تجربة الـ"عشرة امبير" في العراق تمييز طبقي ام حاجة ملحّة

شبكة النبأ: جراء الحاجة الملحّة للكهرباء شقّت مؤخرا فكرة تبلورت منذ العام الماضي طريقها على الارض لغرض ترشيد استهلاك الكهرباء وسد النقص الحاد فيها، وتتلخص هذه التجربة في منح المناطق السكنية 10 امبير لكل وحدة سكنية لغرض الترشيد بالطاقة، ولكن آراء المواطنين تفاوتت في ردود الفعل بين مستهجن ومستحسن ويائس.

واختلف مواطنون من العاصمة بغداد، في طريقة تقييمهم لتجربة وزارة الكهرباء المسماة (عشرة امبير) التي تنفذ في اغلب مناطق الرصافة وبعض مناطق الكرخ حاليا، ففيما وصفها البعض بانها قمة التمييز الطبقي بين المواطنين، رأى البعض انها تجربة جيدة جدا اذا ما رافقتها الرقابة الصارمة لمنع التجاوزات، في حين قال اخرون انها لا تصلح للتطبيق الا في ايام الربيع.

وتجربة الـ(عشرة امبير) هي جزء من الحلول التي اعتمدتها وزارة الكهرباء لمعالجة النقص في تزويد الطاقة الكهربائية لمناطق بغداد، وتتلخص في تزويد كل منزل بطاقة كهربائية تبلغ عشرة امبيرات، مقابل تقليل ساعات القطع المبرمج للتيار الكهربائي.

ويقول الناطق الرسمي في وزارة الكهرباء عزيز الشمري، لوكالة (أصوات العراق) إن التجربة أساسا جاءت لترشيد الاستهلاك وتوفير ما يمكن توفيره من الطاقة بشكل متساو على المواطنين.

ويتابع الشمري، بدأنا تطبيق برنامج العشر امبيرات في ربيع العام الماضي على اغلب مدن الرصافة من بغداد، باستثناء المناطق التي تعتمد الكهرباء الدفن (اندر كراوند) كمدينة جميلة وشارع فلسطين شرقي بغداد، والتجربة مستمرة لمن يرغب فيها من المناطق الاخرى.

ويضيف، يشترط في تنفيذ هذه التجربة ان تكون الشبكة المنتخبة جيدة وتتغذى من مغذ واحد قدر الامكان، وفي حالة وجود اكثر من مغذ للمنطقة، فيصار الى غلق وفتح المغذيات في آن واحد، منعا لعمليات التجاوز من المناطق المجاورة.

البغداديون من جانبهم اختلفوا في تقييمهم للتجربة حسب المناطق، وقال بعضهم انها تجربة جيدة جدا اذا ما كانت هناك رقابة كافية ومؤثرة لتعقب المتجاوزين.

ويقول المواطن اديب العتابي من مدينة حي اور في جانب الرصافة ان التجربة كانت ناجحة جدا في بداياتها، وكنا نحصل على تيار كهربائي يمتد لثلاث ساعات  مقابل ثلاث ساعات اطفاء، بانتظام ولمدة شهرين، وهذا ما جعلنا نقتصد في شراء البنزين، وننسى المولدات مؤقتا. لكنه يستدرك، بمرور الزمن ومع كثرة التجاوزات ووجود شركة تبريد للمواد الغذائية في منطقتنا، بدأت الانقطاعات تتزايد.

ويتابع العتابي، لو طبق هذا المشروع بدون تجاوزات، فانه سيكون ارقى مشروع عملي يفيد المواطن ويقلل الهدر في الكهرباء الوطنية.

ويرى الطالب الجامعي صباح محمد، من مدينة  الحرية الاولى، ان التجربة قابلة للفساد والتجاوز والتلاعب والغش والرشوة، لعدم وجود رقابة صارمة. ويتابع، انت تستطيع ان تعطي رشوة بمبلغ معين، ليمنحك القائمون على توزيع الكهرباء قاطع كهرباء بسعة 20 امبير، او ان تجلب بطاقة تموينية وهمية كي يزيدوا حصتك من عدد الامبيرات.

يشار الى ان البطاقة التموينية الواحدة يعطى لها (عشرة امبير)، وفيما اذا وجدت بطاقة تموينية اخرى في العائلة تعطى امبيرية اكثر.

