السلم ركيزة الإسلام

عدنان عباس سلطان

شبكة النبأ: لقد شغل السلم حيزا كبيرا في التشريع الاسلامي مستمدا من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وقد لا يعبر عنه بكلمة سلم لكنه يأتي احيانا بها او ببعض مرادفاتها في ذات المعنى الذي هو عكس الإرهاب والعنف.

يا ايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة.

وقد جعل الله سبحانه وتعالى السلم اسما من اسمائه المباركة.

( هو الله الذي لا اله إلا هو الملك القدوس السلام..).

ويضاف الى ذلك التحية الاسلامية التي تسبغ جمال السلام على المسلمين الذين يتبادلونه كتحية والفة وقول الله عز وجل ( تحيتهم فيها سلام..).

ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم.

فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك

اذن فان الاسلام الحقيقي بتشريعاته قائم على اعتبار العلاقات الاجتماعية هي علاقات انسانية في المحبة والتواصل والعدالة كل ذلك باسلوب السلم والسلام والمرونة بل ان الرحمة المتبادلة تطغى في السلوك وتعلو على القوة والسلاح.

يقول الامام الشيرازي ان الحرب واستعمال القوة حالة تخرج عن القاعدة ذلك لان الاسلام هو المهادنة والحوار والسلم واذا كان ثمة حاجة لاستعمال العنف فانها من الشواذ اي انها ليست القاعدة فالقاعدة هو السلم واللاعنف.

والصوت الشيرازي كان ولا يزال صوتا دؤوبا للتثقيف على هذا المبدأ في النطاق المجتمعي والسياسي والانفتاحي على الساحة العالمية منطلقا بان الاسلام لم يتحدد يوما في رقعة جغرافية انما هو دين عالمي يشمل الشعوب كافة دون استثناء، والنظرة هذه هي النظرة الحقيقية في التعامل مع الآخر المختلف مهما ابتعد جغرافيا او فكريا او قرب فالسلم في التعاطي والتفاعل وحل الاشكاليات يعد مقياسا اسلاميا في استيعاب الرسالة الربانية وفهم فحواها فالحروب والمعارك التي خاضها البشرضد بعضهم البعض لم تنتج ناتجا اخلاقيا ولم تحل المعضلات انما كانت على الدوام تزيد من اضافة اشكاليات اكثر تعقيدا وترتكس بالبشر الى درجات ادنى مما كانوا عليه بكونها تستهدف الانسان وتركيز عذاباته ومعاناته وحرمانه من الحياة بعد ان تتسيد القوة الغاشمة على مصائر الشعوب وتتصادر العدالة والحريات ويحل القمع والارهاب والاقصاء.

وفي اوقاتنا المعاصرة تنامت القوة بحيث تماهت مع الثقافة الاجتماعية واصبحت مرضا سلوكيا في التعامل اليومي بين افراد المجتمع وينعكس ذلك بالطبع في المؤسسات التي تتصدى للعمليات الادارية والامنية.

لغة الكراهية المسبقة مع الآخر المختلف وهذه اللغة تعمم الكراهية لاي مجتمع بناء على موقفها من النظام السياسي او السلطوي في ذلك البلد فنحن نقول الغرب العدو ونطلق عليه اسماء اخرى ولا نفرق ولا نعبر عن ان العداء لايخص تلك الشعوب التي يفترض ان بيننا وبينها تواصل انساني وان تلك الشعوب في اقل تقدير تحتوي مسلمين امريكان بنسب كبيرة جدا.

وان من كبير الاخطاء ان يظن المسلمون بان الاسلام عائد بالمولد الى رقعتهم الجغرافية وانهم اولى به كامتياز او كمربع اسلامي خالص ليس به اشكال او ما يخالف الرسالة الاسلامية وهذا الخطأ حادث فعلا بسبب القراءة المغلوطة للمجتمعات الاسلامية لان قراءة المجتمعات الاسلامية الواقعية يمكن من خلالها ومن خلال قراءة نظمها السلطوية ان نستشف بان الدول التي تندرج ضمن العنوان الاسلامي لا تحوز حتى على نسبة المقبول الذي يمكن معالجته، لكننا نجد بان البنية الثقافية في اوربا مثلا يمكن ان تكون في مستوى التناغم والتجانس بين المنظور الاسلامي وبين المستوى الثقافي المتقدم الذي يشبه بدرجات كبيرة الجانب الاخلاقي الاسلامي في السلوك والحقوق والعلاقات الاجتماعية.

ان العداء المسبق والكراهية المعلنة بقالب التعميم هو تثقيف واعداد للعنف وتلويح بالحرب المؤجلة المكتومة والكامنة لاتتسق ابدا مع المفهوم الاسلامي كرسالة يجب تبليغها للجميع بلا استثناء وكرسالة يجب سماعها من الآخر من وجهة نظره فكثير من المؤلفات الغربية تحدثت عن الاسلام وكتبت عنه وجادلت فيه بحيث ان تلك المؤلفات الغربية عدت مراجع محترمة في البحوث الاسلامية وهذا من كون الكتاب الذين كتبوا عن الاسلام كانوا معنيين بهذه الرسالة الربانية.

وعلى قول العلامة محمد باقر الصدر لو ان المفكرين الغربيين اخذوا او قرأوا الرسالة الاسلامية ولم تسيطر عليهم فكرة الكنيسة لكان للاسلام شأن آخر وهذا القول او ما يشابهه قاله العلامة حسن الشيرازي ايضا في احد مؤلفاته المهمة.

ان الليونة والمرونة والسلام هذه سمات ينبغي ان تكون ضمن التفاعل الاسلامي في التعاطي مع مجتمعاتهم والمجتمعات الاخرى ونبذ استعمال العنف سواء بصوره السلبية التي يمثلها الاعلام او الاستفزاز او من خلال المواقف المباشرة التي تاتي بصورة الحروب وقبل كل ذلك نقد الذات وتصويب نهوجها الاخلاقية ضمن النسق الاخلاقي الاسلامي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 6 كانون الثاني/2008 - 26/ذو الحجة/1428