استثمارات دول الخليج الهائلة طوق نجاة للاقتصاد الأمريكي

شبكة النبأ: رغم الآثار التي خلفها مبنى التجارة العالمي وما يرتبط من وراء تفجيره من تداعيات الا ان الاستثمار السعودي في امريكا لم يتاثر الا بنسبة قليلة ومن ثم عاود الصعود ليبلغ مستوى هائل وصل الى 420 مليار دولار.

والحال ايضا في بقية دول الخليج التي ترفد استثماراتها الامريكية والخارجية في اوربا وبعض الدول العربية لتبلغ ارقاما ضخمة حتى ان ضخامة تلك المبالغ التي يجري استثمارها في امريكا اثارت مخاوف البيت العولمي الابيض.

فقد قال تقرير اقتصادي إن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تجاوز عام 2006 نسبة 41.8 مليار دولار، مع نمو سنوي شبه ثابت خلال العقد الأخير بمعدل 28.7 في المائة سنوياً، ويشكل النفط 98 في المائة من الصادرات السعودية.

وقدر التقرير حجم الاستثمارات السعودية الخاصة في الولايات المتحدة بأكثر من 420 مليار دولار، وتبقى الرياض العامل الحاسم في دعم استمرار ربط العملات الخليجية بالدولار رغم تراجعه، فيما تعاني شرائح عدة فيها من القيود الصارمة على تأشيرات الدخول الأمريكية.

وجاء في التقرير الذي أعده المصرف السعودي البريطاني ساب، غداة زيارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش إلى المنطقة، أن الولايات المتحدة تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للسعودية منذ 47 عاماً، وسوقها الرئيسي في الشرق الأوسط.

وذكر التقرير أن مستوى الصادرات الأمريكية إلى السعودية لم يعرف تراجعاً خلال الأعوام الـ17 الأخيرة سوى في العام 2002، إثر الصدمة التي أصابت التجارة العالمية بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وخلال الفترة التي انتشرت فيها الدعوات الشعبية العربية لمقاطعة المنتجات الأمريكية.

ورجح التقرير أن تسجل الصادرات الأمريكية إلى المملكة خلال العام 2007 رقماً قياسياً في تاريخ العلاقات بين البلدين، مع بلوغها 10.9 مليارات دولار. وفقا لـ CNN.

غير أن المصرف، لفت إلى ظهور منافسة شرسة في السوق السعودية بين المنتجات الغربية والصينية، مما يشكل تحدياً للولايات المتحدة، ففي العام 1990، لم يتجاوز حجم الصادرات الصينية إلى المملكة 1.8 في المائة من إجمالي الصادرات، بينما ارتفعت الحصة عام 2006 إلى 8.5 في المائة.

أما المساهمات الاستثمارية، فما تزال صدارتها بين يدي الولايات المتحدة، مع 4.9 مليارات دولار، مع توقع ارتفاعها خلال العام الجاري بموازاة إقبال الشركات الأمريكية على مشاريع جديدة في المملكة.

ووفقاً لما نقله التقرير عن شركة أرامكو، فإن 19.2 في المائة من إجمالي النفط الذي تنتجه السعودية يخصص للسوق الأمريكية، بمعدل يتجاوز 2.3 مليون برميل يومياً، ويشكل النفط 98 في المائة من الصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة.

وعلى المستوى الاستثماري، وقال التقرير إن الطفرة النفطية الحالية لم تؤدي إلى نقل الاستثمارات السعودية إلى الولايات المتحدة سوى بصورة جزئية، وذلك بخلاف ما كان الحال عليه في الطفرة الأولى، فمع وجود 1.25 ترليون دولار كاستثمارات سعودية خاصة في الخارج، لم تتجاوز حصة أمريكا منها 420 مليار دولار.

ولفت إلى أن تأثيرات أحداث 11 سبتمبر/أيلول والأوضاع التي سادت العالم بعدها ومشكلة حصول السعوديين على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة ساعدت على تراجع جاذبية تلك السوق كوجهة استثمارية، لتصب الأموال في مشاريع بأوروبا والشرق الأوسط وآسيا بصورة محدودة.

وكانت حصة أمريكا من الاستثمارات السعودية الخاصة تبلغ 50 في المائة قبل العام 2001، وتراجعت بعده إلى 35 في المائة، على أن الرياض مسؤولة بصورة أساسية عن استمرار ربط عملات الخليج بالدولار رغم تراجعه، مما يدل على عمق العلاقات المتبادلة.

وعلى المستوى العسكري، ذكر التقرير أن الرياض تبقى الزبون الأول للأسلحة الأمريكية في العالم، وتشكل الدبابات الأمريكية 73 في المائة من إجمالي سلاح المدرعات السعودي، فيما خرجت جميع المروحيات التي اشترتها الرياض بعد حرب الخليج الأولى وكذلك قطع عديدة في الأسطول البحري من مصانع أمريكية.

أما بالنسبة لسلاح الجو، فقد كانت نسبة اعتماده على الطائرات الأمريكية قبل صفقة تايفون 60 في المائة، لكن صفقة التسلح الجديدة، التي قد تفوق قيمتها 20 مليار دولار، ستشكل علامة فارقة في تاريخ هذه العلاقة.

الاستثمارات الخليجية تثير مخاوف الغرب

ويقدر معهد التمويل الدولي ـ ومقره واشنطن ـ ان حجم الاصول الاجنبية لدول مجلس التعاون الخليجي قد يتجاوز ألفي مليار دولار بنهاية العام الجاري.

