مع تبِعات سلبية على الحالة المعيشية: الدينار العراقي يستمر بالإرتفاع مقابل الدولار

اعداد/صباح جاسم 

شبكة النبأ: رغم ما يقابله من ارتفاع اسعار السلع والمواد المختلفة رجح خبراء إقتصاد عراقيون أن تستمر إرتفاع قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي خلال العام 2008، في حال إستمرت سياسة البنك المركزي العراقي في تفعيل المزادات المفتوحة وسحب السيولة.

وإتفق هؤلاء الخبراء على أن الفجوة بين السياسيتين المالية والنقدية هي الدافع وراء الصعود المتأني لقيمة العملة العراقية، محذرين من خطورة التضخم على القيمة الحقيقية للدينار العراقي، وضرورة العمل على إيجاد حلول جذرية للحد من تأثيره. وإعتبر الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور ماجد الصوري، أن إعتماد العراق على تغطية الحاجة الى السلع والخدمات عن طريق الإستيراد، أدى إلى لجوء السياسة النقدية إلى دعم سعر صرف الدينار العراقي  حتى وصلت الى 1216 دينارا للدولار.

وقال لوكالة ( أصوات العراق) إنه من المتوقع أن يستمر الدعم الهادئ لقيمة الدينار العراقي ما دامت عوامل التضخم مستمرة.

وأضاف أن، أساس ضعف التناغم بين السياسة النقدية والمالية بشكل عام، هو غياب السياسة الإقتصادية الواضحة، فمن جهة تحاول السياسة النقدية الضغط على الكتلة النقدية الموجودة في التداول ودعم الوحدة النقدية، بينما تقوم السياسة المالية بتشجيع سياسة الإنفاق الجاري.

واستطرد قائلا أن وجود السياسة الإقتصادية الواضحة سيؤدي إلى التناغم بين السياستين وجميع العوامل الأخرى ذات العلاقة بالتطور الأقتصادي.

وشدد الصوري على ضرورة أن، تقوم السياسة الإقتصادية بتعزيز الإنفاق الإنتاجي على حساب الإنفاق الجاري الإستهلاكي. إلا أنه قال، للأسف الشديد فإن موازنة عام 2008 لازالت تؤكد على الإنفاق الجاري غير الإنتاجي الذي يمثل 72.7 % من إجمالي الإنفاق، بينما يمثل الإنفاق الإستثماري 27.3 % ، هذا إضافة إلى أن أغلب الانفاق الإستثماري يخص المشاريع الخدمية وليس المشاريع اإنتاجية.

الباحث الاقتصادي العراقي عبد الجبار الحلفي، يرى أن إرتفاع قيمة العملة العراقية سيستمر العام 2008، وأن هذا الارتفاع نابع من سياسة البنك المركزي التي وصفها بانها سياسة مرنة منذ عام 2004. معللاٌ ذلك بالقول إن "وضع الدولار العراقي هو وضع غير صحيح، ويقوم البنك بتعديله لأن العملة العراقية هي رمز وطني، ويجب أن يتم تحقيق قيمتها الحقيقية، لذلك نجحت سياسة البنك المركزي لتصحيح صرف قيمة الدينار على الدولار الذي كان مهيمن على سعر الدينار منذ العام 91 تقريبا، وأعتقد أنها سياسة نجحت بتقويم السعر السائد للدولار على مدى سنوات طويلة، وسيساوي الدولار الأمريكي الالف دينارعراقي قريبا ان شاء الله. 

رجل الاعمال العراقي، جاسم العرادي، تحدث عن إيجابيات وسلبيات سياسة الدعم المالي للبنك المركزي المتمثلة بمزاد بيع الدولار وسحب العملة من السوق عن طريق منح المصارف الخاصة نسبة ارباح تقدر بـ (20 – 25 ) بالمائة بالقول، يقوم البنك المركزي العراقي حاليا بدعم العملة العراقية بشكل كبير عن طريق بيع وشراء الدولار بالمزاد العلني من جهة، وسحب العملة من السوق عن طريق منح ارباح 20% للودائع الثابتة مما ساهم بسحب جزء كبير من السيولة النقدية من السوق العراقية.

