المجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة عبد العزيز الحكيم، وحزب الدعوة الإسلامية الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي.

 لكن عزة الشابندر عضو البرلمان عن القائمة العراقية اعتبر جميع التحالفات التي أبرمت بين القوى السياسية "تحالفات اختزالية" انعكست سلبا على الواقع العراقي ولا تستطيع أن تصل بالعراق إلى بر النجاح.

وقال الشابندر إن التحالف الرباعي نشأ  بصفته تحالفاً اختزالياً، ساهم بإخراج أحزاب ذات ثقل كبير من كتل كبيرة كانت تنتمي لها. مشيرا الى أن الحسنة الوحيدة التي أنتجتها هذه التحالفات هي حقيقة أن الأواصر العرقية والطائفية أواصر غير حقيقية وقد آن الأوان لتشكيل تحالفات على أسس وطنية ومصالح سياسية.

وحول التحالف الجديد الذي أعلن عنه خلف العليان رئيس مجلس الحوار الوطني أحد مكونات جبهة التوافق (السنية) مع القائمة العراقية، قال الشابندر ما أعلنه العليان لايرقى إلى أن يكون تحالف سياسي في الوقت الحاضر انما مجرد تفاهمات جرت بين مجموعة من الكتل وفق مبادئ وأسس تم التفاهم بشأنها بين الموقعين.

وتابع، لا أستبعد أن  يتم إعلان هذا الاتفاق ككتله برلمانية داخل البرلمان مستقبلا وسيكون لها ثقلها ومشاركتها الواسعة في صنع القرار السياسي.

ومضى يقول، نريد تحالفات تكسر الجمود في  المشهد السياسي وتنقل البلد إلى حالة الاستقرار ومن ثم معالجة ملفات بالغة الأهمية، منها ملف إنهاء الوجود الأجنبي وتعديل الدستور وتقليل تأثير الطابع الطائفي والقومي الذي ساد في مفاصل الحكومة ومجلس النواب.

الى ذلك اوضح قيادي في حزب الفضيلة الاسلامي،  أن قيادة الحزب طلبت من الرئيس جلال الطالباني ونائبه طارق الهاشمي توسيع التحالف الثلاثي ليشمل اغلب القوى السياسية كحزب الفضيلة والتيار الصدري والقائمة العراقية ومجلس لحوار الوطني وقائمة الدكتور صالح المطلك لاقامة معادلة سياسية جديدة.

واوضح النائب حسن الشمري أن حزب الفضيلة اجرى لقاءين الاول مع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي باعتباره الامين العام للحزب الاسلامي وطرف في التحالف الثلاثي، والثاني مع الرئيس جلال الطالباني كطرف ايضا في التحالف الثلاثي، ودار الحديث فيهما الحديث حول تحريك العملية السياسية واعادة اصلاح الوضع السياسي الحالي من خلال اجراء التعديل الحكومي واعادة صياغة الحكومة من جديد.

واضاف، بينا وجهة نظرنا حول التحالف الرباعي سابقا انه لم يثبت جدواه واعتماد التحالف الثلاثي كمعادلة في اصلاح الوضع السياسي ايضا لن يثبت جدواه بسبب أن هذه المعادلة تعتمد على تمثيل اغلبية القوى السياسية وليس تمثيل مكونات الشعب.

من جانب آخر فقد اعتبر حسين حافظ، استاذ  العلوم السياسية أن كثرة  التحالفات التي تحصل الان دليل على التخبط السياسي الذي عاشته الكتل السياسية منذ سقوط النظام السابق وحتى  الان والهدف الحقيقي من وراءها هو تحقيق مصالح ذاتية.

 وقال حافظ  إن الشعب العراقي اعتاد منذ سقوط النظام السابق ولحد الان على نوع من الممارسات السياسية التي لا تشابه ادنى الديمقراطيات  اقامتها التكتلات غير الموجهة استراتيجا وبالتالي انعكست سلبا  على اداء الدولة  العراقية عبر المراحل اللاحقة  من سقط النظام ولحد الان.

واضاف، لقد تحمل الشعب العراقي الكثير من  الماسي من جراء تلك الاصطفافات الخاطئة والغريبة على العرف السياسي، والغريب بالامر ان نجد التضادات السياسية قد تحولت الى توافقات  دون اسباب منطقية.

وابدى حافظ استغرابه من انضام الحزب الاسلامي للتحالف الثلاثي مع الاكراد، دون وجود ادنى رؤى سياسية واضحة.

وتساءل، ما الذي جرى لماذا لم ينضم للتحالف الرباعي والذي حدث قبل فترة ليختار الانضمام للتحالف الثلاثي.

وعن الاهداف الحقيقة التي تقف وراء كثرة التحالفات قال إن الهدف الحقيقي وراء هذه التحالفات هو تحقيق مصالح نفعية لا تصب الا بخدمة الذات الخاصة بالحزب او الكتلة .

واعتبر الدكتور حميد فاضل استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد هذه التحالفات بأنها تعبر عن حراك سياسي في أطار العملية السياسية لكنة عاب عليها أنها لازالت محكومة باطراف العملية السياسية نفسها.

وقال  إن هذه التحالفات ليست تحالفات في المواقف والقرارات التي يتم تشريعها داخل مجلس النواب بل هي لاتعدو أن تكون نوع من التهويل الإعلامي.

وتساءل عن جدوى تحالف بين طرف يمثل جزءا كبيرا من الحكومة وهو الطرف الكردي وطرف يمثل معارضة في اغلب مواقفه وهو الحزب الإسلامي.

وقال، اعتقد أن ذلك  لا يعدو غير كونه محاولة لإرسال رسائل سياسية لأطراف تشترك في الحكومة مفادها بأننا موجودون ونستطيع أن نكون كتل كبيرة تهدد مستقبل الحكومة.

وأضاف، هذه التحالفات لن تكون فعالة ألا متى قامت على أسس سليمة... ماموجود حاليا اغلبها تحالفات بدوافع أنية وليس استراتيحية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 6 شباط/2008 - 28/محرم/1429