تزيد حالات إنتحار النساء في السعودية: ضحايا لظلم الرجل والنظام

شبكة النبأ:  المرأة العربية تتعرض لضغوط كبيرة وتهميش واسع من قبل المجتمع كذلك من النظم والقوانين السائدة والتي لم تجعل للمرأة هامش لنيل حريتها او على الاقل ان تجعل لها طريق قانوني يمكن استثماره لصالح المستقبل كموطئ قدم في رسم المستقبل المنظور ولعل الشئ المفرط هو ما يحدث في السعودية بالذات حيث يمثل قمة في التهميش لحقوق المرأة من كلا طرفي المعادلة التفاعلية اي المجتمع والدولة على السواء وهذ ما يقلل بصورة كبيرة الهامش لنيل المرأة حقوقها الطبيعية.

ولذا تحاول كثير من النساء السعوديات الانتحار هربا من واحد من اكثر المجتمعات صرامة في العالم حيث يعزلن عن الرجال ويمنعن من قيادة السيارات ويواجهن قيودا على السفر والعمل وحتى الدراسة.

ولا تبدي السعودية في كثير من الاحيان تسامحا مع النساء اللواتي يجدن أنفسهن ضحايا لعنف الرجال. فقد حكم أخيرا على امرأة في التاسعة عشرة من عمرها بالجَلد 200 جَلدة بعد أن تعرضت للخطف والاغتصاب على أيدي سبعة رجال في قضية اثارت انتقادا دوليا وأساءت لصورة السعودية في انحاء العالم، وأصدر العاهل السعودي الملك عبد الله هذا الاسبوع عفوا عن المرأة.

لكن الضغوط التي يتعرض لها النساء في حياتهن المعزولة في المجتمع السعودي تجبرهن على العيش في عالم يخصهن وهو أمر كثيرا ما يزيد صعوبة تحمل مشاعر المراهقة او المشاكل الاسرية العادية.

وقالت مها حمد وهي طالبة في الثالثة والعشرين من العمر حاولت الانتحار قبل عامين انها كانت يائسة انذاك بسبب مشاكل أسرية اذ طلقت امها وكان عليها ان تبقى معها في حين بقي شقيقاها الاكبر سنا مع والدها.

وتابعت انها تعرضت لضغوط اكبر مما يحتمل من والدتها في كل ما تفعله في حياتها اليومية وكان مستحيلا بالنسبة لها ان تدير شؤون حياتها دون أن تملي عليها ما تفعله وما لا تفعله.

وكثيرا ما تسجل المستشفيات حالات الانتحار على انها اساءة استخدام للادوية الامر الذي يسمح بافلات تلك الحالات من عمليات الاحصاء. بحسب رويترز.

واجرت سلوى الخطيب الباحثة في جامعة الملك سعود دراسة نادرة في 2006 للناجين من الانتحار، ووجدت الدراسة ان 96 حالة كانت تخص نساء مقابل اربع حالات لرجال.

وقالت ان المستشفى الذي تعمل مستشارة به يستقبل شهريا 11 امرأة في المتوسط حاولن الانتحار. واضافت أن النساء يعانين من اكتئاب حاد بسبب الضغوط الاجتماعية.

وتابعت ان التمييز بين الذكور والاناث داخل العائلات تساهم في زيادة الضغوط فالرجال الذين يربون على انهم أعلى منزلة غالبا ما ينظرون نظرة دونية للمرأة وينشأ لديهم سلوك مؤذ للتعبير عن سلطتهم على النساء.

وقالت الخطيب ان كثيرا من النساء اللاتي يحاولن الانتحار يستخدمن جرعات خفيفة من الادوية خلال ساعات النهار ومن ثم فمن الواضح ان محاولاتهن تتبعها صرخات استغاثة وليست محاولات جادة لانهاء حياتهن.

واضافت أن كثيرا من الفتيات في السعودية يعانين من الافتقار الى الصلة مع الابوين ولا أحد يستمع لمشاكلهن العاطفية والاجتماعية بل وحتى التعليمية.

ويقول باحثون ان الزواج بالاكراه عامل شائع وراء الاكتئاب الذي تعاني منه الشابات، ولا يمكن عادة الا للنساء من عائلات الطبقة العليا الثرية الارتباط بأزواج من اختيارهن.