ولكنه أشار إلى خطورة هذا الوضع كون  المصارف تفضل أن تحول كل موجوداتها النقدية الى البنك المركزي عوضا عن تحويلها الى سوق العمل والانتاج العراقي بسبب تحقيق ارباح مضمونة بين 10% و12% ما أدى الى تعطيل دور هذه المصارف في الاستثمار المحلي.

ونوه العرادي إلى أن تعطيل الاستثمار الذي أدى إلى ضعف المنتوج العراقي وإعتماد العراق على المنتوج الأجنبي أدى إلى تقوية العملة بشكل رقمي وليس بشكل حقيقي. وقال، زادت اسعار السلع والخدمات على الرغم من إنخفاض قيمة الدولار امام الدينار العراقي، الأمر الذي يستدعي اتخاذ تدابير اقتصادية مالية وتدعيم وتقوية الاستثمار المحلي والاجنبي لرفع قيمة الدينار العراقي الحقيقية التي تقاس بكمية السلع والخدمات التي يحصل عليها المواطن وليس بالقيمة الرقمية لهذه العملة وكبح التضخم. 

وعلق المفكر الاقتصادي العراقي الدكتور اسماعيل عبيد على ذلك بالتحذير من زيادة سعر الفائدة الذي يؤدي الى حجب الاستثمار، معتبرا أن هذا الاجراء سياسة غير صائبة على الاطلاق، لافتا إلى أن رفع السعر يؤدي بالنتيجة إلى الوقوع في مايسمى بفخ السيولة، وهي طريقة محذورة اقتصاديا.

وأضاف، نحن بحاجة إلى تعديل من الناحية الدستورية، ذلك لأنه لايمكن بناء اقتصاد خاضع للتطوير بدون قوانين شفافة واضحة تحدد مسار التغييرات الاقتصادية، كما لايمكن معالجة التضخم إلا برفد الاسواق بسلع، أي زيادة المعروض من السلع المنتجة، أما أن نقوم بمعالجة التضخم عن طريق فخ السيولة فهذا يعني إيقاف زيادة الطاقات الانتاجية والاستثمار الخارجي الذي هو الآخر يتأثر.

وإعتبر أن العبرة ليست بقوة الدينار العراقي بشكل رسمي فحسب، إنما بقوته تجاه العملات الأخرى. منوها أن ذلك لا يتم  الا بايجاد مايسمى بالأسعار الظلية التي تفترض وجود قاعدة معلومات عن السلع المستوردة كماً ونوعاً ويقارنها بالأسعار الحدودية ومرة بالاسعار المحلية.

الباحث الاقتصادي حسام الساموك من جهت، توقع إنخفاضا بقيمة الدولار امام العملة العراقية، إلا أنه أوضح ان هذا الانخفاض لن يكون بصالح المواطن العراقي عكس ما هو متوقع، وذلك بسبب زيادة نسبة التضخم المتأتية من الخلل الكبير في الهيكل الاقتصادي العراقي وعدم التنسيق بين قطاعات الحكومة والبنك المركزي في سياساته، وهو الذي قدم تضحيات كبيرة من اجل رفع قيمة الدينار العراقي، إلا أنه لم يحقق نتائج ملموسة بسبب الإجراءات العشوائية التي يناقض إحدها الآخر. وأضاف الساموك، في الوقت الذي سحب البنك المركزي السيولة على الرغم من تحفظنا على الاجراء، رفعت وزارة النفط اسعار المشتقات النفطية بنسبة وصلت الى (2150) ضعف ما كانت عليه قبل 2003 فطرحت بهذا مائتي مليار دولار فزاد التضخم. وختم حديثه بالقول، مايجري من سياسة نقدية في العراق جيد، إلا أنه يتعارض مع حقيقة الحالة، وهو تصحيح هيكل الاقتصاد العراقي من اجل خدمة المواطن العراقي الذي لم يستفد عمليا من خفض سعر الدولار.

وكان وزير المالية العراقي بيان جبر الزبيدي  أكد في تصريحات إعلامية مؤخرا أن الدينار العراقي اليوم أفضل بكثير من بعض العملات العالمية، لأن وراءه مبالغ كبيرة من الذهب والعملات الصعبة. مشيرا، انه قدم مقترحا بحذف ثلاث أصفار من العملة العراقية بعد تسلمه للمنصب في الوزارة بأسبوع وعرض هذا المقترح على المسؤولين في السياسة النقدية في البنك المركزي. وقال إن البنك المركزي في وقتها كان مترددا في قبول هذه الفكرة، ولكن بعد أن أصبح الدينار قوياً فان الفكرة سيتم مناقشتها من قبل البنك المركزي، وأن هناك جوا إيجابيا تجاه الفكرة.

