الإقتصاد العراقي التراجعات وسبل التطوير

عدنان عباس سلطان

 

شبكة النبأ:  ان تراجع النمو الاقتصادي في العراق سببه الأساس السياسات الخاطئة وسيطرة الدولة على مجمل النشاط الاقتصادي وما رافقه من سوء ادارة وعدم القدرة على تشخيص العوامل الفاعلة في تحقيق التطور وفقدان المعايير لاتخاذ القرارات الاقتصادية المناسبة، حيث اختلت البنى الهيكلية للانشطة الاقتصادية وبالتالي صعوبة تحديد البدائل الاقتصادية والفنية في تحديد الافضليات لمتطلبات المشاريع التنموية والمضي في تنفيذها وتوفير مستلزمات نجاحها وتشغيلها بكامل طاقتها الامر الذي ساهم في تدني كفاءة الانتاج وشيوع ظاهرة البطالة بصورة فاضحة نتيجة لتعطيل منشآت القطاع العام وعدم قدرة القطاع الخاص من الجانب الاخر الاضطلاع بعملية التنمية إضافة لدائرة الحروب المستعرة بين الأعوام 1980 ـ 2003 ، كذلك الحصار الاقتصادي الذي استنزف بدوره موارد البلاد  ولم يتبق سوى المورد المنفرد وهو النفط لتمويل نفقات الميزانية العامة وكانت الدولة قد عوضت هذه المشكلة باصدار نقدي محلي غير مغطى باحتياطي عالمي مما سبب انخفاض القوة الشرائية الى حد كبير وتدهور سعر الدينار العراقي وردة الفعل الناتجة عن تلك السياسات في تشويه حركة الاسعار وعدم فاعلية السوق.

ولعل الكارثة التي حلت في اوقات متاخرة من عمر العراق وهو ما حصل من نهب وتخريب وتبديد للثروة الوطنية وحرق الممتلكات العامة واخذت مناهج الاعمار الاقتصادي تعاني من صعوبات كبيرة في التنفيذ لتفاقم الجوانب الأمنية والاقتصادية.

ثم ان هناك ارث آخر وهو متمثل بظاهرة المديونية منذ عام 1982 حيث بلغت ديون العراق عند نهاية حرب الخليج الاولى في شهر آب 1988 بما يقارب 0 . 42 مليار دولار واستمرت هذه المديونية بالزيادة لتبلغ  0. 57 مليار دولار للفترة مابين الاعوام 1991ـ 1995 فيما تم فرض العقوبات الدولية بموجب قرار هيئة الامم المتحدة رقم 661 اثر اجتياح العراق للكويت ثم انقطعت التنمية بسبب انقطاع تصدير النفط ، ولهذه الظروف العصيبة فقد تمت معالجة الامر مع الامم المتحدة بتصدير كميات محدودة تقابل قيمة الغذاء الذي يورد الى العراق بما اشتهر في حينه (النفط مقابل الغذاء).

وقد بلغت المديونية الخارجية على العراق نحو 120 مليار دولار في الوقت الذي لم يتعدى الانتاج الاجمالي العراقي عن 8.5 مليار دولار ولذا فان نسبة الديون تشكل 20 مرة اكثر من نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي.

ومن الطبيعي فان عدم تسوية هذه الديون يشكل عائق كبير امام نهوض الاقتصاد العراقي الى جانب عدم تدفق الاستثمارات الاجنبية وهو في امس الحاجة اليها حيث لا يمكن للقدرات الذاتية ان تلبي متطلبات التمويل والاستثمار الضرورية وتسييّر التنمية الاقتصادية في العراق خصوصا اتجاه ضخامة المديونية.

ويمكن تقسيم المديونية الى اربعة مجموعات:

1ـ دول نادي باريس 40 مليار دولار.

2ـ الدول الدائنة من خارج النادي 20 مليار دولار.

3ـ دول الخليج 30 ـ 40 مليار دولار.

4ـ الدائنون التجاريون 22 مليار دولار.

هذه التركة الثقيلة هي الوجه الاكثر عتمة في الاقتصاد العراقي وهي المعنية بالدراسة والمعالجات والخطط الفاعلة او التي يراد لها ان تكون كذلك في المستقبل المنظور.

والاقتصاد العراقي في بيئة مناسبة لأن يتعافى بمرور الزمن كون العراق يتمتع بتوازن نسبي مابين سكانه ومساحته وموارده وموقعه للدرجة التي تؤهله ان يتمتع بقدرات تنموية هائلة للنمو والتطوير.