وتتذكر ليلى وهي ادارية سابقة في مستشفى المملكة في الرياض حالة شابة في العشرين حاولت انهاء حياتها لان والديها اجبراها على الزواج من رجل في السبعين من عمره.

وقالت ان الشابة حاولت قطع معصمها بعد اشهر قليلة من الزواج مضيفة ان الزواج بالاكراه من اخطر المشاكل التي تواجه الفتيات.

وتابعت أن الاسر في بعض الحالات لا تريد اجبار بناتها على مثل هذا الشيء لكن تدخل العائلة الاوسع والاقارب يمثل ضغطا عليها خاصة اذا كانت تعيش في مناطق خارج المدن الرئيسية.

قضية فتاة القطيف..

وتناولت الصحف السعودية العفو الملكي عن العقوبة التعزيرية لفتاة القطيف، وأفردت على صفحتها الرئيسية الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية لأمر العفو، والذي أعلنه وزير العدل السعودي عبدالله بن محمد آل الشيخ عبر شاشة التلفزيون، من جهة ثانية، أعربت فتاة القطيف وزوجها عن سرورهما لقرار العفو، وأنهما سيعملان الآن على استعادة حياتهما الطبيعية.

وسارعت بعض الصحف إلى نقل رد فعل فتاة القطيف وزوجها على قرار العفو الملكي، مثلما فعلت صحيفتي عكاظ والوطن، فيما اكتفت صحف أخرى بنقل الخبر كما هو دون إضافة أو تعليق، بينما أضافت جريدة الشرق الأوسط الصادرة من لندن رد الفعل الأمريكي على الخبر.

وجاء في أمر العفو: نظراً لما اشتمل عليه ملف هذه القضية من ملابسات وما صاحبها من وقائع وإشكالات يؤكد هذا أن الجرم الواقع على المرأة بلغ من الوحشية ما كدر الأسماع ولكون الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة كما هو مقرر عند الفقهاء في الشريعة وحيث لم يصدر في قضية المذكورة حكم نهائي فضلاً عن كونه تعزيراً يسوغ لنا العفو عنها ولما تولد لدينا من قناعة تامة بعد دراسة كافة الأوراق والإطلاع على المرئيات وعملاً بهدي الشريعة الإسلامية في جلب المصلحة وتكثيرها ودرء المفسدة وتقليلها ولكون المرأة ومن كان معها قد طالهما من التعذيب والعنت ما يعتبر في حد ذاته كافيا في تأديبهما وأخذ العبرة منهما.

.. لذا نرغب إليكم حفظ ما يتعلق بالمذكورين من ملف القضية وإخلاء سبيلهما وفقا للإجراءات المتبعة في ذلك واستكمال ما يلزم شرعا ونظاما حيال بقية المتهمين وإيقاع الجزاء الشرعي الرادع في حقهم دون أن يأخذ قضاؤنا العادل الرأفة أو الهوادة بأي مجرم يريد انتهاك حرمات الشرع ونظام الدولة وأمنها.

أما عن محامي الدفاع عن الفتاة، عبدالرحمن اللاحم، فقال الوزير السعودي: تردد أخيراً أن هناك سحباً أو إلغاء لرخصة المحامي الذي ترافع في هذه القضية وهذا ليس له أصل.. فالمملكة العربية السعودية تتم فيها القرارات عن طريق مؤسسات وعندما صدر نظام المحاماة أسس لأسلوب المحامي عندما يحدث خطأ منه تجاه أفراد أو تجاه المجتمع..

وأضاف: وبالتالي فإن معاقبة أو مؤاخذة محام، أيّ محامي، لا تكون نتيجة رد فعل أو انفعال وقتي وإنما تأتي من خلال عمل مدروس وهي لجنة مؤسسة بالوزارة يتقدم لها إما المدعي العام أو الأفراد، وتنظر هذه اللجنة في وضع المحامي وإبقاء الرخصة في يده أو سحبها منه أو معاقبته بالعقوبة التي تراها، مؤكداً أنه لم يصدر من الوزارة تجاه المحامي أي شيء في هذا الجانب.

ردود أفعال الصحافة السعودية

جاءت عناوين الصحف السعودية لتبرز نبأ العفو، فقد جاء في صحيفة الجزيرة، التي كانت أول من نقل الخبر:

"تأكيداً لما انفردت به 'الجزيرة'.. وزير العدل يعلن أمر المليك بالعفو عن فتاة القطيف والمرافق لها.. خادم الحرمين: الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة.

