دافوس.. هل يحقق الوجه الإنساني للرأسمالية العالمية؟

شبكة النبأ: انطلق منتدى دافوس الاقتصادي وسط توقعات بأن تهيمن المخاوف الاقتصادية والهزات العنيفة التي ضربت الأسواق المالية العالمية مؤخرا، على أعمال التجمع السنوي.

وتتضمن أجندة المنتدى، الذي تواصلت أعماله على مدى أربع ايام، مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصادي العالمي، أو ربما إصابته بالكساد، بجانب الدور الأمريكي في تشكيل مستقبل للعالم المالي.

وناقش المنتدى السنوي العديد من التساؤلات في هذا المضمار لعل أبرزها سؤال: هل إذا عطست أمريكا.. سيصاب العالم بنزلة برد؟.

وأضافت عدة عوامل - منها ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية، وتراجع الدولار، وعدم التوازن التجاري، وسياسة الحمائية المتبعة - بعداً جديداً على الكوارث الاقتصادية العريضة التي ساهمت بدورها في إبطاء الاقتصاد الأمريكي، وربما بقية العالم.

وتوقع رئيس الوزراء البريطاني السابق، وموفد اللجنة الرباعية، طوني بلير، أن تهيمن المخاوف المالية على أعمال المنتدى هذا العام.

وأضاف قائلاً: أعتقد أن المناخ العام الذي عقد فيه دافوس، تحديداً مشاركة العديد من القياديين في قطاعي المال والأعمال في العالم، سيطر عليه وضع الاقتصاد العالمي.

إلا أنه عاد وأكد أن المنتدى ناقش عدداً من القضايا المحورية، من بينها أجندته لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط. بحسب رويترز.

يشار أن 2500 وفد تشارك في أعمال منتدى عام 2008، بجانب رؤساء حكومات وكبار الشخصيات، من بينهم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس ومدير البنك الدولي نغوزي أكونجو-إويلا.

وكان الاحتياط الفيدرالي (المصرف المركزي الأمريكي) خفض سعر الفائدة بنسبة أثارت دهشة المراقبين حيث بلغت ثلاثة أرباع نقطة لتبلغ 3.5 في المائة.

وأعلن البنك المركزي أن البيانات الاقتصادية الأخيرة دللت على شدة الكساد الذي أصاب قطاع العقارات في البلاد وارتفاع معدل البطالة فيها.

وقد تعافت أسعار الأسهم العالمية وأغلق معظم مؤشرات الأسهم الأوروبية على ارتفاع فيما عوض وول ستريت بعض خسائره.

وجاءت هذه الخطوة إثر هبوط حاد في قيمة الأسهم في أنحاء آسيا وأوروبا الاثنين الماضي، حيث سجل سوق "فوتسي 100" المالي في لندن أكبر هبوط خلال يوم واحد منذ 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، بسبب القلق من إمكانية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

الوجه الانساني للرأسمالية

وركز منتدى دافوس على المسؤولية الاجتماعية للشركات بدلا من تحقيق الربح حيث حول المشاركون في المنتدى السنوي اهتمامهم الى مسائل الصحة والمساعدات والتنمية.

واختار مغني الروك والناشط في المجال الانساني بونو والملياردير بيل غيتس والامين العام للامم المتحدة بان كي مون تحويل الحديث من الاقتصاد العالمي والمسائل الجيوسياسية الى قضايا مثل القضاء على الملاريا والفقر ومواجهة التغير المناخي. بحسب فرانس برس.

ويفتخر منتدى دافوس دائما بانه يظهر الجانب الجيد للرأسمالية رغم ان المشاركين غالبا ما يتعرضون لانتقادات بسبب ترويجهم لافكار كبيرة حول مسائل كبرى في العلن وفي الحقيقة يمضون معظم وقتهم في اقامة العلاقات وعقد الصفقات خلف الكواليس.

واعلن غيتس عن منح بقيمة 306 ملايين دولار لتنمية الزراعة في الدول الفقيرة في اسيا وافريقيا في خطوة كبيرة في مجال الزراعة يتخذها صندوق غيتس الذي كان يركز على الصحة.