لكن المهندس شهاب الساعدي من مدينة الشعلة يقول أن من الممكن الاستفادة من عدد الامبيرات اذا ما تم استخدامها بشكل صحيح، ويضيف، نحن اربع عوائل في البيت، والدتي واخواتي، ونحن ثلاث اخوة، حصتنا الان عشرين امبير نوزعها علينا بالتساوي،وهي تكفينا وتزيد.

ويتابع، اتفقنا على وجود سخان واحد للجميع بعد تحويره الى (خمسة امبير) وتوزيع بقية الامبيرات على الاجهزة المختلفة وحسب الحاجة، لدينا اربع ثلاجات كل واحدة تاخذ امبير، واربع تلفزيونات، والتلفزيون والستلايت يحتاج نصف امبير، والانارة تاخذ اقل من ثلاث امبيرات.

يشار الى ان اغلب المواطنين الذي شملوا بتجربة العشرة امبير غيروا (هيتر) سخاناتهم باقل امبيرية ممكنة، كي يتمكنوا من الاستفادة من سخاناتهم الكهربائية.

ويبين الساعدي، منذ اشهر والكهرباء مستقرة، تأتي ساعة وتنطفئ اربع ساعات، وهذا جيد جدا، افضل من اللاشيء. مشيرا الى ان اجور كهرباء العشرة امبير شهريا لا تتعدى الالف دينار (اقل من دولار امريكي).

وعن المشاكل التي ترافق هذه التجربة، يقول محسن توفيق من اهالي منطقة الدورة اذا حصل قطع في الاسلاك فلا يمكن اصلاحه الا بمبالغ مالية مرتفعة، واذا تعطل القاطع الكهربائي فيتم استبداله بمبالغ مالية، اضافة الى الرشاوى التي تدفع لتغيير القواطع الكهربائية العاطلة." مشيرا الى ان هذه القواطع توضع عادة في اماكن مرتفعة، ومن الصعوبة تغييرها اذا ما انطفأت نتيجة السهو في استخدام طاقة كهرباء اكثر من المقرر.

ويرى سعد درويش ( يعمل صحفي في احدى الصحف المحلية) ان هذه التجربة تعتبر من اخطر التجارب في التهميش والاقصاء والتمييز الطبقي، وان تطبيقها يحرم شريحة واسعة من المجتمع من نعمة ( المكيفات والسبلتات والسخانات الكهربائية).

ويضيف درويش،هذه التجربة لا تصلح الا في فصل الربيع نظرا لتحسن الجو وعدم الحاجة الى السخانات واجهزة التبريد، لكنها فاشلة في الشتاء والصيف معا. متسائلا، ماذا يفعل المواطنون في فصل الصيف اذا كانت حتى مبردات الهواء تحتاج اربعة امبيرات للبدء في تشغيلها؟.

فيما اعتبر المواطن فائز عبد الرضا، ان هذه التجربة في ظل  الغياب التام للكهرباء الوطنية عن بعض المناطق، هي (اهون الشرين)، فالعشرة امبير اذا جاءت بمقدار ساعتين يوميا ستكون افضل من الكهرباء الوطنية التي لا تأتي سوى خمس دقائق  في العشرة أيام. مشبها الكهرباء الوطنية بانها تأتي مثل (ترميش) جهاز الموبايل (مسكول).

وعلل الحاج محمد من منطقة البيجية في المنصور، رضاه عن هذه التجربة بلهجة التهكم، في كل الاحوال  العشرة امبير افضل من الصفر امبير، فالكهرباء الوطنية لم تأتينا منذ ثلاثين يوما.

من جانبهم، يرى بعض اصحاب محلات الاجهزة الكهربائية الذين يبيعون الاجهزة ذات الامبيرية العالية كالسبلتات والمكيفات والمدفئات والسخانات، ان التجربة انعكست سلبيا على تجارتهم.

ويضيف احدهم، وهو نعمة كريم، تأثرت مبيعاتنا بشكل كبير بالنسبة للاجهزة ذات الامبيرية العالية، بسبب اقتناع الناس بان تجربة العشرة امبير ستطبق في جميع مناطق العراق. ويتابع قائلا، سنكون مجبرين على استيراد كميات كبيرة من السبلت (نصف طن) الذي يحتاج اقل من خمسة امبيرات لتشغيله، لان هذا هو الحل الوحيد لتعويض خسارتنا والتكيف مع  التجربة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 3 شباط/2008 - 25/محرم/1429