المصادر المائية العراقية.. جهود حثيثة لتحديثها والاستفادة من قدراتها التنموية

شبكة النبأ: بهدف تحديث المصادر المائية في العراق بما يساعد على تطوير الزراعة  ونصب محطات توليد الكهرباء المائية وكذلك تركيب انظمة الإنذار للفيضانات يعكف علماء ومهندسون من الولايات المتحدة على العمل مع نظرائهم من مهندسين وعلماء في وزارة المصادر المائية العراقية على تركيب أحدث تجهيزات التكنولوجيا وتطبيق آخر الأساليب لإدارة المصادر المائية للعراق الذي يحتل مكانة بارزة في الشرق الأوسط.

فالعراق الذي يحتضن مصدري المياه القديمين نهري دجلة والفرات يملك من الماء أكثر مما يملكه معظم جيرانه، غير أن مجرد امتلاك الأنهر والقنوات والسدود لا يعتبر كافيا. إذ لا بد من الإشراف على الموارد المائية العراقية وإدارتها لضمان تحقيق أفضل توزيع للمياه بين الزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية.

ويأتي تمويل مشاريع التحديث العراقية من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بينما تأتي الخبرة من مركز المسح والدراسة الجيولوجية الأميركي ومن سلاح المهندسين التابع للجيش الأميركي.

وقد صرح المدير المشارك لمركز أيداهو لعلوم المياه التابع لمركز المسح والدراسة الجيولوجية في مدينة بويزي بولاية أيداهو، ستيفن لبسكومب، وهو خبير في شؤون المياه، بقوله "إننا نحاول مساعدة وزارة المصادر المائية في تطوير قدرتها ضمن الوكالة" الأميركية للتنمية الدولية. بحسب موقع امريكا.

وأضاف لبسكومب قائلا، إنهم (العراقيين) قد تأخروا خلال السنوات العشرين الماضية أو نحوها عن الركب في تكنولوجيا إدارة المصادر المائية نتيجة للحروب والحظر والصراعات الداخلية والنزاعات. وهذا (البرنامج) يساعدهم في تحقيق التقدم في واحد من أثمن مصادرهم.

قياس التدفق في مجاري المياه

تلعب الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر دورا كبيرا في تكنولوجيا تحديث مصادر المياه. فعلماء الشؤون المائية، على سبيل المثال، يستخدمون محطات آلية لقياس تدفق الماء ومراقبة الأنهر والآبار والبحيرات والقنوات والخزانات وغيرها من الأجسام المائية.

وتعمل الأجهزة المركبة في المحطات الأرضية المربوطة بالأقمار الصناعية لرصد تدفق المياه على جمع المعلومات التي تشمل ارتفاع المياه وكمية تدفقها وتركيبها الكيميائي ودرجة حرارة الماء آنيا في الوقت الفعلي وتبثها عبر الأقمار الصناعية إلى مركز المسح والدراسة الجيولوجية الأميركي، ثم تتم معالجة المعلومات وتنشر على شبكة الإنترنت لإتاحة الإفادة منها للجميع.

ويستفاد من عملية قياس تدفق الماء للتنبؤ بالفيضانات وتنظيم استخدام المياه والتخطيط لمصادر توزيع المياه وتقييم البيئة وظروف الحياة البرية واكتشاف التغيرات في البيئة. وقد أصبح قياس تدفق المياه في الولايات المتحدة جزءا من تنظيم المركز الأميركي للمسح والدراسة الجيولوجية في العام 1889 وكان هناك أكثر من 7,000 محطة عاملة لقياس التدفق المائي في الولايات المتحدة بنهاية العام 2005.

وقال لبسكومب إن قياس التدفق هنا في الولايات المتحدة يتم بشكل روتيني دوريا. أما في العراق فكان عليهم أن يشغلوا سدودهم لتوليد الطاقة الكهربية والري وتخزين المياه بوسائل أقل تقدما وعلما بكثير. إذ ربما كان أحد الأشخاص يذهب إلى الموقع مرة في اليوم كي يقيس مستوى الماء في المجرى ثم يتصل بمدير السد لينقل إليه المعلومات."

وأضاف لبسكومب أن العراقيين أصبحوا مع وجود محطات قياس التدفق المائي قادرين على مراقبة التدفق والتحكم في تدفق المياه في مشاريعهم بواسطة الكمبيوتر من أحد المكاتب.

