العراق وافاق المستقبل

 سعد البغدادي

    بعد سقوط الفاشية والنظام البعثي في العراق لم يكن احدا يتوقع ان تؤول الامور الى ما لمسناه في السنوات السابقة من قتل وتهجير وتدمير البنى التحتية وصولا الى جعل العراق بضاعة في سوق الاجندة الاقليمية مثل لبنان..

 ووصل التصارع الاقليمي الى مستويات كبيرة من التهديد بين تلك الدول التي اخذت تتصارع على حساب الدم العراقي من خلال دعمها المباشر وغير المباشر للتنظيمات الارهابية.

وساعدها على تحقيق اجندتها تغاضي قوات الاحتلال عن تلك التصرفات واخطاء اخرى ارتكبتها السياسة الامريكية منها عدم تجهيز الجيش العراقي والاعتماد على القوات الامريكية في ملاحقة الارهابيين وتحييد القوات العراقية.

 اضافة الى جملة اخطاء انتبهت لها في الفترة الاخيرة وعملت على معالجتها. الامر الذي انعكس ايجابا على العملية الامنية والسياسية والقى بضلاله على سلامة الموقف السياسي في العراق وسلامة العملية السياسية من خلال اتفاق جميع القوى على تصحيح الاخطا ء التي ارتكبتها وتنازلها عن الشحصيات الطائفية التي اسهمت في عملية توتر  الاجواء.

 فها هي الكتلة الشيعية الاكبر تغض الطرف عن تقليم اظافر العصابات الاجرامية التي عاثت في الارض فسادا  ومثلها جبهة التوافق السنية تتخلى عن القادة الذين تورطوافي القتل الطائفي والمذهبي ومثلهم الاكراد الذين قدموا تنازلات بشان كركوك.اذن الجميع اتفق على حلول وسط وجميع القوى السياسية بحالة قبول هذه الحلول.

هذا الامر سوف يتيح للجميع ان يفكر من جديد بصفته عراقي وليس مذهبي او قومي ومعه سوف تكون الفرص اكبر للمساهمة في بناء التجربة التوافقية في العراق.

ترتكز التجربة التوافقية في العراق على جملة مبادئ لعل ما معروف منها  في الوطن العربي يكاد يكون فقط في لبنان فليس هناك اي تجربة ديمقراطية توافقية في المنطقة على فرض ان المصطلح معرف لديهم؟

 من هذه المرتكزات المشاركة في الحكم لكل مكونات المجتمع حتى الاقليات منها سوف تكون لها فرصة المساهمة الحقيقية والجادة في صوغ القرارات التي تهم البلد ولم يعد القرار السياسي بيد الاغلبية البرلمانية. وبالتالي سوف يتم اسقاط تلك الشعارات التي تسبق الانتخابات لان اية كتلة لم تعد قادرة على تنفيذ مشاريعها الا بسياسة التوافق.

هذا الامر سوف يخفف من حدة الاجواء الطائفية والاستفادة منها كدعاية انتخابية وبالتالي سوف يجعل الناخب امام خيارات متعددة  من الافكار.بمعنى ان الناخب العراقي سوف يتحرر من اسر القيود الطائفية التي تجعل منه وقودا لتك الانتخابات.

الامر الاخر في مفهوم السياسة التوافقية هو تشكيل حكومة ائتلافية حقيقية وليس شكلية وهذا الامر سيتيح للناخب العراقي التخلص من اشكاليات المذهبية التي تتاجر بها بعض القوى السياسية كما سيتم الخلاص ايضا من مقولات القوى الخاسرة في الانتخابات كما هو  حاصل اليوم عندنا والتي   تشكك دائما بنتائج الانتخابات وبشرعية الحكومة  وتعرب عن عدم رضاها عن كل  تقدم في المجال السياسي والامني.

الامر الاخر الذي تمنحه السياسة التوافقية هو المسؤولية المشتركة  التي تقع على عاتق هذه القوى في المجال الخدمي اذ ستكون مسؤوليتها مباشرة باعتبارها جزء من الحكومة الائتلافية ولم يعد لها مجال لان تضع  قدما في الحكومة واخرى في المعارضة.

السياسة التوافقية سوف تسحب البساط من جميع المخاتلين ان ينتقدوا الحكومة وهم اعضاء فيها ويترأسون بعض الكتل والاحزاب السياسية كما هو حاصل عندنا اليوم. حينما ينتقد قادة الاحزاب والكتل السياسية فشل الحكومة وكانهم ليسوا منها. والسياسة التوافقية سوف تقطع الطريق امام المتصيدين في الماء العكر كما انها ستلجم جميع التدخلات الخارجية في الشان الداخلي.افاق المستقبل اذن تتركز حول ادامة مفهوم التوافق والعمل على اشاعته.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 14 كانون الثاني/2008 - 5/محرم/1429