من جانبه، نفى البنك وجود مثل هذه النيات حاليا، وأن العملة الحالية ستبقى هي المعتمدة في التعاملات المحلية، لكن في النية سحب جميع العملات المعدنية من التداول واستبدالها بنفس الفئات لكن ورقية وتشمل فئات الـ (25،50،100) دينارا.   

العراقيون يعانون ارتفاع الأسعار ويخشون إلغاء البطاقة التموينية

وبات ارتفاع أسعار السلع والخدمات في العراق ظاهرة طاغية على حياة المواطن اليومية، في ظل أزمات متكررة تشهدها السوق المحلية من دون توافر المعالجات.

ويحمّل المواطنون وزارة التجارة المسؤولية، بسبب تلكؤها في تجهيز مواد البطاقة التموينية. وأقرّت الوزارة بهذا التلكؤ، عازية السبب الى بطء الإجراءات الخاصة بمواصفات العقود التي تتأخر في معظم الأحيان. واعتبر الوزير عبد الفلاح السوداني أن هذه الإجراءات هي، السبب في إحداث النقص في مواد البطاقة التموينية، والتأخر في مواعيد التسليم التي تؤدي الى معاناة المواطن. بحسب تقرير لـ(الحياة).

لكن المواطنين العراقيين عزوا أسباب ارتفاع الأسعار الى العرض والطلب على السلع، نتيجة فقدان بعضها فترتفع الأسعار في شكل سريع. إذ يلجأ بعض التجار الى استيراد بضائع وسلع تكون استُنفذت في السوق وبأسعار مرتفعة، بهدف سد النقص فيها ويكون المواطن المتضرر الأول.

واتهم تجار مواد غذائية بعض موزعي الجملة باتــباع وســـائل غير مشروعة لزيادة أرباحهم، بترويج إشاعات عن إغلاق الحدود أو منافذ تجارية، كما حصل بالنسبة الى إقفال منافذ إيرانية وتركية على خلفية التوتر في اقليم كردستان مع كل من إيران وتركيا.

وأفاد وكلاء مواد غذائية في بغداد أن تأخر وزارة التجارة في توزيع مواد البطاقة التموينية «يؤدي الى أزمة في السوق المحلية وارتفاع في الأسعار، يطاول خصوصاً الشاي والسكر والرز والطحين وحليب الأطفال.

وأشار أحد التجار الى أن سعر كيس الطحين الأسترالي زنة 50 كيلوغراماً في السوق بلغ 30 دولاراً، فيما وصل سعر كيس الطحين الموزع ضمن مفردات الحصة التموينية الى نحو 6 دولارات فقط، نظراً الى رداءة نوعيته. في حين لامس سعر السكر عند فقدانه في السوق ألف دينار، فيما تتراوح أسعار الأجبان من منشأ سوري وتركي بين 750 ديناراً و3 آلاف دينار. واعتبر مواطنون أن الفوضى السائدة في السوق هي السبب في ارتفاع هذه الأسعار.

ولفت تجار الى أن اللحوم والدجاج تحتاج الى تبريد مستمر، ويستلزم ذلك شراء الوقود لتوليد الطاقة بسبب انقطاع الكهرباء، ما يعني تكاليف جديدة تزاد على اسعارها. وبات حليب الأطفال محور قلق العائلة العراقية، نظراً الى ارتفاع أسعاره ولعدم تأمينه ضمن الحصة التموينية، وأصبح شراؤه من السوق المحلية يرهق كاهل المواطن.

وأكد خبراء اقتصاديون أن تجاهل الحكومة معاناة المواطن يفاقم حال الفوضى في السوق، خصوصاً في ظل مخاوف من أن تلغي وزارة التجارة البطاقة التموينية، ما اعتبرته أوساط صعباً وكارثياً، لأن ذلك يعني اختلالاً في موازنة الأسرة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 13 كانون الثاني/2008 - 4/محرم/1429