وفي العراق يعود الفضل للمركز الأميركي للمسح الجيولوجي وسلاح المهندسين التابع للجيش الأميركي ووزارة البيئة والأراضي الإيطالية في وجود خمس محطات عاملة حاليا لقياس تدفق الماء بينما يجري التخطيط لإنشاء 115 محطة أخرى. كذلك يجري التخطيط لإقامة عشر محطات لمراقبة وقياس الثلوج أيضا. وستكون 30 محطة من أصل 120 لقياس التدفق في المجاري المائية قادرة، عندما يكتمل إنشاؤها، على مراقبة نوعية المياه وجودتها.

وهناك أيضا جهاز آخر هو مقياس دوبلر بالموجات الصوتية للتيارات الذي يستخدم الصوت لقياس سرعة تحرك الماء في عمود مائي. ويعمل مقياس دوبلر الراداري الصوتي مع محطة قياس التدفق على قياس ارتفاع الماء وسرعة تدفقه، وهي معلومات تساعد على تحقيق أفضل استخدام للماء في توليد الطاقة الكهربائية وخزنه لأغراض الري.

ويضيف لبسكومب، إن هذا، من وجهة نظري، هو أحد المشاريع الجارية في الخلفية (دون دعاية وطنطنة) التي تساعد العراق على تحقيق استقراره. ففي بغداد لا يحصل السكان في الغالب إلا على أربع ساعات من الكهرباء يوميا، حتى في الصيف عندما تزيد درجة الحرارة كثيرا عن 100 درجة (فهرنهايت). وقال إن مشروع إدارة المياه سيساعد في تخفيف هذا النوع من المشاكل بينما يزيد في الوقت ذاته إنتاج المحاصيل وتزويد الشعب بالماء.

العراق وأيداهو

عمل المركز الأميركي للمسح الجيولوجي بالتعاون مع سلاح المهندسين التابع للجيش ووزارة البيئة والأراضي الإيطالية على توفير التدريب والمساعدة الفنية لوزارة المصادر المائية العراقية منذ العام 2004.

وفي عامي 2005 و2006 سافر لبسكومب إلى العراق تصحبه مجموعة من الخبراء من سلاح المهندسين الأميركي ووزارة البيئة الإيطالية لتدريب المهندسين العراقيين والمساعدة في إنشاء محطات قياس التدفق في المجاري المائية عند بحيرة دوكان في الشمال العراقي وفي فيش خابور على الحدود العراقية السورية.

وفي أيار/مايو 2007 عقد المركز الأميركي للمسح الجيولوجي ووزارة البيئة الإيطالية دورة تدريبية للمهندسين العراقيين في ترفيسو بإيطاليا حول إنشاء محطة أرضية تدار بالأقمار الصناعية وإدارتها.

ويتم حاليا نقل المحطة إلى بغداد حيث ستستخدم لاسترداد وتلقي المعلومات من القمر الصناعي متيوستات – 7. ويتلقى مركز المسح الجيولوجي الأميركي معلومات القمر الصناعي من وزارة المصادر المائية العراقية لعرضها في صفحة موقعه على شبكة الإنترنت.

وفي خريف العام 2007 اجتمع في مركز العلوم المائية التابع لمركز المسح الجيولوجي في مدينة بويزي بولاية أيوا 20 عالما ومهندسا عراقيا للتدريب العملي والدراسة النظرية برعاية مركز المسح الجيولوجي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وقد شمل التدريب إنشاء المحطات العلمية لمراقبة المياه وتشغيلها ومراقبة نوعية المياه وجودتها والمعلومات عن كثافة الثلوج والقياس المائي بالموجات الصوتية وإدارة المعلومات المائية العلمية.

وقد قدمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومركز المسح الجيولوجي كل الأجهزة والمعدات، واشترى مركز المسح محطة الأقمار الصناعية الأرضية و25 محطة للقياس، بينما اشترت وكالة التنمية 100 محطة قياس علاوة على أجهزة قياس النوعية وأجهزة مراقبة الثلوج.

وأعلن لبسكومب أنه سيتم عقد مشغل تدريبي آخر في الصيف القادم في الشرق الأوسط للتدريب على استخدام معلومات الجس النائي عن بعد وصور الأقمار الصناعية لتقييم مصادر المياه. ويشارك في المشغل خبراء من مركز مراقبة مصادر الأرض والعلوم التابع للمركز الأميركي للمسح الجيولوجي في سو فولز بولاية ساوث داكوتا.

غير أن الجهود المبذولة تتخطى مجرد التدريب والتكنولوجيا، طبقا للبسكومب الذي يقول، إننا نعمل على تطوير علاقة شخصية وثيقة وروابط. وأعتقد أننا سنكون قادرين على مساعدتهم (العراقيين) على التقدم إلى الأمام وهو ما يشكل الجزء الذي يدفع على الرضى في عملي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29 كانون الثاني/2008 - 20/محرم/1429