وقال غيتس، اذا كنا جادين في انهاء الجوع والفقر المدقع في انحاء العالم يجب ان نكون جادين بشان تغيير الوسائل الزراعية بالنسبة للمزارعين الصغار ومعظمهم من النساء.

وستخصص هذه القروض لتمويل مشاريع تهدف الى تحسين نوعية التربة وانتاج الحليب والري وتطوير البذور في عدد من الدول الافريقية والاسيوية. واقترح غيتس على المشاركين في المنتدى نموذجا جديدا من الرأسمالية يخدم الفقراء المغيبين.

واضاف، ان التحدي هنا هو تصميم نظام يشتمل على الربح وعلى ادراك ضرورة بذل المزيد من الجهود للدول الفقيرة. ودعا الى نموذج جديد للرأسمالية المبدعة.

وسينضم الى غيتس كل من بونو وبان كي مون ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في نقاش سيجري في وقت لاحق حول التقدم او انعدام التقدم في تحقيق اهداف الالفية التي حددتها الامم المتحدة.

ودعا براون في وقت سابق البنك الدولي الى لعب دور في مكافحة التغير المناخي اضافة الى دوره في التنمية العالمية. وقال براون ان على العالم ان يتحرك مباشرة لخلق بنك دولي للبيئة مثلما يوجد بنك دولي للتنمية.

أرباب العمل والسياسيون في منتجع جبلي

وشكل هذا الاجتماع الذي نظمه المنتدى الاقتصادي العالمي منذ 1971 ملتقى للأثرياء وأصحاب النفوذ.

والواقع أن مجرد المشاركة في المنتدى يستوجب تخصيص ميزانية ضخمة: فالشركات الألف الأكبر في العالم تسدد اشتراكا سنويا بقيمة 42500 فرنك سويسري (26300 يورو) هو بدل عضوية في المنتدى الاقتصادي العالمي.

كما يسدد كل فرد عضو بدلا 18 ألف فرنك سويسري (11 ألف يورو) للقدوم إلى دافوس. كذلك تدفع 100 شركة متعددة الجنسيات 500 ألف فرنك سويسري في السنة (310 آلاف يورو) بصفة "شركاء استراتيجيين". وهدف المنتدى الاقتصادي العالمي المعلن هو بكل بساطة "تحسين وضع العالم".

وتصدر دائما عن اجتماعاته السنوية إعلانات كثيرة ذات طابع خيري وإنساني. ويجتاح مدينة دافوس الصغيرة الواقعة في القسم الناطق بالألمانية من سويسرا خلال المنتدى أكثر من 2500 مشارك ومئات الصحافيين وتفرض فيها إجراءات أمنية مشددة. ونظمت خلال الاجتماع الذي استمر خمسة أيام أكثر من مئة مناقشة تتناول شتى المواضيع من الوضع في باكستان إلى مكافحة السرطان. كما شكل المنتدى فرصة لكبار أرباب العمل للالتقاء بعيدا عن الرسميات، ولو أن السياسة الدولية تتصدر على الدوام المسائل الاقتصادية.

وجمع هذا الحدث الذي أنشأه أستاذ في الاقتصاد هو كلاوس شارب وتشرف على إدارته منظمة خاصة، هذه السنة 27 رئيس دولة وحكومة و113 وزيرا. وبين المشاركين هذه السنة الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس الوزراء البريطاني جوردن براون ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس.

وأتاح منتدى دافوس في بعض الأحيان إحراز اختراقات مثل توقيع إعلان يوناني ـ تركي عام 1988 وعقد لقاء بين فريدريك دو كليرك ونلسون مانديلا عام 1992 والتوصل الى اتفاق بين شيمون بيريز وياسر عرفات بشأن غزة عام 1994. كما تضمن المنتدى سلسلة من حفلات الاستقبال والنشاطات الترفيهية والمتنوعة بينها حفل يقيمه موقع "جوجل" الإلكتروني يلقى أكبر قدر من الرواج منذ عدة سنوات. وتولت فرنسا هذه السنة تنظيم السهرة الختامية التقليدية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28 كانون الثاني/2008 - 19/محرم/1429