ويعتبر العراق من بين مجموعة الدول ذات الحجم المتوسط من السكان الأمر الذي يفسر وجود حاجة كبيرة الى القوة العاملة بمتنوع اصنافها ومستوياتها والى توجيه استخدام الموارد الطبيعية والمادية لتوظيفها في عملية التنمية البشرية سيما وان العراق يمتلك مساحات واسعة من الاراضي الزراعية والمياه والثروات المعدنية من النفط والكبريت والفوسفات  وبالتالي ديمومة مسار عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق.

تقتضي الضرورة وضع حلول من شانها تقليل تلك الاثار ولو بالحد الادنى والممكن سعيا لبناء هيكلية الاقتصاد العراقي وتوسيع قاعدته الانتاجية باعتماد جملة من السياسات من اجل تعزيز القدرات المالية والفنية للانشطة الاقتصادية واعادة بناء المؤسسات وتحديث صيغ عملها من خلال الاهتمام بالاطار التنظيمي والاداري لزيادة فاعليتها وضمان اعطاء زمام المبادرة للقطاع الخاص وتنشيط عمل الوحدات الانتاجية لتحقيق الفوائض الاقتصادية ليتسنى عن طريقها وضع خطوات التكيف على اساس:

1ـ الاسراع في تصحيح البنيان الاقتصادي وبما يفسح المجال للقطاعات السلعية غير النفطية للمساهمة في توليد الدخل العام.

2ـ العمل على مضاعفة الانتاج في مجال استخراج النفط بما يسمح بدعم سيطرة القطاع الوطني وتخصيص الجزء الاكبر من ايراداته لتمويل التنمية لتامين احتياطي العملات الاجنبية لدعم العملية التنموية.

3ـ اقامة المشاريع التنموية الصناعية الزراعية والخدمية .

4ـ توزيع الفعاليات الاقتصادية على مختلف ارجاء البلاد لتحقيق تناسب في معدلات التنمية في الاقاليم وتعظيم العائد القومي باستغلال الموارد المحلية المتوفرة من خلال اسلوب التوطين الصناعي وبناء مجمعات انتاجية.

وهذه الملاحظات او المقترحات انما تخضع اولا الى نوعية ملائمة من السياسات التي تسيّرها في الاطار الايجابي ويضمن فاعلية تنفيذها على الوجه الصحيح، والسياسات هي:

أ ـ التوجه نحو سياسة اقتصاد السوق.

ب ـ تكييف الاقتصاد نحو الخصخصة.

ج ـ تنمية الصناعات الصغيرة.

د ـ الاستثمار الاجنبي وتعزيز الاقتصاد الدولي.

وفي الوقت الذي يواجه الاقتصاد العراقي كل ما ذكرنا من مشاكل وتركة رهيبة انما عليه ان يواجه كل ذلك ببرامج عملية في الميدان الفعلي على وفق المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال تهيئة الظروف للاصلاح والتقويم على اسس منطقية ويستلزم ذلك رسم اطر عامة ووضع السياسات الكفيلة للاصلاح الاقتصادي الى جانب المراقبة والاشراف وصولا الى استعادة عافية مستقرة وتمكين المتغيرات التي تحكم عملية التنمية واداء فعلها على الوجه الاكمل.

ويمكن للسياسات الاقتصادية ان تستفاد من الخطوات التالية:

الخطوة الاولى* التحكم في التضخم عن طريق العمل على تخفيض العجز في الموازنة المالية السنوية وعجز ميزان المدفوعات.

الخطوة الثانية* الاصلاحات الاقتصادية الهيكلية ابتداءا من الاصلاح الاداري والقانوني والمالي وانتهاءا باصلاح نظام البنوك وسوق الاسهم ورؤوس الاموال والخصخصة وتحرير التجارة الخارجية وتحرير تدفق رؤوس الاموال وصولا الى تحريرالاسعار والاجور واسعار صرف الدينار العراقي.

الخطوة الثالثة* اعادة تاهيل واقامة البنى الاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئة والمشاريع العائدة للقطاع النفطي من خلال الاستثمار في تلك المجالات.

الخطوة الرابعة* منح القروض للمشاريع الصغيرة وفق برنامج تمويلي ويقترح ان يتولى ذلك مصارف وصناديق الاستثمار العامة منها والخاصة.

الخطوة الخامسة* تنظيم صناديق التقاعد والضمان الاجماعي ، تفعيل صناديق الاستثمار المحلي ولا سيما باموال القاصرين.

ويتم ذلك تحت اشراف ورقابة الأجهزة الامنية وضمن اختصاصات توضع لهذا الغرض.

......................................................................

المصادر:

د. عبد الرسول عبد جاسم

مجلة المستقبل العدد: 3

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23 كانون الاول/2007 - 12/ذو الحجة/1428