أما الشرق الأوسط الصادرة من لندن فكتبت تقول: خادم الحرمين الشريفين يعفو عن فتاة القطيف.. والبيت الأبيض يشيد.

وبعد أن استعرضت أمر العفو، ونقلت تصريحات وزير العدل السعودي، أضافت قائلة وفي واشنطن، أشاد البيت الأبيض بالعفو، وقالت دانا بيرينو 'إنه قرار صائب'، وقال توم كايسي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية 'نحن سعداء' بإعلان العفو.. 'وآمل أن ينهي ذلك القضية.'

من جانبها نقلت صحيفة الرياض تحت العنوان التالي: "الملك عبدالله أصدر أمراً بالعفو عن العقوبة التعزيرية لفتاة القطيف.. خادم الحرمين: العدالة هي مسؤوليتنا أمام الله ثم أمام مواطنينا وكل مقيم على أرضنا.

وحول تعليقات القراء في صحيفة الرياض، فقد صبت معظمها في مدح العاهل السعودي بأمر العفو عن الفتاة، ومن هذه التعليقات، ما كتبه القارئ ناصر السالم، وقال: "نريد يا خادم الحرمين لمحتكم الأبوية في العفو عن الكثيرين يقبعون في السجون بلا ذنب وبلا قضية نساء ورجالاً انطلاقا من المبدأ (ولكون الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة).

وقال القارئ سليمان الحميدان: صفعة قوية للأعداء ومن يصطاد في الماء العكر وهنا تبرز الحكمة واللين من غير ضعف فاعتبروا يا أولي الألباب.

في حين كتب قارئ آخر اكتفى بذكر أنه محامي: لا عزاء لك يا حميدان التركي من يتدخل لحل أمرك.. هنيئا للمحامي اللاحم لقد وعدت بان تخرجها براءة و نجحت.

أما صحيفة المدينة فألقت نظرة على السبب الشرعي للإعفاء من العقوبة، وذلك في نقلها للخبر الذي جاء تحت عنوان اليحيى لـ المدينة : ولي الأمر له حق الإعفاء من العقوبة التعزيرية.. خادم الحرمين يأمر بالعفو عن فتاة القطيف.

رد فعل فتاة القطيف وزوجها

وعلى الجانب الآخر، نقلت صحيفتا الوطن وعكاظ الخبر، وأجرت الأولى اتصالاً مع زوج فتاة القطيف، في حين تابعت الثانية خبر العفو مع فتاة القطيف وزوجها.

فقد تابعت صحيفة الوطن الخبر تحت عنوان: زوج فتاة القطيف: العفو مبادرة أبوية وضعت حداً لمأساة.

وقالت الصحيفة: "من جهة أخرى وصف زوج فتاة القطيف العفو الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في حق زوجته وإعفائها من العقوبة التعزيرية التي صدرت بحقها بأنه 'مبادرة أبوية وضعت حداً لمأساتنا العميقة ومعاناتنا النفسية' الممتدة منذ أكثر من عام ونصف العام.

وتابعت تقول: وقال لـ "الوطن إنه كان ينتظر فرجاً من الله 'وقد تحقق على يد خادم الحرمين الشريفين.'

وحول الخطوة المقبلة التي يستعد لها وزوجته، قال الزوج إن ما يهمه حالياً هو استعادة زوجته لحياتها الطبيعية، مضيفاً أنهما خاضا مواجهة شرسة مع القضية وتداعياتها منذ تقدمه بالشكوى ضدّ المتورطين في الاعتداء.

وكشف الزوج أن موقفه استند إلى مسؤوليته عن زوجته، وقال 'من حقها عليّ أن أقف إلى جانبها إلى أن تأخذ حقها كاملاً'، وأضاف 'حين تعرّضت للاعتداء كانت تحت ذمتي.. ولم أقف معها لسبب عاطفي بل لكوني وليّها الشرعي والمسؤول عن حمايتها.. إن كل نشاطي في متابعة القضية استند إلى ما سوف يسألني عنه الله وليس إلى ما يسألني عنه الناس.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29 كانون الاول/2007 - 17/ذو الحجة/1428