وبوصول الناتج المحلي الاجمالي لدول المجلس الست الى 900 مليار دولار العام الماضي، يصبح حجم الموجودات الخارجية لها اكثر من ضعفه.

وتعود التدفقات الاستثمارية الخليجية الكبيرة الى زيادة الفوائض النقدية نتيجة ارتفاع اسعار النفط وتغير الاستراتيجية الاستثمارية لدول مجلس التعاون الخليجي. وساعدت عائدات النفط في ضبط حسابات دول الخليج اولا ثم التوجه الى الخارج.

يقول الاستشاري الاقتصادي د. محمد العسومي: بعد سد عجز الميزانيات الخليجية وتسديد الديون، تتجه الفوائض النفطية الى بناء احتياطيات قوية لتلك الدول وتدعيم الصناديق السيادية التي تدير استثمارات كبيرة لدول المجلس.

وكانت دراسة سابقة للمعهد ذكرت ان حجم التدفقات المالية من دول الخليج الى الخارج تجاوزت نصف تريليون دولار في السنوات الخمس الاخيرة (دون العام الماضي).

وتم ضخ اكثر من نصف تلك الاستثمارات في الاقتصاد الامريكي عبر عمليات استحواذ واستثمار في الولايات المتحدة الامريكية والاصول المقومة بالدولار.

وذهب نحو خمس تلك التدفقات الى الاقتصادات الاوروبية او الاصول المقومة باليورو، بينما نصيب الاستثمارات الخليجية في العالم العربي من حجم التدفقات خلال الخمس سنوات فقد زاد قليلا عن عشرة في المئة، وذهبت البقية لدول اخرى اكثرها في اسيا.

اقتصادات الخليج انتعشت بارتفاع اسعار النفط

واشارت دراسة معهد التمويل الدولي الى ان الاستثمارات الخارجية الخليجية اخذت في التنوع في السنوات الاخيرة، بدلا من تركيزها في الاسهم والسندات والاصول العقارية، لتدخل في اصول الشركات وتمويل المشروعات والمساهمة في صناديق الاستثمار المغلقة وصناديق التحوط وعمليات الشراء والاستحواذ على الشركات الكبرى.

وحسب الدراسة فان التدفقات الاستثمارية الخليجية الى العالم العربي، باستثناء داخل مجلس التعاون الخليجي، في تلك الفترة (2002 الى 2006) بلغت نحو 60 مليار دولار ذهب اغلبها الى المغرب والاردن ومصر.

وبوصول الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس الست إلى 900 مليار دولار العام الماضي، يصبح حجم الموجودات الخارجية لها أكثر من ضعفه، وتعود التدفقات الاستثمارية الخليجية الكبيرة إلى زيادة الفوائض النقدية نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتغير الاستراتيجية الاستثمارية لدول مجلس التعاون الخليجي. وساعدت عائدات النفط على ضبط حسابات دول الخليج أولا ثم التوجه إلى الخارج.

تريليون دولار عائدات دول الخليج من النفط بحلول 2022

ورجح تقرير حديث بأن تتجاوز إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي ستة تريليونات دولار من صادرات النفط بحلول عام 2022، وأن كيفية استثمار هذا المبلغ قد يكون لها تداعيات مالية وسياسية يستمر أثرها عشرات السنين.

وقال معهد ماكينزي العالمي إن دخل دول المجلس الست من تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل سيبلغ 6.2 تريليون دولار خلال الـ 14 عاما المقبلة أي ثلاثة أمثال ما حصلت عليه في 14 عاما مضت. وأضاف التقرير أنه بسعر 100 دولار للبرميل ستصل الإيرادات إلى تسعة تريليونات دولار، بينما ستبلغ 4.7 تريليون دولار إذا انخفضت الأسعار إلى 50 دولارا للبرميل.

وكانت أسعار النفط قد سجلت مستوى قياسيا أعلى من 100 دولار للبرميل في أوائل كانون الثاني (يناير) الجاري قبل أن تتراجع إلى نحو 88 دولارا للبرميل، ويعزى ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع الطلب من الصين ودول نامية أخرى والنمو الاقتصادي العالمي القوي ومخاوف من عدم كفاية الإمدادات وتوترات سياسية، وقال التقرير إن اختيارات الدول الست السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، عمان، والبحرين فيما يتعلق باستثمار الإيرادات ستؤثر في أسعار الفائدة والسيولة والأسواق المالية في مختلف أنحاء العالم.

وستأتي الثروة الجديدة أيضا ومعها مخاطر. فطوفان من السيولة في الأسواق العالمية قد يؤدي إلى ظهور فقاعات في أسعار الأصول ويغذي الإفراط في الإقراض إلى حد التبذير ويسفر عن سوء استخدام لرأس المال العالمي.

وللإبقاء على التضخم منخفضا وزيادة الأرباح على الإيرادات يتعين على دول الخليج إعادة تدوير إيرادات النفط الهائلة في أسواق المال العالمية، ويحدث ذلك من خلال شراء أصول مثل سندات الخزانة الأمريكية أو الأسهم أو شراء عقارات أو الاستثمار في صناديق استثمارية خاصة في بعض الأحيان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 31 كانون الثاني/2008 - 22/محرم/1429